بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

١٣٩١: ما هي مصادر التهديد للكيان الصهيوني التي تجعله يستنجد بمارقة الروم التي ستنزل في رملة فلسطين؟ هل هم نفس المشرقيون الذين سيحملون سيوفهم على عواتقهم لينتزعوا حقوقهم وينتصرون؟


١٣٩١: ما هي مصادر التهديد للكيان الصهيوني التي تجعله يستنجد بمارقة الروم التي ستنزل في رملة فلسطين؟ هل هم نفس المشرقيون الذين سيحملون سيوفهم على عواتقهم لينتزعوا حقوقهم وينتصرون؟

أمل ( مجموعة منتظرات ٤): في محاضرتكم الاخيرة عن نزول الروم في الرملة هل يمكن بأن يكون قوات المقاومة هي التي تقوم بمبادرة  الدفاع أو الضغط على الصهاينة ويطلبون هم الحماية من الروم وليس العكس بأن يكون الصهاينة هم المبادرين بالحرب، كما في رواية يطلبون الحق فاذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها الا الى صاحبكم قتلاهم شهداء أما أنى لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الامر. يعني هل هنالك ارتباط بين أحداث رواية يطلبون الحق ونزول الروم في الرملة؟

 

الجواب: ما من شك أن الأحداث غير الاعتيادية يجب ان توجد لها علل مماثلة، ولذلك فإن حديث الروايات الشريفة عن نزول قوات مارقة الروم في الرملة واعتبار هذا النزول من العلامات الكبرى الدالة على الظهور الشريف وارتباط هذه العلامة بما يسبقها من علامات كهرج الروم ونزول الترك الجزيرة وما الى ذلك مما جاء في الرواية الموثقة عن جابر بن يزيد الجعفي رضوان الله عليه عن الامام الباقر عليه السلام (غيبة النعماني: ٢٨٩ ب١٤ ح٦٦) لا بد وأن يحكي عن وجود سبب جوهري يستدعي نزول هذه القوات في الرملة الفلسطينية المسماة باشدود حالياً، صحيح ان قيام حرب الروم فيما بينهم يحكي بالضرورة عن ضعف في الكيان الصهيوني بسبب ضعف حلفائه، ولكن مثل هذا الضعف الذي يستدعي الطلب من مارقة الروم أن ينزلوا قواتهم عبر ميناء إشدود لا يمكن أن يكون مفسراً لوحده على الأقل بالضعف الناجم عن الحرب العالمية بين الروم، لأن هذا النمط من الضعف يعود أساساً للبنية السياسية والاقتصادية للكيان الصهيوني أكثر مما هو للوضع الميداني على الأرض، وذلك لأن عوامل الضعف الناجمة عن حرب تجري بين الروم في اوربا وغيرها من هذا القبيل لا تؤثر في العادة على الجغرافية الامنية بشكل يؤدي الى تغييرات على الارض في منطقة الشرق الاوسط، وهو امر ربما يمكن الاستدلال عليه من خلال الروايات التي اكدت أن هرج الروم الذي سيتسبب بهلاك ثلثي الناس ستستثنى منه هذه المنطقة كما في الرواية الصحيحة التي وردت عن محمد بن مسلم وأبي بصير رضوان الله عليهما قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا: إذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال: أما ترضون أن تكونوا في الثلث الباقي. (غيبة الطوسي: ٣٦١ ح ٢٨٦) وذكرها الشيخ الصدوق بطريق آخر فيه سهل بن زياد ولمن يقول بتوثيقه فالطريق يكون صحيح أيضاً (كمال الدين وتمام النعمة: ٦٨٤ ب٥٧ ح٢٩).

إلا أن في لفظ الخبر تصحيفاً من الناسخ أو الطباعة اذ جاء فيه: "ثلث الناس" بدلاً من: "ثلثا" والسياق يؤكد التصحيف، وكذا ما ورد في نسخة البحار من كتاب كمال الدين إذ وردت الكلمة كما هي في غيبة الشيخ الطوسي. (بحار الأنوار ٥٢: ٢٠٧ ح٤٤).

ولهذا يجب أن نفتش عن البيئة التي تؤدي إلى هذا الضعف في مدياته الميدانية، ولا نعثر في رواياتنا في هذا المجال إلا على شأنين أساسين أولهما أحداث الشام وما يمكن أن تفضي إليه من تغيرات على المستوى الميداني في هذه الساحة، ولربما لدينا اشارة فيها دلالة على أن ثمة تغييرات ميدانية تحصل في هذه المنطقة متزامنة مع الاوقات التي تتحدث عن مارقة الروم وأعني بذلك ما أشارت إليه الرواية الواردة  عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: إذا استولى السفياني على الكور الخمس فعدّوا له تسعة أشهر، وزعم هشام أن الكور الخمس: دمشق وفلسطين والأردن وحمص وحلب. (غيبة النعماني: ٣١٦ ب١٨ ح١٣) فسواء فسرنا كلمة فلسطين هنا بالجولان وما إليها، أو ما يحاذيها، وفسرنا كلمة الاردن بدرعا أو ما يحاذيها، فإن في هذا دلالة أكيدة على وجود حراكات أمنية ميدانية ستشهدها المنطقة قبل السفياني ومن بعده، وقبل سقوط الكيان الصهيوني، لان القضاء على هذا الكيان وتحرير المسجد الاقصى من براثنه سيبقى بعهدة الامام المنتظر روحي فداه والسيد المسيح عليه السلام بعد رجوعه إلى الأرض، وهذه الحراكات لا بد وأن تكون من طرف فاعل، قبل استيلاء السفياني عليها، والذي سيأتي مدعوماً بتحالفات ليست بعيدة عن مارقة الروم كما نستشفه من خبر بشر بن غالب الأسدي (وهو من أصحاب الإمام أمير المؤمنين والحسنين وزين العابدين عليهم السلام) قال: يقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب وهو صاحب القوم. (غيبة الطوسي: ٤٨٣ ح٤٧٨).

والثاني هو الرواية التي أشرتم إليها في شأن أهل المشرق الذين يضعون سيوفهم على عواتقهم وتمام لفظها عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوه فلا يقبلونه حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم قتلاهم شهداء أما إني لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر. (غيبة النعماني: ٢٨١-٢٨٢ ب١٤ ح٥٠).

وما يهمّنا هنا من هذه الرواية هو البحث عن الميدان الذي سيكون حيزاً لقوله عليه السلام: "حتى يقوموا ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم" فبلحاظ أن الحكم بالحجاز والجزيرة سيكون في غاية الضعف، ولكنه سيبقى إلى أن يسقط بيد الإمام صلوات الله عليه، ولذلك فإن الطرف الذي سيقاومونه أهل المشرق والذي سيستمرون فيه حتى خروج الإمام روحي فداه، لن يكون في الحجاز والجزيرة، خاصة مع ملاحظة المعطيات السابقة المتمثلة بالجهة التي تأخذ منهم حقهم ولا تعطيهم إياه، وهذه الجهة أهم واقدر من حيث القوة والمكنة من حكام الحجاز والجزيرة، ولا يمكن أن تكون هذه القوة في العراق ولا في تركيا، لأنهم ليسوا طرفاً في معادلة أخذ الحق والتجاذب بين الآخذ والمأخوذ، خاصة وأن الروايات الواردة بطرق العامة وهي كثيرة وقد تظافرت كتبهم الروائية على التحديث بها والتي تشير الى أن المأخوذ حقهم سينتصرون على سالب حقهم، كما نلاحظ ذلك في رواية عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلوات الله عليه وآله انه قال: وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً. حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود. فيسألون الخير، فلا يعطونه. فيقاتلون فينصرون. فيعطون ما سألوا. فلا يقبلونه. حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً. (المصنف لابن أبي شيبة ٨: ٦٩٧ ح٧٤، وسنن الدارقطني: ١٣٦٦ ح ٤٠٨٢) ومن الواضح أن الانتصار هنا على آخذ الحق هذا لا علاقة له بمن جاور إيران، ولهذا ظاهرنا أن هذا الإنتصار سيكون متمثلاً بما ينجم عن النار العظيمة التي وصفتها الرواية الواردة عن البطائني ووهيب بن حفص عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال: إذا رأيتم علامة في السماء ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليالي، فعندها فرج الناس، وهي قدام القائم (عليه السلام) بقليل. (غيبة النعماني: ٢٧٦ ب١٤ح٣٧) وحسب الظاهر أن هذه النار هي نفسها التي تحدث عنها نفس الراويين عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي (الهردي: المصبوغ بالكركم الأصفر) العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد (عليهم السلام). (غيبة النعماني: ٢٦٢ ب١٤ ح١٣) وفرج الناس هو نفس الانتصار الذي رأيناه آنفاً في رواية ابن مسعود، ولذلك فإن المنتصر عليه إذ لا يكون من المنطقة، فإن الأمر سيتعلق بالبحر تحديداً، وهنا لا وجود الا لمارقة الروم الذين اشير إليهم في الرواية أعلاه.

فإذا ما تبين ذلك فعلينا أن نبحث بعدئذ عن الأرض التي ستشهد استمراريتهم بوضع سيوفهم على عواتقهم، لأن الإنتصار الأول الذي سترتب عليه فرج الناس سيكون بداية مرحلة التقدم على الجبهات التي سيستمرون بالقتال فيها حتى خروج الامام روحي فداه، وليس نهايته، ولا دلالة لنا من الروايات على ذلك الا بكونها الارض المتعلقة بمن سياتي مارقة الروم لنجدتهم في رملة فلسطين، والله العالم.

 

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
30 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :11399
عدد زوار الموقع الكلي: 27295723
كلمات مضيئة
الإمام الصادق عليه السلام: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل.. والمقصود: كل راية تدعي المهدوية