أبو حسين ـ الكاظمية (الموقع الخاص): إن مؤتمر جنيف2 فشل كما أشرتم سابقاً وتوقعتم، والآن نرى ذلك الفشل، ونتيجة لهذا الفشل قام الأمريكان والغرب وحلفائهم الأعراب بتحشيد الاف المرتزقة ودعمهم باسلحة متطورة في الاردن وتحديدا درعا حتى وصل بهم الأمر إلى تبليط شارع داخل الأراضي السورية، لأنه يبدو أن المنطقة وعرة، أقول: هل هذا تمهيد لدخول السفياني اللعين، لأنني سبق وأن سالتك شيخنا لربما يستعينون بالجيش الأردني، وهو ذات تدريب عالي، وهل أن هذا التدخل الغربي الامريكي سيؤدي إلى هرج الروم؟
الجواب: لم أعرب قبل ما يزيد على تسعة أشهر عبثاً عن فشل مؤتمر جنيف 2، ولم استغرب حينما فشل أو بدت نتائجه المعلنة تبرز ذلك، وإنما أجد أن هذا الفشل مشار إليه وفق خريطة العلامات الزمانية والمكانية بشكل دقيق، ولكن النتيجة المتوخاة لحركة السجال الأمني والسياسي الدائر في سوريا ستعزز من فرص توحيد المقاتلين ضد النظام لتصفو الأمور ما بين رايتين أساسيتين، وحركة السفياني تأتي من بعد ذلك، وتحديداً حينما تفقد الراية السنية قدراتها التكتيكية والاستراتيجية في حسم الأمور، عندئذ تحل الأطروحة السفيانية، وهي ما يتم التحدّث عنه في أكثر من صعيد إن في الكواليس بين الدول او في طروحات بعض المعنيين في الملف السوري، وهذه الأطروحة مبنية على عدة محاور، الأول منها مقولة ضرورة الحفاظ على المؤسسة العسكرية السورية، وهذه الضرورة باتت مورداً أساسياً في كل حل مطروح، لأن تفكيك هذه المؤسسة ستعني النزوع الأسرع نحو مزيد من الحرب الداخلية، والثاني أن من يتولى الحفاظ على هذه المؤسسة يجب ان يكون قادراً على إدارتها بشكل عملي، مما يعني حكماً أن البديل يجب أن يأتي من داخل رحم هذه المؤسسة أو هو من القوة المعنوية لديها بحيث يجد من القيادات ما يكفيه لتحقيق الولاء السياسي في رأس حربة هذه المؤسسة، وهذا ما تؤكده الروايات المتحدثة عن أن السفياني يأتي إلى سوريا ويستقبل من قبل قيادات عسكرية ميدانية ناشطة "في يده لواء معقود"، وهذا حكماً يجعله من خارج دائرة الراية السنية التي تفتقد مثل هذه القدرة في داخل المؤسسة العسكرية، والثالثة أن تكون له الهيبة والمراس بحيث يقضي على كل الحركات الإرهابية أو التي تصنّف ضمن هذا التصنيف، بمعزل عن هوية الإرهاب بالنسبة لحركة التغيير السفيانية، وهذا أيضاً تؤكده معطيات اليوم مع ما تؤكده الروايات التي تشير إلى أنه حينما ينطلق يسير الرعب بين يديه مسافة ثلاثون ميلاً، وهذه الأطروحة تجعل الحديث عن بديل ثالث عن الرايتين المتصارعتين، يحفظ ماء وجه المتصارعين الدوليين، ويقلل خسائر البعض، بصورة لا يبدو أحداً وكأنه قد مورست معه سياسة كسر العظم، بالرغم من أن الراية السنية هي أولى ضحايا عملية التغيير وفق هذا السيناريو، وفي معتقدي أن غالبية المتصارعين سيصل إلى هذه القناعة ولو تم فإن رؤية بقية التفاصيل وكيفية ملأ ما بين الفراغات تبقى مجرد شكليات سياسية.
وعليه فإن موضوع السفياني يبقى كما حددته الرويات الشريفة سوري الموطن ولا علاقة للإردن من قريب ومن بعيد في موضوعه اللهم إلا أن تكون بوابة نفوذ السفياني منحصرة فيه كما بيّنا في كتابنا علامات الظهور، ويتأكد هذا الموضوع لمن يفهم حقائق الوضع الأمني في الأردن، والتي لا تتعدى عن كونها حلقة الدفاع الشرقية بالنسبة لإسرائيل، ولن يتمكن الجيش الأردني من لعب أكثر من هذا الدور، فلا وضعه التعبوي ولا التسويقي ولا بنيته الديموغرافية قادرة على أن تلعب أي دور اقليمي أمني كبير يتجاوز الحدود.
أما موضوع هرج الروم فكل الأحداث متجهة لكي تكون طرفاً من أطراف كرة الثلج التي لا أشك أنها تتدحرج منذ مدة لكي توقع بالنهاية بين الروم أنفسهم، وما من شك أن الموضوع السوري هو أحد المواضيع التي أكدت انتهاء استمرار منظومة القطبية العالمية الواحدة التي كانت امريكا تستفرد بها، وأعادت منظومة القطبية المتعددة مرة أخرى لموازنات الأمن الدولي، ولكن لا اعتقد أن الموضوع السوري سيكون هو العنصر الوحيد في توجيه الأمور نحو الصدام المحتوم بين الدول الرومية غربية كانت أو شرقية، ولكن الموضوع السوري أظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن الروس قادرون على لعب دور المشاكسة والممانعة ضد الأمريكان، وعلينا ان ننتظر ردة الفعل الأمريكي تجاه الخطوات الروسية التي اتخذت في هذا المجال، واغلب الظن أننا يجب أن ننتظر احتكاكات أمنية واقتصادية متعددة سيكون محورها التجاذب في شأن ما ستستعيده روسيا من هيمنة على أطراف حلف وارسو القديم لا سيما تلك التي كانت في إطار الأمبراطورية الروسية القيصرية، وبين السعي الأمريكي للحيلولة دون هذا التمدد الروسي وهو الذي سيلعب بمعية الأزمة الاقتصادية المعاصرة الدور الحاضن لهذا الهرج.