أم محمد ـ لبنان (الموقع الخاص): هل توجد شخصية الآن في الخارج مرجح أن تكون السفياني الملعون يعدّها الغربيون لتولّي الحكم، فالشخصيات المنشقّة أو المبعدة والمطرودة لا تشبه المواصفات الواردة عن السفياني كالقبح وما الى ذلك، علماً أننا نعرف أنكم تفضلون عدم الإسقاط المباشر للشخصيات على الواقع الحالي، ولكن نرجو الإيحاء أو التوضيح ولو بشيء يسير بما ينورنا للعلامات الخاصة.
الجواب: لا زال موقفنا كما في البداية هو عدم النزوع للإسقاط المباشر على الشخصيات ولن نحيد عنه ما لم نقطع يقيناً بما يؤذن بعملية الإسقاط هذه، ولكننا سنستمر في منهج التقريب بين الواقع الذي نحياه وما نعايشه من أحداث، وبين الروايات الواردة في مجالها، ولو أردنا فعل ذلك فيما يتعلق بسؤالك، فمن الواضح أن الروايات تتحدث عن أن السفياني إنما يأتي بعد صراع محتدم بين الأبقع والأصهب وهذا الصراع يؤدي إلى خراب الشام، ويمتد إلى غالبية الديار الشامية، وأشد احتدامه على ما يبدو من بعد الخسف الذي سيطال دمشق، وحينما يأتي مؤيداً من قبل ما يتبقى من الغرب[1] أو متحالفاً معهم، أو عبر قطارهم، فإنه يأتي وأول من يبايعه مسؤولون في المؤسسة العسكرية، ثم يبتدأ صراعه مع الرايتين، ويبدو ان أول ما سيبتدأ به هو الأبقع وأنصاره فيعمل على تصفيتهم، بعد أن يدبّ الصراع والتفتت والجوع في أوصال وأشتات هذا الأبقع، ثم يتولى أمر الأصهب فيصفّيه، ومن ثم ستستوي له البلاد الشامية بعد أن يضم لسيطرة الشام الكور الخمسة التي تخرج من ربقة السيطرة الشامية، ليبتدأ من بعد ذلك حكم الشام، وقد شخّصنا في أبحاثنا الروائية أن هذا الرجل لن يكون ناصبياً في بداية أمره، بل سيكون هو اللعنة الكبرى التي تصبّ على النواصب في سوريا والعراق قبل أن تبدأ مشكلته مع الشيعة في بغداد، هذه صورة هذا الرجل التي تقدمها لنا الروايات، ولا تتحدث الروايات عن شكل قبيح له كما وصفتم بل وجه فيه دلالات محددة قسم منها كنائية لتوصيف خبثه، وقسم منها ربما تكون جسمية.
وما نستظهره من مجموع هذه الروايات، أن الغرب وحلفائه سيكون له حليف مدعوم بقوة قبل خروج السفياني، ولكن هذا الحليف يفشل في تحقيق أغراض الغرب وحلفائه في الشام، فيتم التفكير ببديل له، وبناءً على المواصفات أعلاه فإن هذا الحليف الذي سيفشل، لا بد وأن يكون من النواصب أو حاضناً لهم، وذلك بدلالة أن السفياني سيكون شديداً على هؤلاء حال إقباله، ولأن الفشل سيسم حركة الحليف الأول، فإن الإنشقاق الطائفي سوريا سيؤدي إلى التفكير الجاد بعدم السماح بالإنجرار لحرب أهلية في الشام، ومقتضيات ذلك سيتمثل بضرورة حفظ المؤسسة العسكرية، ولأن الطرف المناهض لحليف الغرب الأول سيكون مكروهاً وغير مقبولاً به من قبل الغرب، لأنه أفشل خططهم وسفّه احلامهم، مما سيجعل البديل المرتقب إما ذو دلالة في هذه المؤسسة بحيث أنها تحترمه وتطيعه مباشرة، والروايات تؤكد هذا الجانب خاصة في جانب أن يستقبله من بيده لواء معقود وهي إشارة واضحة إلى أحد أقطاب هذه المؤسسة، وأن يكون هذا اللواء معقوداً أي أن من يحمل هذا اللواء هو شخصية تنفيذية فاعلة في هذه المؤسسة، أو أن هذه المؤسسة نتيجة طبيعتها تتجه للقبول به بعد أن تكون أتعبت من صراع الأبقع والأصهب، وهذا ما لا تساعد عليه الروايات لأن هذا الخيار يستدعي وقتاً كي تقتنع المؤسسة العسكرية به، والروايات تتحدث عن قبول سريع له في داخل أقطاب من هذه المؤسسة، بحيث أنهم يستقبلوه أولاً، ولهذا فإننا نعتقد أن هذا الرجل سيأتي من رحم هذه المؤسسة لا من خارجها، ولكنه خرج منها لظروف قاهرة ويعتبرها ظالمة له، بدليل أن الروايا تتتحدث عن ثار له حتى يقول: ربي ثاري ثم النار، ومن لديه ثار لا بد أن يكون له وجود قد تم سلبه أو التأثير عليه من قبل، مما يعني حكماً أن له دالّة ما على الحكم الشامي الذي يتولاه الأصهب والذي كانت المؤسسة العسكرية تدين له بالولاء، خاصة وأن هناك تسمية للأصهب بالسفياني الثاني، ورجلنا الموعود هو السفياني الثالث.
إذن متى ما وجدنا فشل الخيار الغربي ـ الأعرابي الأول المتمثلل بالأبقع؟ ومتى وجدنا استعار الغضب على الأصهب المنقوم عليه من قبل التحالف الغربي الأعرابي والذي يعني حكماً أن الأصهب يبدو وكأنه يتغلب أو يكاد يتغلب على الأبقع، وحذراً من التسفيه الكامل لهذا التحالف يتم التفكير ببديل من داخل رحم مؤسسة الأصهب السياسية والعسكرية، لأنه السبيل الوحيد المتبقي للتأثير على الأصهب ما دام أن التأثير عليه من الخارج قد فشل، وكذلك من أجل حفظ ماء الوجه لهذا التحالف بعد أن سعى كل جهده من أجل اسقاط خيار الأصهب ولم يتمكن، مما قد يوحي بتوافق أشبه بالعالمي بتفضيل اعتماد خيار البديل من داخل هذه المؤسسة، على البقاء في خط الاقتتال الذي يوشك بتفجير الأوضاع بين الأطراف الرئيسية المتحاربة في الشام، ومما لا ريب أن معركة الأبقع والأصهب ستتحول في وقت مبكر منها إلى حرب وكالات، بحيث أن التحالف الغربي الأعرابي وهم أقطاب ما تعبر عنه الروايات باجتماع فتنة الشرق مع فتنة الغرب في سراة الشام يختلفون فيما بينهم، مما يشكل مخاطر انفجار للعلاقات الدولية بينهم، ولتفكك عقدهم، ولعل هذا ما تساعد على فهمه شروع الحرب العالمية بين الروم قبل خروج السفياني، ولذلك سيفكرون بالبديل في فترة متأخرة من الوقت النهائي لاندلاع الحرب العالمية.
[1] باعتبار ما ستفعله الحرب العالمية بهم.