ملاحظات في اوراق المشروعين الشيعي والسني (الحلقة الأولى: المشروع السني) ما يهمني في هذا التحليل ان استجلي المواضع الاستراتيجية للمشروعين السني والشيعي على المستوى السياسي، ولهذا لن احدد موضوعي في حدود العراق وإن كان العراق هو جزء أساسي وركين في هذه المواضع، وهدفي أن نعي حقيقة ما يراد بنا وإلى أين نسير لعل في هذا التحليل والذي سيتسم بتسمية الأشياء كما هي دون مواربة أو إغماض أن يحدد لنا المسارت التي يجب أن نتبعها أو أن نلتزم بها. من الواضح ان هناك زعامات أربعة تتنافس على بساط الواقع السني، هي زعامة الإخوان المسلمين والتي يتمحور نفوذها الآن في تركيا بعد أن فقدت مواضع أساسية لها في مصر وشمال افريقيا ودول الخليج وسوريا والعراق، وبعد ان افتضح الدور القطري في محاولته لاعتلاء صهوة جوادهم، والذي لم يك إلا دورا مفسداً لأحوالهم وأوقعهم في مستنقعات خطيرة جدا هي احد الأسباب الرئيسية في انتاج الخسائر والهزائم التي منوا بها في العقد الأخير، وزعامة آل سعود الذين يحاولون أن ينصبّوا أنفسهم كزعامة لهذا العالم مستغلين في ذلك البعد المعنوي الذي ينطوي على وجود الكعبة المشرفة والمدينة المنورة تحت نفوذهم وعلى المال الذي استطاع ان ينتج لهم امتدادات كبيرة جدا على شكل مساجد وجمعيات ومؤسسات ومدارس وما إلى هنالك وهي تمتد على بساط واسع جدا في العالم الإسلامي، وهناك الزعامة التي تحاول اطراف التيارات السلفية التكفيرية أن تنشأها بعد ان انسلخت من رداء الزعامتين المتقدمتين، مستعينة بالرعب الذي انشأته نتيجة لممارستها مع الآخر السني، وبالجهل المغلف بالعقائد والحديث والذي يتيح لها مساحات هامة من الحواضن الشعبية السنية، أما الزعامة الرابعة فهي عبارة عن الزعامات السياسية التقليدية ليبرالية كانت او المذهبية السنية او عسكرية وما إلى ذلك. ونلاحظ في البداية أن التنافر بين هذه الزعامات هو تنافر حقيقي وجاد، ولقد رأينا في الموقف السعودي من الحزب الإسلامي العراقي الواجهة العراقية للإخوان منذ طرد طارق الهاشمي وجماعته من الحزب في عام 2007، ومن الإخوان المسلمين في مصر وفي الخليج بشكل عام والذي لم يتوان مطلقا في محاولة سحق وجودهم بشكل شرس للغاية، كما حصل في موقفهم الأخر من عملية طردهم من الحكومة المصرية. كما يمكننا ملاحظة الانفصام بين الزعامة السعودية وبين داعش وأمثالها بالرغم من أنها خرجت من نفس البيت السعودي بعد انسلاخها من الحزبين التقليديين وأعني بذلك حزب التحرير وحزب الإخوان المسلمين والذي تطور إلى الصدام المسلح ومحاولة نفي الآخر، وما جرى في داخل مملكة آل سعود وفي أفغانستان وباكستان وسوريا ثم اخيرا في التحالف ضد داعش، ولا يضير في هذا التقييم المحاولات السعودية للإفادة من جهود التكفيريين لخدمة اغراضها الاقليمية، وهي إفادة مصالح مشتركة وليست افادة مشروع مشترك، ولذلك نما التكفيرييون بالمال السعودي ثم تحولوا ضد آل سعود وتحول آل سعود ضدهم في العديد من مراحل علاقات الطرفين، ويمكننا ملاحظة التنافر في الأدبيات التي ينشرها هذا الطرف أو ذاك والتي تنضح بالتكفير والتخوين والتجريم بينهما. ويمكننا أيضا ملاحظة أن الزعامات الثلاثة عبثت بالفريق الرابع ـ واعني بذلك القيادات الليبرالية والدينية التقليدية والوطنية وبنسب متفاوتة بينهم بشكل خطير جداً بحيث أنها اسقطت كل المشاريع السياسية والدينية لهؤلاء، وتم على ايديهم ولا سيما على يد التكفيريين وآل سعود تصفية غالبية القيادات بحيث أصبح من الصعب وجود أي زعامة حقيقية ذات بال في كل العالم السني، ويمكن التعبير عن هذا الصنف بأنه في أحسن حالاته ظل ينتج قيادات وزعامات ظرفية سرعان ما ينطفئ وهجها، ولهذا تجد عبث هؤلاء بالأنظمة وبالمراكز الدينية كالأزهر والقيروان وغيرها بحيث أضحت مجرد أسماء، فيما باتت الأنظمة مجرد كيانات تداري جراح معاركها الداخلية، وبالصورة التي ما عدنا نرى من خلالها أي مجال لإفراز هذا النمط من القيادات والزعامات. ولهذا فإن اي تصور بأن الواقع السني هو وحدة واحدة محض وهم كبير، بل هو خليط من التناقضات التي عبثت بها عوامل عديدة، مما فسح المجال لسياسات مراهقة أضرت بالواقع السني أيما إضرار وبصورة نلاحظ أن غالبية معارك هؤلاء في داخل الخريطة الديمغرافية للسنة، ففي داخل سوريا دمرت صراعاتهم الداخلية هذا الواقع أكثر مما أضرهم صراعهم مع النظام، وصراعهم مع النظام والذي لم يك إلا نتيجة لأفكار المراهقة القطرية أولاً ثم انجرت وراءها مراهقة اوردغان ومن بعدها آل سعود الذين راحوا يلتحقون بالركب الذي تقدّمهم وهم يحلمون أن يقطفوا ثمار جهود أعظم حملة لاسقاط النظام السوري ولكنها رجعت عليهم بالكثير من الخيبة والدمار، وبصورة عدنا نجد أن الكثيرين من المعارضين للنظام يتوقون للرجوع إلى الأيام التي كانت قبل ثورتهم ضده، ومهما حاولنا ان نتغاضى عن مشاكلهم الداخلية فإن الصورة الجلية أن سياسات المراهقة الصبيانية لهذه القيادات جرت على واقعهم الجيوسياسي الدمار المبين. ونفس الأمر تجده في لبنان واليمن والعراق وافغانستان، ولو اختصصنا في الحديث عن العراق نجد أن المشروع السياسيي السني قد تم وأده على أيدي هؤلاء أكثر من غيرهم، بحيث انتج ذلك فقدان الساسة السنة للأرض بعد أن أكلت أرضهم داعش وطردتهم منها، حتى أن وزرائهم لن يجدوا أرضا انتخبتهم ليخدموها، وأضحى لديهم مهجرون يتجاوز عددهم مليون وعدة مئات من الألوف، ناهيك أن الساحة السنية أكلت وهمشت قياداتها من كافة الأصناف، وما تبقى من قيادات ناشطة لداعش كلها في إطار الزوال والأمر بينها وبين ذلك مجرد وقت لن يطول كثيراً، وكل المؤشرات تشير إلى أن الاقتتال السني السني هو المشهد القادم، وأن مشاريع الإصلاح التي تطرح في الواقع السني وآخرها ذاك الذي عبر عنه وبجرأة وشجاعة نادرة الدكتور أياد السامرائي لن يفسح لها المجال من نفس هذا الواقع أكثر من أي واقع آخر، ولأسباب منطلقة من هذا الواقع، والتي يمكن أن نتبينها بجلاء من الألم الذي تنضح به كلمات الدكتور أياد السامرائي، هذا ناهيك عن ضحايا الاقتتال إن في داخلهم أو مع الآخرين والذين لا شك ولا ريب انه لا يقل عن أعداد ضحايا التفجير والذبح والتقتيل الذي نفذته داعش والعصابات الطائفية والبعثية بحق خصومهم. لست هنا في صدد الإزراء أو الإعلاء بهذا الواقع، ولا أريد أن أشير إلى الحق والباطل في المماحكات التي تجري في هذا الواقع، أو فيما يتعامل به مع الواقع المجاور له أو ما يسمى بالواقع الآخر أو الموقف الآخر، ولكن من الحق أن نتسائل عما جناه المشروع السني طوال السنوات التي جاءت من بعد سقوط الصنم في بغداد؟ ولنا أن نستحضر أي مشروع برّاق بما فيها مشروع الخلافة الداعشية ثم لنجلس ونحلل مالذي فعله لأهل السنة؟ ومالذي قدمه لأهل السنة؟ وما الذي سيعود عليهم؟ ولو صغنا السؤال بطريقة أخرى وقلنا مالذي أراد ان يثبته هذا المشروع أو ذاك؟ سنجد وبلا أدنى مبالغة أنه كل ما اثبته انه استطاع أن يلحق الأذى بأهل السنة على المستويين التكتيكي والاستراتيجي، ومن ثم ليزيدهم تشتتا وضياعا أكبر من ذي قبل. لا شك أن اسباب فشل هذه المشاريع متعددة، ومن السهل جداً أن يتجه المحلل لكي يلقي كاهل مهمة التحليل على هذا العامل او ذاك، ومهما كانت القوى المعارضة له شيعية أو أي جهة خارجية أخرى، ولكن الحق الذي يجب أن ينصت له هذا الواقع وبشجاعة أن المشاريع التي قدمت حين قدمت إنما جرى إعدادها بطريقة مراهقة لا تتسم بالحكمة ولم تدرس خياراتها بدقة، وإلا لم فشلت؟ يتسم الكثير منا بالرغبة في وضع الحجب على عينيه في ملامساته للواقع المر لأنه يريد أن لا يراه، بالرغم من أنه سيبقى، ولهذا يحاول القاء اللوم على عناصر المؤامرة والفعل الآخر، وقليل منا هو الذي يتجرأ لكي يرفع هذه الحجب ويتعامل مع هذه المرارة برغبة العثور على مكمن الجرح، لأن المعالجة من دون العثور على هذا الجرح إنما تتسبب بجرح آخر، هذا الجرح هو الذي نراه يزداد يوماً من بعد آخر في الواقع السني والذي يمكن فيه القول أن المشروع السياسي السني يحمل سر انتحاره في داخله، أو أنه من الهشاشة بمكان بحيث يعطي لخصومه القدرة على تفتيته، والمشكلة الأعمق في تصوري أن أهل السنة مختطفون من داخلهم، ويتم التلاعب بهم من داخلهم أكثر من كونهم عرضة لمواقف الآخرين من خارجهم، ولهذا فإن المشاريع التي تقدم باسمهم هي مشاريع الخاطفين أكثر من مشاريع المخطوفين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... (يتبع) وقبل أن أنهي الحلقة الأولى من ذلك وفي الوقت الذي اتمنى لكم صباحاً آمنا يوماً سعيداً اتوسل بجميع الأخوة المعلقين أن يرتقوا في تعليقاتهم لمستوى ما بنا من جراح ينزفها الجميع ويأمل الجميع أن يتخلص منها، والخلاص قطعا لا يكون بلغة التشاتم والسباب ولا بلغة تعميم خطأ الواحد والجماعة على الجميع.
ما يهمني في هذا التحليل ان استجلي المواضع الاستراتيجية للمشروعين السني والشيعي على المستوى السياسي، ولهذا لن احدد موضوعي في حدود العراق وإن كان العراق هو جزء أساسي وركين في هذه المواضع، وهدفي أن نعي حقيقة ما يراد بنا وإلى أين نسير لعل في هذا التحليل والذي سيتسم بتسمية الأشياء كما هي دون مواربة أو إغماض أن يحدد لنا المسارت التي يجب أن نتبعها أو أن نلتزم بها.
من الواضح ان هناك زعامات أربعة تتنافس على بساط الواقع السني، هي زعامة الإخوان المسلمين والتي يتمحور نفوذها الآن في تركيا بعد أن فقدت مواضع أساسية لها في مصر وشمال افريقيا ودول الخليج وسوريا والعراق، وبعد ان افتضح الدور القطري في محاولته لاعتلاء صهوة جوادهم، والذي لم يك إلا دورا مفسداً لأحوالهم وأوقعهم في مستنقعات خطيرة جدا هي احد الأسباب الرئيسية في انتاج الخسائر والهزائم التي منوا بها في العقد الأخير، وزعامة آل سعود الذين يحاولون أن ينصبّوا أنفسهم كزعامة لهذا العالم مستغلين في ذلك البعد المعنوي الذي ينطوي على وجود الكعبة المشرفة والمدينة المنورة تحت نفوذهم وعلى المال الذي استطاع ان ينتج لهم امتدادات كبيرة جدا على شكل مساجد وجمعيات ومؤسسات ومدارس وما إلى هنالك وهي تمتد على بساط واسع جدا في العالم الإسلامي، وهناك الزعامة التي تحاول اطراف التيارات السلفية التكفيرية أن تنشأها بعد ان انسلخت من رداء الزعامتين المتقدمتين، مستعينة بالرعب الذي انشأته نتيجة لممارستها مع الآخر السني، وبالجهل المغلف بالعقائد والحديث والذي يتيح لها مساحات هامة من الحواضن الشعبية السنية، أما الزعامة الرابعة فهي عبارة عن الزعامات السياسية التقليدية ليبرالية كانت او المذهبية السنية او عسكرية وما إلى ذلك.
ونلاحظ في البداية أن التنافر بين هذه الزعامات هو تنافر حقيقي وجاد، ولقد رأينا في الموقف السعودي من الحزب الإسلامي العراقي الواجهة العراقية للإخوان منذ طرد طارق الهاشمي وجماعته من الحزب في عام 2007، ومن الإخوان المسلمين في مصر وفي الخليج بشكل عام والذي لم يتوان مطلقا في محاولة سحق وجودهم بشكل شرس للغاية، كما حصل في موقفهم الأخر من عملية طردهم من الحكومة المصرية.
كما يمكننا ملاحظة الانفصام بين الزعامة السعودية وبين داعش وأمثالها بالرغم من أنها خرجت من نفس البيت السعودي بعد انسلاخها من الحزبين التقليديين وأعني بذلك حزب التحرير وحزب الإخوان المسلمين والذي تطور إلى الصدام المسلح ومحاولة نفي الآخر، وما جرى في داخل مملكة آل سعود وفي أفغانستان وباكستان وسوريا ثم اخيرا في التحالف ضد داعش، ولا يضير في هذا التقييم المحاولات السعودية للإفادة من جهود التكفيريين لخدمة اغراضها الاقليمية، وهي إفادة مصالح مشتركة وليست افادة مشروع مشترك، ولذلك نما التكفيرييون بالمال السعودي ثم تحولوا ضد آل سعود وتحول آل سعود ضدهم في العديد من مراحل علاقات الطرفين، ويمكننا ملاحظة التنافر في الأدبيات التي ينشرها هذا الطرف أو ذاك والتي تنضح بالتكفير والتخوين والتجريم بينهما.
ويمكننا أيضا ملاحظة أن الزعامات الثلاثة عبثت بالفريق الرابع ـ واعني بذلك القيادات الليبرالية والدينية التقليدية والوطنية وبنسب متفاوتة بينهم بشكل خطير جداً بحيث أنها اسقطت كل المشاريع السياسية والدينية لهؤلاء، وتم على ايديهم ولا سيما على يد التكفيريين وآل سعود تصفية غالبية القيادات بحيث أصبح من الصعب وجود أي زعامة حقيقية ذات بال في كل العالم السني، ويمكن التعبير عن هذا الصنف بأنه في أحسن حالاته ظل ينتج قيادات وزعامات ظرفية سرعان ما ينطفئ وهجها، ولهذا تجد عبث هؤلاء بالأنظمة وبالمراكز الدينية كالأزهر والقيروان وغيرها بحيث أضحت مجرد أسماء، فيما باتت الأنظمة مجرد كيانات تداري جراح معاركها الداخلية، وبالصورة التي ما عدنا نرى من خلالها أي مجال لإفراز هذا النمط من القيادات والزعامات.
ولهذا فإن اي تصور بأن الواقع السني هو وحدة واحدة محض وهم كبير، بل هو خليط من التناقضات التي عبثت بها عوامل عديدة، مما فسح المجال لسياسات مراهقة أضرت بالواقع السني أيما إضرار وبصورة نلاحظ أن غالبية معارك هؤلاء في داخل الخريطة الديمغرافية للسنة، ففي داخل سوريا دمرت صراعاتهم الداخلية هذا الواقع أكثر مما أضرهم صراعهم مع النظام، وصراعهم مع النظام والذي لم يك إلا نتيجة لأفكار المراهقة القطرية أولاً ثم انجرت وراءها مراهقة اوردغان ومن بعدها آل سعود الذين راحوا يلتحقون بالركب الذي تقدّمهم وهم يحلمون أن يقطفوا ثمار جهود أعظم حملة لاسقاط النظام السوري ولكنها رجعت عليهم بالكثير من الخيبة والدمار، وبصورة عدنا نجد أن الكثيرين من المعارضين للنظام يتوقون للرجوع إلى الأيام التي كانت قبل ثورتهم ضده، ومهما حاولنا ان نتغاضى عن مشاكلهم الداخلية فإن الصورة الجلية أن سياسات المراهقة الصبيانية لهذه القيادات جرت على واقعهم الجيوسياسي الدمار المبين.
ونفس الأمر تجده في لبنان واليمن والعراق وافغانستان، ولو اختصصنا في الحديث عن العراق نجد أن المشروع السياسيي السني قد تم وأده على أيدي هؤلاء أكثر من غيرهم، بحيث انتج ذلك فقدان الساسة السنة للأرض بعد أن أكلت أرضهم داعش وطردتهم منها، حتى أن وزرائهم لن يجدوا أرضا انتخبتهم ليخدموها، وأضحى لديهم مهجرون يتجاوز عددهم مليون وعدة مئات من الألوف، ناهيك أن الساحة السنية أكلت وهمشت قياداتها من كافة الأصناف، وما تبقى من قيادات ناشطة لداعش كلها في إطار الزوال والأمر بينها وبين ذلك مجرد وقت لن يطول كثيراً، وكل المؤشرات تشير إلى أن الاقتتال السني السني هو المشهد القادم، وأن مشاريع الإصلاح التي تطرح في الواقع السني وآخرها ذاك الذي عبر عنه وبجرأة وشجاعة نادرة الدكتور أياد السامرائي لن يفسح لها المجال من نفس هذا الواقع أكثر من أي واقع آخر، ولأسباب منطلقة من هذا الواقع، والتي يمكن أن نتبينها بجلاء من الألم الذي تنضح به كلمات الدكتور أياد السامرائي، هذا ناهيك عن ضحايا الاقتتال إن في داخلهم أو مع الآخرين والذين لا شك ولا ريب انه لا يقل عن أعداد ضحايا التفجير والذبح والتقتيل الذي نفذته داعش والعصابات الطائفية والبعثية بحق خصومهم.
لست هنا في صدد الإزراء أو الإعلاء بهذا الواقع، ولا أريد أن أشير إلى الحق والباطل في المماحكات التي تجري في هذا الواقع، أو فيما يتعامل به مع الواقع المجاور له أو ما يسمى بالواقع الآخر أو الموقف الآخر، ولكن من الحق أن نتسائل عما جناه المشروع السني طوال السنوات التي جاءت من بعد سقوط الصنم في بغداد؟
ولنا أن نستحضر أي مشروع برّاق بما فيها مشروع الخلافة الداعشية ثم لنجلس ونحلل مالذي فعله لأهل السنة؟ ومالذي قدمه لأهل السنة؟ وما الذي سيعود عليهم؟ ولو صغنا السؤال بطريقة أخرى وقلنا مالذي أراد ان يثبته هذا المشروع أو ذاك؟ سنجد وبلا أدنى مبالغة أنه كل ما اثبته انه استطاع أن يلحق الأذى بأهل السنة على المستويين التكتيكي والاستراتيجي، ومن ثم ليزيدهم تشتتا وضياعا أكبر من ذي قبل.
لا شك أن اسباب فشل هذه المشاريع متعددة، ومن السهل جداً أن يتجه المحلل لكي يلقي كاهل مهمة التحليل على هذا العامل او ذاك، ومهما كانت القوى المعارضة له شيعية أو أي جهة خارجية أخرى، ولكن الحق الذي يجب أن ينصت له هذا الواقع وبشجاعة أن المشاريع التي قدمت حين قدمت إنما جرى إعدادها بطريقة مراهقة لا تتسم بالحكمة ولم تدرس خياراتها بدقة، وإلا لم فشلت؟
يتسم الكثير منا بالرغبة في وضع الحجب على عينيه في ملامساته للواقع المر لأنه يريد أن لا يراه، بالرغم من أنه سيبقى، ولهذا يحاول القاء اللوم على عناصر المؤامرة والفعل الآخر، وقليل منا هو الذي يتجرأ لكي يرفع هذه الحجب ويتعامل مع هذه المرارة برغبة العثور على مكمن الجرح، لأن المعالجة من دون العثور على هذا الجرح إنما تتسبب بجرح آخر، هذا الجرح هو الذي نراه يزداد يوماً من بعد آخر في الواقع السني والذي يمكن فيه القول أن المشروع السياسي السني يحمل سر انتحاره في داخله، أو أنه من الهشاشة بمكان بحيث يعطي لخصومه القدرة على تفتيته، والمشكلة الأعمق في تصوري أن أهل السنة مختطفون من داخلهم، ويتم التلاعب بهم من داخلهم أكثر من كونهم عرضة لمواقف الآخرين من خارجهم، ولهذا فإن المشاريع التي تقدم باسمهم هي مشاريع الخاطفين أكثر من مشاريع المخطوفين.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... (يتبع)