استعرض سماحة الشيخ جلال الدين الصغير تأريخ المجلس الاعلى والاسس والمباديء التي بني عليها بمناسبة ذكرى تأسيسه كما دعا سماحته مجلس النواب والحكومة للنزول الى الشارع والنظر الى الناس قبل اقرار الموازنة المالية للعام المقبل .
وقال سماحته في خطبة صلاة الجمعة : يصادف هذا اليوم ذكرى واحدة من الاعمال الكبرى التي قام بها شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله تعالى عليه حينما استطاع وبعد جهود مضنية ان يجمع القوى الاسلامية ويوحدها ضمن اطار واحد في عام 1982 تحديدا في الاول من شهر صفر السابع عشر من تشرين الثاني.
وقد كانت ميزة اعلان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية انذاك بل احد اهم مميزاته انه جاء تلبية لامرين اساسيين الاول انه جاء تلبية لمشروع السيد الشهيد الصدر الاول رضوان الله تعالى عليه في ان يقود خط المرجعية كل الحركات الاسلامية السياسية لانه كان يرى ان الاحزاب والحركات والتنظيمات مهما كثرت وكبرت ان لم تكن في اطار المرجعية ومغطاة من قبلها فأن عملها لاقيمة له بل تكون اعمالها اخطر على الامة من الحركات العلمانية التي تعلن بصراحة مضادها للدين والامة .
وتابع سماحته بهذا الشأن : لايمكن لأي فصيل سياسي ان يقفز على كل ذلك ويقول لست بحاجة للمرجعية وبعد ذلك كان شهيد المحراب رضوان الله عليه يقول" كل اعمالنا ان لم تكن مغطاة من قبل المرجعية عندئذ تكون لاقيمة لها بل تكون محرمة علينا" ، لذلك عندما كان السيد الصدر الاول يؤكد ويقول "انا مستعد ان اكون كاتبا صغيرا في قرية صغيرة من أي مكان يأمرني به الامام الخميني رضوان الله عليه، وهو مرجع ويتحدث عن استعداده الكامل ان يكون جنديا بيد المرجع الامام الخميني.
هذه الرؤيا عبر عنها شهيد المحراب في عام 1980 وفي ذلك الوقت ذهبت اليه يوما بعد ان جاء الى سورية وانا كنت خارج العراق والتقيته في منزله في شارع المزة وهو منزل الشهيد السيد مهدي الحكيم بعد ان سألته عن برنامج العمل تحدث بشكل مفصل عن تصوراته لكن كانت هناك نقطة مهمة جدا واحسب انها واحدة من مشكلاتنا في حياتنا السياسية وهذه النقطة بالذات اذ قال لي رضوان الله عليه "لن اعمل قيد انمله مالم اخذ رأي وموقف الامام الخميني" وهو انذاك لم يلتق الامام الخميني لكن كان تعبده لرأي المرجعية على الرأي السياسي اساس بل محور من المحاور , ولعل واحدة من اهم مشكلاتنا مع الاحزاب السياسية تكمن في هذه القضية لاتوجد هناك صراعات على دنيا بقدر ما هناك صراع على من يستلم امور السياسية يجب ان يكون تابع للمرجعية ومطاوع لامرها والان لو قدر لنا ان نرى المشهد السياسي وتكون المرجعية فيه غاضبة على السياسيين عندئذ نعلم ماذا يعني من فرق ما بين شهيد المحراب وطبيعة خط الشهيد الصدر وما بين اوضاعنا المعاصرة والا المرجعية تغضب والسياسي لايكون لديه غيرة لكي يحاول ان يعالج الموقف وان يسترضي المرجعية من خلال ارجاع عمله بتزكية المرجعية لايمكن ان يعتبر ان يكون انسجام مع خط المرجعية .
القضية الثانية ان التشكيل الذي اعلن عنه شهيد المحراب لم يكن مجرد تشكيل او مجرد اضافة كمية الى رقم الاحزاب التي كانت موجودة انذاك فقد كانت لدينا مشكلة نعاني منها وهذه المشكلة اننا نجد مراجعنا وعلمائنا ومثقفينا رجالنا ونسائنا تعمل ولكن المستفيد هو التيارات العلمانية المرجعية هي من تنهض وتجابه الطاغوت والمستفيد من ذلك لم تكن الاحزاب الدينية كونها لم تكن قادرة على توظيف جهد المرجعية لكي يبقى خاصة بالمرجعية ومؤسساتها وانما كانت الاحزاب بواد والمرجعية وحصادها بواد اخر .
الان بعض الاخوان من كبار السن يتذكرون ايام العز في زمن الامام الراحل السيد محسن الحكيم اين وصلت الحالة الدينية ، ما السر الذي جعل ذلك العز يغادره الناس ليدخلوا في عهد البعثيين ليسومونهم كل سوء وعذاب؟ السر لان الرحل الذي تركه الامام الراحل السيد محسن الحكيم لم يحمله احد لذلك من استفاد منه هو من رأى الرحل لاصاحب له وجاء واخذه حتى وصل الامر ان يحاسبوننا على عواطفنا ووصل الامر ان يسجنوننا على بكائنا اذا بكينا .
واضاف سماحته " كنا بحاجة الى تشكيل جهاز ان يهتم ويحتفظ بحصاد المتدينين وتوظيفه من اجل تحصين الحالة الدينية ، وللاسف لم تستطع الاحزاب ان تبقى منسجمة مع هذا الخط بل كانت تعمل في وضع العصي رغم ان تشكيل المجلس انذاك كان مزكى من قبل المرجع الفقيه الامام الخميني لكن شهيد المحراب لم يتوانى ولم يتخاذل رغم ان الكثرين كانت مهمتهم وضع العصي في عجلة التحرك رغبة في دنيا ان يحسبون انها خاصة بالاحزاب بل ان بعض هؤلاء كان يرى ان الحزب يجب ان ينتم اليه المرجع وليس المرجع هو من يوجه الحزب وكان الشهيد الصدر الاول اكد على مشروع المرجعية الصالحة وكان ينادي بان تكون الاحزاب مفصل من مفاصل العمل المرجعي لكن شريطة ان تكون تنظر للأمور بطريقة اخرى كان بعضهم يقول نحن اوعى من المرجعية لذلك كان الموقف ان يبقى الخط رغم المعارضة الشديدة من داخل البيت المعارض ومن داخل النظام ومن داخل الاسلاميين المظلومين ولكن شهيد المحراب كانت رؤيته واضحة وكان يخاطب الجميع ان لم تأتوا فسأمضي حتى لو كنت وحدي وكان لنا شرف المضي معه بهذا المشروع ولو قدر في هذا المشروع ان يدخل في الحياة السياسية من بعد سقوط النظام السابق بالصورة التي دخلها فلأنه كان يرغب ان لايكون جهد المرجعية بلا من يرعاه لذلك اعتقد ان هذا اليوم احد الايام كان المتدين معني فيه بالوفاء الشديد لخط المرجعية ولخط العلماء.
واوضح الشيح جلال الدين الصغير خلال خطبته : نحن نظرتنا لخط المرجعية لايوجد مزاح فيها ولا يوجد هناك شعار لان القضية قضيتنا قضية دين لان امامنا الامام المهدي عجل الله فرجه هو من امرنا ان نكل الامور كلها للمرجعية وان المرجعية لو اوكلت امرا الى جهة معينة فأنها تعطيه الغطاء والتزكيه من قبلها والمرجعية وان سكتت يمكن للعمل ان يستمر لكن ان قالت لا تكون الـ( لا) حاكمة على كل الاحزاب .
للأسف الشديد نرى الحالة الواضحة وشروط المرجعية بسيطة تتلخص في اداء الخدمة وايقاف الفساد وانهاء حالة الترهل والوظائف الزائدة لكن للاسف الشديد نجد عدم تلبية نداء المرجعية ومازلت بموقف الغضب ولازال بعض الاحزاب وكأن الامر لايعنيها بتاتا.
وعرج سماحته على الفصل التشريعي المقبل لمجلس النواب وضرورة مراعاة بعض الامور قبل اقرار الموازنة بالقول " ان مجلس النواب فصله التشريعي القادم اصبح على الابواب ويفترض ان واحدة من مزايا هذا الفصل ان يهتم بالموازنة المالية وانا اتمنى من اعضاء مجلس النواب والحكومة ان يرسلوا من يأتيهم باسعار المواد المبتلى بها المواطن ويقدرون هل هذا المتقاعد الذي يأخذ (تفاليس) من هذه الموازنة يستطيع ان يؤمن حياته وفقا للأسعار التي رأوها هم؟ وهل يمكن للبرلمان والحكومة وهم يتعهدون بالعملية التربوية ان ينظروا الى المعلمة والمدرس بالراتب الذي يتقاضاه ان يستطيع العيش بالاسعار الموجودة؟ وهل يمكن للأرامل والاناس الذين سجلوا بشبكة الرعاية الاجتماعية ان تفي الاموال التي يستلمونها بمستلزمات العيش البسيط جدا وهناك عشرات الامثلة والتضخم يرتفع والسوق يشتعل والرواتب لم تتزحزح.
لايمكن ان يكون ذلك انصاف عادل مع اوضاع الناس التي يعيشونها لم تستطع الحكومة لسبب او لاخر ان تؤدي الخدمات المطلوبة منها على الاقل قدموا ما يمكنوا الناس ان تعيش بمقدار من الاطمئنان على رزقها.
وهنا لا اريد ان اتحدث عن رواتب المسؤولين وتقاعدهم لكن انظروا الى الناس كما هي بأنينها ومعاناتها ومظلوميتها ومحروميتها انظروا الى احتاجاتهم لايعقل ان تقررون موازنة من قبل اناس لاينزلون للشارع يجب ان تكون الموازنة بناء على الآم الشارع ومعطياته .
وفيما يلي التسجيل الكامل لخطبة سماحته :