د. ابراهيم البندر (بريد الموقع الخاص): هل ان الفيروس المنتشر من الصين في أيامنا هذه ممكن ان يكون مثال الموت بالطاعون الوارد في الرواية الشريفة التالية:
الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن عبد - الرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قدام القائم موتتان: موت أحمر وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة، الموت الأحمر السيف، والموت الأبيض الطاعون.
الجواب: الحديث في الرواية الشريفة يتحدث عن تزامن نمطين من الموت ويتسببان بهلاك أعداد هائلة من الناس، ولذلك هو بالوهلة الأولى نفس الذي يشار إليه في رواية أخرى رواها أيضا الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه الشريف الذي روى هذه الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام، وفيها : لا يكون هذا الامر حتى يذهب ثلث الناس، فقيل له: إذا ذهب ثلث الناس فما يبقى؟ فقال عليه السلام: أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي. كمال الدين وتمام النعمة: ٦٨٤ ب ٥٧ ح٢٨.
وكذلك في تقديري أنه لا يختلف عن مفاد رواية ثالثة رواها الشيخ النعماني قدس سره عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب تسعة أعشار الناس. غيبة النعماني: ٢٨١ ب١٤ ح٥٤.
والكلام هنا تارة في تعريف المراد بالموت الأبيض، وأخرى في طبيعة ما تحدثت عنه الرواية، ولو أخذنا ما تحدثت عنه الرواية الشريفة، فإن الحديث عن الموت الأبيض يفترض أن يكون على شاكلة الوباء الذي تفنى فيه أعداد هائلة من الناس، وليس مجرد موت يحصل لعشرات او مئات، فثمة فارق بين الموت الذي تسبب به انفلاونزا الطيور في بداية القرن الحالي على سبيل المثال وهو من نمط الموت الأبيض الذي لا أثر فيه للدم والجرح الذي يتسم به الموت الأحمر، وبين وباء الانفلاونزا العادي الذي أصاب أوربا في ايام الحرب العالمية الأولى في القرن الماضي وتسبب بقتل خمسين مليون إنسان في وقتها.
وعليه فإن حديث الرواية هو من نمط الموت الوبائي وليس مجرد ظاهرة الموت، ولذلك ذكرنا في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك أن المراد به هو أنماط الموت الذي تتسبب به الأسلحة البيولوجية او الكيمياوية والجرثومية، وفي الواقع أن فايروس كورونا في صيغته الجديدة ان تحوّل إلى وباء عام وهو مرشح أن يكون كذلك على ما يبدو فإنه يمكن أن يصنف على النمط الذي عنته الرواية بالموت الأبيض، ولكن في عقيدتي أن الرواية في صدد الحديث عن نمطين متزامنين من الموت، الاول منهما هو الذي تتسبب به الاسلحة الجارحة بكل أصنافها من صواريخ وما شاكل مما يؤدي إلى نزف الدم فسمته بالموت الأحمر، والآخر هو الذي تتسبب به الأسلحة التي لا تؤدي إلى وقوع جراح ودماء وإنما تتعامل مع العوامل الداخلية لأجهزة الإنسان الحيوية فتفتك به دون أن تتسبب بجراح ونزف دماء، ولذلك سمته بالموت الأبيض كالأسلحة الذرية وسائر الاسلحة الكيمياوية والبايلوجية والجرثومية وما شاكل، وأما اسم الطاعون فلا يراد به المرض المعروف بهذا الإسم وانما التكنية به عن كل موت يتم بطريقة وبائية يحملها الجو أو تحمله الماء أو الأرض.