مازن (تعليقات الموقع الخاص): لقد تطرقتم الى الضربة النووية وقد أكدتم على أن تكون في حرستا ويقتل فيها ١٠٠٠٠٠ ألف، والآن تتكلمون عن قتل عدد يسير، وقد سلّمنا بمبالغة الرواية والآن بدء التحشيد للقتال في سوريا مع بشار .. وقد تطرق جنابكم الكريم في محاضرات سابقة على أن نلتحق بجيش اليماني فما تعليق جنابكم؟ مع العلم ان الذين ذهبوا للدفاع عن مولاتي زينب عليه السلام قاموا بقتال النواصب في القصير أي نصروا بشاراً، ارجو ايضاح الامر لمتابعيكم لأن الأمر اختلط علينا.
الجواب: بالنسبة لموضوع العدد فقد أوضحت في الجواب رقم 205 بما فيه الكفاية، والرواية لا مبالغة فيها حتى تسلّمون بذلك، وإنما الأمر بالطريقة التي اشرت إليها في غير مرة، وهناك خلط بين الضربة النووية وبين الخسف في حرستا، فالخسف لاحق للضربة ، كما هو واضح من الرواية الشريفة.
أما الحديث عن القتال في سوريا، فواهم جداً من يتصوّر أن المعركة الجارية هناك هي معركة مع بشار الأسد أو من اجل بشار الأسد، بل هي أكبر من ذلك بكثير، فهي تتجاوز الأشخاص والأنظمة إلى الإرادات الاستراتيجية الكبرى في كل المنطقة بما فيها العراق، ولو نظرنا إلى الأمر من أكثر من زاوية، فسنجد أن دعم الموقف الذي تقفه سوريا اليوم هو من أولى الأولويات المعاصرة.
فلو نظرنا إلى الأمر من زاوية الحرب على الإرهاب الذي نعاني منه في العراق أشد المعاناة، فإن تدعيم الجبهة السورية ضد الإرهاب التكفيري سيكون واحداً من الأولويات الحاسمة بالنسبة لمن يهمه أمر الحرب على القاعدة في العراق، فالذين يقاتلون هناك هم تكفيريوا الدنيا وأقذر وحوش الأرض، وقد أعلنوا مراراً وتكراراً أن جولتهم القادمة ستكون في العراق لو انتهوا من سوريا، وفي وقت نعرف أن غالبية قياداتهم المعاصرة سبق لها أن قاتلت في العراق، وسبق لقيادتهم الدينية أن أعلنت صراحة حقدهم على كل شيء يتعلق بأوضاعنا في العراق، مما يعني أن انتظارهم لكي يتمّوا أعمالهم هناك، ومن ثم ليتفرغوا لنا سيكون انتظار الحمقى والبلهاء في معركة هي معركة استئصال ومعركة وجود، ومن يعلن بأننا غير معنيين بما يجري هناك، سيكون كالنعامة التي تخفي رأسها حينما ترى العدو، لا بل ستكون النعامة في حال أفضل لأنها حينما تخفي رأسها تريد أن تشبّه نفسها بأنها مجرد شجرة.
ومن الناحية المذهبية بحته، فإن حماية مراقدنا المقدسة هناك واخوتنا من شيعة أهل البيت عليهم السلام، لا يمكن أن تتحقق بمجرد الوقوف لحماية أسوار الصحن الشريف للسيدة الطاهرة عليها السلام، لأن هذا النمط من الحماية من الناحية الأمنية هو نمط شكلي، والحماية الحقيقية هي العمل على منع المخاطر وهي بعيدة، ولا توجد في منطقة في سوريا يحارب بها الإرهاب التكفيري لا علاقة لها بحماية السيدة صلوات الله عليها، بل كل مكان يجب أن يجفف من هؤلاء، لأنهم كالسرطان إن بقي سيستفحل، ولا هم له إلا الوصول إلى مقدساتنا وما جرى في دير الزور من ذبح على الهوية لإخواننا في قرية طحلة شاهد على أن معركة هؤلاء هي ضدنا قبل أن تكون أي شيء آخر.
وعليه فإن القتال ضد النواصب لا حد له ولا مكان له، طالما هم مارسوا قتلنا في كل الأماكن، وأعلنوا بملء الفم وبصراخ عمّ الأسماع أن حربهم الأساسية ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام دون استثناء، فبقروا بطون النساء، وذبحّوا الرجال الكبار والشباب، وقطّعوا الأوصال، واغتصبوا الأعراص المحرمة، وانتهشوا الطفولة البريئة، وهدّموا دور العبادة والمقامات المقدّسة، ولم يدعو للشيعة محفلاً استطاعوا تفجيره ولم يفعلوا، سيّان في ذلك الأعراس والمآتم، الحسينيات والجوامع، المدارس والأسواق، الملاعب والمقاهي، الأفراد والجماعات، وما جرى في مصر وفي لبنان وفي سوريا وفي الباكستان وفي البحرين وفي افغانستان وفي إيران والكثير من المناطق فضلاً عن العراق كله يحكي عن واقع أنهم يخوضون ضدنا معركة استئصال لا حدود لها، ولا معنى والوضع هذا أن نقف موقف المتفرجين الذين ينتظرون أن يأتيهم الذبّاح كي يذبحهم، فلسنا خراف العيد التي تنتظر العيد لكي يُضحّى بها، بل نحن أبناء هيهات منا الذلة، ونحن أبناء من لا يبالون أوقعوا على الموت أو وقع الموت عليهم، وهيهات أن نعطي الدنية لديننا ولعقيدتنا ومذهبنا ولوطننا.
وها أنتم ترونهم لا يقاتلوننا فقط، وإنما عمّوا بقتالهم الكثير من أبناء السنة، وما رأيناه من أكل جزارهم لقطعة من كبد أو قلب الجندي السوري السني تعبير عن طبيعة هؤلاء، وما نراه من قتال في مصر، وما سبق أن رأيناهم يفعلونه في العراق، يؤكد هوية هؤلاء الجزّارين وآكلي لحوم البشر، ولهذا فمن الناحية الوطنية أيضاً يجب النزوع إلى استئصال شأفة هؤلاء، فهم سرطان العدو في جسم الأمة ويجب استئصاله لكي نصل إلى العدو الحقيقي الذي عاث بنا وبأمتنا كل فساد وبغي وشر.
ومن الناحية الإستراتيجية فإن الأمر هو الآخر يحتم علينا الوقوف بلا مبالاة بل وبمسؤولية كبرى، فالمعركة الجارية هي لكسر إرادة التشيع السياسية، وسوريا هي الواجهة، ولكن العمق في القضية هي أنها تستهدف كل الإرادة السياسية الشيعية، ونحن معنيون شئنا أم أبينا، نعم هناك تكتيكات متعددة للخوض في هذا الأمر، ولكن حذار من تصور المعركة بحجم وجود هذا الرئيس أو ذاك فالمعركة أكبر وأعظم بكثير من كل ذلك.
أما موضوع العبد الصالح اليماني الموعود والقتال معه، ففيه جانبان، الجانب الأول هو في كيفية الإستعداد للقتال مع الإمام صلوات الله عليه وأصحابه الصالحين ممهدين كانوا أو منتدبين من بعد الظهور الشريف، ولا يحسب الأخوة أن مجرد تعلّم السلاح هو الاستعداد المطلوب، فالإستعداد يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير، فلقد سبق أن شاهدنا الكثيرين ممن يجيدون استخدام السلاح، ولكنهم حين الدخول في المعارك الجدية لا يتحملون ويهربون، أو لا يجدون في انفسهم ذلك العنصر المعنوي الذي يبقيهم في مواقع الجلد والصبر والثبات.
وفي تصوري أن أدنى درجات الإستعداد هي المشاركة في معركة حقيقية يكون فيها الإنسان قريباً من الخطر، وملامساً للتحدي، ومواجهاً للعدو بشكل مباشر، لأنه في مثل هذه الظروف يعرف بشكل جاد طبيعة استعدادته وحقيقة شجاعته من غيرها، فيصلّح من بعد ذلك ما يجب أن يصلّح في شخصيته وقلبه، ويقوّي ما يجب أن يتقوّى أكثر من ذلك في نفسه، ويحافظ على عناصر صبره وجلده وثباته، فلئن توفّر هذا الأمر في داخل الأجهزة الأمنية العراقية في معاركها ضد الإرهاب فهو مطلوب جداً، وإلا يمكن استغلال المعارك الأخرى الجارية في أماكن عديدة ضد هؤلاء الكفرة، وبطبيعة الحال كل ذلك يجب أن يجري ضمن الضوابط الشرعية الخاصة في مثل هذه المواضيع.
أما الجانب الثاني من الموضوع، فإن تكليفنا هو العمل بالتكليفات العامة، فإن أدركنا هذا العبد الصالح وأيامه المباركة كان تكليفنا هو العمل معه ونصرته، وإن لم ندرك ذلك فيكفينا اننا نحقق في ذواتنا درجة الإستعداد الموضوعية للنصرة المطلوبة، ولو فعلنا ذلك أدركنا الحظوة في نصرة إمامنا صلوات الله عليه سواء كانت أيامنا هي أيامه، أو أننا ارتحلنا إلى بارئنا قبل حلول هذه الأيام المشرقة بالأنوار الإلهية، فالعمر أمره بيد المولى جلّ وعزّ ولكن التكليف والعمل بواجبات الولاء أمره بأيدينا، رزقنا الله وإياكم إدراك تلك الأيام المباركة وجعلنا وإياكم ممن يحظى بخدمة خدّام الإمام صلوات الله عليه وأعوانه.