صادق الزبيدي (تعليقات الموقع الخاص): إن اليماني هو الوحيد الذي ذكره آل البيت عليهم السلام الذي يدعوا الى الامام المهدي عليه السلام، وإن رايته أهدى الرايات، وإن الملتوي عليه من أهل النار وليس يدخل النار فقط، وهم أهل البيت عليهم السلام ذكروا إن علماء زمن الظهور والفقهاء أصحاب التقليد هم أعداء الإمام سلام الله عليه بدليل ما ورد عن الصادق عليه السلام: ( أعداؤه الفقهاء المقلدون يدخلون تحت حكمه خوفا من سيفه وسطوته ورغبة فيما لديه يبايعه العارفون بالله تعالى من اهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهي ) بشارة الاسلام297 فكيف يدخل اليماني تحت حكم الفقهاء (المراجع ) أعداء الامام سلام الله عليه كما تقولون؟ وقد قال الصادق عليه السلام: فاذا خرج القائم من كربلاء وأراد النجف والناس حوله، قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر ألف فقيه، فيقول من حوله من المنافقين: أنه ليس من ولد فاطمة وإلا لرحمهم، فإذا دخل النجف وبات فيه ليلة واحدة: فخرج منه من باب النخيلة محاذي قبر هود وصالح، استقبله سبعون ألف رجل من أهل الكوفة يريدون قتله، فيقتلهم جميعاً فلا ينجي منهم أحد) كتاب نور الانوار المجلد الثالث ص 345 فهل يسكن النجف وهابية مثلا أم كلهم شيعة؟ ومن هم الفقهاء المنافقين في النجف زمن الظهور المقدس؟
الجواب: نؤكد أن اليماني هو ما وصفتموه بأنه أهدى الرايات وأن الملتوي عليه من أهل النار، أما ما نسبتموه إلى الإمام الصادق عليه السلام فهو مكذوب على الإمام صلوات الله عليه، لأن ما نقلته عن بشارة الإسلام، غير ما يوجد فيه، وإنما قسم من هذا القول أورده نقلاً عن ابن عربي صاحب الفتوحات المكية الرجل العامي، وليس كما زعمتم في التعليق أن القول هو قول الإمام الصادق عليه السلام، والقول الثاني فيه تخليط بين رواية شيعية وأخرى عامية، ولكن فيها ألفاظ مكذوبة على الإمام صلوات الله عليه، لأن الستة عشر هؤلاء هم من سمتهم الروايات بالبترية وليس كما سميتموهم بالفقهاء، والبترية هم الذين بتروا حقاً او أكثر من حقوق أمير المؤمنين وأئمة الهدى عليه وعليهم السلام، ومن الوصف بالبترية نعلم أن من سيخرج على الإمام صلوات الله عليه هم المنحرفون الذين يتخذون من الدين لبوساً، ولكنهم ليسوا من أهل الدين وإنما هم من المنافقين، وقد وصفوا بأوصاف مشابهة لأوصاف الخوارج، والرواية عن الإمام الباقر عليه السلام قال وهو يتحدث عن إقبال الإمام روحي فداه باتجاه الكوفة: يسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفاً من البترية شاكين في السلاح، قراء القرآن، فقهاء في الدين، قد قرّحوا جباههم، وسمّروا ساماتهم وعمهم النفاق كلهم يقول: "يابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك"، فيضع السيف فيهم على ظهر النجف عشية الإثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جزر الجزور..[1] والروايات الأخرى مقاربة لذلك، وما من شك في أن الموصوفين بقراء القرآن أو الفقهاء في الدين لا يراد منهم عموم الفقهاء أو عموم القراء، وإنما هناك ادعياء لهذا أو لذاك قد عمّهم النفاق، وهي ظاهرة موجودة في كل العصور، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تعميمها على كل من تفقه في الدين لمخالفة ذلك للقرآن الكريم وللمتواتر من حديث المعصومين صلوات الله عليهم، كما أن الرواية لا تقول بأن جميع هؤلاء سيكونون من أولئكم، وإنما قد يتقدمهم مثل هؤلاء كما ينسب الجيش لشخص القائد فيقال جيش هتلر ونابليون وما إلى ذلك.
أما ما ذكرتموه من بعد ذلك فلا وجود له في رواياتنا المعتمدة عنهم صلوات الله عليهم، والكتاب الذي اعتمدتم عليه غير معروف بالنسبة لنا، وحتماً هو ليس من كتب الروايات الخاصة بأهل البيت عليهم السلام، نعم يمكن أن ينقل احاديثاً لهم، ولكننا لم نجد ما نقلتموه عنه في الكتب المعتمدة في هذا المجال.
يبقى أن أؤكد أمرين سبق أن اكّدت عليهما مراراً، أولهما أن المرجعية والفقهاء المستنين بسنة أهل البيت عليهم السلام، سيبقون إلى عصر الإمام الشريف روحي فداه، وحجيتهم ستبقى على رؤوس شيعة الإمام صلوات الله عليه إلى آخر لحظة من لحظات الغيبة الكبرى، لمفاد قوله صلوات الله عليه: فارجعوا إلى رواة حديثنا فهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم، ولذلك لا يمكن وصف أي شخص بالهدى فضلاً عما هو أعلى منه إلا من خلال العلاقة الطبيعية مع حالة الحجّية هذه، وعليه فاليماني إما أن يكون من علماء المذهب وفقهائه أي مرجعاً، أو من الذين يحتاطون في أمر الفتيا فيجمع ما بين آراء الفقهاء للعمل بأضمنها في إدراك الحكم الشرعي، وهذا الذي نسميه بالمحتاط ليس شخصاً عادياً بل لا بد من أن يكون مجتهداً أو مقارباً للإجتهاد، وإما أن يكون مقلداً، ولا يوجد أي تصور خارج هذه الدوائر لأي هدى، فضلاً عن كونه أهدى الرايات.
والأمر الثاني هو أن الهدى المشار إليه في حديث اليماني هو هدى الرايات وليس هو هدى الأشخاص، وما من شك أن من رايته أهدى الرايات لا بد من أن يتمتع بالهدى، ولكنه ليس بالضرورة أن يكون هو أهدى الناس، فالحديث خاص بالرايات التي ستخرج في زمانه، وليس في كل مجتمع زمانه، فلا تبالغوا في وصف الرجل بأكثر مما وصفته الروايات.
[1] دلائل الإمامة: 239.