عامر من البصرة (الموقع الخاص): سمعت احد المجتهدين يقول ان رواية جثمان السيدة زينب في الشام هي الاشهر، ولكن الاقوى هي في مصر، شيخنا باعتباركم احد متخصصي الاحاديث واسناده ما مدة دقة هذ القول؟
الجواب: ليس الأمر دائر بين الشهرة والقوة، فكلا الفريقين لديهم وثائقهم التاريخية، ولكن من حيث التدقيق التاريخي ولطبيعة نهج بني أمية فإن الحوراء صلوات الله عليها إن كان قد نُقم عليها أنها أرادت ان تثوّر المدينة ضد يزيد عليه لعائن الله فإن التدبير الطبيعي لطاغوت مثله هو عدم فسح المجال لتذهب لحاضرة كمصر، لأن مصر آنذاك كانت أقرب إلى التشيع منها إلى أي شيء آخر، ولا نمتلك في أيدينا مصدراً يعتد به للحديث عن سفر عبد الله بن جعفر رضوان الله عليها إلى مصر مما يمكن أن يعزز نظرية ذهاب الحوراء زينب صلوات الله عليها إلى مصر، بل إن التدبير الطبيعي أن يضعها يزيد تحت أنظاره ومراقبته وضغطه مباشرة وهو أمر يتفق مع طبيعة لؤمه وخبثه، ولذلك فإن استقدامها إلى الشام كما يحكي الفريق الآخر هو الإجراء الذي يعزز ذلك التدبير.
أضف إلى ذلك ثمة بعد وجداني واجتماعي يتعلق بطبيعة العلاقة بين الشيعة وبين قبور أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم، وكذا بين المنهج المعتمد عند أهل البيت عليهم السلام في تربيتهم لشيعتهم وهو منهج يمتد حتى لمكان دفنهم بل وحتى ليوم موتهم بأبي وأمي كما تدل عليه الروايات الشريفة الموثوق صدورها عنهم عليهم السلام أقول هذا المنهج وذلك التعلق يوجد بطبيعته تراكم تاريخي في التواصل مع المرقد، ومما لا شك فيه أن التواصل الذي نراه اليوم ليس وليد لحظته بل هو وليد تراكم تاريخي كبير، خاصة وأنا ما يلحظ أن مصر كانت حاضرة شيعية ولا زالت محبة لأهل البيت عليهم السلام ولكنها لم تكوّن حاضرة الهدى التي يعتد بها، وبقي مرقد السيدة أم هاشم مورد تنازع هل هي بنت الأمير صلوات الله عليه، أم هي سيدة حسنية لها علاقة بالحسين الذي يوجد رأسه في موضع رأس الحسين في القاهرة، ويعزز الأمر أن إرسال رأس الإمام الحسين عليه السلام إلى مصر لا مجال لقبوله لتعارضه مع شأن الرواية المعتمدة في شان رجوع الإمام زين العابدين عليه السلام بالرؤوس إلى كربلاء، وهو أمر يجعل مسألة إرسال الرأس إلى القاهرة يومذاك أمر مستحيل من الناحية الموضوعية خصوصاً مع حساب الزمن الذي تحتاجه عملية إرسال الرأس الشريف.
على عكس الشام التي كانت دوماً معادية أو مخالفة لأهل البيت عليهم السلام، ولكنها شهدت مع التاريخ تراكم هذه العلاقة، وأوجدت رابطة الهدى المشار إليها.
أما قصة الروايات التاريخية الواردة في شأن مدفنها في القاهرة بأبي وأمي فغالبيتها عامية، ولعل تمرير تلك الروايات جاء من أجل إدامة عملية إخفاء القبر من أن يكون هدفاً لأحقاد النواصب، بينما وجودها في قرية نائية من قرى الشام هي راوية التي لم تك يومذاك مأهولة جعل القبر منسياً من قبل هؤلاء النواصب.
هذا ما عنّ لنا بصورة سريعة تسطيره، ولعلنا نعود إلى ذلك مرة أخرى إن قيض لنا التوفيق المرجو.
لكن يبقى علي ان أشير إلى قصة معروفة عن العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رضوان الله عليه في شأن يوم مقتل الزهراء صلوات الله عليه، فالعلامة حينما طولب بحسم الجدل بين الروايات الثلاثة المعتمدة في شأن شهادة الزهراء صلوات الله عليها، شمّر عن ساعدي التحقيق وسهر من أجل ان يحسم أي الأيام هي الأيام التي استشهدت به الزهراء بأبي وأمي وحينما أتم الأمر ورقد ونام رأى الزهراء بأبي وأمي وهو تقول له: ما ضرك لو أن الناس بكتني ثلاثة مرات؟ مما ادى به إلى أن يمزق البحث!
كذلك نحن فإنني لا أرى ضرورة للإنشغال بهذا الموضوع مما يوجب عقيدة الناس في شان وجود المرقد الشريف، إذ أن تعلق أهل القاهرة بمرقد أم هاشم كبير جدا، وبمقداره تعلقهم برأس الحسين، ولا داعي لإثارة الجدل خارج إطار البحث العلمي
وفقكم الله وسدد خطاكم