بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

173: عن المقصود بما جاء في الصلاة على الإمام المهدي صلوات الله عليه من حديث عن ولده وعلاقة ذلك بدجال البصرة

8700طباعة الموضوع 2013-05-16

173: عن المقصود بما جاء في الصلاة على الإمام المهدي صلوات الله عليه من حديث عن ولده وعلاقة ذلك بدجال البصرة

ياسر الربيعي (الفيسبوك): ورد في دعاء أو زيارة الامام الرضا للمهدي عليه السلام عبارة: وعلى الائمة من ولده أو بعده، وأيضا عبارة: من سلالة أوصيائك ما تفسيرها؟ وكيف تتفق مع أفكار دجال البصره؟

الجواب: ورد هذا النص في ما رواه الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد وسلاح المتعبد ضمن صلاة طويلة رواها أبو الحسن الضراب الأصفهاني على أهل البيت صلوات الله عليهم بإدعاء أنها بتوقيع الإمام روحي فداه، وفيها: وصل على وليّك وولاة عهدك والأئمة من ولده ومدّ في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة. [1] ومنه أخذت بقية المصادر، لذلك فهي وردت في موضع واحد، وبالتالي فإنها من أخبار الآحاد.

وقد ورد نصّه أيضاً عن يعقوب بن يوسف الضرّاب الغساني في منصرفه من أصفهان كما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة، قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومائتين وساق الحديث بطوله إلى أن أورد هذا النص في خاتمته.[2]

وفي هذا النص نلاحظ عليه أولاً أنه جاء عن طريق رجل مجهول لا يعرف، مما يخرجه من ناحية الاعتبار سلفاً.

وثانياً: إن هذا الرجل يورد توقيعاً عن الإمام صلوات الله عليه في زمن السفير الثاني محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي، ولم يأت التوقيع عن طريق السفير الثاني رضوان الله عليه، مما يجعل عدم قبوله والتعبّد به أولى، فهو بالإضافة إلى مجهوليته عند علماء الرجال، فإن يورد توقيعاً كانت الشيعة مأمورة أن تأخذ تواقيع الإمام صلوات الله عليه عن طريق سفرائه.

وثالثاً: ولو ابتعدنا عن مسألة التوثيق جدلاً، فإن النص في ظاهره متعارض مع المتسالم عليه  من الأخبار الصحيحة من أن الإمام بأبي وأمي لا عقب له منها ما رواه الحسن بن علي الخزاز قال: دخل علي بن أبي حمزة[3] على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال له: أنت إمام؟ فقال: نعم، فقال له: إني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لا يكون الإمام إلا وله عقب، فقال له: أنسيت يا شيخ أو تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر عليه السلام، إنما قال جعفر عليه السلام: لا يكون الإمام إلا وله ولد، إلّا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليهما السلام، فإنه لا عقب له، فقال: صدقت جعلني الله فداك، هكذا سمعت جدك يقول.[4]

ويؤكده ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام عن أبي الجارود قال: قال لي أبو جعفر عليه السلاما الأمر إلا في أخملنا ذكراً وأحدثنا سنّاً.[5]

ومن الواضح أن خمول الذكر له مصاديق متعددة أبرزها أن لا يكوون له عقب يذكر به، ويبدو لي أن ما ذكره الشيخ النعماني رضوان الله عليه بتعليل خمول الذكر بالغيبة ليس دقيقاً، لوضوح أن الإنسان الغائب لو كان له عقب وعمل يُشار به إليه لما كان منسياً، وما ذهبنا إليه من تفسير ذلك بالعقب ينسجم مع رد الإمام الحسن عليه السلام على معاوية عليه لعائن الله بعد استمام أمر البيعة لمعاوية في الكوفة وخطبة معاوية فيها والتي نال فيها من أمير المؤمنين عليه السلام ومن الإمام الحسن صلوات الله عليه فقال الإمام الحسن: أيها الذاكر علياً .. إلى أن قال: فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرّنا قدماً.[6]

ومن المعلوم أن معاوية أنه كان خامل الذكر من حيث ولده، إذ أن نسله قد انقطع بعد حفيده خالد بن يزيد.

ورابعاً: لو افترضنا جدلاً أن للإمام روحي فداه ولداً على طريقة فرض المحال ليس بمحال، إلا أننا نجد أن مثل هذا الدعاء مخالف لما دأب عليه أئمة الهدى صلوات الله عليهم في الحديث عن أولادهم، ليس من طبيعة الأئمة أن يطلقوا في أدعيتهم مثل هذه الإطلاقات، إذ أن مثل هذا الدعاء يستلزم السلامة العقائدية والتقوائية الشاملة لجميع من ينضوي تحته، ولو قلنا بالتغليب دون التعميم على الجميع، فإنه ولا شك لن يكون كاشفاً عمن لم يخصّهم هذا الدعاء، مما يفسح المجال لإدعاءات عدّة، ولأن تاريخ الأئمة صلوات الله عليهم كشف لنا أن بعضاً من أولادهم كان منحرفاً عن مسيرتهم وهديهم، وليس أدل على ذلك من زيد النار أخو الإمام الرضا عليه السلام، وعين الأمر وجدناه في عم الإمام روحي فداه وابن الإمام الهادي صلوات الله عليه وأعني بذلك جعفر بن علي المعروف بالكذاب، ولذلك فإن مثل هذا الاطلاق سيفسح المجال إما للمدّعين ليتعكّزوا على مثل هذا الدعاء، أو سيضلل الناس في شأنهم، مما يحرفهم عن المسار العقائدي السليم، وهذا ما لا يمكن للأئمة صلوات الله عليهم أن يفعلوه، خاصة وأن تأريخ بقية الأئمة صلوات الله عليهم لا يكشف وجود دعاء من هذا القبيل لأولادهم.

وخامساً: بالرغم من أننا سبق أن فنّدنا قصة وجود أولاد للإمام صلوات الله عليه، لأنه يتنافى مع معطيات الغيبة، فالإمام بأبي وأمي ما غاب إلا لكي لا يكشف له أمراً، ومن يفعل ذلك لا بد من أن لا يترك أي أثر له، والأولاد واحدة من أهم الآثار التي تترك من وراء الرجل، وحيث أن التاريخ الطويل لم يكشف أي أثر لهم، فإن الحديث عن ذلك إما أن يكون منتفياً لانتفاء موضوعه، وإما أن يكون أمر هؤلاء ظل مخفياً عن الناس، ولو قدّر أن أمرهم بقي مخفياً طوال هذه الفترة، فإنهم ولا شك سيبقون خارج إطار احتلال المقامات الربانية المعنية بالمنتظرين، ومع أنه لا يوجد أي نص معتبر يمكن اعتماده في مجال وجود هذه المقامات، إلا أن من البديهي القول بأنه حتى لو كان هناك نص، فأن المنتظرين لا يمكن أن يتعاملوا مع المجهول، إذ أن كل نص، لا بد له من منصوص عليه، وكل منصوص عليه لا بد من توفر مواصفات له شخصية كانت أو موضوعية لكي تكون كاشفة له ومبيّنة لأمره، وحيث أن الروايات الشريفة خلت عن كل ذلك، لذلك فإن الجدل في شأن وجودهم مما لا طائل له.

أما القول بأن مقاماتهم ستأتي من بعد ظهوره بأبي وأمي، فمع خلو الروايات من ذلك اللهم إلا رواية ضعيفة جداً تتناقض مع الكثير من متسالمات الروايات وهي رواية حديث الوصية الذي يرددها دجال البصرة المنحرف المسمى بأحمد بن الحسن، إلا أن القدر المتيقّن والذي يبتنى على الروايات الصحيحة المتعددة فهي ان المقامات الربانية من بعد الإمام المنتظر صلوات الله عليه ستكون لبقية أئمة الهدى عليهم السلام إذ سيرجعون إلى الحياة الدنيا، وأول الأئمة الراجعين هو الإمام الحسين صلوات الله عليه، ليؤدي الدور المهدوي بعد أن منعتهم الظروف الاجتماعية والسياسية التي أحاطت بهم عن اداء هذا الدور.

ولا أدري ما ربط هذه الروايات ـ صحّت أو لم تصح ـ بدعوى دجال البصرة، فلو قلنا بوجود أولاد للإمام صلوات الله عليه فلماذا يظهرون الآن ولم يظهروا قبل ذلك؟!

ولو قيل بأن الإمام صلوات الله عليه قد ظهر، وبالتالي فإن أولاده قد ظهروا أيضاً كما يروّج هؤلاء المنحرفين، فالأسئلة البديهية التي يجب أن يواجه بها هؤلاء أولاً ستتعلق بالتالي: أين هو الإمام الظاهر؟

متى ظهر؟!

من الذي استدلّ على ظهوره؟!

أين أيامه الموعودة؟

أين دولته العادلة؟

أين حروبه الظافرة؟! وعشرات من نظير هذه الأسئلة.

لأن كل ذلك سابق لظهور الأولاد، فأين مقدمات وجودهم لكي نقفز على ما يليها؟

ولو سلّمنا جدلاً بكل ذلك، فما دخل هذا الدجال بكل هذه الأمور؟ فهل أن كل دعي يدّعي الإنتساب إلى الإمام صلوات الله عليه يجب علينا ان نصدّقه؟ وهب أن الرواية الضعيفة التي تسمي ابنه بأنه أحمداً صحّت فما دخل هذا الدجال بذلك؟ وكيف تم حيازة الرواية إليه، فهل كل من اسمه أحمد له حق باستحقاقات هذه الرواية؟ وها هي الدنيا مليئة بالأحمدين فلماذا لا نصدق بغيره إذن؟ مع أن نسبه لا علاقة له بأهل البيت عليهم السلام لا من قريب ولا من بعيد وعائلته وعشيرته معروفة وقد تبرأت عشيرته من دعواه هذه وأنكروه وأنكروها.

ولا يسعني في الأخير إلا أن أشير إلا أن هذا الرجل ليس أكثر من دجال يغرر بعواطف الناس ويستغل جهلهم وعدم معرفتهم بالروايات ومنطقها ومستلزماتها، وهو ليس بأول دجال ولن يكون آخر رجل من هذا النوع وإني لأحسب أنه هو المعني بما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: ويخرج دجال من دجلة البصرة، وليس مني، وهو مقدمة الدجالين كلهم.[7]

أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن وسوء المنقلب.

 

[1] مصباح المتهجد وسلاح المتعبد: 366 الطبعة الحجرية.

[2] غيبة الطوسي: 273ـ 280 ح238

[3] علي بن أبي حم.زة هذا هو البطائني زعيم الواقفة الذين رفضوا إمامة الإمام الرضا عليه السلام.

[4] غيبة الشيخ الطوسي: 224 ح188، ودلائل الإمامة: 435ـ436 ح405.

[5] غيبة النعماني: 339 ب23  ح1.

[6] الإرشاد 2: 15.

[7] التشريف بالمنن في التعريف بالفتن: 249.

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مهدي صالح
العراق
2015-9-28
هل تعتقد سماحتكم ان الظهور قريب أي أنه سيكون في السنوات القليله القادمه ؟
والسلام عليكم
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
31 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :4445
عدد زوار الموقع الكلي: 27020143
كلمات مضيئة
اللهم صل على محمد وال محمد