أم أحمد (منتظرات4 ): ماذا نقول للذين يقولون إن وجود المرجعية الدينية هو عبارة عن سفارة للامام، والفكر الشيعي يناقض هذه الحقيقة حينما يقول السفارة في زمن الغيبة الكبرى قد انتهت؟
الجواب: السفارة من الناحية اللغوية تعني الكشف والايضاح بعد الابهام، نقول اسفرت المرأة عن وجهها إذا رفعت ما يغطيه، ولهذا كان معناها الاصطلاحي أن السفير يوضح ويكشف ما يريد من أسفره كشفه، مما يعني أن السفير لا بد من أن يكون مرسلاً من قبل من انتدبه لهذه السفارة، وعليه فإن شرط السفارة أن يكون مرسلاً بأمر يخص من أسفره وانتدبه لذلك ونص عليه، ولهذا تعد السفارة أخص من الوكالة والنيابة، فليس كل وكيل سفير، بينما كل سفير يمكن عدّه وكيلاً فيما تم إسفاره له، ونفس الأمر يسري على النائب.
فإذا كان المعنى الاصطلاحي للسفارة يقتضي حضور من يسفر له، فإن أي حديث عن السفارة عن الإمام المنتظر روحي فداه في زمن غيبته يعدّ لغواً، وفي حكم السالب بانتفاء موضوعه، ومن هنا حصرت السفارة في عهد الغيبة الصغرى وما قبلها، وحظرت في عهد الغيبة الكبرى، لان الإمام صلوات الله عليه كان في زمن الغيبة الصغرى يظهر ويغيب، ولذلك إمكانية التواصل بينه وبين من ينصبه سفيراً قائمة، بينما حظر ذلك وعدّ كل مدّع لها في زمن الغيبة الكبرى بكونه كذاب ومفتر، كما يتبدى لنا ذلك من الحديث الشريف عن الامام روحي فداه: وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (غيبة الطوسي: ٤١٦ ح٣٦٥) وغني عن البيان أن المراد بالمشاهدة المطروحة هنا ليس رؤية الإمام روحي فداه، وإنما دعوى أن المدعي مرسولاً من قبل الإمام بأبي وأمي، وذلك للنصوص التي اشارت إلى إمكانية الرؤية واللقاء بالإمام سلام الله عليه، وللتواتر المستفيض على تحقق ذلك في الواقع التاريخي في زمن الغيبة الكبرى.
وبهذا بان لكم بأن من يدعون أن المرجعية الدينية هي في مقام السفارة، وأن المرجع هو في مقام السفير، إنما يكذبون على الإمام روحي فداه، ويكذبون على المرجعية أيضاً، أو أنهم يتوهمون ويخلطون بجهل ما بين مقام السفارة ومقام النيابة، إذ كما أشرت أن السفارة تحتاج إلى نص من قبل الإمام على تشخيص السفير كما وجدنا ذلك في تشخيص السفراء الأربعة رضوان الله عليهم، فضلاً عن وجود الامام بأبي وأمي، والدعوى بخلاف ذلك تجعل المدعي كذاباً مفترياً كائناً من كان.
نعم يمكن أن نرى المرجعية الدينية في مقام النيابة العامة عن الإمام صلوات الله عليه، لوجود نصوص متعددة في تنصيب الإمام عليه السلام تنصيباً عاماً للفقيه الجامع للشرائط في أن ينوب عنه في أمور متعددة كما في بعض أمور القضاء والحكم والإفتاء بروايتهم صلوات الله عليهم وما إلى ذلك، وهنا لا يوجد تنصيب خاص، لأن دعوى ذلك ستكون في حكم السفارة وهو ممنوع.