حينما ارى بعض السياسيين في طبيعة اعمالهم عادة ما ترتسم الصورة القرانية البديعة التي يرسمها الله تعالى لطبيعة الاعمال التي تعبر عن فقدان البصيرة لدى اصحابها.
ففي الاية القرانية الكريمة: وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
سورة النحل: ٩٢
ثمة قصة ودرس وعبرة
القصة تتحدث عن امراة في مكة كانت تعمل من الصباح الى العصر ومعها جواريها في الغزل حتى اذا حلت الظهيرة امرت جواريها بنقض ما غزلوا صباحا وتفكيكه للبدء من جديد في اليوم اللاحق على هذه الشاكلة
اما الدرس فهو ان مسعى من لا بصيرة لهم في امر السنن الاجتماعية والتاريخية والسياسية ضمن مسعاهم الحثيث ليتغلبوا على غيرهم ويتفوقوا عليهم مستعد لبذل كل انواع الاكاذيب والمهاترات واستخدام الاساليب اللائقة وغير اللائقة حتى لو كانت سببا في انهيار اعمدة السكينة والوقار والاتزان التي كان قد احتفظ بها او وصلته بطريقة واخرى، بل ان هذه الاساليب غير الشريفة في المغالبة ستكون هي العجوز التي ستطيح بكل الغزل وتعمل على تقطيع اوصاله، لان الصلاح لا ينشأ من الفساد والامانة لا تنشأ من الخداع والصدق مع الجمهور لا يتأتى من الكذب والنزاهة لا تتاسس من الشره والطمع والتحاسد والتباغض فقد تكون البدايات فيها مرونة لمناورة الكذب ضد الصدق والفساد ضد الاصلاح والخداع مع الامانة ولكن كلما ضاقت المسارات افتضح الكاذب وخزي المخادع والخائن واسودّت الدنيا بعين الغادر واللص والمفسد ولكن ولات حين مندم فالغزل اطيح به وما تم بنيانه غدا كجرف انهار بصاحبه، ومن لا يصدق فليسل عن اخبار بني امية والعباس وعثمان ومن سبقهم ومن لحق بهم ماذا جنوا من كل مناورات المخاتلة والمخادعة والكذب على عقول الناس وجمهورهم؟
اما العبرة فتكاد تلمس من نهاية ما اشرنا اليه في الدرس فالاعمال بخواتيمها فمن يرى جدية العجوز في مغزلها ومعها جمهورها المتفاني في خدمة هذه العجوز يتصور انهم سيغزون السوق وسيسيطرون على كل شيء ، ولكن وحده صاحب البصيرة من سيكتشف سلفا ارتباط خواتيم الاعمال ونتائجها ببداياتها، وسيعرف ان المتسلحين بالجيوش الالكترونية والمتحصنين بهالات الاعلام والمتربعين على عرش القدرة المصطنعة لن ينتجوا الا منصات انتحارهم واندحارهم ومرابع فشلهم المذل قال الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب |النور: ٣٩]
نعم يمكن للصلافة التي يتمتع بها هؤلاء ان تنتج لهم مظاهر قوة ويمكن للبجاحة اللا اخلاقية التي سيستعينون بها ان تبرز لهم نفوذا وقد يغتر بهم قوم قارون الذين ابهرتهم صورة الدرهم والدينار والابيض والاصفر ولكن النتيجة التي لا محيص عنها ان هؤلاء وقعوا في مكر الله وقد سئل الامام الصادق عليه السلام عن اشد مكر الله فقال انه الاستدراج فالله يمدهم فيتصوروا ان عرش الطاووس قد اصبح اسفلهم ولكن حينما ياخذهم بجريرة تماديهم عند ذلك يكون الخزي والعذاب الاليم قال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
آل عمران : ١٧٨
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
https://t.me/jalalaldeen_alsagheer