سفينة النجاة (مجموعة حكيميون): هنالك سؤال يدور في أذهان العديد من محبي آل البيت في عراقنا الحبيب.الحكومة العراقية الحالية تعتبر حكومه شيعية جعفرية امامية اثنا عشرية.هل الامام المهدي راض على حكومة المالكي برأيكم؟
الجواب: أولاً لا صحة لكون الحكومة العراقية الحالية هي حكومة شيعية جعفرية إمامية إثنى عشرية كما وصفتم، بل هي حكومة تعمل تحت إطار دستور لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعبّر عنه بأنه دستور الشيعة الإمامية، فالتشيع هو منظومة اعتقادية وسلوكية محددة المعالم، وليس هو مجرد هوية شخصية لمجرد حملها تعني إلتزام صاحبها بهذه المنظومة، صحيح أن في الحكومة ممن ينتسبون للتشيع، ولكن الصحيح الآخر أن أعمالهم لا تعبّر بالضرورة عن إنتمائهم للتشيع، فثمة فارق بين التشيع والمتشيعين، كما أن هناك فرق بين الإسلام والمسلمين.
ثانياً: إن رضى الإمام المنتظر عليه السلام يستحصل في الوقت الذي تكون أعمال الجهة المنظورة مرضية لما يريده الإمام صلوات الله عليه، ولا شك أن رضى الإمام روحي فداه لا يمكن أن يطلق إلا بناء على بر هذه الجهة بالتشيع ومؤسساته وأفكاره وقيمه، ولذلك بعيداً عن هذه الحكومة أو غيرها يمكن أن نلاحظ دوماً المعايير العملية التي تحقق هذا الرضا كما في الأمثلة التالية المستلة من توجيهات الأئمة صلوات الله عليهم:
1: الموقف من المرجعية الدينية، فالمرجعية هي الحجة التي خلّفها علينا الإمام صلوات الله عليه بقوله: هم حجّتي عليكم وأنا حجة الله عليهم، ولذلك فإن رأي المرجعية في أي حكومة سيكون دالاً على هذا الرضى أو عادم له، وسيدخل في ذلك مدة احترام الحكومة للمرجعية من الناحية العملية، ومدى ما يرجع في قراراتها في الأمور المصيرية بشيعة الإمام روحي فداه إليها.
ثانياً: تحقيق العدالة وأداء الأمانة وطبيعة الحرص على أموال المسلمين وعدم البث بها، والسهر على مصالح المسلمين وتأمين أمنهم واستقرارهم وتحقيق الرفاهية العامة لهم بمقدار الممكن المادي والاجتماعي، وينطوي كل ذلك في السياسات الأمنية والاقتصادية والقضائية والقانونية ونظائرها، وأمثال هذه المفردات تمثل أحد الدلائل على هذا الرضا فكلما عملت الحكومة بذلك كلما عرفنا أن الإمام روحي فداه سيرضى، والعكس بالعكس.
ثالثا: الحرص على شيعة أهل البيت في عقائدهم وفي تربيتهم وفي عباداتهم وبقية تكاليفهم الشرعية، وينجر ذلك إلى طبيعة المناهج التربوية والتعليمية التي تعتمدها الحكومة، وطبيعة الموقف من مظاهر الفرح لفرح أهل البيت علهم السلام والحزن لأحزانهم.
رابعاً: الموقف من الظالمين وعدم الركون إليهم، وعدم التحالف معهم، أو تحقيق متطلباتهم وإعانتهم أو تمكينهم في أرض العراق، وذلك ضمن الإطار الذي يحفظ عزّ شيعة الإمام صلوات الله عليه ودينه.
إن هذه المعايير هي التي تصلح كمقياس للتدليل على هذا الرضى أو عدمه، أما الأشخاص وأفعالهم، فلقد أمرنا دوماً ان لا نطلب الحق بالأشخاص، وإنما طولبنا بأن نعرف الأشخاص ونقيمهم من خلال طبيعة التزاماتهم تجاه الحق والالتزام بها.