قال سماحة الشيخ الصغير في تصريح نشر على موقعه في الفيسبوك اليوم: أقبلت الانتخابات وجاء معها شر الدعاية الانتخابية واخلاقياتها والتي عادة ما تراعي خداع المواطن أكثر من اقناعه، وابتزازه أكثر من احترامه، ومستقبل أصحاب الدعايات أكثر من مستقبل الناخبين ووطنهم، ومصالح الكذابين أكثر من مصالح المظلومين والمحرومين، لنرى هذه الدعاية وهي تضع مع الحق القليل الكثير من الباطل، وتميث مع العسل القليل الكثير من السم الزعاف، والكلام المعسول مع القليل من الحكمة التي تبني العقول، والشعارات الفضفاضة بدلاً من البرامج الواقعية في اعمار وضع البلاد والعباد، ومن ثم ليتركوا أمام المواطن ساحة من الضخب الشديد الذي لا يرى فيه المواطن حقه من باطلهم، ومصلحته من منافعهم، وجوعه من شبعهم، وأنينه من أفراحهم، ومعاناته من ترفهم.
جاءت الدعاية الانتخابية وفي الكثير من الأحيان نراها تمتطي من الكذب جملاً، ومن الزيف إبلا، ومن الخداع محملا، ومن الضحك على الذقون سبيلا، جاءت وأصحابها في الكثير من الأحيان جيوبهم منتفخة وألسنتهم ذربة ووعودهم غالبيتها من صنف طيران الفيلة.
جاء المنتخبون ليروكم وجوههم التي افتقدتموها في أفراحكم وأحزانكم وفي بردكم وحركم وفي معاناتكم وإرهاقكم، جاؤوا والإبتسامات تعلوا وجوههم وهي في الواقع مكشرة تنظر كيف تبتزكم وطنكم وكيف تتحكم بمصيركم وكيف تنمّي فقركم وحرمانكم.
ولذلك الحذار الحذار من أن تعطوا للعواطف سبيلاً للتعرف على هؤلاء، ولا للطيبة منهجا لتقييم هؤلاء، فالفساد ما عشعش في بلدكم لولا طيبتكم التي لم تميز الذئاب من غيرها، والمحرومية ما استمرت لولا عواطفكم التي خدعت فما أبصرت بين المخلص الذي لا يبتغي بكم بدلا وبين المنافق الذي لا يراعي لكم عدلا..
حذاري من أن تكرروا درس علي عليه السلام ومعاوية عليه لعائن الله، درس أن يعتبر الشعب في فكر معاوية لا يفرق بين الناقة والجمل، ودرس علي العدالة النقية والرحمة المطلقة والبر الذي يئن حذراً من ان يكون في اليمامة أو الحجاز من لا عهد له بالشبع والضرع، ومع هذا الفرق فإن ذات الدعاية الانتخابية جعلت علياً يصفق بيديه ويقول لا رأي لمن لا يطاع وجعلت معاوية يصعد على منابركم ويقول لكم إنما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، ولئن ساد الفساد والظلم ومحي العدل والبر فبسبب طيبة الناس وخداع النفاق تلك الطيبة التي لم تستطع أن تفرق بين علي وبين معاوية، بل عملت على خيارات معاوية وتركت عليا، ولكنها حينما تركت مثل علي ابتليت بمثل معاوية...
أقولها مخلصاً: لا تنتخب عاطفتك بل انتخب الأنزه والأصلح ولا تقبل بالأقوال وإنما انظر إلى الأفعال، ولا تنظر إلى التاريخ وإنما اقرن معه الجغرافية، عندئذ ستكون لنا انتخابات نرجو من ورائها عمران البلاد وحياة العباد ومن دون ذلك فلا تتوقعوا غير تكرار الأنين واستمرار الظلم والحرمان.