بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

١٣٦٩: ما هو عمود النار الذي سيندلع في المشرق فيتحقق فرج آل محمد صلوات الله عليهم؟

144905طباعة الموضوع 2019-05-21


جابر الفضلي (منتظرون ٥): ما صحة هذه الرواية أو الحديث؟ لعله في كتب أهل السنة فقط

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (371) : عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم عمودا أحمر قبل المشرق في رمضان، فادخروا طعام سنتكم، فإنها سنة جوع».

 

الجواب: ورد محتوى هذه الرواية وإن بالفاظ مختلفة في العديد من مصادر العامة، ومع اختلافها في اللفظ غير أنها تركز على الربط بين نار في المشرق وبين سنة الجوع، ومنها رواية نُعيم بن حماد بسنده لخالد بن معدان قال إذا رأيتم عمودا من نار من قبل المشرق في شهر رمضان في السماء فأعدوا من الطعام ما استطعتم فإنها سنة جوع. (الفتن: ٢٣١ ح٦٤٩) 

وذكرها بسنده ايضا الى خالد بن معدان قال: قال إنه ستبدو آية عمودا من نار يطلع من قبل المشرق يراه أهل الأرض كلهم فمن أدرك ذلك فليعد لأهله طعام سنة. (الفتن: ٢٢٧ ح٦٣٣)

وقد يطلقون على هذه العلامة بآية الحدثان التي تحدث في شهر رمضان كما هو في حديث كثير بن مرة الحضرمي قال آية الحدثان في رمضان علامته في السماء بعدها اختلاف في الناس فإن أدركتها فأكثر من الطعام ما استطعت. (الفتن: ٢٢٧ ح٦٣٤).

وقد ذكر ابن ابي شيبة في مصنفه هذا الحدثان نقلا عن نوف البكالي. (المصنف ٨: ٦٠٦ ح٩٣).

 

والكلام يقع تارة في تفسير ذلك ومعرفة ما يراد به، وأخرى في معرفة مدى الاعتماد على مثل هذه الروايات.

وبادئ ذي بدء لا نمتلك طريقاً لتصحيح مرويات العامة الا ان نجد شاهدا لها في حديث اهل البيت عليهم السلام او ان نترك للواقع ان يحكم بشأنها، ولكن مع ذلك نلاحظ ان الرواية تشترك مع رواياتنا بقضية النار من قبل المشرق، ولدينا في هذا المجال روايتين أحدهما رواها الشيخ النعماني في كتابه الغيبة عن الامام الباقر صلوات الله عليه أنه قال: عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام)، أنه قال: إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (عليهم السلام) إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم. (غيبة النعماني: ٢٦٠ ب١٤ ح١٣).

والأخرى وردت على لسان الامام الصادق عليه السلام قال: إذا رأيتم علامة في السماء نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قدام القائم (عليه السلام) بقليل. (غيبة النعماني: ٢٧٤ ب١٤ ح٣٧)

ومن الواضح ان الاشتراك بهذا المقدار لا يعني بالضرورة توحيد قصتهما، ولكن لا دليل لدينا على المفارقة أيضاً، غاية ما هنالك ان الروايتين لا تشيران الى الجوع ولا تشيران الى توقيت ذلك بشهر رمضان، مع تأكيدهما على الارتباط بفرج آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين، وما من شك لدي ان روايتا النعماني تتحدان في الواقعة، ومن الواضح ان المشرق بالنسبة الى جهة الامامين الصادقين  عليهما السلام هو مشرق الجزيرة العربية، من دون تحديد لموضع هذا المشرق هل هو في حدود الجزيرة او في الخليج او فيما يليه، ولكن القدر المتيقن ان هذه النار ستكون بوابة عظيمة للفرج، مما يعني انتهاء أزمة لعموم الناس، وعندئذ يمكن أن نتلمس خيطاً من الافتراق عن روايات العامة فيما يتعلق بالجوع، اذ ان الحديث عن فرج الناس من بعد النيران ربما لا ينسجم مع وجود جوع من بعدها وان كان ربما يكون الفرج في جانب من النيران والجوع في جانب آخر منها.

مما لا شك ان الحديث عن الفرج والجوع وما الى ذلك لا يدع مجالاً للشك بأن هوية النيران هوية حربية، بمعنى ان الفرج لا يأتي من مجرد حريق مهما بلغ شأنه، كما ان الجوع هو الاخر لا يأتي من خروج نار لاسباب طبيعية كما قد تخرج النار لسبب جيولوجي، ولذلك هنا نحن أمام أزمة سياسية وأمنية تنتهي باندلاع نيران بشكل حربي ويكون لهذه النيران أثراً مدوياً بحيث يتحقق الفرج من بعد اندلاعها، وهذا ما يعني ان النيران ستأكل عدو الناس والمتسبب بضر آل محمد صلوات الله عليهم، ولعلها في هذه المعطيات تلتقي مع رواية أهل المشرق المنتصرين الواردة عن الامام الباقر عليه السلام إذ قال: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر. (غيبة النعماني: ٢٧٩-٢٨٠ ب١٤ ح٥٠) مما يكشف لنا أن النار لهم وانها ستلحق بعدوهم، وهي متحدة المضامين في شأن قربها من الظهور الشريف.

وما يبدو لي ان احتكاكاً امنياً واشتباكاً محدوداً لا حرباً شاملة هي التي ستعبر عنها هذه النيران لان الحديث عن الليالي الثلاث او السبع في اندلاع النيران لا تعبر عن حالة حرب شاملة، وانما تعبر عن اشتباك له نتائج سريعة جداً في انكسار الطرف المعادي لشيعة آل محمد عليهم السلام مما يجعله يستسلم فيتحقق النصر والفرج.

وربما اظهرت عبارة: من المشرق، او عبارة من قبل المشرق مصدر هذه النيران وهوية مشعليها، او ان المراد بهما تحديد جهة هذه النار والامر يحتمل كليهما، وان كان الأقرب هو الاشارة الى الهوية، بيد اننا اذا ما قلنا بالهوية فعلينا ان نحدد موضع اندلاعها بعيداً عن مصدر اشعالها.

يبقى ان نتوقف لنعرف ماهية هذه النار ففي رواية عبادة بن الصامت أشار الى أنها حمراء وفي رواية الامام الباقر عليه السلام أشير الى أنها كالهردي العظيم، واعتقد انه لا تنافي في اللون لان الاحمر يستوعب لون الورس او الكركم وهو الأصفر المشوب بالحمرة، على ان التعبير بالعمود لهذه النار ما يظهر ان ثمة ضربة تستهدف مكانا واحداً هي التي توجد هذا العمود، لوضوح ان العمود لا يمكننا ان نتحدث عنه لنعبر عن عدة اماكن، وانما لا بد من ان مكانا واحداً ينتج استهدافه هذا العمود والذي يعني نيرانا هائلة، وأحسب أن إنتاج مثل هذه الصورة ليس سهلاً إلا من خلال أن يكون الهدف كبيراً وهائلاً ليحقق هذا الوصف، ولربما يغلب على الذهن ان مثل هذا الهدف والذي فيه هزيمة كاملة للعدو يتحقق إثرها فرج الناس وشيعة آل محمد عليهم السلام وتنفتح من بعده آفاق الظهور الشريف لا يمكن أن يكون أرضياً، والى هنا أنتهي الى نهاية المباح من الكلام ومن بعد ذلك لله أمر هو بالغه، والحمد لله أولاً وآخراً وصلاته وسلامه على رسوله وآله أبداً.

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مشكاة✨
العراق
2022-12-10

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته سماحة الشيخ عندي سؤالين لو تفضلتم بالإجابة الاول: ما هو دور الإمام المهدي عليه السلام في عصر الغيبة الكبرى؟ الثاني: جيش السفياني عندما يذهبون الى غرب العراق ثم الى بغداد و يفعلون فعلتهم الإجرامية لماذا لا يسبقونه رايات الهدى الى الكوفة قبل ان يفعل ما يفعل في النجف على الرغم باننا نعرف حراكه بأنه سيتجه الى الكوفة؟

من الموقع

السلام عليكم ورحمة الله 

لا ينحصر دور الإمام صلوات الله عليه بالمهمّة المناطة به ضمن الطور السياسي للشيعة في الغيبة، وانما يمتد الى كل ما يتعلّق بالخلافة الربانية والأمانة الربّانية وما يتعلّق بإمامة عالم الوجود، ولذلك ان غيبته اوضاع السياسة، فلا يعني انه سيغيب عن بقية المهام، وهو في عهد الغيبة يغيب حضوره الظاهر، والا حينما يكون في معزل عن ان يعرف فإنّه يمارس دور الرعاية والمراعاة لشيعته والتخذيل باعدائه.

اما بالنسبة الى السؤال الثاني فعناصر التواكل وضعف البصيرة والتواني وفقدان القيادة التي يجتمع عليها المؤمنون ستكون مؤثرة بحيث لا يسمع الغالبية نداءات أهل البصيرة بأنّ ما يجري هو حراك السفياني، بل ربما لا يقبلون بهذه النداءات ويرفضونها، ولكنهم حينما يرون آلام الكوفة وغصصها سينتبهون فتتاح لهم فرصة التوحد تحت قيادة اليماني الموعود

ام محمد
العراق
2021-5-28
جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح
Radwa Reda Tawfik
مصر
2021-5-9
هل يمكن أن يكون عمود النار الصاروخ الذي اطلقته الصين لان راه اهل المشرق جميعا وهو ف السماء لمدة ٧ ايام انا قرأت كذا رأي بيقول انه هو دا فعلا وأننا لازم نعد طعام سنه فهل هذا صحيح؟
من الموقع
لا قيمة للصاروخ الصيني وما يقال عنه، وهو من جملة التهويل الامريكي لشيطنة الصين امام الشعوب وما جرى مع الصاروخ يشبه الكثير من الصواريخ التي تفشل في مهمتها فتتفجر بفعل اقتحام الغلاف الجوي، وقد انتهت اسطورة الصاروخ في المحيط الهندي
وليد الاسدي
الكويت
2021-4-17
السلام عليكم
شيخنا العزيز بالنسبة لعمود النار ورد في مواقع اخبارية بانه قد ظهر لاكثر من مرة خلال القرون الماضية شبه نيران في السماء استمرت ثلاثة ايام و ممكن مراجعة الامر من خلال هذا العنوانخبراء: عاصفة شمسية بدت مثل "نيران هائلة" عام 1582 قد تضرب الأرض مجددا مسببة أضرارا بالمليارات
علي عبدالله
العراق
2020-1-6
لربما هكذا نار عظيمة تكون بسبب انفجار الحقل الغازي المشترك بين إيران و قطر أثر اندلاع المواجهة بعد جريمة اغتيال القادة و اما الجوع لمدة سنة متزامنا مع الظهور و الفرج ممكن فلدينا روايات تؤكد جوع جيش القائم عليه السلام بسبب الدجال وا فعاله حيث يمنع المطر و هذا الجوع ينتهي بنزول عيسى عليه السلام
Rashed Rashed
العراق
2019-5-24
اعتقد ان النار هي بداية الحرب العالميه وهي تتفق مع نار اذربيجان التي لاتقوم لها شيء
والنتيجه الحتميه بعد الحرب هي الجوع ومايقصد بالفرج هو ضهور الامام عجل الله فرجه وهو الفرج الحقيقي
كما ان الحديث عن انه اذا صادف ان يكون اول رمضان جمعه واوسطه جمعه فيكون فيه صوت الى اخر الحديث انما هو صوت الانفجارات الذريه التي يتبعها الجوع وتكون قريبه من الضهور وشكرا
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
8 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :5312
عدد زوار الموقع الكلي: 27005339
كلمات مضيئة
الإمام الصادق عليه السلام: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل.. والمقصود: كل راية تدعي المهدوية