ابن العراق _85 (الموقع الخاص): وردت أحاديث عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام حول دخول السفياني للعراق، وما سيفعله من قتل واغتصاب وترويع، والسؤال هل ذكر أهل البيت عليهم السلام لهذه الأمور هو لتأكيد وحتمية ما سيجري ولا مفر منه؟ أم لتحذيرنا وتوجيهنا للطريق الصحيح، وتفويت الفرصه على السفياني ومن يريد الشر بالعراق وأهله؟؟
واذا كان الاحتمال الثاني هو الاحتمال المنطقي والواقعي ما دورنا، ونحن نعيش وللاسف من خذلان من قبل من بيدهم السلطه مع علمهم بالأحداث؟
الجواب: مما لا شك فيه أن هناك كم كبير في الروايات تتحدث عن أعمال السفياني عليه لعائن الله، ومع التأكيد على أن كثيراً مما يوجد في ثقافة عامة الناس هي روايات عامية وإن وجدت في كتب الشيعة ومحلليهم أو ساردي العلامات منهم، إلا أن مرجعها هو كتب العامة، والمؤكد أن روايات السفياني في كتب العامة اتخذت طريق التهويل لما سيفعل، وكثير منها حوله إلى رجل كالسوبرمان في طاقاته أو كأنه رجل ذو قدرات سحرية، والحال أن واقع الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تخلو من كثير من هذا التهويل.
كما وأن من المؤكد أن أعمال السفياني غير محتومة وليست قدراً منزّلاً، بالرغم من أنه هو بنفسه من المحتوم الذي لا يتخلف، وما من ريب في أن حديث أهل البيت صلوات الله عليهم عن جرائمه يأتي في إطار منهج نجده في كل علامات الظهور، فهذه العلامات إنما جاءت فلكي تحصّن القواعد المنتظرة وتنبههم وتوجههم وتحميهم من المخاطر التي تحدق بهم، وفي نفس الوقت تحملهم المسؤولية للتعامل مع استحقاقات جادة ستطالهم، فإن استعدوا لها سقطت أو خفّت تلك الاستحقاقات والعكس بالعكس، وفي الوقت الذي نلاحظ ان منهج أهل البيت صلوات الله عليهم لم يسلك سبيل التهويل من مخاطر هذا الخبيث، إلا أنه في نفس الوقت وضع سبلاً للوقاية من شروره، فحديث الإمام الصادق عليه السلام في التأكيد على ضرورة تجنب الرجال مواجهة الزخم السفياني، وتأكيده على أنه لن يتعرض للنساء، وتأكيده على أن من يعبر الفرات من جهة النجف فهو آمن، كل هذه تأتي للتأكيد على سبل الوقاية هذه، وهذه السبل لا تدعو إلى الفرار من أرض المعركة، وإنما تتوخى أن يتفرغ الجهد لجيش النصرة اليماني الذي سيتكفل بهزيمة جيش السفياني بمعية جيش الخراساني، ولهذا تستخدم الأسلوب العسكري الحكيم وهو أن لا يتم مهاجمة العدو أثناء تحشّد قوته العسكرية، والاستعاضة عن ذلك بالتحشّد إلى جانب النيران الصديقة والموالية، ومن ثم مهاجمة السفياني في حال انسحابه حيث سيكون فاقداً للقدرة على التمركز، وستكون له ذيول كبيرة ممتدة مما يسهل على أي قوة تهاجمه او تلاحقه أن تصيب منه مقتلاً.
أما الدور المطلوب حالياً، فهو الاستعداد لمواجهة أقسى الاحتمالات، والارتقاء بحمل الهمّ العقائدي وبكل الاتجاهات إلى المستوى الذي يليق بمقام المنتظَر صلوات الله عليه بالنسبة للمنتظِر، فإن كان هذا الزمن هو زمان السفياني، فإن المستعد لن يجد في السفياني ذلك الغول الهائل الذي يحاول البعض أن يظهر ابن آكلة الأكباد هذا، وبالتالي سيعطيه هذا الاستعداد الكثير من الامكانات التي يحتاجها في عملية المواجهة والتصدي، وإن لم يك هذا الزمان هو زمان هذا الخبيث فما أحوجنا للإستعداد، وزماننا فيه الكثير من الأعداء الذين يخوضون ضد التشيع حرب استئصال، وما أمسّ حاجتنا لتطبيق المبدأ القرآني في شأن ترهيب عدو الله والمشار إليه في الآية الكريمة: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}[1] فهذا المبدأ هو الذي يضعف همم النواصب والتكفيريين، ويجعلهم يحسبون لمهام الصدام مع شيعة أهل البيت عليهم السلام حسابات جدية.
وعليه فإن الاستعداد في نظري مطلوب على أي حال، ولا ضرر من ورائه أبداً، على أن هذا النمط من الاستعداد يجب أن يقترن بوعي المرحلة واستحقاقاتها، وينسجم مع التكليفات العامة الملقاة على المؤمنين في زمن الغيبة، ويتم وفق مبدأ نصرة الإمام صلوات الله عليه والاخلاص إليه والذود عنه وعن شيعته واعوانه والتمهيد له رزقنا الله وإياكم كرامة كل ذلك.
[1] سورة الأنفال: 60.