منتظرون ـ البصرة (الموقع الخاص): ماهو الدليل العلمي أو المنطقي الذي استندتم عليه من الروايات بأن خروج الرايات الثلاث في سنة وشهر ويوم واحد سيكون من بعد استيلاء السفياني على الكور الخمسة، أي بعد 6 أشهر من خروجه في رجب؟ ماهي الواقعة المهمة لخروجهم في ذلك اليوم؟
الجواب: صحيح أن الرواية تحدثت عن خروج الرايات الثلاثة في سنة واحدة وفي شهر واحد وفي يوم واحد، ولكنها لم تحدد طبيعة الخروج هذا، فهناك خروج أول للسفياني في شهر رجب، ولكنه في خروجه هذا لا يشكل أي قيمة اقليمية دالّة بحيث تتحرك إيران والعراق لمجابهته، ولا تتشكّل قيمته الحقيقية إلّا بعد أن يستولي على الشام فيكون حاكماً عليها، وهذا إنما يتم حينما يضم إليه حكم الكور الخمسة المنسلخة من حكم الشام ويخطب من على منبر الشام، ولكن هذه القيمة بمحضها أيضاً لن تشكّل الحافز الموضوعي لحركة ما سواه من رايات، نعم ربما كان لدى اليماني أو الخراساني علماً بأن هذا الرجل هو السفياني الموعود، وربما لم يكن عند أحدهما هذا العلم، ولكن ما من دالّة موضوعية تدلّ على أنه سيتحرك باتجاه العراق تعطيهما المبرر الموضوعي للتحرك المضاد، نعم علم أحدهما بذلك أو كليهما يؤذن بقرع صفارة الإنذار للإستعداد، ولكن هذا الإنذار بالاستعداد خصوصاً لدى اليماني لن يتيح له الفرصة المباشرة للإنطلاق وإنما سيأخذ منه وقتاً طويلاً لكونه راية بلا دولة، وطبيعة هذه الراية أن تجمع أفرادها يحتاج إلى زمان أكثر من زمان من لديه دولة وجيشه متسّق ومنتظم سلفاً، كما هو الحال لدى الخراساني، وعليه فإن تحرك السفياني وخروجه باتجاه قرقيسياء، هو الآخر لن يكون مبرراً موضوعياً لحركة الرايتين، باعتبار أنه يتحرك من أجل القضاء على الاحتلال التركي لبلده والمنتفضين ضده من بني قيس في دير الزور، وهي حركة تشابه في سياقها العام حركة استيلائه على الكور الخمسة.
إن وجود تعبير سبقه لليماني والخراساني إلى الكوفة يؤكد أن الخروج الواحد يكون متأخر حتماً عن خروجه للعراق والذي سياخذ طابع تصفية بني قيس وملاحقتهم وتصفية الجيب الذي سينشؤه عوف السلمي في المناطق الغربية، والذي قد يجد فيه اليماني والخراساني كسباً لمعركة دون جهد، فكل خاسر من الطرفين ربح هما، ولهذا لن ينشغلا به، ولكن هذا لا يعني أنهما سيبقيان بعيداً عن حركة الاستعداد العملي لخطوته اللاحقة، ولكن ما من شك أن الظرف الموضوعي لن يتيح لهما الشروع بالتحرك، ولذلك في تقديري أن الخروج الواحد سيكون باتجاه الكوفة دون غيره، ويؤكده سبقه لهما، وهذا لا يمكن تفسيره لو حسبناه إلا من منطقة قريبة منها، ويؤكده أن مدة بقاءه في الكوفة على ما تحكي بعض الروايات لا تتجاوز ثمانية عشر ليلة، ونهايتها تكون بسبب اقترابهما من الكوفة، وهو زمن طبيعي للسيناريو الذي افترضناه.
وكمثال عملي لتقريب الصورة بين يومنا وغدنا في هذا المجال، ما رأيناه في معارك الأنبار الأخيرة والتي أعربت عن فشل مؤلم في أداء القوات المسلحة والجهات المتسلطة عليها، وقد حاول الكثير من المؤمنين المتمرّسين بقتال النواصب والراغبين فيه أن يجدوا لهم منفذاً لهذه المعارك، فلم يفسح لهم المجال من قبل الجهات التي قادت هذه العمليات، وهو الذي نسميه بالظرف الموضوعي، فعلمهم بالقتال ورغبتهم فيه لم تك وحدها المؤذنة بدخولهم، بل إن ظرفاً حاكماً حال بينهم وبين أداء ما اعتبروه واجباً، مثل هذا الوضع يمكن أن يتكرر في مشهدد الغد، فقد يكون وجود الحكومة القابعة في بغداد آنذاك لا تجيز تحركاً للرايتين، ولكن سقوطها السريع بيد السفياني يسقط كل الذرائع ويفتح الباب للرايتين في التحرك ضد ابن آكلة الأكباد.