قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
جملة من الأمور التي يجب ان نتحدث فيها ضمن ما يتيحه لنا الوقت من صلاة الجمعة اولاها تلك الصورة العجيبة التي نلحظها لدى تيار الشهيد الصدر (رض) وأعني بتيار الشهيد هم كل الذين إنتسبوا الى تيار الشهيد الصدر الأول وتيار الشهيد الصدر الثاني (رض) ، هذه الصورة التي أرتنا في جانبها الأول ذلك الأصرار الشديد لدى الشهيد الصدر الأول في إجتثاث البعث من كل ثقافاتنا ووجوداتنا . فحديثه لو أن إصبعه كان بعثيا لقطعه ، أو أمره بطلاق المرأة من البعثي إن لم يخرج من البعث ، أو أمر الرجل المتزوج من البعثية بطلاقها ، هذا التشدد والذي حمله التيار الذي حمل إسم الشهيد الصدر (رض) بكل قوة وبكل عنفوان وقد زاد نظام البعث الغادر كل ما يمكن أن يزيده في غضب هذا التيار على حزب البعث . وصورتهم البشعة والمروعة التي قدموها عبر إغتيالهم للشهيد الصدر الأول ثم ثنوا عليها بإغتيالهم للشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليهما إنما تعرب عن مدى كبير من الحقارة والوضاعة لدى هؤلاء وبالشكل الذي يجعل الأنسان الذي ينتمي الى هذا التيار يمتليء غيضا وغضبا على طبيعة أفعال هؤلاء .
وفي هذه الأيام إذ تأتي ذكرى إغتيال الشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليه لنا أن نتامل في صورة ذلك الحقد الذي إنصب على الشهيد الصدر الثاني حيث كان من الممكن إغتياله بطلقة واحدة ولكن لماذا مزقوا جسده وأجساد أولاده بهذه الطريقة التي رأيناها في منطقة الحنانة في النجف . لا شك ولا ريب أن حقدهم كان عظيما وغلهم كان كبيرا وغيضهم كان مهولا بالشكل الذي حاولوا أن يفرغوا أحقادهم بهذه الصورة . وفي كل الأحوال ربما كان هؤلاء القتلة ينادي أحدهم الآخر إشهدوا لي عند الأمير صدام . وهذه الصورة التي نعيشها في واقعنا اليوم ترى في واقعنا السياسي أين الشهيد الصدر ؟ ، وأين قتلة الشهيد الصدر ؟ ، وأين الأعمال التي برت بالشهيد الصدر ؟ .
هذا الواقع الذي نجد فيه أمننا يستباح وغالبية المسؤولين عن أمنا هم من البعثيين ، وأمننا يخترق وأجهزتنا التي يفترض أن تحمينا هي المخترقة من قبل هؤلاء ولربما كانت توقيعات تعييناتهم كانت قادمة مباشرة من الذين ينتسبون الى طريق الشهيد الصدر وهذه هي المفارقة الكبيرة ! . الفساد الذي يستشري في هذا الوطن العزيز إنظروا اليه ماذا يمثل وكيف يأتينا ستجدون أن ذلك الأصبع الذي لم يقطع عندما كان بعثيا هو الذي أدى الى كل هذا الخرابق وكل هذه المساوئ . صحيح أنني لست من دعاة الفشل دائما على شماعة البعث ولكن لا شك ولا ريب أن الأوضاع الناشزة والمؤلمة التي يعيشها المواطن لحزب البعث وأعماله قبل السقوط وبعده لها الأثر الأكبر في نشأتها وفي إستفحالها . وها نحن بعد ثماني سنين من سقوط الطاغية لا زلنا نجد ثقافة المجرم وشخصية المجرم قد إنمسخت في شخصيات وتعددة وتحولت الى إجراءات متعددة . وللأسف الشديد لا زلنا نلمس أن تلك الروح التي تريد أن لا تبقي أثرا من هؤلاء القتلة والمجرمين لازالت بعيدة إلا اللهم في الشعارات .
وأنا أناشد أخواني في التيار الصدر وأناشد أخواني في حزب الدعوة بكل جهاته المتعددة وأناشد أخواني في المجلس الأعلى بمؤسساته المتعددة أن تلتفتوا الى ما سبق لكم أن عاهدتم الشهيد الصدر عليه وهل أديتم الأمانة ام لم تؤدوها ؟ . هل قالها عبثا ( لو كان اصبعي بعثيا لقطعته ) أم أن الأمر كان يمثل نظرة حاذقة جدا بإتجاه رؤية المستقبل فهؤلاء الذين أثروا وأثروا على حساب نكأ جراحاتنا وتمزيق أوضاعنا وأشلاءنا لذا أتمنى أن تتحول ذكرى الشهيد الصدر (رض) الى حركة مستيقظة للتخلص من الوجود البعثي الذي بدأ يضرب بأطنابه في كل الدولة تارة بإسم الكفاءة وأخرى بإسم الخبرة وأخرى بإسم المهنية وأخرى بإسم الأستقلالية فالبعثي يسمونه مستقلا والأسلامي إذا كان ينتمي لأي حزب من الأحزاب يسمونه حزبيا وكأن البعث هو شمعة الأستقلال وناصية الدلال ! . ونحن نعرف من الذي قتلنا فإنتفضوا أيها الأخوة وراقبوا تاريخكم فأين إخوانكم وأين علماؤكم ومراجعكم فمن الذي قتلهم ومن الذي شرد بهم ومن الذي شتتكم في أصقاع الأرض ! .
بالأمس القريب إفتقدنا أحد كبار المجاهدين لدى أعزتنا في عشيرة آل جويبر فهذا الرجل الذي حمل بندقيته منذ سنة 1982 ولم ينزعها أبدا مات مجهولا لا يعرفه أحد ولا يذكره أحد ولا يبر به أحد ، وأنا أعتقد أن هذا نموذج من آلاف النماذج الذين لا زال الفقر يلاحقهم ولم يكن لهم ذنب غير أنهم تخلوا عن شبابهم وعن مستقبلهم وإتبعوا الشهيد الصدر وحملوا رايته فساروا يقطعون الفيافي والصحاري وينتقلون من هور الى آخر من أجل مقاتلة نظام البعث وإذا بنظام البعث هو الذي يعود بإسمهم وهم الذيين يتراجعون بل أن بعضهم تلاحقهم أجهزة الدولة الحالية لأنهم إنتقموا من نظام المجرم صدام في أيام ما قبل السقوط ! .
آن لكم أن تنظروا وتقولوا أين شهداءنا أين سجناءنا أين شهيداتنا أين عوائلنا فلا زالت عوائل الشهداء تنتظر . وإذا كنتم تتصورون أن عوائل الشهداء تفرح وأنتم تعطون لبعضهم وليس كلهم خمسمائة ألف دينار ليعتبروها أنها ثمن شهادة آباءهم فأنتم مشتبهون تماما . الشهداء إستشهدوا من أجل قيم لا من أجل نصف مليون وما الى ذلك وإنما إستشهدوا من أجل عدالة وحرية ومن أجل تغيير الواقع بالأتجاه الذي يضمن حقوق المواطنين ويضمن رفعة العراق وإستقراره وهاهي الساحة اليوم فأي إستقرار نتحدث عنه وكل صراعات السياسيين تتحدث أن هذا الكرسي لي وذاك الكرسي ليس لك ، بمعنى أن هذا الكرسي لي وذاك الكرسي لي أيضا . فهذا المنطق هو المسيطر على الجميع بينما المواطن العاطل الفقير الأرمل المثكول المحروم المظلوم لا يذكره أحد إلا اللهم في الشعارات والمزايدات التي نسمعها بين حين وآخر . فصراع من بعد صراع وأزمة بعد أزمة وتشنج بعد تشنج وتتحدثون اليوم عن مبادرة جديدة فأي مبادرة والنفوس لا زالت هي هي والثقة لم ترجع بعد ولم تستطيعوا أن تمدوا نداء الرحمة والرأفة بإخوانكم الآخرين ولا أستثني أحدا لأن الجميع متورط في هذه القضية . لذا فأنا مطمئن من أن لا هذه المبادرة ولا عشرة مثلها يمكن أن تخرجكم من الوضع الذي أنتم فيه فإلى متى ؟ .
وأضاف سماحته :
الشهيد الصدر (رض) عندما كان يتحدث بمنطق خدمة الإسلام وكان يطابنا أن نذوب في المرجعية لم يكن يتحدث من فراغ ، وحينما قال ( ذوبوا في الأمام الخميني كما ذاب هو في الأسلام ) لم يقصد الأمام الخميني (رض) الشخص فقط وإنما قصد النوع الذي يستطيع أن يأخذ براية الأمة نحو هداها والسياسي ليمارس سياسته وينشغل بملفاته ولكن عليه أن يتلمس راية الهدى واليوم المرجعية ممتنعة عن إستقبال السياسيين لماذا ؟ . ألا تسالون ، ألا من مبادر ليفك هذا التأزم الموجود ، فعلاقاتكم مع قواعدتكم ليست بتلك التي يفتخر بها ، وعلاقاتكم مع الآخرين ليس بتلك التي يرجو منها الأنسان خيرا ، وعلاقتكم مع أنفسكم ليست بتلك التي يتشيم بها الأنسان . وها هي نذر القوم قد اتتكم ، فحادثة النخيب لم تكن مجرد حادثة ، وحادثة كربلاء ليست مجرد حادثة ، وحوادث التهجير التي تحصل سني شيعي وشيعي سني لا تأتي من فراغ وإنما تستغل هذا الواقع المتردي لكي تعود وتاكل من أشلاءكم من جديد فذباحكم ما زال حيا وقاتلكم لا زال مستيقظا فلماذا أنتم نائمون وغافلون عنه ؟ .
وعن معاناة الشعب التي لا تنتهي قال سماحته :
وعلى أي حال فأنا لا أريد أن أتحدث عن مظلومية الناس فهذه المظلومية قد إعتدنا وإعتاد الناس عليها ولكن دعوني أذكر بامرين :
الأمر الأول هو أن أعزاءنا في وزارة الكهرباء جزاهم الله خير الجزاء من كثرة إعطاء الكهرباء للناس أرسلوا إليهم فواتير رائعة ، فواتير تعاني من حالة تسرطن بشكل كبير جدا . ثم أين هي الكهرباء حتى ترسلوا الى الناس الفواتير وفي كثير من الأحيان لا توجد عدادات وإنما يرسل المحاسب ليسجل أي رقم ! . فعلى الأقل يا حكومتنا الموقرة ويا مجلس نوابنا العزيز إذا لم تعطوا الكهرباء للناس فإدفعوا فواتيرهم على الأقل خصوصا وأن إنقطاع الكهرباء أدى الى إغلاق كم معمل وكم مصنع وعطل الكثير من الأعمال إضافة الى ما تكبده المواطن من نفقات لتأمين الكهرباء من طرق أخرى فإدفعوا فواتيرهم وإلا فإنه عيب عليكم .
القضية الثانية : هي قضية حصار سوريا إقتصاديا والحصار بعده ما بعده وأنا كعراقي أريد أن أنظر الى المشهد ماذا سيحصل بأسواقنا التي تعتمد على الزراعة السورية والمحاصيل السورية ؟ . وسوريا بلد قابل للعطب لأن موارده لا يمكن أن تكون كبيرة وبالنتيجة فإننا يوما بعد آخر سترتفع الأسعار ولا أدري هل ان الدولة منتبهة لهذه القضية أم أنها بعد أن ترتفع الأسعار وتقل المواد عنده يقولون علينا أن نجد حلا لهذه المشكلة ؟ . الراعي هو الذي يتخذ التدبير الأنجع قبل أن تبتديء المشكلة وإن شاء الله وزارة التجارة ووزارة الزراعة وبقية الوزارات سيلقى في روعهم أن يؤمنوا سلة غذاء لهذا الشعب وسط الغليان الكبير وإرتفاع الأسعار .
وفي الشأن البحريني قال الشيخ الصغير :
القضية الأخرى هي قضية البحرين وما أدت مسرحية الأنتخابات وكذلك مسرحية الأحكام المتعجرفة التي أصدرتها محاكم البحرين أمس الأول . أنا مطمئن من أن شعبنا البحريني الصابر سؤدي مسؤوليته وبأنصع الوجوه وأتمها ، ولكن أخاطب الحكومة : أردتم إنتخابات تمثيلية وشيعة البحرين قاطعوا هذه الأنتخابات فعن أي تمثيل تتحدثون وعن أي عدالة تتكلمون . قاطعوها ليس عزوفا عن مطالبهم وإنما تحقيقا لمطالبهم لأن أمرا كاريكاتوريا في عالم السياسة يتحقق عبر إرادة آل سعود وأمثالهم بعيدا عن إرادة الشعب البحريني وأنا متأكد بعيدا عن إرادة ملك البحرين نفسه فإلى تبقى هذه القطيعة والأمور متشابكة وأنتم تعلمون جيدا بأن الشعب ربما ترونه قد أحنى رأسه امام عاصفة وجهتموها إليه بإسم " غدر الجزيرة " ولكن هذا الشعب بعد مدة وقد رأيتموه سوف يستوعب تلك الهجمة وسيحتويها وستتحول الى مزيد من المققاومة والأصرار على إحقاق الحق . أملي بعقلاء البحرين من كل الأطراف أن يفوتوا الفرصة على غربان آل سعود لأن هؤلاء لا يريدونكم بقدر ما يريدون أنفسهم . وأملي كبير في ان تؤدي المحاولات اليوم الى جلوس الجميع الى طاولة الحوار ويضعوا البحرين كل البحرين بكل مكوناتها أمام أعينهم وليكن ملك البحرين هو الراعي وهو الحاني على لم شمل هؤلاء والقطيعة لن تؤدي الى مزيد من التخريب والأضرار بمصالح الشعب البحريني .
وختم سماحته الخطبة بالقول :
وأنا أشد على يد أخينا العزيز العلامة المفضال عيسى قاسم في جهاده وصبره وثباته ولقد كانت والله رسالة مخزية تلك التي وجهها الوزير البحرين فهذه اللغة قد عرفناها من البعثيين ورأينا أي مدى يمكن أن تفعل وسط المجتمع ولم تزد الشيخ عيسى إلا مزيدا من الأصرار والثبات . وأشد على يد أخواني فر حركة الوفاق أن يستمروا في مطالبهم العقلية والمعقولة والمتعقلة والمتأنية في النظر الى المصالح والاولويات بالشكل الذي يضمن مصالح كل البحرين .
بقي أن أتحدث سريعا بما يتعلق بطلابنا وطالباتنا الأعزاء وهنا الكثير من الكلام ولكن سأتركه الى الأسبوع القادم ولكن سأغتنم البث المباشر لأشير الى أخواني الطلبة والطالبات ربما تستطيعون أن تنجحوا بأساليب ملتوية وربما تجدون بعضا من المعلمين والمدرسين ممن لاعهد لهم بمسؤولية التربية فتنصاعون لهم لقاء ثمن بخس يأخذونه منكم ومن أهلكم فهذه الأمور لن تكون شخصياتم بل بالعكس ستنعكس على مستقبلكم بشكل سيء جدا . أخواني الأساتذة المدرسين المعلمين الهيئات التدريسية انتم مدعوون للقضاء على الوسائل الكثير من التخلف في التعليم وللقضاء على الكثير من المظاهر السلبية التي نراها في المدارس وللقضاء على التخلف في طبيعة العلاقة بين المعلم والطالب ففي زماننا لم نكن ننظر للمعلم بإعتباره معلما وإنما كنا ننظر له أخا كبيرا بل أبا ثانيا . ولا شك ولا ريب ان لذلك أسباب متعددة ولكن من جملة هذه الأسباب أن تقوم وزارة التربية ووزارة التعليم العالي بالنظر الى المناهج التربوية والطرق التدريسية وطرق التعامل بين الوزارة والمدارس وبالطريقة التي تضمن رقيا فأي معنى لأن تدرس كلياتنا مناهج أكل الدهر عليها وشرب والعالم يطور في كل سنة مناهجه ويقدم مناهجا جديدة من أجل نمو عقول الطلاب ، والطلاب هم قادة المستقبل الذين سيحملون هم العراق وهم بناءه فإذا كانت الأساليب متواضعة هل ستتوقعون ان يقفز الىعراق الى المستوى الذي نتمناه ؟ ، لا يمكن ان يكون ذلك إلا من خلال نهضة تربوية تؤدي الى معالجة كل المشاكل والمعوقات في العملية التدريسية التربوية .