عبد الحميد الموسوي (الموقع الخاص): ارجو منك أن تحدّثنا بما قالته الروايات عن النجم الثاقب في سورة الطارق.. النجم ذو الذنب الذي تكلّم عنه مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه.. وهل هو كويكب العذاب الذي سيهلك ثلثي العالم؟؟.. لأني لم أجدك شيخنا تتطرق لهذا الموضوع بشرح واسع وخاصة أنه هنا في أوربا وأمريكا يتحدّثون عنه كثيراً.
الجواب: التزمنا بمنهج في التعامل مع العلامات التي وردت في الروايات طوال هذه الفترة، وهو الاكتفاء بالعلامات التي جاءت الإشارة إليها بسند صحيح أو موثّق، مع تسامح محدد في أدلة السنن في بعض التفاصيل المتعلقة بهذا النمط من العلامات، والحديث عن الكوكب ذي الذنب جرى في موضعين أحدهما في الكافي في رواية ضعيفة عن الإمام الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفيه: وبدا لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ولاح لكم القمر المنير.[1]
والآخر جرى ذكره أيضاً بسند ضعيف في كتاب كفاية الأثر عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفيه: ألا وإن لخروجه علامات عشرة أولها طلوع الكوكب ذي الذنب، ويقارب من الجاري (الحاوي ، الحادي خ ل) ويقع فيه هرج ومرج وشغب.[2]
ولعل هذا هو ما أشار إليه الشيخ المفيد رضوان الله عليه حينما أجمل ذكر العلامات قال: وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه.[3]
وما ذكره الشيخ المفيد إجمال منه قدس سره، ولكني لم أجده في الروايات وفق استقصائي عنه، ولعل ذلك قصور مني، وما يلاحظ على هذه الروايات غير مسألة أسانيدها وضعفها أنها لا تنطوي على دلالة قريبة من الظهور الشريف، وحتى حديث كفاية الأثر فإنه لا ينطوي على هذه الدلالة، فلربما تكون قبل الظهور بمئات السنين ولربما تكون غير ذلك، أما رواية الكافي فمع انها قد تحمل طابعاً كنائياً ورمزياً فيما تحدثت به، ولكن لو حملنا العبارة على ظاهرها، فإن النجم المذنب هو ظاهرة فلكية ثابتة، ويرى هذا النجم ما بين مدة وأخرى، وأنت ترى أن الحديث عن مطابقة ذلك ما يتم التحدّث عنه في امريكا وأوربا بشكل مكثف خلال هذه الفترة، لو صحّ حصوله وهو مما لم يجر تأكيده العلمي بعد ـ حسب علمي ـ فكل الحديث الذي يجري أن كويكباً أو جسيماً يقترب من المدار الفضائي الأرضي، واحتمال اصطدامه بالأرض هي فرضيات صحفية أكثر مما هي تقريرات علمية، وإلا لو كان لبان، فالعلماء يتحدثون بصورة تقديرية فيها نمط من الدقة، ومثل هذا الجسيم حينما أمكن تشخيص مداره أمكن تشخيص امتدادات هذا المدار إن كانت متجهة صوب الأرض أو لا، نعم للصحفيين العلميين هنا إمكانية الافتراض بإمكان تعرضه لعوامل متعددة تؤدي إلى انحراف توجهه نحو الأرض، ولكن هذه الإمكانية موجودة بالعكس أيضاً، ولذلك اعتبرنا في كتابنا راية اليماني الموعود مثل هذه الأمور مجرد سيناريوات للتقريب قد تحصل وقد لا تحصل.
أما حديث ذهاب ثلثي الناس وما إلى ذلك مما جاء في الروايات الصحيحة، فيبدو لي أنها متعلقة بالحرب العالمية التي أشير إليها في رواية صحيحة أنها تحصل من بعد التفجير الذي يطال مدينة دمشق، ولا علاقة لها في هذه الأحداث.
أما الحديث عن النجم الثاقب وما جاء في تفسير القمي عن أنه نجم العذاب،[4] فلا دلالة له بموضوع الظهور الشريف، ومن الواضح أن النجم الثاقب هو من الظاهر الفلكية التي تم كشف النقاب عنها مؤخراً، وفي الكتب المختصة بالإعجاز الفلكي في القرآن الكثير من الإثارات في هذا الصدد تراجع في محلها.
[1] الكافي 8: 66 ح22.
[2] كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثنى عشر: 320 ح124.
[3] الارشاد 2: 368.
[4] تفسير القمي 2: 411.