علي المصطفى (الموقع الخاص): كيف تثبت اسقاط الروايات على واقع مايجري الآن في العالم وسوريا ؟ مثال على ما أقول؛ السيد نعمة الله الجزائري رحمة الله في كتابة الانوار النعمانية الجزء الثاني عندما يتعرض الى رواية ( تخرج رايات سود من المشرق {خراسان} وتصل الى الكوفة وتسلم الراية الى المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف) حيث أنه فسّر الرايات السود بالدولة الصفوية لأنه عاش في زمانها ورأى أنها دولة شيعية.
مثال آخر الشيخ المجلسي صاحب البحار في الجزء ٥٢ عندما يتعرض الى رواية تخلع العرب أعنّتها {أي حكّامها} أنها من علامات الظهور، وفسّرها بسقوط الدولة العباسية.
وأيضاً في القرآن الكريم {اقتربت الساعة وانشق القمر} أي أن الساعة قريبة من عصر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، ولا يوجد أوضح من القرآن الكريم في دلالة اقتراب الساعة وانشقاق القمر، فكيف بروايات يختلف العلماء الأجلاء قدّس الله سر الراحلين وحفظ الله الباقين منهم بالاختلاف في تفسير الروايات؟
الجواب: لا شك أن أية عملية لإسقاط الرواية على ما يجري من أحداث يحتاج إلى الكثير من الدقة والتحرّز قبل التحدّث عن أن هذه العلامة هي ما جاء ذكره في الروايات الشريفة، وأولى معايير هذه الدقة هي الفهم الدقيق لما جاء في الرواية ووضعها في السياقات الزمانية والمكانية التي ذكرتها نفس الروايات، وفي هذا الصدد هناك منهجان للتعامل مع الروايات؛ أولهما منهج يتعامل مع كل رواية بمعزل عن بقية الروايات وهو المنهج السائد لدى أغلب المحللين للروايات التي تحدثت عن العلامات، والمنهج الثاني هو النظر إلى الروايات بشكل موضوعي يجمع ما يجب أن يجمع من أشتات الروايات ويضعها في إطار واحد، ويفرد ما جاء منفرداً دون ان يلحق ما لا علاقة له به، وهذا المنهج الذي اعتمدناه نجد أنه يقدّم لنا صورة أفضل لفهم الروايات، ولكنه يحتاج إلى سعة اطلاع على الروايات والتفكيك ما بين صنفيها، وأعني بذلك الروايات التي ذكرت دون دلالة قرب فيها على الظهور الشريف، كما هو الحال في قصة "حجّوا قبل أن لا تحجّوا" وقصة "هدم جامع براثا" وكذا قتل النفس الزكية على ظهر الكوفة في سبعين من الصالحين وما إلى ذلك من الأمور التي ذكرت في سياق الاستعراض المستقبلي للأحداث ولكنها ذكرت من دون دلالة خاصة فيها على الارتباط المباشر بالظهور الشريف، وهنا نلمس بوضوح أن الأئمة صلوات الله عليهم لم يعتنوا كثيراً بهذا الصنف من العلامات، أما الصنف الثاني الذي تم تأطيره بإطار القرب والتزامن مع العصر المباشر لما قبل الظهور الشريف فقد وضعت ضمن قيد جدّي هو القيد المعبّر عنه برواية الإمام الباقر عليه السلام بنظام الخرز الذي يتبع بعضه بعضاً، وجاء ذكرها متسلسلاً، وهذا القيد هو الذي يتيح لمن يريد أن يسقط أو لا يسقط الرواية على ما يجري من الأحداث، لأن الأحداث وضعت ضمن مسار زماني متسلسل وهذا المسار تم تشخيص رقعته الجغرافية أيضاً بشكل دقيق، ولهذا فإن الحديث عن أي حلقة من حلقات هذا التسلسل ينجرّ حكماً للحديث عما قبلها وعما بعدها، فإن لم نجد سبيلاً إلى ذلك فإن حديث الإسقاط سيكون عبثياً ولا طائل منه، لأنه يخالف القيد المشار إليه، أما لو جاء ذلك الحدث وفيه الكثير مما يجعله يرتبط بما قبله من أحداث ومما بعده فإن حديث الإسقاط يغدو جدياً، لأن حصول الصدفة في توالي حدثين وإن كان ممكناً، إلا أنه يبقى مثيراً للإهتمام، ولكن حصول حدث ثالث من بعدهما وفق التسلسل المطروح في الروايات، لا يبقي الأمر في إطار الإثارة، وإنما لا بد من التعامل الجاد في ترقب ما بعده، فإن كانت أحداث اليوم تفضي بشكل منطقي للحدث الرابع يكون من غير المنطقي إهمال الإسقاط، بل لا بد من الاستنفار العقلي والفكري لمثل هذا الأمر، وسنصل إلى درجة كبيرة من اليقين لو وجدنا الحدث الخامس هو الآخر غدا طبيعيا أو في مشارف الوقوع، لأن المنطق الرياضي من جهة حساب الاحتمالات هي التي تدعونا إلى عدم التعامل الاعتباطي في وقوع الاحتمالات بشكل متسلسل، وإنما لا بد من النزوع إلى اليقين في مجالها، وللحديث تفصيل أوردناه في محله.
وأعتقد أن مشكلة غالبية المحللين الذين اسقطوا أنهم لم يفرقوا بين الصنفين من العلامات، ونظروا إلى الأمور بعيداً عن الخارطة المؤطرة لأحداث العلامات من الصنف الثاني مما جعلهم يستعجلون في الحكم عى ما يجري من أحداث زمنهم.