Wael Alhashimy (مجموعة حكيميون):سؤالي تحديداً حول شخصية الحسني وتذكره الرواية كالتالي (ويكون على الناس في العراق الحسني ذو الوجه الصبيح ذاك الذي وجهه كالدينار وأسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار يقول له الناس في العراق يابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول دعونا نذهب اليه نسأله وهو والله يعلم انه المهدي انما يريد تبيان حاله لأصحابه ليؤمنوا به ـ أي المهدي ـ ثم يساله عدّة أسئلة والى آخر الرواية الشريفة. وهذه الروايه عند دخول الامام المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
الجواب: الرواية الواردة في هذا المجال ليست كما أوردتموها، فلقد خلطتم بين روايتين، واحدة تتحدث عن أوصاف الإمام صلوات الله عليه وهي التي تتعلق بقوله: وجهه كالدينار وأسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار،[1] والأخرى تتحدّث عن الحسني المشار إليه في سؤالكم، وبداية فإن الخبر الذي أوردتموه عن الحسني ونصّه في هذا الخصوص: ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح من نحو الديلم يصيح بصوت فصيح: يا آل أحمد أجيبوا الملهوف، والمنادي من حول الضريح، فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوزاً، وأي كنوز ليست من فضة ولا من ذهب، بل هي رجال كزبر الحديد كأني أنظر إليهم على البراذين الشهب في أيديهم الحراب، يتعاوون شوقاً للحرب كما تتعاوى الذئاب، أميرهم رجل من تميم يقال له: شعيب به صالح، فيقبل الحسني إليهم وجهه كدارة البدر، يريع الناس جمالاً أنيقاً، فيعفي على أثر الظلمة، فيأخذ بسيفه الكبير والصغير والعظيم والرضيع، ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض فيجعلها معقلاً ويتصل به وبأصحابه خبر المهدي ( عليه السلام ) فيقولون: يا ابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا؟ فيقول: أخرجوا بنا إليه حتى ننظره من هو ـ وما يريد والله ويعلم أنه المهدي وانه يعرفه وأنه لم يرد بذلك الأمر إلا له ـ فيخرج الحسني، في أمر عظيم بين يديه أربعة آلاف رجل وفي أعناقهم المصاحف، وعلى ظهورهم المسوح الشعر يقال لهم: الزيدية، فيقبل الحسني حتى ينزل بالقرب من المهدي ثم يقول الرجل لأصحابه: اسألوا عن هذا الرجل من هو؟ وما يريد؟ فيخرج بعض أصحاب الحسني إلى عسكر المهدي ويقول: يا أيها العسكر الجميل من أنتم حياكم الله؟ ومن صاحبكم هذا؟ وما تريدون؟ فيقول له أصحاب المهدي: هذا ولي الله مهدي آل محمد ونحن أنصاره من الملائكة والأنس والجن فيقول أصحاب الحسني: يا سيدنا ما تسمع ما يقول هؤلاء في صاحبهم فيقول الحسني: خلوا بيني وبين القوم فأنا هل أتيت على هذا؟ حتى أنظر وينظروا فيخرج الحسني من عسكره ويخرج المهدي (عليه السلام) ويقفان بين العسكرين فيقول له الحسني: إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).. الخ الخبر.[2]
وهذا النص فيه أكثر من إشكال، فالخبر وارد عن طريق لا يختلف العلماء على ضعفه، وأعني بذلك الحسين بن حمدان الحصيبي صاحب كتاب الهداية الكبرى، ولكن لو تنزّلنا عن ضعف سند الرواية وطريقها، فإن من الواضح أن الاضطراب يسم الرواية طولاً وعرضاً، فمن الواضح أن الذي يأتي من جهة الديلم وأمير جيشه شعيب بن صالح والذي يقبل إلى الكوفة هو السيد الخراساني الحسيني، وليس السيد الحسني، ولعل ما نجده من تصحيف في كتاب مختصر بصائر الدرجات لهذه الرواية حينما أبدلت الحسني باسم الإمام الحسين عليه السلام،[3] يشير إلى أن المقصود في الرواية هو الحسيني وليس الحسني، ولذلك لا يمكن التعويل على هذا الخبر في تبيان شخصية الحسني، كما أن الحديث عن الزيدية في هذا الجيش هو الآخر مضطرب لأن الحديث عنهم بشابه الحديث عن البترية.
ولو قدّر أننا تجاوزنا عن مشكلة ضعف السند والاضطراب في المتن، فإن شخصية الحسني عندئذ ستتعدد، ولكن المتيقّن منها هو شخصية صاحب النفس الزكية، والذي يخرج في مكة المكرمة من بعد ظهور الإمام صلوات الله عليه وقبل خروجه بأبي وأمي، ويقتل بين الركن والمقام قبل خمسة عشر يوماً من خروج الإمام روحي فداه، أما المتبقي فعلى تقدير صحة هذه الرواية، وعندئذ سيكون لدينا الحسني المقاتل، والحسني صاحب الخبرة الدينية العلمية العالية التي تمكّنه من محاججة الإمام صلوات الله عليه، وكليهما لا نمتلك دليلاً صحيحاً أو موثّقاً من الروايات عليه، والله العالم.
[1] غيبة النعماني: 256 ب14 ح1.
[2] الهداية الكبرى: 403ـ404.
[3] مختصر بصائر الدرجات: 188ـ189.