أم إحسان الكريماوي (مجموعة حكيميون): هناك أحاديث عن أربعمئة امرأة، وخمسين امرأة، وثلاث عشر امرأة مع الامام عند الظهور، مما يعني أن هناك دوراً كبيراً للمرأة في نهضة الإمام لماذا لا يسلّط الضوء على هكذا مواضيع تعطي مساحة لتحرك المرأة وتفاعلها مع قضية الظهور؟
الجواب: لا يحضر في ذهني من أرقام النساء المشتركات في أصحاب الإمام صلوات الله عليه إلّا رقم الخمسين والوارد في رواية جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال بعد حديث طويل: يجيئ ــ والله ــ ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً[1] كقزع الخريف يتبع بعضهم بعضاً.[2]
وهذا الخبر يشير بوضوح إلى الدور العظيم الذي تلعبه المرأة في القضية المهدوية سواء اعتبرنا هذه الخمسين من جملة الثلاثمائة عشر أو لاحقة بهم، مع أن الخبر يشير إلى الخمسين بعنوانه جزءاً من هذه الصفوة، وأيّاً ما يكن فإن الخبر بمحضه يشير إلى أن هناك عدد مهم من النساء يعدّون من صفوة الأصحاب، ولا غرابة بالنسبة لمدرسة أهل البيت عليهم السلام أن تقدم النموذج الرسالي للمرأة من جملة هذه الصفوة، فالمدرسة التي تقدّم مثل الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها كنموذج لفضح الزيف وتزوير الشريعة الهادية والذي حاول حكام زمانها أن يستروه بأغلفة الشعارات والمزايدات، وقدّمت فخر المخدرات الحوراء زينب عليها السلام للقيام بأخطر الأدوار وأهمها من بعد مجزرة كربلاء في حفظ الدين وتبليغ الشريعة وإنقاذ الوعي الذي حاول بنو أمية أن يسفّوا به إلى أدنى الدرجات، في وقت كان المجتمع لا زالت النظرة الدونية للمرأة تكتنفه، أقول لا غرابة حينما تقدم هذه المدرسة الإلهية المرأة الرسالية في وقت جدب الوعي وفقر البصيرة لتلعب أخطر الأدوار وأكثرها حساسية، من أن تجعل لها حصة كبرى في داخل صفوة أصحاب الإمام صلوات الله عليه ليكملوا مسيرة إقامة الدين وإنقاذ الأمة بالتكامل مع شريكها الرجل في بناء المجتمع الإنساني الصالح وفق الصياغة المهدوية.
وبالرغم من الواقع المزري الذي تعيشه قطاعات عديدة من مجتمعنا في نظرته المتدنية إلى المرأة، وبالرغم من الجهد العلماني الذي استمر وبوتيرة متصاعدة منذ أكثر من ثلاثة قرون من أجل اعتبار المرأة مجرد سلعة للإستهلاك الغرائزي وإحاطة كل ذلك بأغلفة تحرير المرأة وحقوق الإنسان وما إلى ذلك من أساليب الخداع والتمويه والتغطية على الهدف الحقيقي المبني على مقولة أن إفساد المجتمع يبتدأ من جسد المرأة، ولذلك يجب استباحة عفّتها، وتحويلها من الطاقة الإيجابية في بناء المجتمع ورقيّها إلى الدور الذي يعمل على انحلال المجتمع وتفككه، وبالرغم من أن المرأة المسلمة التي لاقت الأمرّين من الطغيان الثقافي العلماني والإسفاف الثقافي في مجتمعاتنا مما جعله لا تهتم بدورها وساعدها في ذلك أن العاملين الإسلاميين هم أيضاً لعبوا دوراً في تسطيح وعي المرأة لدورها، ولكن اعتقد ان مسؤولية المنتظرين الجادين للإمام صلوات الله عليه أن لا يسمحوا بخسران جهد نصف المجتمع وتسخيره من أجل إعلاء كلمة الحق ودحض كلمة الباطل، بناء على أفكار تجاوزها الزمن وهي ولا ريب مخالفة لتعليمات أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، فلئن كان الرجل حامل المهمات الصعبة والأدوار الحاسمة، إلا أننا يجب أن لا نغفل أن الحاضنة الحقيقية للمجتمع الذي يساعد هذا الرجل ويقوّيه ويسانده، هو المرأة، فهي المربية للأجيال لو أحسنّا العمل وفق منهاج أهل البيت عليهم السلام معها، وللمنتظر الجاد أن يتصور الأم والزوجة والأخت والبنت في حال إسهامهم في نفس الدور الذي يضطلع به، إذن كم سيكون العطاء عظيماً والخير عميماً؟.
[1] القزع: السحب المتقطعة، والمراد أنهم يأتون متفرقين الواحد والاثنين وهكذا.
[2] تفسير العياشي 1: 65 ح117.