سليم السعدي (الموقع الخاص): هل اليماني حاكم قبل خروجه أم لا؟ لأننا سمعنا أحد الفضلاء يحاضر في الفترة الأخيرة ويقول بأنه صاحب دولة وحاكم وسيحكم في اليمن، بينما أنتم تنفون ذلك؟ فكيف نحدد المعلومة الدقيقة في هذا الشأن؟.
الجواب: أولاً أنا أؤكد أن أي رواية يمكن الاعتماد عليها في شأن حاكمية اليماني، أو كونه من اليمن، لا وجود لها مطلقاً، ومن يتحدث بخلاف ذلك عليه أن يبرز الدليل العلمي حول هذا الأمر، والدليل هنا لا يخرج عن كونه روايات معتبرة أو ما يفيده منطق الرواية المعتبرة، أما روايات العامة التي تبنى عليها مثل هذه القضايا، أو الراويات الضعيفة التي لا سبيل لتصحيحها أو اعتبارها أو تم العبث بها من قبل الشراح أو المصحفين كما أثبتنا في كتابنا: راية اليماني الموعود أهدى الرايات بشكل واضح يمكن أن يراجع في مضانه،[1] فهي مما لا يمكن أن تكون مورد مرتككزنا في مقبولية الروايات، نعم يمكن لنا أن نتسامح مع الروايات الضعيفة عامية كانت او غيرها في حال وجود ما يقومها من الروايات الصحيحة، وأنا أعود للتأكيد بأنه ما من رواية يمكن الوثوق بها من شأنها أن تدعم رأي هؤلاء، ومنطق الروايات وأعني ما يمكن أن نستفيده من مضمون الرواية وملازماتها وقرائنها وإن لم تتكلم عنه، يقف بالضد تماماً من القول بأن الرجل يخرج من اليمن، ولا شك لدينا بأن أصل الرجل من اليمن، وقد تقدم النقاش في كل ذلك في كتابنا علامات الظهور فراجع.
أما الحديث عن الحاكمية فمعوّله على ما يبدو رواية وردت في مصدر لا يمكن التوثق من صحته مع أنها شديدة الوهن في متنها،[2] فهي تجعل لليماني الموعود ملكاً يستمر لثلاثين سنة ثم يموت وينتقل الحكم لابنه الذي يستمر في الحكم لمدة أربعين سنة ولا يدركان الإمام صلوات الله عليه ولكنهما يعودان بالرجعة، وهو واضح الوهن لأن الروايات قاطعة بأن خروج اليماني يتزامن مع خروج السفياني، وخروج هذا الخبيث في هذه الجزئية بينه وبين ظهور الإمام روحي فداه لا يتجاوز في أعلى التقادير تسعة أشهر، فأين هذا من ذاك؟! بل وإن ما بين انتصار اليماني والخراساني على جيش هذا الخبيث في شمال الحلة وجنوب بغداد وما بين ظهور الإمام صلوات الله عليه لا يكون في أبعد التقادير ازيد من أربعة أشهر، ولك أن تتأمل إذن عن طبيعة المتن الواهنة.
وقد يكون التعويل على كون الرجل صاحب راية، ولا يمكن تصور صاحب راية من دون دولة، وهذا التصوّر خاطئ كما يبدو لي تبعاً لمنطق الروايات الواردة في هذا الشأن، إذ ليس كل صاحب راية هو صاحب دولة، وخصوصاً مع اليماني الموعود، لأننا حينما نتحدث عن أن معركته الوحيدة المعلنة في الروايات الشريفة هي في الكوفة وما بعدها في مواجهة جيش السفياني، ولذلك لا بد من أن نستحضر حقيقة سقوط الحكم العراقي بهجوم السفياني على بغداد وإنهائه للحكم في بغداد، مما يترك العراق دونما دولة، وهو ما يفسح المجال لولادة جيش النصرة والانقاذ اليماني بشكل تلقائي من متبقيات القوات المسلحة العراقية، فضلاً عن القواعد المنتظرة المتأهبة للإنتقام من جرائم السفياني، مما يفسح المجال لتصور كيفية تشكل جيش دونما وجود دولة، ولو كان غير ذلك فإننا يجب أن نتحدث عن صاحب دولة منهزم من السفياني إلى المناطق الوسطى والجنوبية من العراق لكي يقبل إلى الكوفة، وأي حديث عن مواجهة بين السفياني واليماني قبل حدث الكوفة لا وجود له في عالم الروايات، فتأمل!
[1] راية اليماني الموعود أهدى الرايات: 54ـ57.
[2] مختصر إثبات الرجعة، وهو منسوب للفضل بن شاذان المنشور في مجلة تراثنا العدد: 15 ص215 ح16، وقد تقدم حديثنا عن عدم إمكان الوثوق بصدور ذلك عن الفضل بن شاذان لأسباب تحدثنا عنها في الجزء الثاني من علامات الظهور ص302ـ305.