بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

المعركة فلسطينية ويجب أن تبقى فلسطينية قراءات في استراتيجية الأوضاع في فلسطين [١]

الجمعة ٥ ربيع الثاني ١٤٤٥ الموافق ٢٠/ ١٠/ ٢٠٢٣

919طباعة الموضوع 2023-10-20



المعركة (كل معركة) لها واجهات متعددة، يجب الحرص على أن تتجه خيارات النصر وإمكاناته باتجاهها جميعا وبشكل متوازن، وإغفالها قد يتسبب بمضار فادحة، فقد تربح المعركة عسكريا، وتفشل فيها سياسيا، أو تربحها سياسيا وتفشل بها أمنيا، ما سيؤدي بالفشل إلى أن يعتم على ما ربحته فيها، بل يحوله إلى هزيمة على صعد متعددة تضر ولا تنفع.


إن التفتم أن النتن يا هو كان يحرص ومنذ مدة إلى أن كيانه لا عدو له ولا مشكلة لديه إلا بإيران، وحينما اقتحمت المقاومة الفلسطينية الأسوار وولجت إلى المغتصبات الصهيونية كان هو يركز على أن هؤلاء نتاج إيران وأن رأس الحية هي إيران، وهي التي يجب قطع رأسها وما إلى ذلك مما لا يجد المرء عسرا لو راجع أقواله والبروباغاندا التي يسعى لإيجادها.


إيران من جهتها كانت ولا زالت صريحة بأنها تدعم المقاومة وحديثها لا يخفى على أحد، كما أن المحاور الشيعية جميعا أعلنت دعمها وإسنادها العملي قبل القولي مع المقاومة الفلسطينية.
ولكن مع حرص الصهاينة على إبدال الموضوع الإيراني تارة والشيعي أخرى بدلا من فلسطينية القضية، جهدت المحاور المضادة إلى التركيز على فلسطينية القضية وعدم القبول بتبادل الأدوار ليحلوا هم في مقدمة الحدث، ولربما ذلك يغري البعض كي يقبل بذلك.


ومع دخول المعركة الحالية إلى مضيق حرج نتيجة للفجائع التي ارتكبها الصهاينة بقي المحور الصهيوني وعملاؤه ومن غرر به يسعى للتأكيد على أن ما يجري هو صراع إيران مع الصهاينة، وراحت حادلة الإعلام الصهيوني والمتصهين يدور حول دخول إيران المعركة من خلال الحديث عن خذلان المحور المقاوم لأهل غزة وخداعهم إياهم وتوريطهم بما تم القيام به، فلا إيران أطلقت صواريخها، ولا المقاومة اللبنانية والعراقية والسورية واليمنية قد اقتحموا الأسوار، وبقيت غزة تعاني في كل يوم غصص المجازر وكأنها وحدها كما يبدو في المعركة.


ولا بد للحصيف أن يتأمل الصورة بعيدا عن المناوشات الإعلامية التي قد يتخفى العدو فيها بلباس السلفيين ووطنيي السفارات ليحاولوا تسليط الضوء على ما يريده العدو تماما.
وللتأمل الجاد علينا أن نتساءل عن المصلحة الحقيقية في مدارات المعركة ومساراتها بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهل المطلوب تحويل المعركة لحسابات غير فلسطينية؟ وبالنتيجة ابعاد فلسطين القضية من واجهة الأحداث… ما يعني أن كل ما يجري هو اختراق خارجي لساحة كانت هادئة فلا الصهاينة معتدين ولا أهل فلسطين يريدون تحرير أنفسهم وأرضهم! ولا هم مظلومون، وإنما هو صراع الإيرانيين مع الصهاينة ليتحول الصهيوني إلى حمل وديع، وليتحول المقاوم إلى عميل للخارج الفلسطيني.


أو أن المصلحة الحقيقية إتاحة المجال للعالم أن يستذكر أن قضية غدر بها العالم وكاد ينساها اسمها القضية الفلسطينية المتعلقة بأرض مغتصبة وعدو جاثم وفلسطيني مظلوم وصهيوني يبغي الفساد والإجرام خلافا لكل الأعراف والقوانين، وأن من يسمون أنفسهم بالأمناء على القانون الدولي كانوا هم من مزق هذا القانون وهم من شجعوا حادلة الإجرام واتاحوا لها كل متطلبات القوة كي تأكل وتنهش الجسد الفلسطيني ناهيكم عما تبقى من أرض الفلسطينيين.


ما من شك أن أدنى تأمل ستضع الخيار الثاني والتشبث به هو الأصل الذي يجب أن تتمحور فيه القضية الفلسطينية، فلو تصدت إيران أو غيرها للحرب مع الصهاينة بشكل ميداني سوف يتم سحق القضية وستذهب أرواح الشهداء وظلاماتهم في صخب الآخرين، فسيقال إن المعركة بين الصهاينة وإيران، بينما إذا ما تريث الصف الداعم والمساند لفلسطين ريثما يتم تأكيد أن جريمة هائلة تجري بحق الفلسطينيين شعبا وبلادا، وريثما يتم فضح وتعرية الجبهة المضادة للقضية الفلسطينية وكل المشاريع التي كان لها ملمس الحرير ولكنها كانت تخفي منشار تقطيع فلسطين والفلسطينيين، وأعتقد أن الخيار الفلسطيني حاليا يتمثل بشكر من ساند ودعم ولكن مع المطالبة بأن يسمح للدم الفلسطيني والعرق الفلسطيني أن يعلن للعالم هوية ما يجري وحقيقة ما يجري… صحيح أن ذلك يعني طول المعاناة، ولكن الصحيح الآخر أن المعاناة ستستمر بأفدح مما كان لو ان القضية لبست لباسا غير فلسطيني.


بطبيعة الحال أن الأمر يجب ألا يستمر هكذا، ولكن مثل ما رأينا الفخ الذي وقع به الصهيوني في جنوب لبنان، فمع بعض الجهد الفلسطيني ودخول المقاومة الاسلامية في لبنان تم حبس قطعات كبيرة من الجيش الصهيوني في الجبهة الشمالية في فلسطين وبذا تم تقليص هذا الجيش من ان يكون في جبهة واحدة الى تقسيمه الى جبهتين، ويمكن لتكتيكات اخرى أن تجبر الصهيوني على تشتيت جيشه ومنعه من الاستفراد بغزة، واعتقد ان الحراك اليمني في واحدة من واجهاته يتضمن نفس لغة التشتيت هذه.


وقد ارتكب الصهاينة خطأ استراتيجيا هائلا باعتمادهم سياسة الأرض المحروقة في غزة (سأشير إليه في حديثي اللاحق)

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
13 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :7490
عدد زوار الموقع الكلي: 24923333
كلمات مضيئة
يا فرج الله متى ترانا ونراك؟