منال الياسري: مجموعة منتظرات4 عبر برنامج التلكرام.
سماحة الشيخ بعد السلام عليكم ورحمة الله ودعائي لكم بالمزيد من التوفيق والسداد وأن يعينكم على ما نراه من ظلم في حملات التسقيط التي يقوم بها بعض المغرضين.
قبل مدة تحدثتم عن رواية مقتل خمسة عشر كبشا بين الحرمين، والان يتحدث الاعلام العالمي عن ان عدد المشتركين في قتل الخاشقجي هم خمسة عشر، واحتمل الكثيرون ان هؤلاء سيقدمهم محمد بن سلمان للاعدام ليغطي على دوره المباشر في الجريمة، فهل يمكن عندئذ القول بأن هذا يتطابق مع الرواية التي نقلتموها، ومن ثم لنقول ان علامة جديدة من علامات الظهور قد تحققت؟
الجواب:
لدينا رواية تؤكد قتل خمسة عشر كبشاً بين الحرمين، فلقد ورد في قرب الاسناد عن احمد بن ابي نصر البزنطي رضوان الله عليه قول الامام الرضا عليه السلام له: إن قدام هذا الامر علامات، حدث يكون بين الحرمين قلت: ما الحدث؟ قال: عصبة تكون ويقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلا " قرب الاسناد: ٣٧١-٣٧٢ ح١٣٢٦
وروى الشيخ المفيد قدس الله اسراره نفس الرواية ولكن بهذا اللفظ: إن من علامات الفرج حدثا يكون بين المسجدين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب. الارشاد: ٣٧٥-٣٧٦
وروى الشيخ الطوسي اعلى الله مقامه في كتاب الغيبة نفس الخبر بهذا اللفظ قال: إن من علامات الفرج حدثا يكون بين الحرمين، قلت: وأي شئ (يكون) الحدث؟ فقال: عصبية تكون بين الحرمين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا. غيبة الطوسي: ٤٦٨ ح ٤٤٧.
وما نستفيده من الرواية ان رجلاً من النظام الحاكم وليس هو الحاكم ظاهراً يقتل خمسة عشر رجلاً يمثل كل واحد منهم واجهة اجتماعية متقدمة عندهم، لأن الكبش عند العرب يطلق على من له الوجاهة عندهم، وكبش القوم سيدهم ووجيههم، ولا يظهر من الرواية تابعية هؤلاء هل هم من آل فلان او من غيرهم، كما لا يظهر سبب وجاهتهم، هل هي ذاتية كأن يكونوا من العائلة الحاكمة المكنى عنها بآل فلان، وإن كان وصفهم بانهم من العرب ربما يوحي بكونهم من أنساب متعددة، او انها من داخل النظام الحاكم وان لم ينتموا اليهم وتكون وجاهتهم كونهم من مسؤولي النظام، او انهم اصبحوا مشاهير بسبب الحدث الذي يقع والذي يوصف بالعصبية.
وتعلل الرواية عملية القتل بانها ناجمة من عصبية، و لاتفصح الرواية عن سبب العصبية هذه، غير اننا يمكن ان نرى في فلان هذا الذي يقتل انه طرف هذه العصبية، والعصبية تطلق على الأمر الشديد، او على الفتنة الشديدة العمياء التي لا يجدون لها حلاً، ولهذا يمكن القول بان فلانا هذا يواجه أمراً عصيبا وصعباً فيبتدر لقتل هذه الاكباش في إطار عمله للتخلص من هذا الأمر الشديد.
أما حديث الرواية عن الحرمين او المسجدين، فالظاهر ان المراد به الحرم المكي والحرم النبوي، وهو عينه في المسجدين، والمنطقة المتصورة بينهما في التقريب المعاصر ربما تكون جدة، خاصة وان جدة اتخذت ومنذ مدة بعنوانها عاصمة ثانية في بلاد الحجاز، ولهذا فإن المراد بآل فلان هم الاسرة الحاكمة في الحجاز.
هذا هو الذي يمكننا ان نستفيده من الفاظ الرواية ومحتواها. اما مسألة تطبيق الرواية على ما يجري فعلا في حدث الخاشقجي، فان من المبكر الحكم في هذا المجال، ومع ان العملية وضعت نظام آل سعود في اسوء وضع يجد نفسه فيه طوال مدة حكمه، بالشكل الذي يمكن ان يشار فيه الى كونهم يعيشون هذه العصبية، خاصة من جهة محمد بن سلمان الذي يمكن القول بأنه نفذ أغبى عملية ضد خصومه وترك كل دلائل جريمته مطروحة امام انظار العالم حتى ان اكثر حلفائه واعنى ترامب لا يجد في نفسه قدرة على تلافي نتائج الغباء العارم الذي وسم هذه العملية، ومع انه هو الذي طرح فكرة محاكمة المسؤولين الخمسة عشر، غير ان العالم الان يوجه اللائمة والمسؤولية مباشرة الى محمد بن سلمان نفسه، ويريد منه ان يتنحى بل ويحاكم، وقد يفسر هذا لصالح كلمة العصبية التي طرحتها الرواية، الا ان الحديث عن وقوع القتل بين الحرمين لا ينسجم كثيراً مع ذلك وان لم يتناقض معه، نعم الضائقة التي يجد ابن سلمان نفسه فيها قد تدفعه لتجاوز المتهمين الخمسة عشر والذين ازدادوا باضافة مسؤوليهم في الرياض، للتعامل مع البدائل الموجودين في داخل العائلة الحاكمة، فالضغوط التي يعاني منها ابن سلمان من العائلة ليست جديدة، ولاشك انها تضاعفت كثيرا خلال هذا الحدث، مما قد يوجد ساحة فتك جديدة تتجاوز المتهمين بارتكاب حادث قنصلية اسطنبول لنفس امراء العائلة وأكباشها، وعليه اجد ان الصورة لما تكتمل بعد للحكم على التطابق بين الرواية وواقعنا، وان كانت بعض الفصول قد توحي بالتطابق، الا ان الأمر في تصوري فيه تداعيات اكبر من مسالة اعدام عصابة قنصلية اسطنبول والذين تجاوزت اعدادهم عن العشرين مسؤولاً، جعل الله بأسهم بينهم وأرانا فيهم ذلاً لا عزّ بعده، وعاراً لا ستر يغطيه.