بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

١٣٨١: ماهو دور الشيعة في العراق هل يناصرون الامام أم يقفون ضده؟


١٣٨١: ماهو دور الشيعة في العراق هل يناصرون الامام أم يقفون ضده؟

أم زيد العبيدي (الفيسبوك): ماهو دور الشيعة في العراق هل يناصرون الامام أم يقفون ضده وأنا أرى بأن أغلبهم غير متدينين وأغلبهم يقبلون بالحرام اذا لم يأكلونه وكثير منهم فسقة، وهل سيقتل الإمام منهم خلقاً كثيراً أرجو الشرح الوافي لهذه المسألة؟

 

الجواب: بايجاز اسمحوا لي ان اقول ما نراه في الواقع، وما تشير إليه الروايات الشريفة، وما يظهر من قرائن لروايات كثيرة، يختلف تماماً مع ما تشيرون إليه، فالعراق وشعبه هو حاضنة أساسية وجوهرية للمشروع المهدوي، ويكفي أن تلاحظين أن الإمام المنتظر روحي فداه سيتخذ من العراق عاصمة له، ولا ينفك ذلك دون خصيصة مرتبطة بالشعب الذي يستوطن هذه العاصمة، ومن هذه العاصمة ستنطلق جيوش الفتح المهدوي.

والواقع يبرز لنا أن غالبية الشعب متدين في أصوله محافظ في تقاليده، ولا يجوز أن نعمم عليه وجود شرذمة لا ترعوي لدين الله ولا تؤدي حقه، وما أعتقده أن الشعب العراقي يستبطن من عناصر الخير وقيم العدالة والولاء ونكران الذات ما يجعله مؤهلاً كي يكون الحاضنة الاستراتيجية الأساسية لمشروع العدالة العالمي الذي ينادي به الإمام روحي فده، ومن غير الصحيح أخذ صور من حاضره لتعميمها على كل وجوده، فضلاً عن مستقبله، فالشعب العراقي مر بظروف قاسية للغاية لم تمر بأي شعب من الشعوب ورغم قسوتها إلا أنه لم يترك أصالته وقيمه وولاءه، فمن قسوة نظام المجرم صدام التي عمت كل أرجائه وتركت آثاراً عميقة الغور في داخل شخصية الانسان العراقي، وهي قسوة لم تتوقف عند القمع الامني والطغيان بل ربما كانت عملية مسخ هويته الاخلاقية والثقافية والروحية هي أقسى من القمع الامني رغم هوله، وقد جاءت ظروف ما بعد سقوط النظام المجرم بأجواء ضاغطة جديدة، جعلت الكثير من صورته عرضة للشك والخدش، ولعل السبب الرئيس في كل الفوضى الثقافية والسياسية والاجتماعية لما قد يلحظ هنا وهناك وما يتسبب ذلك من صور قد تفضي للرائي للوهلة الاولى بانها موحشة ومظلمة، غير أنها تحكي واقعاً يكمن خلف هذه الصورة تماماً يعبر عن حيوية هذا الشعب وبحثه عن المنقذ بصور مختلفة، وكل ما نراه من مشاكل حقيقتها تعود الى هذه الحيوية، بالرغم من أن بعضاً من تداعياتها سيئة جداً بيد أن دراسة المشاعر والقيم لا تزال تؤكد اخلاص الشعب لاصالته،.

ان قسوة الظروف رغم ضغوطها الشديدة لكنها لا تصلح للقياس لرسم الصورة المستقبلية، لان هذه الظروف عرضة للتغير والتبدل، ومشروع النهضة المهدوية برمته يتحدث عن التغير الجوهري في مثل هذه الظروف، ولدينا مثال عملي يقدمه الشعب العراقي في كل سنة ويبرهن من خلاله أنه عريق في التزامه بقيم الاصالة والولاء، إذ أنك تجدين هذا الشعب الذي عبرتم عنه بما عبرتم عنه في زيارة الاربعين بصورة تجعله من مفاخر الشعوب العالمية، فشرائحه التي قد تبدو متصارعة ومتناقضة في طول السنة لم ترينها تبدي وحدة ولائية متقنة التفاني والاداء والتخادم والتعاون بمجرد أن تدخل في نهر الاربعين ان صح التعبير؟ وفي تصوري السبب بسيط للغاية ويتعلق بطبيعة نقاء الذكرى فالقائد معلوم والمشروع واضح والقيم لا شوب فيها والطريق لا خلاف عليه، ولذلك انصهر الجميع من اول العراق لاخره في وحدة عمل متفانية ومخلصة وتواقة لكل مزيد وبايثار فريد في الروح والمال والاهل لا يمكن ان تجديه في اي مكان في العالم، مما يجعلني اؤكد إن الاضطراب الاجتماعي الذي نراه بكل تداعياته لا يعبر عن الاصالة بقدر ما يعبر عن الاختلاف في القائد والرسالة والطريق والمشروع وبزوال النقاء والقداسة منه اتيح لكل واحد من شعب يتميز بحيويته الفكرية ان يقدر ظرفا يختلف به مع الاخر وينظر الى مصلحة لا يراها غيره وسط مجهود محموم من اعدائه الداخليين والخارجيين لابقاء الصورة مبهمة عليه فتم خلط الاوراق حتى ما عاد ليميز الخائن من الامين والعادل من الظالم والصادق من الكاذب، ولكن دعيني اسأل: ماذا لو سمع هذا الشعب وهو في هدير الاربعين ان قائده الذي انتظره وتطلع الى مشروعه بكل اخلاص سيحل فيما بين ظهرانيه؟ لكي ان تسرحي بتاملاتك قياسا لما ترينه في زيارة الاربعين وهو مرتسم مصغر من الصورة الحقيقية، ولن تصلي الا الى قناعة ان الضوضاء المعاصرة والاضطراب الراهن سيتداعى ويضمحل.

لكن كل ذلك لا يعني ان النفاق سينتهي وان اصحاب الامراض والاغراض سيزولون بل بالعكس سيحاول هؤلاء جهدهم من أجل ان تعود الصورة الى ضبابيتها لانهم لا يتسيدون الا من خلالها، ولهذا تحدثت الروايات عن جهود شيطانية لمن سمته بالشيصباني وجماعته، وكذلك لمن سمتهم بالبترية وهؤلاء سيبدون العداوة للامام روحي فداه مع أنهم قلة، ولكنهم سرعان ما سيضمحلون ويستأصلون، ولن يبقى الا ما تعبر عنه صورة أول صلاة للامام بأبي وأمي في مسجد الكوفة والتي تشير الرواية الى مشهد غاية في الجمال لطبيعة العشق الذي سيتبدى من الملايين التي ستزحف للصلاة، بأن السامع لا يسمع الا البكاء منهم،  وهو بكاء وجد وعشق وولاء، ومن خلال واحدة من الروايات التي تشير الى أن الناس اذا سمعوا الصيحة اشربت قلوهم بحب المهدي عليه السلام ما يمكن أن يعضّد ما أشرت به اليكم.

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
12 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :9187
عدد زوار الموقع الكلي: 24815324
كلمات مضيئة
الإمام الباقر عليه السلام: إنما يعرف القرآن من خوطب به