قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
هناك في اوضاعنا السياسية جملة من التطورات الأقليمية والداخلية ولكن لا شك ولا ريب في كل هذه التطورات اننا نجد أن التطور الأخطر هو ما يتعلق بمجريات الملف الأمني . والملف الأمني تارة ينظر اليه من خلال التفاصيل والجدول اليومي للعمليات المقلقة للأمن وللأسف الشديد نجد في كل يوم ان هذه القائمة طويلة . فالأختراقات الأمنية والتجاوزات الأمنية وكل ما يتعلق بتفاصيل الملف الأمني ، فكلما قلنا أن الأمن بدأ بالتحسن كلما رأينا تراجعا في الأداء وتراجعا في حالة الحذر وحالة الأنتباه لدى الناس قبل الدولة ، واما الحكومة فحدث ولا حرج في هذا المجال . وأخرى ننظر اليها بعنوان طبيعة العناصر المحركة للملف الأمني ، العناصر التي تهدد والعناصر التي تقوي هذا الملف وللأسف الشديد أجد أيضا أن الحصيلة المستخرجة من متابعة الملف الأمني ان العناصر او السياسات المخلة بالملف الأمني لا زالت وتيرتها هي الأعلى . والسياسات التي تقوي الملف الأمني لا زالت بدرجة هابطة جدا بالشكل الذي ربما يصح القول ان سياسة امنية جادة لتقوية الأمن هي عبارة عن شعار يطرح وليست عمل يتحقق . فلا توجد سياسة جادة ترعى كل المشكلات المحيطة بالملف الأمني ومن يتحدث بأن هناك سياسة ناجعة تكذبه تفاصيل الملف الأمني طولا وعرضا .
منذ كم ونحن نتحدث عن عمليات الأغتيال وما تعني هذه العمليات من فشل في أداء الأجهزة الأمنية ونحن في كل يوم امام قائمة من الأغتيالات لو نظرنا اليها بشكل مجموع لرأينا ارقاما هائلة ولرأينا اجهزة جادة منظمة وخبيرة بعمليات الأغتيال وتستطيع ان تصل الى اهدافها بمنتهى اليسر والسهولة . ولا أحتاج الى دليل وأنا ارى في كل يوم اننا نفجع بعدد من موظفي الدولة او ضباط الداخلية والدفاع . في كل يوم هناك عمليات اغتيال ربما تصل في اليوم الواحد الى اكثر من عشرة حوادث اغتيال منظمة ولا اتحدث هنا عن الأغتيالات الفردية أو حالات الثار او ما الى ذلك وإنما الأغتيالات المنظمة التي يستخدم فيها الكاتم وتستخدم فيها الهويات التيي تسمح لهؤلاء بان يمروا على الحواجز الأمنية وتستخدم فيها تقنيات الاتصال العالية ولديها معلومات عن طبيعة الضحية وأماكن تواجده وحركته وأين يذهب وأين ينتهي . عندئذ هذه الأمور عندما لا أجد لها معالجة إما أن اقول بأن الحكومة لست مهتمة وهذا لا يمكن ان يقال ، أو ان السياسات الموضوعة لمعالجة مثل هه الملفات سياسات على أقل التقادير هي سياسات فاشلة وبأنها لاتحقق أي نتيجة مرجوة في هذا المجال . وما جرى يوم امس من إغتييال للشهيد ( ابو زينب علي فيصل اللامي ) رضوان الله تعالى عليه يحكي هذه القصة ويؤشر بوضوح رغم ان الأخ الشهيد لم يكن اول من نفجع وبه ولن يكون الأخير للأسف الشديد . ولكن انا اتعجب هؤلاء الذين يمسكون بالملف الأمني ويقولون لدينا أمن وهم يرون في كل يوم هناك أحداث لايغتال فيها الأنسان العادي وإنما يغتال فيها الأنسان الموظف في داخل الحكومة وفي الكثير من الأحيان من داخل نفس هذه الأجهزة . أتعجب ألا تنتفض الحكومة لنفسها لكي تخلص من ينتمي وينتسب اليها .
وأستطرد سماحته في الحديث قائلا :
وهنا الحديث عن العبوة اللاصقة والعبوات التي توضع على الطريق فحدث ولا حرج وأصبحنا نعيشه ونعتاشه حتى اننا نستغرب في حالة عدم سماع صوت الانفجارات حيث ان هناك معدل من مرعب من العبوات التي تنفجر ما بين السادسة فجرا والعاشرة صباحا . ولكن حوادث الإغتيال مع عشرات السيطرات الموجودة في كل الأماكن وهي من كل الأجهزة وعادة مهمة السيطرات هي التقليل من عمليات الأغتيال بإعتبار ان الجهات التي تغتال الى مناورة للأنسحاب كما تحتاج ساحة الى الهجوم فحينما تكثر الحواجز تقلل الفرص امام هؤلاء ولكن مع كثرة الحواجز مالذي نراه ؟ . أبرار هذا الشعب يتساقطون الواحد بعد الآخر وكل ما يفعل هو إما أن يصدر بيان نعي أوشجب أوادانة أو استنكار أو في أحسن التقادير يقولون أننا أمسكنا الذين نفذوا الأغتيال ، والعبرة ليس أنكم امسكتم بهم ولكن كيف نفذوا عملياتهم ؟ . وأنا أتذكر وانتم تتذكون في ايام الحرب المجنونة للمجرم صدام ضد الجمهورية الأسلامية كان المجرم صدام يصدر يوميا بيانا يقول اننا أسرنا مئتان أو خمسمائة او الف حتى نبهه الأمام الخميني (رض) في تعبيره ( ألا بنظر هذا الأحمق اننا نسجل عدد من اسرهم ثم سنطالبه بهم ) وبعدها مباشرة نزلت القضية الى واحد او أقل لأن القضية عبارة عن اكاذيب .
يقولون الآن اننا امسكنا العصابة التي نفذت العملية الفلانية وفي اليوم الثاني رأينا عملية ثانية حصلت وعملية ثالثة ورابعة وخامسة فأما أن نقول ان هناك إعلام مضلل لا يعطي الحقيققة الى الناس ، أو أن يكون هؤلاء ونسب اختراقهم الى الأجهزة الأمنية كبير جدا بالشكل الذي تحتاج هذه الأجهزة الى عملية غربلة واسعة النطاق ، وإن لم يكن هناك غربلة فعلى الأقل على السياسات الأمنية ان تتغير ولا تبقى بهذه الطريقة التي نشهدها اليوم . وبعض الأحيان قد يقول الناس انظروا الى الملف الأمني في 2005 و 2006 كيف منا ؟ ، نعم كنا ولكننا كم صرفنا من الأموال ومن الجهود ومن الزمن ويفترض ان الخبرات زادت لدى الأجهزة الأمنية ولكن الأرهاب لا زال هو هو وبدأ يتفنن وتلاحم مع الفساد السياسي والفساد المالي والفساد الأداري بالشكل الذي أوجد منظومة متماسكة . ولو قدر لي أن أتحدث عن الأجهزة الأمنية فعلى الأقل ان مثل حوادث الأغتيال واستمرار العمليات الأرهابية تنبيء عن ضعف في الجهد الأستخباري وهذا يتحدث به الكل ولكن السياسات لتوحيد الجهد الأستخباري في هذه الدولة لا وجود له واذا كان موجودا فهو ضعيف وغير فاعل فالدفاع لديها استخبارات لا تعلم بها الداخلية واستخبارات الداخلية لديها معلومات لا يعلم بها جهاز المخابرات وجهاز المخابرات لديه معلومات لا يعطيها الى الأمن الوطني والمني الوطني لديه معلومات لا يعطيها الى مكتب القائد العام وهكذا دوامة من الأجهزة لا تتعاون فيما بينها ولا تنسق المواقف . والمعلومة الأستخباريية في الملف الأمني هي الحاسمة فأحيانا تاخر المعلومة دقيقة واحدة يؤدي الى سقوط دم ولكن يمكن لدقييقة من وصول المعلومة يؤدي الى حصانة دم ، اذن كم نحتاج الى حالة تنسيق وإدارة عالية في الأداء الأستخباري ؟ . ولكن الدولة والحكومة غارقة في مشاكل المناصب اكثر من غرقها في مشاكل امن المواطنين وطبيعة العلاجات الناجعة .
وهنا حتى لا ألقي اللوم على جهة واحدة أقول أين الكتل السياسية من هذا التصدع في الملف الأمني وهذا الضر الضرار بعضهم بالبعض الآخر يؤدي بلاشك ولا ريب الى ضعف في الأداءات . فإذا كان الضضابط يشعر ولاءاته للمسؤول والمسؤول يوميا تحت رحمة هذا الخناق او ذاك الخناق ، هذه الأزمة او تلك الأزمة ، هذا الضعف أو ذاك الضعف عندئذ الضابط المسؤول لماذا يهتم والمسؤؤول غير مطمئن بعد وهل يبقى أم لا وسط المحاصصات وظروف التآكل للوضع الأداري للدولة فلم يأتي هذا الضابط ويتابع واجباته بدقة فهو ييرى الكبار لا يتابعون واجباتهم بدقة وهذا قطعا ليس له علاقة بالشعور الوطني ولكن طبيعة الناس ينظرون الى الكبار ماذا يفعلون ، فإذا كان الكبار متحابون ومتناصحون فإن الناس يسيرون على منوالهم واما اذا كان العكس فالنس يسيرون على منوال العكس أيضا .
وعن التحديات الأمنية في المنطقة قال سماحته :
الأمر الآخر في الملفات الأمنية الكبرى " الملف الأمني القومي " الآن من الواضح جدا ان بعضا من دول المنطقة قد اتعضت بشكل كبير مما جرى في مصر ولكن عضتها لم تكن على أساس ان تعود الى شعبها وإنما بدات تفكر بكيفية الأمساك ببرقبة هذا الشعب او ذاك . بمعنى أن هؤلاء يعرفون قبل ان يعرف غيرهم عمالتهم وإتكائهم على الاراداة فلما رأوا حليفا امريكيا كبيرا اسمه " حسني مبارك " بعد عمر طويل قضاه في المنصب الذي خدم به التوجهات والمصالح الأمريكية وإذا يطاح به في أقل من شهر !! ، فؤلاء جلسوا في ما بينهم وقالوا " اذا الشيخ الكبير حسني مبارك قد تركته امريكا يسقط بهذه الطريقة فكيف سيتعاملون معنا ونحن لسنا كبار مثل كبير السحرة ) ؟ . من ان الى الشعوب بالرحمة والرأفة بدأوا يمررون ما يجيدونه من سياسات التفرقة والفتنة وإشغال الناس بدوامات امنية وإقتصادية تجعلهم دائما في بحث عن الأستقرار والأمان . وما جرى في البحرين ويجري في سوريا والمحاولات الرامية لكي تواجد في لبنان ييعرب ان الدول الطائفية في هذه المنطقة بدات تعطي للملف الطائفي قدرته الأكبر من الأثارة لانهم لا يجدون من شعوبهم ما يمكن ان يمنحهم الولاء لذلك استعاروا من المجرم الزرقاوي أو الزرقاوي هو الذي استعار منهم نظريتهم واذا تتذكرون رسالته التي يتحدث فيها عن كيفية السيطرة على العراق يشير انهم لا يمكنهم السيطرة إلا بإثارة الفتنة بين السنة والشيعة وأهل السنة لا يمكن ان يقتنعوا بقيادتنا إن لم نفعل الملف الطائفي ونظهر لهم اننا من نؤمن مصالح اهل السنة وندفع الخطرعنهم لذلك سوف يحتضنوننا وبالنتيجة نعيش ونقود هؤلاء غيرهم . الان من ينظر الى ملف البحرين على وجه الخصوص يجد ان الملف الطائفي هو المتحرك طولا وعرضا فلا مصالح الششعوب هي المتحرركة ولا مصلحة نفس البحرين هي المتحركة في هذا المجال قد رأينا من الأفلام ومن التققارير المفجعة في إصرار اجهزة الحكومة البحرينية ومن يققف وراء الحكومة البحرينية واتحدث بعبارة صريحة ان السعودية هي التي تحرك الملفات الطائفية في المنطقة لأنها التجارة الوحيدة التي بيدها . نعم يقولون " خادم الحرمين " ويعبرون بأنهم هم المسؤولون عن الحرمين ولكنني اتعجب على وهم يرون خادم يمسك بكاس هو والرئيس " بوش " و " دك تشيني " وامثال هؤلاء ويتبادل معهم الكؤوس فهل خادم الحرمين يكون بهذه الطريقة ؟! . ولكنه لا يجيد إلا دفع المال وحينما بدأ المال لا ييعطي الثمار المطلوبة لم يجدوا إلا هذه الخلاصة " لابد من تفعيل الملفات الطائفية " .
وأضاف سماحته :
تحدثوا عن جريمة حرق المصحف في امريكا من قبل أسقف وهي لا شك جريمة كبرى ، ولكنهم لم يتحدثوا عن احراقهم هم للمصاحف الموجودة في مساجد وحسينيات وبيوت البحرين . وتحدثوا عن ألم يجترح قلوبهم لو سقط ضحية من ضحايا الأرهاب في دولة معينة ، ولكن لم يتحدثوا عن كيفية سقوط المئات بأيدي قواتهم وأيدي أجهزتهم !! . والصورة التي رأيناها عبر التلفزيون لممارسة هؤلاء مع ضحاياهم تنبيء عن الشيء الكثير ولكن لعبة التاريخ وصوت الإعلام الكبير الذي يصور الضحية دائما بعنوانه ظالما والظالم بعنوان الضحية . شعب لم يتظاهر إلا بسلم ولم يتحدث إلا بمطلب يتعلق بحقوقه وكان يهتف دوما بانه يريد وطنه حرا وعزيزا ولا يريد أية فتنة طائفية ولكن كيف حرفوا الأمور وقلبوها بالطريقة التي رأيناها . وللأسف الشديد لطبيعة الهزال والوهن الذي فيها هي التي تقوجد السم الى الشعوب لكي تتقاتل فيما بينها والرابح هي هذه الفتنة . يصورون انفسهم بأنهم أئمة للدين والدين لاشك ولا ريب براء من مثل هذه الأعمال .
لكن لو قدر ان أجد مشهدا طائفيا في لبنان او سوريا او البحرين فلماذا انا في العراق أجهزتي الحكومية وكتلي السياسية لا تنظر الى ان هذا الملف يتحرك في داخل العراق ويمكن ان يفعل من جديد كما فعل من قبل ؟! . هذا الشعور بأننا بمنئى عن هذه المخاطر هو شعور مفتضح وشعور واهم وشعور من لم يتأذى بأذية الناس ولم يشعر بآلام الناس حينما مرت بهم المحنة من سنة 2004 الى سنة 2007 . وهنا لو قدر لي ان انظر الى مشكلة ميناء بوبيان فإنني لا يمكن ان أنظر الى المشهد بعيدا عن هذه التفعيلات ولا اجد ان النيل من العراق هو مقصد هؤلاء جميعا وسبحان الله ان تصل الأمور الى ما وصلت اليه . وهنا أشير الى واحدة من المفارقات التيي يجب ان ينتبه اليها الجميع أن لا هؤلاء الذين صعدون من نبرتهم الإعلامية في التحدث عن مسألة بوبيان جادون في حفظ سيادة العراق ولا أولئك المتراخون المستسلمين هم جادون أيضا في التعامل مع هذه الأزمة . مع ان هذه الأزمة يمكن ان تحل في الأروقة الدبلوماسية وتحل بعيدا عن الأعلام ولكن دفعة واحدة حينما تطفح السطح الإعلامي وتصبح صفحات الإعلام منتدى للتباري بين هذا المصرح وذاك النجم الأعلامي الفلاني واصبح بعض سياسيونا أشبه بنجوم السينما فيطلبون من القنوات الفضائية لكي يصرحوا وبعضضهم مستعد للتصريح في قضية يعرفها أو لا ويقول علي ان اتحدث .
وختم سماحته الخطبة بالقول :
ولكي لا انظم الى مثل هذه الأتجاهات علي ان أنبه الحكومة والكتل السياسية (هذا الصراع الذي بينكم اما آن الأوان لينتهي ويتوقف ) ؟ . في كل يوم اجتماعات ويوميا جلسات وتصريحات " اتفقنا " وفي اليوم الثاني تبين ان لا وجود لهذا الشيء . ودوامة من بعد دوامة وقد أضرت بمصالح الناس واضرت بملف الخدمات واضرت بملف الأمن بل أهلكت ملف الأقتصاد وأضرت بواقع العلاقة بين المكونات وها هي تضر يوما من بعد آخر بكل مؤسسات الدولة فمن الرابح ؟ . مهما يكن فكل ما في الأمر أنها سنتان تمران وبعدها كل واحد منكم قد يرى طريقا آخرا ربما ، ولكنكم تتركون خلفكم ركاما هائلا وتحولون ما خلفكم الى دمار يستمر لسسنوات عديدة من بعدكم . أما آن الأوان لكم ان تقفوا وتقولوا بأن شعبنا الذي إنتخبنا هو المتضرر من هذه القضايا فما قيمة هذه الوزارة او تلك وما قيمة هذا المنصب او ذاك اذا كانت القضية هي ان الشعب هو الذي يتضرر والناس هي التي تحرم من حقها في الحياة الكريمة والأستقرار والأمان ونسأل الله ان يلقي في قلوبكم الرحمة بهذا الشعب ونحن لم نرى في قلوبكم أية رحمة ورأيناكم في الكثير من الأحيان قساة لا تمتلكون الرأفة التي يفترض انها تليق بكم اكثر مما تليق بأي شخص آخر ، والمسؤول في الواقع هو أب قبل ان يكون صاحب كرسي ولكن اذا لم يكن الأب مهتما باولاده عندئذ لا يسميه أحد أب .