يجب على المؤمنين أن يساهِموا في تحقيق الوعد الآخرة الذي تحدّث عنه القرآن الكريم بقوله: ((فَإِذَا جَاء وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُم …)) وهذا الوعدُ هو سنن اللّه في حِراك المجتمع الذي يستحق الإمداد الإلهي ونصره، وهو مؤطَّر بحبلين: (حبل الله) وهو قوانينه الجارية في المجتمعات واستحقاقاتها عنده جلّ وعلا، و(وحبل من الناس) وهو إرادتهم وفعلهم واستحقاقاتها الموضوعية، وهذا الأمر متعلّق بأيِّ مجتمع سيّان المؤمن منه أو الكافر ؛ فحبلُ اللّهِ تارةً يكون لطفًا وإمدادًا ونصرةً ودفاعًا، وتارةً يكون استدراجًا وخسفًا وإهلاكًا حتى في تدابيرهم، ولكن ميزة المؤمنين أنّهم يرجون من الله ما لا يرجى غيرهم، فاللّه وليّهم ولا مولى للكافرين… وعليه فإنّ صناعة (وعد الآخرة) لنا شراكة بها، وعلينا أن نعمل وفق المخطط الإلهي المعلن عنه في سورة الإسراء ((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا))
[سورة الإسراء: ٧].
والعمل لهذا الوعد ومخرجاته يحتاج إلى أمّة تُحسن التسليم للّه والغيرة على عباده، وتعمل على فضح العدو وكشف أكاذيبه من أجل تحقيق مبدأ: إساءة وجوههم وهو كشف النقاب عن أفعاله وتقبيحها وتبصير الناس بحقيقته بحيث يستاءون منهم ويحقرونهم، والعمل على مجاهدة أعداء الله الصهاينة لغرض إعزاز المسجد واستعادته من براثنهم وتخليصه من مخالبهم، ومن ثم مجاهدتهم بطريقة تسحق استكبارهم وتحطّم غرورهم وتنهي مركز اقتدارهم.
وهذا الوعد الربّاني بما أنّه سنّة إلهية ومآل كلّ السنن الإلهية تنتهي إلى السُّنّة العظيمة وهي الوصول بالمستضعفين إلى مجتمع الوارثين، ولذلك من يتخلّف عنها ويتخاذل فإنّ الوعد الإلهي لن يتخلّف، ولهذا ستُطرَد الأمة الخائنة والغادرة والجبانة التي لم تف بما عاهدت عليه اللّه، فيستبدلها اللّه بأمّةٍ مختلفةٍ مطواعةٍ للّه على تحقيق أمره وإعلاءِ كلمته، وهذا مفاد قوله تعالى في سورة التوبة: ((إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [سورة التوبة: ٣٩] وكذا ما جاء في خاتمة سورة محمد صلوات الله عليه وآله: ((وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم))
واعتقد أنّ واحدة من أعظم وأشرف المسؤوليات المناطة بالمؤمنين في عصرنا هذا هي الإسهام في تحقيق الوعد الإلهي والتشرف بأن يكونوا من رجال هذا الوعد ومصاديقه، فكن أخي المؤمن إن حالت بينك وبين المسجد الأقصى المسافات والحدود… من الذين يسوؤون وجوه الصهاينة بفضح أفعالهم وكشف حقائقهم، وناصرًا للقوة التي ستتبِّر ما علوا تتبيراً، وهي القوة التي سيستبدل اللّه بها الأمم الخاذلة والمطبِّعة… ولا حول ولا قوة إلّا باللّه…