مهند البصري ـ وآخرون (الموقع الخاص): الانفجار أو الضربة الاسرائيلية على سوريا لم تقتل أو تبكم أو تصم أعداداً هائلة (70000) كما ذكرت الروايات الشريفة.. ما هو تفسيركم المبارك لهذا الامر؟
الجواب: وردت هذه الأرقام بسياقين فمرة ذكر رقم (100000) من الكافرين، وأخرى ذكر الرقم بالطريقة التي ذكرتم ولكن يضاف لها أن ما يفتق من الأبكار أي ما يتم اغتصابه من النساء البواكر هو أيضاً سبعون ألفاً، والسياق الأول هو رواية أمير المؤمنين عليه السلام في اختلاف الرمحين، ومعها عدد من الروايات العامية الواردة على لسان رسول الله صلوات الله عليه وآله أو بآثار من صحابته، أما السياق الثاني فهي رواية عامية عن الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله، وهي بالمحصلة تتفق مع السياق الأول، وفي قصة الأرقام التي ترد في النصوص يجب أن نراعي التالي:
أولاً: هناك أرقام تذكر للكناية عن ضخامة العدد، ولا تعبّر بالضرورة عن أن المقصود هو العدد بكامله بحيث لا ينقص منه ولا يزيد عنه شيء، ونطلق عليها أرقام المكاثرة أو المبالغة، وأرقام السبعون ألفاً والمائة ألف وأمثالها هي من هذا النمط في الغالب، ومثلها السبعون والمائة والألف في بعض الأحيان.
ثانياً: هناك الأرقام التي تذكرها الروايات وتريد بها الدقة كما ذكرتها الرواية كما هو الحال في رقم 313 بالنسبة لأصحاب القائم صلوات الله عليه.
ومما لا شك فيه أن الرقم المذكور في روايات الرجفة أو الهدة أو الصوت تدخل في النمط الأول من هذه الأرقام، ولهذا هي لا تستدعي منا أن نعدّ العدد حتى نصل إلى الرقم المذكور.
يبقى الكلام في كيفية تحقق هذا الرقم، إذ من الواضح أن أرقاماً من هذا القبيل تحتاج إلى أحداث ضخمة تستوعب حصول ذلك، وهنا علينا أن نتابع هذه الأرقام تارة من حيث المحيط الجغرافي الذي يستوعب هذا الرقم، فلو قدّر اننا سمعنا في رواية الشهداء الذين يحشرون من جامع براثا إلى الجنة بغير حساب، فأول ما يجب أن يتبادر إلينا هو كيف سيستوعب جامع براثا مثل هذا الرقم؟ وهنا إما أن نطرح الرواية أو نتحدث عن سلسلة من الأحداث تؤدي إلى تكون وتراكم هذا الحدث، وأخرى من حيث طبيعة الحديث وقابلياته لكي تصل الأمور إلى مثل هذا الرقم، كما هو الحال في الخسف بالبيداء، فحدث الخسف بطبيعته يمكن أن يستوعب الأرقام التي ذكرت بخسف بيداء المدينة المنورة بجيش السفياني، لأن الزلازل يمكن لها أن تقتل ثلاثة أو أربعة آلاف كما هو حديث الروايات في هذا المجال، ولكن لو تحدثت الروايات هنا عن مائة ألف من القتلى فإننا عندئذ يجب أن نتصور زلزالاً خارقاً للعادة في كل المعايير الجغرافية لأن الغالبية العظمى من قتلى الزلازل إنما يكونون بسبب تساقط الأبنية عليهم أو سقوطهم منها وما شابه ذلك، والحديث عن زلزال في صحراء لا يمكن أن يستوعب هذا الرقم، ولهذا علينا ان نتصور نمطاً آخر من أنماط القتل للوصول إلى هذا الرقم كأن يكون المراد عندئذ باستخدام أسلحة الدمار الشامل وما إلى ذلك.
وعليه فإن الحديث الوارد في روايات الضربة النووية حينما يستوعب هذه الأرقام الكبيرة فإن علينا أن نتصور أحد أمرين: إما أن يكون حدث الضربة هو الذي ينتج هذا الرقم بشكل فوري، عندئذ سيكون علينا أن نتوقع قنبلة نووية على شاكلة ما جرى في هيروشيما ونكازاكي ولكن يجب أن تكون أكبر من تلك القنبلة بعدة أضعاف، لأن دمشق المتضررة بذلك فيها تضاريس جبلية مما يجعل مصدات الإشعاع النووي وعصفه كثيرة جداً مما يقلل من حجم الأضرار وهو الأمر الذي شهدناه في اليابان لأن هيروشيما كانت خسائرها أكبر من خسائر نكازاكي والسبب يعود إلى الطبيعة التضاريسية المتفاوتة بين المدينتين مما جعل هيروشيما ذات الأراضي المنبسطة تتحمل خسائر أكبر بكثير من نازاكي ذات الأراضي الهضابية، مع أن القنبلة التي استهدفتهما هي من نمط واحد، وفي الخزانات التسليحية العالمية اليوم ما يسمح بوجود ضخامة اكبر وأضر من قنبلتي الحرب العالمية الثانية، ومع هذا التصور يجب أن نلحظ في الرواية الواردة أنها تتحدث عن حادثة بعينها دون ربطها بامتدادات لا تنسجم مع تداعيات ضربة من هذا القبيل.
وإما أن يكون حدث الضربة يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي من شأنها أن توصل بطريقة تراكمية إلى هذا الرقم، وهذا لا يستدعي يوماً واحداً ولا مكاناً واحداً، وإنما يكون حدث الضربة الحد الزمني لبدء العداد الرقمي في هذا المجال، ويتأكد ذلك لو أن الرواية تحدثت عن تداعيات تنسجم مع هذا النمط من التصور ولا تنسجم مع النمط الأول، فعلى سبيل المثال حينما تتحدث الرواية عن فتق سبعين ألفاً من الأبكار، فإن من الطبيعي بمكان أن لا يكون هذا الأمر ناجم مباشرة من حالة التفجير النووي إذ لا علاقة جدية بين ذهاب بكارة النساء نتيجة لحدث من هذا القبيل، ولكن مع افتراض سلسلة لاحقة من الأحداث تؤدي إلى جرائم الاغتصاب وإستباحة الفروج وما إلى ذلك فإن تصور حصول ذلك سيكون طبيعياً، ولكن شريطة أن نشهد ذلك في اماكن عديدة وأزمان عديدة ولكنها كلها ترتبط بحدث الضربة النووية، كأن تكون من تداعياتها الأمنية والاجتماعية.
وحينما نحلل الرواية المقصودة سنجد أن الرواية تتحدث عن هلاك أكثر من مائة ألف، وهذه الضربة أو الرجفة ستكون سبباً للرحمة بالمؤمنين وسبباً في عذاب الكافرين، يعقبها مباشرة نزول أسلحة جديدة متطورة لم يشهدها الناس من قبل، مع دخول أصحاب الرايات الصفر، مما يعني ان رواية الرجفة الدمشقية قد تحدثت بامتدادات متعددة فورية لا يمكنها أن تنسجم مع تصور الضربة النووية على شاكلة ما جرى في هيروشيما ونكازاكي، اذ أن الضربة النووية بطبيعتها لو كانت على شاكلة النمط القديم من أنواعها لما وجدنا أحداً يمكن أن يدخل إلى المنطقة المنكوبة بالإشعاع النووي لفترة زمنية طويلة، مما يدفعنا حكماً إلى الأخذ بالتصور الثاني، وهو أن الأرقام المذكورة هي من النمط التراكمي الذي يتكون بالتدريج ويتواصل مع أماكن متعددة، ولكن بسلسلة مترابطة يكون حدث الرجفة مفصلاً أساسياً فيها، وليس من النمط المباشر الذي يحصل حال وقوع الحدث وفي حدود منطقته دون غيرها.