عماد الخفاجي ـ كربلاء المقدسة (الموقع الخاص): ورد عن أبي منصور البجلي قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن اسم السفياني. فقال: وما تصنع باسمه؟ إذا ملك كور الشام الخمس ...... الى آخر الحديث.[1]
ولدي هنا سؤالين بخصوص المقطع الشريف: (الاول) : هل من الممكن أن تقرأ كلمة (ملك) بصيغة المجهول وتشديد اللام باعتبار وجود رواية تشير الى أنه يأتي متنصراً يعني مدعوم من دول نصرانية، أو قد تكون كلمة (متنصراً) مصحّفة عن كلمة (منتصراً) وهي تؤدي نفس الغرض. كذلك استخدام لفظة (ملك) بحد ذاتها بدلا من (سيطر) فيها دلالة على التمليك بمعونة جهات خارجية.
(الثاني): استخدم لفظ (ملك كور الشام الخمس) ولم يستخدم لفظ (الشام) الجامع لكل تلك المناطق المذكورة في الحديث، أليس فيه دلالة على تقسيم الشام الى أقاليم، وأن السفياني يأتي إلى الشام وهي مقسّمة الى أقاليم فيجمع تلك الأقاليم بدولة واحدة.
الجواب: حسب الظاهر فإن انصراف قراءة كلمة ملك بصيغة المجهول مما لا قرينة تساعد عليه، بل القرائن شاهدة على أنه هو الذي يتملك هذه المناطق لا أن يتم تمليكه إياها من قبل غيره، فالحديث عن أنه سيبقى من يوم خروجه إلى يوم تملّكه لهذه الكور وبهذه المدة الزمانية (6 أشهر) يؤكد على أنه هو الذي سيباشر هذا الأمر بنفسه، خاصة وأنه خلال هذه الفترة سيصفّي الصراع في بلاد الشام من راية الأبقع أولاً ثم من راية الأصهب ثانياً، وهذه التصفية إنما تكون من خلال السيطرة على مناطقهما، والسيطرة كمصطلح لا يستخدم في لغة القرون المتقدمة، بل الاستخدام المألوف هو التملّك، وبالتالي فهما في معنى اصطلاحي واحد.
أما بالنسة إلى التنصّر فهي صحيحة ولا وجود للتصحيف فيها لوجود قرينة في عنقه صليب التي تأتي في الرواية.
أما بالنسبة لموضوع الكور الخمسة، فنلاحظ أولاً ان الشام كلمة أعم من كورها الخمسة، ونلاحظ ثانياً أن التأكيد على هذه الخمسة يشير سلفاً إلى وجود مناطق شامية يتواجد فيها تلقائياً، في عين الوقت الذي يشير إلى أن المناطق الشامية كلها لن تكون بولاء واحد، ونلاحظ ثالثاً أن تخصيص هذه المناطق دون غيرها يُشعر بأنها انسلخت من حكم الشام أو ليست تحت سيطرة هذا الحكم، مما يفضي بنا إلى نتيجة حاسمة وهي أن الحكم في الشام لن يسقط، وإنما يتأثر بوقائع الصراع بين الأصهب والأبقع، هذه الوقائع التي تجعل هذه المناطق تخرج من حكم الشام، ونلاحظ رابعاً أن الرواية ذكرت مناطق واستثنت أخرى، وبمطالعة الروايات سنجد ان الخريطة الجيوسياسية للشام في يوم خروج السفياني ستكون هكذا:
أولاً: الكور الخمسة تخضع لتأثيرات السيطرة العامة وليست الخاصة لراية الأبقع، وهذه الكور هي بالتحديد دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب التي تسمى بقنسرين ودرعا التي يشار إليها بلفظ الأردن، والقنيطرة التي يشار إليها باسم فلسطين، من باب تسمية العام ويراد به الخاص، لوضوح أن فلسطين العامة ستكون تحت حكم الصهاينة إلى يوم تحريرها بيد الإمام روحي فداه.
وحينما نقول بأن هذه الكور فيها سيطرة عامة وليست خاصة لراية الأبقع عليه لعائن الله، فلأن الحديث عن استمرار الصراع بينه وبين الأصهب كاشف عن أن السيطرة ليست مطلقة لأحدهما في هذه المناطق، ولكن يمكن القول بأن معارك الكر والفر ستكون هي سيدة الموقف.
ثانياً: المناطق الحدودية المحاذية للعراق كمحافظة الحسكة ودير الزور ولربما أجزاء من محافظة الرقة ستكون بيد الأتراك يومها الذين سيحتلون هذه المناطق قبل مجيئ السفياني.
ثالثاً: هناك مناطق لا تذكر مطلقاً وعلى وجه التحديد محافظة السويداء التي يغلب عليها الوجود الدرزي، مما يوحي بأنها لا تدخل في الصراع العام، وتبقى في منأى منه، وبالتالي تبقى ضمن إطار حكم الأصهب.
رابعاً: المناطق التي تشكل حاضنة للأصهب، فرايته لا يمكن ان تكون خلية من مناطق ما غيرر هذه المناطق، وحينما يكون هذا الرجل هو المقتول الثاني بيد السفياني، فيعني أن قوته وسيطرته ستكون أكبر من الأبقع، مما يعطينا دليلاً على أن ما سوى هذه المناطق ستكون هي الحاضنة للأصهب، ويؤكد في نفس الوقت أن حواضن الأصهب هي نفسها حواضن السفياني، ويؤكده أن الروايات تشير إلى الأصهب بعنوانه السفياني الثاني، وإلى السفياني الموعود بأنه هو السفياني الثالث، ومن الواضح أن المناطق المتبقية هي المناطق الساحلية لسوريا، فتأمّل.
[1] كمال الدين وتمام النعمة: 651 ب57 ح11.