أبو هادي العاملي ـ لبنان (الفيسبوك): نسمع بين الفينة والأخرى عن أشخاص ينسبون أنفسهم لذريّة الامام المنتظر عليه السلام، وآخرون يدَّعون رؤيته، فبماذا تجيبونهم؟
الجواب: مما لا مرية فيه أن الإمام صلوات الله عليه لا يوجد له ذرية، وأي إدعاء في هذا المجال يخلو من أي دليل علمي يمكن الاعتداد به، فضلاً عن الدليل العملي والواقعي، إذ من المحقق أن روايات أهل البيت عليهم السلام تؤكد على أن الإمام صلوات الله عليه لا عقب له بأبي وأمي، ومن الناحية العملية فإن محض إدّعاء شخص ما، على أنه من ذرية الإمام صلوات الله عليه يحتاج إلى دليل، وعلى من يسمع بذلك أن يطالب أيضاً بدليل على هذا الإدعاء، ومن دون منطق التحجج بالأدلة سيكون بإمكان كل شخص أن يدّعي لنفسه أي مقام، وينتحل أي شخصية، ومن الواضح القطعي أن أي إثبات في هذا المجال مستحيل، لا أقل من جهة خلو أي شجرة نسبية من أي تسلسل نسبي بين الإمام بأبي وأمي، وبين أي شخص في الوجود، فقد جرى للتحقق من نسب السادة أن يتم الاعتماد على الأشجار النسبية للوصل بين زيد من الناس وبين أجداده الأسبقين، ووفق ذلك يتم تحديد السادة من العوام، ويتم التمييز بين العشائر والقبائل، ولهذا فمن يدّعي أنه من ذرية الإمام روحي له الفدا، كيف سيتمكن من إبراز هذه الشهادة وهي منتفية من أصل، ولا يوجد أمامه إلا الإدعاء بأن الإمام صلوات الله عليه هو الذي أنبأه بذلك، ولو ادعى ذلك فإنه سيضع نفسه سلفاً في لائحة من أمرنا بتكذيبهم واعتبارهم من المفترين، لأن هذا الإنباء هو من الصنف الذي يستدعي مشاهدة الإمام صلوات الله عليه، وهذه المشاهدة ممنوعة قبل السفياني والصيحة لوضوح ما في التوقيع الشريف الصادر في هذا المجال.
وحتى لو ادعى مدّع بأن رأى وشاهد ـ جدلاً ـ فمن الذي بإمكانه أن يصدّق شخصاً لمحض إدعائه؟ خاصة وأن زمننا شهد الكثير من المنحرفين الذين أطلقوا دعاوى كبيرة كما في حال من ادعى بأنه ابن أمير المؤمنين صلوات الله عليه المباشر كما هو حال الدجل ضياء الكرعاوي، ومنهم من ادعوا تلبس أرواح المعصومين عليهم السلام وأولادهم المعظمين في أنفسهم كما هو الحال في أصحاب ما يعرف عنه بالسلوكيين، ومنهم من ادعى بأنه ابن الإمام صلوات الله عليه كما هو الحال في دجال البصرة، ومنهم من ادعى المصاهرة مع الإمام صلوات الله عليه كما هو حال بعض المنحرفين هنا وهناك، وكل ذلك مجرد دعاوى لا ترتهن إلى أي دليل ولا تعتمد أي برهان.
أما دعوى رؤية الإمام صلوات الله عليه، فالأمر يختلف عن أمر دعوى البنوّة من الإمام روحي فداه، فمن حيث الأصل فإن رؤية الإمام عليه السلام ممكنة، ولا يوجد مانع عقلي ولا نقلي من ذلك، ولكن طبيعة هذه الرؤية وما يتم التحدث عنها هي التي تجعلنا نحكم عليها بالصحة من غيرها، فإن كانت من صنف الرؤية التي لا تفضي إلى أي مساس بالتشريع وبالعقيدة ولا يترتب عليها أثر عملي يخالف التكاليف العامة فهي رؤيا غير ممنوعة لا عقلاً ولا نقلاً، وقد حصلت وتواتر حصولها كثيراً منذ نهاية الغيبة الصغرى وليومنا هذا، ولكن ثمة إدعاء للرؤية وفيها دعوى المساس بأمور التكاليف العامة وما إلى ذلك، وتستبطن بصورة معلنة أو غيرها زيادة شأنية وشرفية المدّعي عند الناس كأن يكون مسترزقاً لوجوه الناس وبرّهم بدعوى هذه الرؤية، فهي من الصنف الذي دعينا لتكذيب مدّعيها، واعتبار من يفعل ذلك بأنه كذاب مفتر، وقانا الله وإياكم من شر سوء المنقلب، هذا وقد تحدّثنا بشيء من التفصيل عن ذلك في محاضرتنا عن لقاء الإمام صلوات الله عليه بين الإفراط والتفريط فراجع.