أوس علي المياحي (الفيس بوك): عندي إستفسار يخص حركة اليماني والخراساني, تعرفون جنابكم أن لا يوجد منا "بحسب علمي" من هو على علم يقيني بأنه سيوفق للمثول بين يدي صاحب الأمر "عجل الله فرجه" ممن سيسعون في قضاء حوائجه, على هذا الأساس أرى بنظري القاصر أن يغتنم الإنسان أقرب فرصة سانحة له يكسب بها نفسه أمام الله سبحانه وتعالى, ولعل أفضل فرصة مؤاتية هي أن يقاتل تحت راية الممهدين لظهور الإمام "وهما اليماني والخراساني".
نحن نعلم علم اليقين بالظروف المحيطة بحركة اليماني والخراساني, على الأقل بما ستسبق حركتهما من وقائع وأحداث, لكن يبقى هناك ما يحيرني ولربما يحير الكثير ممن هم من أمثالي, أن الوضع في زمن حركتهم هو بالضبط كالوضع في زمننا, أقصد مثلما يوجد أخيار ولهم أدواتهم يوجد كذلك أشرار ولهم أدواتهم التي ستكون أكبر وأكثر وأقوى كالإعلام وغيره, والمعلوم أن حركتهم ستكون تحت مسمياتهم الحقيقية وليست بالرموز التي أعطتها لهم روايات أهل البيت "عليهم السلام", والسؤال هنا: كيف يتم التعرف عليهم بأنهم هم وليسوا غيرهم؟.
أخشى أن تأخذنا دائرة الصراعات بعيداً لترينا عكس الذي يظهر, وبلتالي يفوتنا الفوت ولا نغتنم الفرصة التي ربما تكون سانحة اليوم وغداً لا, فأعداء هذه الحركات كثيرون والإعلام مضلل.
الجواب: ما أشرتم إليه من ملاحظات سديدة، وينم عن وعي جاد للمسؤولية، فبالفعل سيجابه المؤمنون بمثل هذه التضليلات، ولعل مثل هذه الملاحظات هي التي تملكت الداعي منذ زمن بعيد، وهو ما أشرنا إليه في مقدمة كتابنا: "راية اليماني الموعود أهدى الرايات" فالمؤمن سيبتلى يومذاك ببلاء كبير وسط اصطراع الرايات والذي سيبقى حتى ظهور الإمام صلوات الله عليه، وهو ما تشير إليه الروايات الشريفة من أن الإمام صلوات الله عليه سيأتي إلى الكوفة وفيها ثلاثة رايات تصطرع، ومما لا شك فيه أن رايات اليماني والخراساني ستكون راية واحدة في التوجهات، وبقاء الرايتين الأخريتين يحكي عن جانب من نمط الابتلاء الذي سيخيم على الوعي يومذاك.
ولا شك أن هاتان الحركتين ستحظيان بقدر كبير من التضليل وقت خروجهما، والموقف تجاههما مختلف حسب مكان الشخص، وإن كنت أعتقد أن أكثر من سيبتلون في مثل هذا البلاء هم من في الساحة العراقية، فالخراساني سيبتلى بالنظرة القومية التي تتملك الناس وللأسف حتى المتدينين منهم، وهي إرث النظام المجرم ومفارقة الفكر الإسلامي الذي لا يعير أهمية لكل المعايير الضيقة في قبال نصرة الحق، وإن كان العجيب أن الكثير من هؤلاء لم يفعّلوا هذه النظرة حينما واجهوا دخول الأمريكيين وغيرهم إلى العراق بحجة أن هؤلاء منقذون من النظام المجرم، إلا أننا لا زلنا نلمس أن الروح القومية التي ربما لن تنظر إلى الخراساني بنفس النظرة مع أن الروايات تتحدث عن أنه جيش الانقاذ الوحيد الذي سيأتي من الخارج لانقاذ العراق من بطش السفياني، مما يحكي عن الطبيعة الاستراتيجية المتفردة لهذا الرجل بالنسبة لشيعة أهل البيت عليهم السلام في العراق، إذ لا ظهير استراتيجي لهم إلا هو.
كما أن اليماني سيبتلى أيضا بالمجهولية التي ستحيط عمله وشخصه، وهو نفس البلاء الذي سيعاني منه المؤمنون، ومهما أصعدنا بالأرقام الواردة عن أعداد جيشه، فإن هذه الأرقام لا يمكنها أن تحكي عن أرقام كل الذي يريدون نصرة الإمام صلوات الله عليه وبما يتناسب مع طبيعة التأكيدات الصارخة في الروايات الشريفة على نصرته، وفي تصوري أن هناك عدة محاور على المؤمن أن يتخذها لتأمين نفسه في دائرة النصرة بل والأسبقية في دخول هذه الدائرة.
أولاً: نحن نعرف أن حالة النصرة فيها طرفين، أولها رغبة الناصر وقدراته، والثانية مقبولية الناصر لدى الجهة التي يريد نصرتها، وقضية كقضية الإمام روحي فداه لن تخلو حالة النصرة من استحصال التوفيق من قبل الإمام صلوات الله عليه، فالإمام روحي فداه لن يدخل معسكره كل من يريد الدخول، بل لا بد من أن يحظى هذا الشخص أو ذاك من استحصال قبول الإمام عليه السلام وتأييده، وعليه فإن المبادرة اليوم قبل الغد لاستجلاب هذا التأييد هو من أولى المهام التي يجب أن يتحملها المؤمن، ومن دون ذلك فإن أحسن الحالات المتبقية بين يديه أن يأتي ضمن المتأخرين وإلا فسوء العاقبة، أعاذنا الله وإياكم من شر ذلكم.
ثانياً: فهم علامات الظهور بشكل دقيق لأن هذه العلامات كما أنها وضعت للدلالة على الإمام عجل الله فرجه الشريف، فكذلك هي دالة على الشخصيات الثلاثة وأعني اليماني والخراساني والسفياني، والأخير سيكون بلاؤه على المؤمنين ليس في جرائمه فقط، بل في معرفته أيضاً، لأنها أحد السبل لمعرفة الخراساني واليماني، وفي تصوري أن تشخيصه بحد ذاته سيكون موضع بلاء لأن الكثير من المؤمنين لن يصدقوا إمكانية أن يكون المعني هو نفس السفياني.
ثالثاً: فهم مناهج حركة هذه الشخصيات كفيل بتقريب صورتهما لوعي الإنسان.
رابعاً: تصفية النفس بصورة يتم فيها إخراج كل ولاء منها إلا الولاء للإمام صلوات الله عليه، لأن أهم مشكلة سيعاني منها المؤمن آنذاك هي كيفية إخراج ولاءاته المسبّقة من موضع إلى موضع آخر، إذ أننا قد نبتلى في أن يكون اليماني على سبيل المثال ليس في الجهة التي نواليها، عندئذ من الذي سيخرجنا من ذلك الولاء إلى الولاء الجديد لولا حالة التصفية المشار إليها، واعتقد أن المؤمن في هذا الظرف بإمكانه أن يتحرر من الولاءات السياسية بحيث لا تكون عقدة مسبقة، ولا أعني أن يعزل المؤمن نفسه سياسياً، بل ما أعنيه أن يكون الولاء السياسي بمقدار رفع التكليف الشرعي، فلو جاء تكليف أكبر يزاحم ذلك الولاء فإن سرعة الانتقال بين التكليفين يجب أن تتم بإنسيابية وسلاسة.
خامساً: كل أعمالنا منوطة بعقيدتنا في أن أعمالنا يجب أن تتم وفق غطاء التكليف الشرعي، ولذلك يجب أن نتحرى الدقة دوماً في هذا التكليف، وما من شك أن المقبولية عند الإمام صلوات الله عليه سيكون العمل بالتكليف أحد عناصرها.
سادساً: أعتقد أن الالتزام الواعي بالمرجعية الرشيدة هو صمام أمان كبير في هذا المجال، ولذلك لا مندوحة أمام المؤمن من تحقيق ذلك.
سابعاً: يبقى التوسل بالإمام صلوات الله عليه في أن يبقينا في دائرة النصرة بحاجة إلى استعداد جدي منا لتحمل أعباء ذلك، ومن لا يبتلى بهذا الطريق عليه أن يتيقن أن هناك مشكلة لديه في هذا الصدد، عصمنا الله وإياكم من كل زلل وخطل ورزقنا الله وإياكم توفيق المثول بين يدي إمامنا أرواحنا لتراب مقدمه الفدا ونحن نرفل في عز رضاه.