علي الجعفري (الموقع الخاص): من هم أصحاب الجباه السمر؟ ومن هو الذي سيقول للإمام عليه السلام: ارجع يا بن فاطمة
السؤال: لماذا الإمام المهدي عليه السلام يقتل جمع كثير من أهل الجباه السمر في كوفان العراق؟ أليس أهل الكوفة من الموالين له؟ هذا أولاً، وثانياً: المعروف بالأوساط الشيعية من زمن بعيد جدا وإلى اليوم من أن مراجع الدين الشيعة هم وكلاء الإمام المهدي ونوابه في أمور كثيرة وخصوصاً الأمور الحسبية، طيب: كلنا نعرف أنّ الثلاثمائة والثلاثة عشر من أنصار الإمام المهدي هم من الخلص، فلماذا لا يكون مراجع الدين منهم؟
وهم الآن كما أعتقد أكثر من هذا العدد.. أليسوا هم أولى بالمهديّ من غيرهم؟ وهل تذكر لنا الروايات من أنّهم يناصرون الإمام المهدي ويموتوا قدّامه؟ أم يكونوا ضده؟ ومن هم الذين يقولوا له: ارجع يابن فاطمة؟ أهم عوام الناس؟ أم المتصدّين، ومن هم عليّة القوام؟
الجواب: مصطلح الجباه السمر أو الجباه السود وما إلى ذلك مصطلح يراد به المكثرين من السجود، لأنّ السجود ولصق الجبهة بالأرض أو بما يعوّض عنها يؤدي إلى هذا الاسمرار أو الاسوداد، ولأننا نعرف أن الإكثار من السجود يمكن أن يفعله المؤمن والمنافق على حدّ سواء، كما سبق للخوارج أن كانوا على هذه الشاكلة لذلك فإنّ الوصف لا يتعلق بالمؤمنين حتماً، نعم يمكن أن يبدر ممن نحسبه مؤمناً ولكنه يسقط في الفتنة، وما أكثر ما يوجد مثيلاً لهؤلاء في التاريخ.
على أن هؤلاء وإن كانوا سيقاتلون الإمام بأبي وأمي في داخل الكوفة، إلّا أنّ من الواضح أنّ هؤلاء يمثلون كياناً لا يقتصر على الكوفة، وإنّما يمكن أن يرد من كلّ الأماكن ولكنه يتجمّع هناك، وكون الناس في ظاهرهم من المتشيعة لا يمنع من حالة الانحراف أن تتسرب إليهم، فكما أسلفنا فالخوارج كانوا في جيش الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وقاتلوا معه في صفين وقسم منهم قاتل معه في الجمل أيضاً، ولكن حسن العاقبة وسوء العاقبة مرتبط بالقلوب والبصائر وليس بالأفعال الظاهرة، وأنت تعرف أنّ واقعنا المعاصر فضلاً عن تاريخنا حافل بأمثال هؤلاء، ولا يمنع تواجدهم في أيّ محافظة ومنطقة كانت، فالمناطق لا تعطي صفة لقلب الإنسان ولا هوية لإيمانه. هذا أولاً.
وأمّا فيما يتعلق بسؤالكم عن المراجع وعلاقتهم بأصحاب الإمام صلوات الله عليه الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن الواضح أنّ هؤلاء الأصحاب على جلالة قدرهم ليسوا بالضرورة هم كلّ أصحاب الإمام روحي فداه، بل هم المكلّفين بالتواجد مع الإمام صلوات الله عليه حال خروجه وإعلانه عن ثورته لأغراض حمايته والذود عنه والحفاظ عليه، وتنفيذ مخطط طرد القوى الظالمة من مكّة المكرمة وإدارة حشود النصرة التي ستلتحق بالإمام صلوات الله عليه بعد إعلان ثورته المباركة، ومن الواضح أنّ لحظة الخروج لا يوجد فيها مهامّ الدولة، وإنّما هي فضلاً عن كونها حركة رسالية، فإنّها حركة عسكرية وسياسية وأمنية مثلها مثل أيّ حركة سياسية وعسكرية أخرى في العالم، وحينما نقول إنّها حركة أمنية وعسكرية فإنها تحتاج إلى نمط من الرجال الذين يتصفون بحالة عالية من نكران الذات والقدرة القتالية الخاصة والخبرة في الميدان الذي سيعملون ضمنه، ولكن كونها حركة سياسية فإنّ امتداداتها وفعلها لن ينحصر في مكان خروج الإمام روحي فداه، وهذا لا يعني أنّ المراجع سيشاركون أو لا يشاركون فنحن لا نمتلك دليلاً على أيّ منهما، ولكن القدر المتيقن أنّ غالبيتهم لن يشتركوا في تلك اللحظات العظيمة بسبب عدم تمتعهم بالقدرات الفنية الخاصة التي تفي بمهام عملية خروج الإمام صلوات الله عليه كالقدرة القتالية والقدرة الجسمية القادرة على تحمل التعب والمشاق والمعهودة في عمليات من هذا القبيل، وكلّ ذلك لا يعني التقليل من شأنهم وقربهم من الإمام روحي فداه، ويكفي أن الأصحاب الثلاثمائة والثلاثة عشر لن يكونوا من رجال الهدى إن لم يكونوا من متبعي مراجع الهدى قبل ظهور الإمام روحي فداه، لأنّ المرجعية مقام جاء بتكليف من الإمام بأبي وأمي لشيعته في عهد الغيبة الكبرى.
وأمّا من سيقول للإمام روحي وأرواح العالمين له الفدا: ارجع يابن فاطمة؟ فإنّ نفس القول كاشف عن أن المتصدّين لذلك هم مجموعة من المنحرفين الذين تطلق عليهم الروايات صفة البترية وهم الذين ينزلون أهل البيت عليهم السلام أو أعداءهم في الموضع الذي لا يرتضيه الله سبحانه وتعالى، أيّ أنّهم من الذين يعرفون الحقّ ولكنهم يبترون جزءاً منه، ولا يتبرؤون من الباطل، كما كان البترية في عهد الأئمة عليهم السلام فلقد كانوا يدّعون الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام ولكنهم يقولون بولاية عدوه أيضاً، والآن ما عاد خفياً وجود مثل هذه الاتجاهات ووجود من يحميها ويموّلها ويدافع عنها.