اخواني الاحبة شاء الله ان يبتلى الناس بالمؤمن ويبتلى بهم، حتى ورد في بعض الروايات ان المؤمن يتمنى الموت من شدة ضغط البلاء على دينه وتقواه، وهذا النوع من البلاء موضوع لاختبارات الايمان ومصداقية القلوب في تعاملها مع الله تعالى.
وفي تقييمي للمرحلة القادمة ان هذا النوع من البلاء سيشتد ضغطه وتتعدد الوانه واتجاهاته، فتارة ياتي به عدو واخرى ياتي به من ليس بعدو ولكن قد تتغلب نوازعه النفسية على بصيرته ويساعده الفتانون على ان ينمو عنده دافع العزة بالجهل الذي يقدم عليه ليتشبث به ويحوله الى موضوع يفتتن الناس به بين مؤيد ومعارض، ومع انهم في الغالب لا ناقة لهم به ولا جمل، الا ان الفتانون يوحون لهم ان الناقة والجمل قد تركز وجودهما في هذه الفتنة.
ومن الواضح ان افضل سلاح ضد ذلك هو الصبر والتحمل وعدم الاستعجال حتى يستبين الصبح لذي عينين، لان التقحم وعدم التروي قد يكون هو المحطة الاساسية في الانتقال الى خط سوء العاقبة، خاصة واننا في الغالب لا نسمع من المستهدف بالفتنة وانما نسمع عنه، وقد يكون مكذوبا عليه ومظلوماً فيما ينسبونه له، وفي الغالب تتناقل الناس الاخبار والاشاعات وهم لا يعرفون من الذي اطلقها وما هي مصداقيته.
وحري بالمؤمن الحريص على تدينه والجاد في مسعاه لضمان حسن العاقبة ان يكثر من التروي ويجتهد في التثبت، فما اكثر النزاعات التي تحتدم وتتطور بناء على سبب هو اتفه من التافه، او بناء على كذبة روجتها احقاد شخصية او ازمات نفسية او بناء على اشتباه في التقييم.
تذكروا دوما قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا.
وتحرزوا من الغيبة والنميمة في كل وقت لا سيما في مثل هذه الاوقات التي تبتهج فيها قلوب الشياطين وتتقرح فيها قلوب الملائكة.
تمعنوا كثيراً في قول الامام الصادق صلوات الله عليه: من غش اخاه المؤمن وحقّره وناواه جعل الله النار مأواه، وسائلوا انفسكم دوما خشية ان تكونوا وقعتم في المحذور الذي ينبه عليه الامام الصادق سلام الله عليه
وتسلحوا كثيراً بهذه المقولة الربانية التي اعرب عنها صادق ال محمد صلوات الله عليه والتي يجب ان تكون النبراس الحقيقي للمؤمن، قال عليه السلام: ينبغي للمؤمن ان يكون فيه ثماني خصال:
وقورا عند الهزاهز
صبورا عند البلاء
شكورا عند الرخاء
قانعا بما رزقه الله
لا يظلم الاعداء
ولا يتحامل للاصدقاء
بدنه منه في تعب
والناس منه في راحة
الكافي ٢: ٤٧ ح١ باب خصال المؤمن
نسأل الله ان يقينا واياكم شرور انفسنا وغوائل صدورنا وعصمنا الله واياكم من مضلات الفتن ونوائب الزمن ورزقنا الصبر على البلاء وتحمل اذى الاخوان والبر بهم والعفو عن اساءتهم والتغاضي عن عيوبهم والانشغال بما يقربنا من امام زماننا صلوات الله عليه
جلال الدين الصغير