بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

١٣٩٦: ما هي ساحة اليماني الموعود؟ وما هي تحركاته؟ واين سيتواجد؟ وكيف سيكسب ثقة الناس به؟



Th GH (منتظرون ٤): أين ستكون تحركات اليماني؟ وماهي تحركاته؟ وفي أي ساحة سيعمل فيها اليماني قبل الظهور؟ وكيف  سيكسب ثقة الناس فيه. يعني لابد وأن هنالك ساحة أو ميدان سيعمل أو سيتواجد به اليماني بحيث تمكنه من كسب ثقة الناس به قبل الظهور. وحسب اعتقادي بأنه سيعرف عند الناس بأن هذه الشخصية موجودة في أهم ميدان العمل قبل الظهور . فما هي تلك الساحة أو ما هي أعماله بحيث تمكنه من جمع أو كسب الثقة.حسب اعتقادكم. وشكرا

 

الجواب: بادئ ذي بدء لابد من التأكيد على أمر جوهري هنا يتعلق بكون اليماني الموعود - وهكذا بقية الشخصيات التي تذكر في روايات علامات الظهور - هي شخصيات طرحتها الروايات، ولذلك لا سبيل لنا للتعرف عليها الا من خلال نفس الروايات، ومن هنا يجب ان نتجنب المزاجية في الرأي او الاستنتاجات التي لا علاقة لها بعالم الرواية، وبناء عليه أشير الى النقاط التالية في معرض الجواب على سؤال الاخ الكريم:

أولاً: سبق ان بحثنا في كل الروايات التي تحدثت عن اليماني الموعود، ولم نجد فيها أي رواية يمكن الاعتماد عليها (ضمن منطق التحقيق الروائي) في شأن أن الهوية الخاصة بحراك هذا الرجل تعود الى البقعة الجغرافية التي يمكن أن يطلق عليها مصطلح اليمن، وكلامنا هنا لا يعني عدم وجود رواية تنسبه الى اليمن، وإنما يعني أن الروايات التي تنسبه الى اليمن غير قابلة للاعتبار والاعتماد ضمن منهج التحقيق المشار اليه، ويمكن مراجعة بحثنا المفصل في هذا المجال في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور.

ثانياً: ورد في كل الروايات التي تحدثت عن مكان حركة هذا الرجل عدة أماكن لحراك هذا الرجل هي: 

أ: رواية طويلة ومفصلة تتحدث عن اليماني ووالده بعنوانهم حكام اليمن لعشرات السنين وبعد ذلك مقاتلتهم السفياني في منطقة تسميها بنهر اللو وانتصار اليماني الاب عليه ثم السيطرة على مكة والمدينة، ووفاة اليماني الاب وهو في فترة سيطرته على مكة والمدينة، ثم مآل الحكم الى الابن الذي يأوي الى مكة ويبقى في ملكه قريبا من اربعين سنة ثم يموت، وبعد ذلك يعود الى الحياة بدعاء الامام المنتظر صلوات الله عليه، وقد ذكرت هذه الرواية في مختصر اثبات الرجعة المنسوب الى الشيخ الفضل بن شاذان رحمه الله وهو امر لا يمكن اثباته بحال من الاحوال، وعلى اي حال فإن هذه الرواية تتناقض مع المعتمد من الروايات، في كثير من تفاصيلها لا اقل من جهة تناقضها مع كون مكة والمدينة تكون محكومة من قبل اليماني وقبل ظهور الامام روحي فداه، بينما الثابت ان مكة والمدينة تبقى محكومة من قبل حكام الجور والظلم والمعاداة لال محمد الى اللحظة الاخيرة من خروج الامام بابي وامي في مكة المكرمة، والدليل على ذلك ذبحهم للنفس الزكية قبيل خروج الامام روحي فداه بخمسة عشر يوم، وكذلك تناقض ذلك مع مجيىء جيش السفياني الى المدينة ومنها الى مكة حيث يخسف به في الطريق اليها، وهذا بعد قتل النفس الزكية اي قبل خروج الامام صلوات الله عليه ببضعة ايام فقط، وايضا تتناقض مع كون اليماني يخرج مع السفياني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد وفي يوم واحد، وكذلك تناقضها مع الروايات التي تشير الى ان السفياني يبقى بعد خروج الامام روحي فداه بمدة، وكون ان الامام عليه السلام هو الذي يقتل السفياني بعد ان يتم سيطرته على العراق وتنحاز اليه ايران مبايعة ويستولي على مدينة كابل، وهناك امور عديدة مما حفلت به الرواية من تناقضات عديدة تجعل الرواية هنا غير مقبولة لتناقضها الواضح مع المعتبر من الروايات لا أجد في هذا الحيز مجالاً للاجابة عليها يمكن مراجعتها في كتابنا علامات الظهور.

ب: ثمة رواية عامية ذكرها الشيخ الطوسي في غيبته عن عمار بن ياسر رضوان الله عليه تتحدث عن اقتتال يشترك فيه اليماني في فترة اقتتال السفياني مع بني قيس في قرقيسياء، وفي لفظ هذه الرواية هناك ثلاثة نسخ أحدها في الطبعة النجفية غير المحققة لغيبة الطوسي القديمة وفيها ان السفياني يقتل اليماني، وثانيها في نسخة الطبعة القمية المحققة من قبل دار المعارف وفيها ان السفياني يسبق اليماني، وثالثها ما في لفظ رواية نعيم بن حماد في كتابه الفتن، وفيها ان السفياني يتبع اليماني بعد ان ينهي معركته في قرقيسياء (غيبة الطوسي: ٤٨٤ ح٤٧٩، كتاب الفتن لابن حماد: ١٨٣)، ولاشك ان قتل السفياني لليماني غير صحيح، لتعارضه مع روايات هروب السفياني من الكوفة اثر اقبال اليماني والخراساني عليها.

اما مسالة السبق او الاتباع فهي تثبت ان ساحة السبق والاتباع هي العراق دون غيره لو صح هذا الاثر المنسوب الى عمار بن ياسر رض، وهو كيفما يكن من روايات العامة التي لا سبيل لنا الى التوثق منها الا بشاهد من رواياتنا او من خلال تصديق الواقع.

ج: ذكر نعيم بن حماد في كتابه الفتن رواية بسنده للامام الباقر عليه السلام نصها: إذا ظهر السفياني على الأبقع والمنصور اليماني خرج الترك والروم فظهر عليهم السفياني.(الفتن: ١٢٩)

والرواية مع كونها مروية بطريق العامة ولم أجد لها أثراً في رواياتنا، غير انها تتقاطع مع الروايات التي اشارت الى ان معارك السفياني قبل قرقيسياء الثانية وهي المعركة التي سيهزم فيها الترك ستكون مع الابقع والاصهب للاستيلاء على الكور الخمسة، ولا يعقل ان هذه الروايات تغفل دور شخصية كاليماني في هذه المعارك لو كان له بها وجود، نعم يمكن ان يكون هنا شخصية اخرى يمانية لا علاقة لها بالموعود تشترك في معارك السفياني للاستيلاء على الكور الخمس، وكيفما يكن فإن غاية ما يستفاد من الرواية ان اليماني سيكون له قتال مع السفياني قبل اقباله على العراق واقتحامه لبغداد والكوفة، ويفترض ان يكون ذلك في الاراضي السورية.

د:  هناك العديد من الروايات التي تؤكد مباشرة او دلالة على ان ساحة حراك الرجل هي في العراق تحديداً دون غيره، ومع ان بعضها قد يقصر به السند عن الاعتبار ولكن ما يجبره هو التوافق مع الروايات المعتبرة التي تدل بالمباشرة وغيرها على كون حراك هذا الرجل في العراق، اذ إن بعض الروايات تشير الى التقائه مع الخراساني قريبا من الكوفة، وهي تشير ايضا الى هروب السفياني من الكوفة بسبب اقتراب اليماني والخراساني منها، كما وان الرواية التي تشير الى ان اليماني والخراساني يتسابقان نحو الكوفة كفرسي رهان، والخراساني والسفياني يتسابقان ايضا كفرسي رهان نحو الكوفة، واليماني والسفياني ايضا يتسابقان كفرسي رهان، ولانحتاج الى عسير جهد كي نكتشف ان الثلاثة يتسابقون فيما بينهم ايهما يسبق الى الكوفة، فيسبق السفياني اليها، ولكن سرعان ما يهرب منها حينما يقبل عليها جيشا اليماني والخراساني وهما يتسابقان، وهذا ما يعطينا دلالة واضحة ان حركة السفياني باتجاه الكوفة تبدا اولا فياتي الخراساني واليماني منقذين لها من شروره ومما احدثه فيها، ومن الواضح ان كل هذا الحراك انما يكون في العراق.

ويبقى هنا ان نتساءل اذا كان السفياني قد اخذ الطريق الشمالي للكوفة القادم من بغداد، والخراساني سياخذ بالطريق الشرقي لها بسبب اقباله من سمرقند الواسطية على الحدود مع ايران، فمن اين سياتي اليماني اليها؟

ان تحديد الروايات لحالة التسابق بين الاطراف الثلاثة، وحديثها عن المدة المحدودة جدا بين هذه الاحداث وبين ظهور الامام بابي وامي، والتي لا يمكن لها ان تتجاوز الاشهر الخمسة الاخيرة مما قبل الظهور الشريف ان لم تك اقل من ذلك، بالاضافة الى خضوع الحجاز الى الحكم الظالم بيد اعداء الامام روحي فداه يجعل الحديث عن ان اليماني سيقبل من اليمن مجرد ضرب من الخيال، فاي سباق لفرسين يمكن ان يسمى سباقاً اذا كان احدهما يبعد عن الكوفة بضع عشرات من الكيلومترات والاخر يبعد عنها ما لا يقل عن ٢٥٠٠ كيلومترا وفي فترة استثنائية ومحدودة جدا، لاننا والحال هذا سنواجه ابهاماًفي كيفية خروج هذا اليماني من اليمن ان كان منها، ناهيك عن الابهام الاعظم وهو كيفية اجتيازه لاراضي دولة صحراوية معادية له وللامام روحي فداه كي يصل منها الى العراق؟ ولذلك نقول بان هذا العبد الصالح لن يصل الى الكوفة الا من خلال طريقها الجنوبي، وان نقطة التقائه المتصورة مع الخراساني ستكون ما بين غماس والشامية في محافظة الديوانية الحالية.

ويمكن التوفيق بين ذلك وبين الروايات الضعيفة التي تشير الى انه من اليمن بان الرجل من اصول يمانية لان عشائر العراق الجنوبية غالبيتها اما من الحجاز او من اليمن عدا من كان مستوطناً في الاصل فيه.

يبقى الكلام في طبيعة عمله وكيف سيكسب ثقة الناس، فان الروايات ساكتة عنهذه التفصيلات، ولكني اعتقد ان رجلاً سيحتل موقع قياديا اقليميا في المنطقة كما تشير اليه رواية الرايات الثلاثة، لن يحصل على هذا الموقع الا من خلال البروز الموضوعي الطبيعي لاي قيادة اجتماعية، ولهذا لا بد وان يكون للرجل تاريخاً مهماً يعرف به في المجال السياسي والديني والامني، لان الناس لن تنقاد كيفما اتفق الا بناء على معطيات سابقة لخبرة او وجاهة من تنقاد اليه، وامكانيات البروز عادة تاتي اما من خلال تنصيب من جهة اعلى منه يعتقد بها الناس، والتصور الاولي ان هذه الجهة لن تكون حكومية لان الحكومة في بغداد ستسقط في الانقلاب السفياني، وبالتالي فان الواقع الجهادي قد يفرضه لتمرسه في هذا الواقع، او ان مقاماً دينياً يقبل به الناس هو من يشير اليه بنحو من انحاء الاشارة كما لو ان المرجعية تطلب منه او من الجهاز الذي يعمل فيه او ما الى ذلك في ان يتصدى لهذا الامر، مع التأكيد أن اي ادعاء بان اليماني سيكلفه الامام روحي فداه او يعينه او يشخصه او ما الى ذلك لا يمكن قبوله لبساطة ان الامام روحي فداه لما يزل في تلك الفترة غائباً.

كما اني اؤكد ان الرجل قد لا يعرف عن نفسه بانه هو اليماني، ولو قدر انه رأى في منام صحيح او انه اطلع بطريق من طرق العلم والكشف بأنه هو، فلن يجرأ للتصريح بذلك، بل من سيصدقه لمجرد أن يقول بانه رأى مناماً او ما اشبه، ولذلك لا يوجد بين يدي المؤمنين أي طريق لتشخيصه الا من خلال العمل، وأي ادعاء غير ذلك دون اثباته خرط القتاد.

نعم الرجل يجب ان يكون من المؤمنين الصالحين الذي يؤهله ايمانه في ان يرقى ليكون بين الرايات الثلاثة اهداها، وهذا الهدى في عقيدتي فضلاً عن سموه لمقام الاهدى لن يتأتى الا من خلال الانضواء تحت منظومة التقليد والرجوع الى من امرنا ائمتنا عليهم السلام في الرجوع اليهم، وبالتالي فهو اما ان يكون مقلداً لمرجع صالح، او ان يكون في علمه محتاطاً اي مضارعاً للاجتهاد، او مجتهداً، ولا يمكن بحال من الاحوال تصوره خارج هذه المنظومة. 

والحمد لله اولاً وآخراً وصلاته وسلامه على رسوله وآله ابداً..

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
28 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :255
عدد زوار الموقع الكلي: 27015953
كلمات مضيئة
قال الإمام الصادق عليه السلام: من أحبنا كان معنا أو جاء معنا يوم القيامة هكذا ثم جمع بين السبابتين ثم قال واللَّه لو أن رجلا صام النهار وقام الليل ثم لقي اللَّه بغير ولايتنا أهل البيت للقيه وهو عنه غير راض أو ساخط عليه