بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين باريء الخلائق اجمعين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيد الأنام حبيب إله العالمين وسيد الأنبياء والمرسلين حبيب قلوبنا أبي القاسم محمد وعلى الهداة الميامين من أهل بيته الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعداءهم من الأولين والآخرين الى قيام يوم الدين .
عباد الله في شهر رمضان المبارك ما احوجنا الى أن نوصي أنفسنا وأخوتنا بتقوى الله سبحانه وتعالى وإطاعة أمره والألتزام بنواهيه . نسأل الله العلي القدير الذي رزقنا عمرا لكي نحيي مرة أخرى فيه شهر الطاعة وشهر الغفران أن يحل هذا الشهر المبارك عليكم وعلى جميع المؤمنين بكل رحمة ورضوان وأبتهل الى الله تعالى أن يجعل دعاءكم فيه مستجابا وعملكم فيه مقبولا .
حينما طلبنا أن يكون هذا الشهر شهر إحياء العلقة مع الأمام المنتظر (عج) وتنمية الرابط بيننا وبينه لابد من أن نجعل من هذا الشهر ما فيه من التميز عن أي شهر مضى كنا قد قضيناه مع صيامه ومع قيامه . ليس لأن هذا الشهر يختلف عن أشهر رمضان التي مضت من الناحية التشريعية ، فالناحية التشريعية كما هي ولا يوجد فرق بين رمضان وآخر . ولكن ثمة عوامل متعددة تعطينا الزخم بما يمكن أن يجعل هذا الشهر أكثر تمايزا من أي شهر قد مضى علينا . واحدة من هذه العوامل هي قضية معروفة ومألوفة وسبق لأمير المؤمنين (ع) أن أشار إليها وهي أشبه ما يكون بالقاعدة التي يجب أن تتخذ حيث قال ( من تساوى يوماه فهو مغبون ) .لا يعقل للمرء حينما يمر به رمضان من بعد آخر ويجعل هذا الشهر كما سبق له من الأشهر فلابد ان يتميز فيه ، لا سيما وأنه يفترض أن وعيه قد أصبح أكبر بالنسبة الى عبادة الصيام وعلقته مع الله سبحانه وتعالى أكثر من السابق . " من تساوى يوماه فهو مغبون " إشارة الى أننا يجب في كل مرة أن نجدد تميزا في أعمالنا وفي عباداتنا . ولكن العامل الثاني وقد أشرت اليه في الأسبوع الماضي وقلت بأن هذا الشهر هو الأقرب من أي شهر آخر بالنسبة الى ظهور المولى صاحب العصر والزمان (عج) .
ورمضان وعدنا فيه بعدة قضايا ولكن قبل أن أشير الى هذه الوعود أشير الى أن ثمة سر يجب أن تنتبه إليه وهو أن تلزم نفسك يوميا بقراءة دعاء الأفتتاح . فهذا الدعاء لم يشر إليه في كل شهور السنة وإنما خصص لشهر رمضان ، ولم يقال بأن يكفي قراءته مرة واحدة في شهر رمضان وإنما طولبت بأن تقرأه في كل ليلة . لابد من أن هذا التمايز في هذا الدعاء يبعث في نفسك شيئا من التساؤل لماذا ؟ . فإذا ما عرفنا أن صاحب هذا الدعاء ومنشيء هذا الدعاء هو الأمام المنتظر (عج) لابد من أن نقول بأننا يوميا في رحلة مع الأمام ونقرأ دعاءه ودعاءه ليس له حتما ، وإنما دعاءه هو لنا لكي نتعلم كيف ندعو الله سبحانه وتعالى وأي الكلمات ننتخب من أجل توطيد العلقة مع الله سبحانه وتعالى . فإذا ما قدر لك ان نظرت في هذا الدعاء ووجدت أن ما يقرب من ثلث الدعاء مخصص للأمام (ع) ، من قوله ( اللهم صل على ولي أمرك القائم المؤمل .... الى آخر الدعاء ) حديث ودعء يخص الأمام (ع) وزمثل هذه الخصوصية لا نجدها في أي دعاء آخر . خاصة وأن هذا المقطع الأخير خصص لقضايا تتعلق بالأنسان المؤمن وبالجماعة المؤمنة وبمطالبها وبمصالحها الأجتماعية والسياسية . تارة يأتي الدعاء خالصا للأمام كما في بدايته ، ولكن من بعد قوله ( اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة ... الى آخر الدعاء ) تجد أنه قد خصص للمطالب الأجتماعية والسياسية الخاصة بالمنتظرين للأمام (عج) .
وبالنتيجة فحينما تقرأ ( اللهم إنا نرغب اليك في دولة كريمة ) لابد وأن تساءل نفسك هل لي مسؤولية تجاه هذه الدولة أم أنه مجرد طلب من الله وأنا لا علي ؟ . قطعا لا يوجد دعاء يمكن للأنسان أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يجيبه عليه ولا يلتزم بجزءه الخاص به . فحينما أقول اللهم أرزقني وانا لا أسعى بإتجاه الرزق فالله هو الرزاق ولكن ثمة جزء معلق بإرادتك وهذا الجزء طبيعته أن تسعى بإتجاه الرزق فإذا لم تسعى بإتجاه الرزق تصبح وكأنك لم تدعو أساسا لأنك لست مهتما بهذا الطلب . لذلك حينما نتحدث تارة في الصلاة عن الأمام (ع) وإستحضار معانيه الكبرى أثناء الدعاء أو من خلال إثارة مشاكلنا لأجتماعية أو من خلال إثارة معضلاتنا المعنوية أو السياسية أو ما الى ذلك والتي تتجلى في دعاءه ( اللهم إنا نشكو اليك فقد نبينا وغيبة ولينا ..... الى آخر الدعاء ) ، فهذه المطالب كلها فيها إتجاهان : إتجاه متعلق بطبيعة جهدنا وطبيعة مسعانا لحل هذه المشاكل ، وإتجاه آخر هو الطلب من الله سبحانه وتعالى أو على الأقل هو ان يبدي الأنسان إستعداده النفسي والمعنوي للأنسجام مع هذه الطلبات . فحينما نقول ( اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة ، أو حينما نقول اللهم إنا نشكو اليك فقد نبينا وغيبة ولينا ) كل هذه المفردات تكون تارة قابلة للتحقق عند ذلك يجب ان نبدي ما من شانه أن يبرز استعدادنا وقابليتنا للتعامل مع هذا الموضوع . وإن لم يكن لسبب او لآخر قابلا للتحقق في يومن هذا ولكنه مستقبلا سيتحقق لاشك ولاريب عندئذ علينا ان نؤمن الأستعداد النفسي والأنسجام المعنوي مع هذه القضايا .
أنظر حينما يقول الرسول (ص) ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستط فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الأيمان ) . فالآن واضح ما في كلامه من تغيير اليد واللسان ، ولكن لماذا هذا الأنكار في القلب ؟ . من أجل تأمين هذا الأنسجام أو من أجل تأمين الأشمئزاز في داخل نفس الأنسان من طبيعة المنكر داخل المجتمع . فبالنسبة لنا حينما يكون هذا الدعاء له هذه الخصوصية مع الأمام (ع) من جهة ومن جهة أخرى له هذه الخصوصية في التعامل مع مشكلاتنا الأجتماعية والسياسية والأقتصادية والأمنية وما الى ذلك عندئذ نقول بأن إصرار الأئمة أو تخصيص الأمام (ع) لكي نحيي التعامل معه عبر هذا الدعاء وفي شهر رمضان خاصة فلا بد من ان يجلب إهتمامنا وإنتباهنا الى طبيعة العلقة التي يجب أن تتواجد بيننا وبين الأمام (عج) .
خصوصا ونحن حينما نتحدث بأن الأمام (ع) سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن تملأ ظلما وجورا لو راقبتم قوله (ع) في آخر الدعاء ( اللهم أشعب به صدعنا وأرتق به فتقنا ) فهذه الجمل هي كلها مظاهر الظلم او طلبات العدالة وبالنتيجة فإن من يسعى بهذا الأتجاه إنما يريد أن يؤكد سيره بإتجاه دولة القسط والعدل وإمام القسط والعدل . وحينما يسير بالأتجاه المضاد لهذه الطلبات عند ذلك هو يؤمن الظلم والجور الذي يخرج الأمام بأبي وأمي ثائرا ضده وقاضيا عليه . لذلك حينما نقول ( شهر رمضان شهر الطاعة والغفران ) ليس المقصود هنا هو البقاء في إطار حرمة الأكل والشرب من وقت أذان الفجر الى وقت أذان المغرب بإعتبار أن الناس ربما لأسباب كثيرة يمتنعون عن الأكل والشرب ولأوقات قد تطول أكثر من ذلك . ولكن من دون شعيرة التقوى ومن دون العمل الجاد من أجل طاعة الله سبحانه وتعالى لا يمكن ان تؤمن حاجة وأغراض شهر رمضان . والأمام (ع) أفرد عامة المشكلات وقال يجب ان نتعامل في هذا الشهر مع هذه المشكلات بالطريقة التي يمكن ان تعالجها . ( اللهم انجح به طلبتنا ) فهذه الطلبة التي نتحدث عن إنجاحها هي طلبات الناس ، وحينما تاتي ألي هذه الطلبة ويقال لي فلان لدي طلب منك فإن لبيته لبى الله سبحانه وتعالى لي ما هو أهم من ذلك . وإن لم ألبه ماذا يحصل ؟ ، الله سبحانه وتعالى يقول أنت تناديني أن انجح طلبتك ولكنك لا تنجح طلبات الآخرين منك فكيف لي أن أنجح أنا طلبتك . في مثل هذه الحال سيكون خلق تأمين طلبات الناس وخلق إعانة الفقير وخلق إعانة الأسير وخلق إعانة المضطر وكل هذه الأمور التي تحصل في دائرتنا الأجتماعية حينما يكون لدينا خلقا في التعامل الأيجابي معها عندئذ سوف يجاب الدعاء . ولكن هذا الدعاء بيننا وبين الله سبحانه وتعالى ولكن انظر الى المجتمع كيف سيتغير عندئذ . يعني أنني عندما البي طلبتك وأنت تلبي طلبتي وتكون حالة التعاون بيننا عندها ستذهب حالة التحاقد أو الأضطراب الأجتماعي وستحل محلها حالة التعاون الأجتماعي وحالة التكافل الأجتماعي ما بين الأفراد .
لذلك أخواني الأعزاء لدينا رحلة يوميا وخصصت في وقت خاص ، هذا الوقت هو من بعد الأفطار . فبعد ان تستريح وثقل الصوم وإضطراب الصوم ينتهي وتشعر بالراحة المعنوية لأنك أديت واجبا يأتيك الأمام (ع) ويضع نصا بين يديك ويقول لك تعال وإقرأ هذا النص وستجد في هذا النص ثلاثة إتجاهات أساسية . الأتجاه الأول هو في كيفية تأمين العلاقة مع الله سبحانه وتعالى وهذا هو الجزء الأول من دعاء الأفتتاح . ثم تأمين العلاقة مع أهل البيت (ع) والذي يبتديء من الصلاة على رسول الله وينتهي بالصلاة على الأمام (عج) . ثم التعامل مع المشكلات السياسية والأجتماعية ، فالآن اذا ما رجعت وقرأتها من جديد وفق هذا الفهم ستجد أن الدعاء مقطع بشكل جدي الى ثلاث قطع . لماذا نحتاج العلاقة مع الله سبحانه وتعالى ؟ ، لأنها هي التي تنمي هذا القلب الذي يواجه هذه المشاكل فالأنسان من دون قلب يقوى على تحمل الصعاب يكون بإرادة في منتهى الضعف . وقلب خواف لا يستطيع أن يواجه الظلم . قلب دنيء في تعامله مع القضايا لا يمكن له ان يرتفع بهمم الأنسان الى الأعلى وسيبقى دائما همه هم صغير جدا هو هم الدناءة . بينما تأتي بقلب قوي يخشى الله سبحانه وتعالى وهل تتصورون في عملية الخشية ان الله سبحانه وتعالى يحتاج الى هذه الخشية ؟ ، إنه غير محتاج لها ولكننا نحن المحتاجون لها لأن هذه الخشية هي التي تؤدي بنا الى الثبات ، وهي التي تؤدي بنا لتكون قلوبنا مثل زبر الحديد . وأنتم تقرأون الروايات التي تتحدث عن أصحاب الأمام (عج) ويوصفون بأنهم كزبر الحديد والزبر يعني ما يوضع من حديد فوق حديد فعندما يلتحم الحديد مع بعضه يكون فله وفكه من أصعب الصعوبات . لذلك حينما نطالب بالعلقة إنما نريد أن نؤمن قلوبا كزبر الحديد . والذي يتحدث عن صحبة الأمام او أنتظار الأمام من دون ان يهيء هذا القلب لا يمكن له ان يسير بالإتجاه الذي يوصله الى نتيجة . خصوصا عندما تبدأ بالتواضع بين يدي الله سبحانه وتعالى وتعترف بالحقيقة ، فالأنسان اذا لم يعترف بالحقيقة ففي ذلك الوقت يبقى متكبرا حتى في علقته مع الله سبحانه وتعالى . ولكن أنظر هذا لاالنص وفكر فيه ( فلم أر مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك علي يارب ) . فأنا لم أر عبدا لئيما مثلي وهذا طبعا لسان حالنا نحن يتحدث الأمام (عج) . فيقول ربي كم أنت كريم بحيث أننا نحن العباد اللؤماء الذين وصلت بنا الدرجة التي يصفها ( فلم أر مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك علي يارب ، إنك تدعوني فأولي عنك ) ، فأنت الذي تطلب ودي وتدعوني لكي ألتقي بك ولكنني أنا الذي أهرب منك . ( وتتودد إلي فأتبغض اليك ) . لما تفكر في هذا الواقع في طبيعة العلقة بينك وبين الله وتبدأ بالتواضع امام الله فهذا التواضع عليك أن لا تتصور بأن الله سبحانه وتعالى محتاج اليه فالله منزه عن مثل هذه القضايا ولكننا نحن المحتاجون اليه لماذا ؟ ، لأننا عندما نتواضع أمام الله سبحانه وتعالى نكون أكثر قدرة على إبصار الحقيقة ، وإبصار الحقيقة في المجتمع هو الذي يحول الظالم الى عادل ، وهو الذي يحول الأنسان الذي لا خلق له الى انسان ذي خلق وهو الذي يحول السيء الى صالح . ولكن اذا كان الفاسد لا يعلم بانه فاسد فماذا سيكون ؟ .
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ماذا يقولون ؟ ، يتحدثون عن انهم هم المصلحون لنهم لا يتواضعون اما الحقيقة ولا يبصرونها . نحن نحتاجها ونحن الذين نقول أننا عرفنا الدنيا بخيرها وشرها وعرفناها بأناسها الذين تلونوا أمامنا في كل يوم بلون وفي كل قضية بلون ، نحن نقول اننا نريد ان نكون أصحاب اللون الواحد . ونريد ونحن الذين نقول أننا في شهر رمضان طلب منا من الأمام (عج) أن نؤمن هذا الثبات ونؤمن هذه الصورة الواحدة عندئذ ماذا سيصبح ؟ . ستكون غريبا عن جو الفساد وغريبا عن جو النحدار الخلقي وغريبا عن كل هذه القضايا ومألوفا لدى اهل الطاعة والغفران . تصبح المعاني الخيرة هي المألوفة لديك والمعاني الجميلة والقيم الجميلة هي المعروفة لديك . وتعبير المؤمنين (ع) في كلامه لأصبغ ابن نباته (رض) مثلما ترى أنت هذه القمامة أنا أرى الذنوب ، لماذا ؟ ، لأن الأنسان عندما يألف شيئا يكون خبيرا فيه ويعرف زواياه ومخابئه وكل ما يتعلق به . وأضرب لك مثال " أنت مهندس في الصوت وانا إنسان عادي ونسمع نفس الصوت فأنا أقول أن هذا الصوت جميل وأنت تقول ان هذا الصوت فيه المشكلة الفلانية والمشكلة الفلانية " لماذا ؟ . لأنك من اهل الخبرة في هذه القضية بينما انا لا املك تلك الخبرة . لذلك عندما نقول أننا نكون من اهل البصيرة ونتعرف على حقائق الأشياء يعني أننا عندما ننظر الى الأشياء لا نبصر ظاهرها فقط ، والذين ينظرون الى الظاهر فقط يرون معاوية ابن ابي سقيان وبني امية (لع) يرى انهم اناسا مصلين وفتحوا فتوحات وما الى ذلك . ولكن الذي يبصر الحقيقة ماذا يرى ؟ . يرى أنهم قد نزوا على منبر رسول الله كما تنزو القردة على بعضها فهذا الذي تراه . ولكن الفرق هو أن تكون مبصرا وقادرا على الأبصار ، أو ان تكون أعمها ، لهم آذان لا يسمعون بها ، لهم أعين لا يبصرون بها . فهذا تعبير القرآن " لهم أعين " ولكن هذه العيون لا تبصر حقيقة الشيء ، تبصر ظاهر الأشياء ومشكل الدنيا في ظاهرها أم في باطنها ؟ ، طبعا مشاكلها في ظاهرها .
على أي حال هذه الرحلة أخواني الأعزاء عندما نؤمنها نحتاج بعد ذلك الى علقة مع أهل بيت العصمة والطهارة (ع) لأنها هي وحدها التي تدلنا على الطريق سواء كان طريق الثبات العقائدي بتعبير الأمام الجواد "ع" ( لو أن عبدا جاء بعبادة سبعين نبيا يعبد الله بين الركن والمقام ، يصوم نهاره ويقوم ليله ، ماكان له حق على الله إلا بولايتنا أهل البيت ) فهذه الولاية هي التي تبقينا ثابتين على الطريق . لو قدر الآن أن هناك مئات الأبواب والطريق الى الصراط هو باب واحد فأن تقوم بمئات بل بآلاف الأعمال الحسنة ولا تصل بالنتيجة الى الباب الأخير فهل تجد الجنة ؟ ، مستحيل . ولكن أن تمشي ولو على مهل ثم تصل الى نهاية الطريق وتطرق الباب فيأتيك مفتاح الباب ويقال لك " ادخلوها بسلام آمنين " فهذه هي الجنة . لذلك حينما يكون الطريق واحدا فمن هو أفضل أن يكون الأنسان مع النبي وأهل بيته (ص) ، سواء أخذنا الأمور بطريقتنا الأعتقادية والتي نعتقد بان العترة المطهرة هي الأمتداد الكامل لرسول الله (ص) ، أو لم نأخذ بهذه الرؤية وأخذنا برؤية الآخرين ويقولون أننا نوادد أهل البيت فأهل البيت هم من قربى رسول الله ، فكل هذه المعاني يتحدثون بها وسواء أخذنا بهذا المعنى أو اخذنا بذاك المعنى إذا أختلف الناس فلا يختلف هؤلاء ، واذا شذ الناس لا يشذ هؤلاء . فحينما تبقى مع النبي وآله وهم العنوان الأكبر للوحدة بين المسلمين فاهل البيت لا أحد يتجرأ ويقول انني أكرههم أو أبغضهم ، وإلا عد ناصبيا والناصبي لدى اهل الشيعة وأهل السنة حكمه حكم واحد . من يبغض رسول الله واهل بيته هم يتحدثون عنه بنفس المنطق الذي نتحدث فيه ، لذلك نقول تعالوا اذن مادام ما يوحدنا معا هم أهل البيت وما يفرقنا غير أهل البيت . اذن تخصيص العلقة مع اهل البيت (ع) في هذا الشهر الفضيل يمنحنا طريق الثبات العقائدي لاسيما وأننا حدثنا عن الأضطراب العقائدي ( لا يقوم القائم حتى تخرج اثنتا عشر راية مشتبهه ) ، ترفع رايات وكل واحد يقول انا وليس غيري . بينما الثبات العقائدي ماذا يفعل ؟ ، فلترفع ملايين الرايات فلا قيمة لها لان عندي راية واحدة إسمها راية الأمام المهدي (عج) .
ثم المحور الثالث المحور الذي يتعلق بمشاكلنا وأوضاعنا لذلك فإن أملي من الأخوان حينما يقرأون في المحور الثالث أن لا يعتبرون القضية مجرد طلبات لهم ، بل عليهم أن يسألوا ما هي مسؤوليتهم تجاه هذه الطلبات . على كل واحد أن يقول لنفسه دائما انني أتكلم عن لسان حالي انا وليس مجرد نص أقرأه وينتهي بربع أو بنصف ساعة حسب القاريء وفي ذلك الوقت أنتهي وتنتهي القضية . ومع الأسف الشديد في مجتمعنا عندما يقرأ دعاء الأفتتاح يكون أكثر وقت ينشغلون فيه هو وقت قراءة هذا الدعاء . في الوقت الذي فيه هذا الدعاء في قمة الروعة ووالله لو أنصتم بشكل خاص الى طبيعة هذا الدعاء وقراتموه بتمعن لوجدتم أنكم في جنة عظيمة من جنان الله سبحانه وتعالى ، ولوجدتم ان الطريق القويم هو هذا الطريق .
القضية الأخرى التي تميز شهر رمضان عن غيره تتعلق بأننا نجد في الروابت ان شرطين على اقل التقدير من شرائط الظهور ستتحقق في شهر رمضان ، وعلامة هي الأكثر حسما من علامات التمهيد تحقق أيضا في شهر رمضان فمن الذي قال بأن هذا الشهر ليس شهر هذه العلامة أو تلك الشريطة ؟ . بالنسبة لي يجب ان اكون دائما مستفز الإرادة فإذا وقعت هذه العلامة فكم يبقى لي ؟ . في شهر رمضان تكون الهدة او الصيحة ، يأتيكم الصوت بالفتح ، أو الصعقة حسب تعبير الروايات المتعلقة بمنطقة حرستا في الشام . فهل في هذا رمضان او بعد عشر سنوات أو عشرين سنة فلا دليل عندي او عندك انها ستقع في هذا رمضان أو رمضان القادم ، فنحن أنبئنا انها ستكون في شهر رمضان فمن الذي يقول ان لدي دليل أنها لا تحصل في شهر رمضان هذا ؟ . فمثلما ليس لدينا دليل أنها تحدث في هذا الشهر فليس لدينا دليل أنها لا تحدث في هذا الشهر . وتعبيرين لدينا واحد يقول ( يأتيكم الصوت بالفتح ) والآخر يقول ( رحمة للمؤمنين ) واحد هو حديث الأمام الباقر (ع) وواحد هو حديث أمير المؤمنين (ع) . وقد أشرت قبل أسبوعين الى أن هذا الفتح وهذه الرحمة هي لأن هذه العلامة لو تحققت فإنها حاسمة جدا لما تبقى من أيام الغيبة الكبرى فما بينها وبين السفياني اللعين عشرة أشهر والوضع محتدم جدتا في سوريا ويوما من بعد يوم يتعاظم ويتصاعدة فمن الذي يقول بأنها قد لا تحصل أو لاتحصل فبالنسبة لي أنا سواء حصلت أو لم تحصل علي أن أكون مستعدا . فكلمة منتظر لا تعني انني أضع يدي على خدي وأجلس منتظرا ، وإنما الأنتظار هو الأستعداد والتربص والتهيؤ ومراقبة الأفق وأن أكون مستعدا فهذا هو الأنتظار الذي يطالبنا به اهل البيت (ع) .
أنا هنا أعود وأهمس في آذنكم أخواني الأعزاء وأقول ( ماذا لو حصلت ) ؟ . فكل المحللين السياسيين يقولون ان الأوضاع تحتدم يوما من بعد يوم في شهر رمضان ، وتعبير أمير المؤمنين (ع) من أوضح الواضحات ( اذا إختلف الرمحان في الشام ) يعني إذا اشتد الخلاف . اذا اختلف الرمحان فتوقعوا هدة في شهر رمضان ، أو فتوقعوا الرجفة في حرستا وفق اختلاف الروايات . وفي تحليلنا لم نتوصل إلا الى أن ضربة نووية ستقع في حرستا . على أية حال لا أريد أن أعيد الحديث ولكن أقول لو أنها حصلت في هذه السنة فهل تعرف كم هي المسافة الباقية ؟ . ولنترك المسافة الباقية ولننظر المسافة بين قلوبنا وما بين ما يريده إمامنا كم فهي تحتاج الى عمل وغسل وتطهير فقلوبنا هذه محملة بالآثام ومعبأة بظلمة الذنوب فهذه كم تحتاج الى استغفار ، وأيدينا التي اعتدت على خلق الله سبحانه وتعالى كم تحتاج الى براءة ذمة ، وأعيننا التي نظرت الى ما لا يحل كم تحتاج الى شطف لكي تتطهر وتنظف وهكذا بقية قضايانا ؟ . المسألة ليست لأن الأمام (عج) سيظهر فهذه مسألة عظيمة ولكن اذا خرج الأمام وأنا غير مؤهل ففي ذلك الوقت مالذي سيحدث ؟ ، الناس كلها فرحة فمن الذي سيندم ومن الذي سيحزن ويقول من الذي ورطني ؟ . فقبل ان تصل الى ذلك اليوم وتتفاجأ به تعال من الآن بسم الله فالأمام يدعوك ويقول لك أقبل إلي وأنا أساعدك . فعندنا موعدان مع شرطان على أقل التقادير من شرائط الظهور ، الشرط الأول الكسوف والخسوف المتعاكس في شهر رمضان حيث يحدثان في شهر رمضان بشكل معاكس للطبيعة وبتعبير الأمام (ع) يقول ( وتلك آية لم تحصل منذ خلق الله آدم ) . فهل سنكون أنا وأنت من المتفاجئين أم لا عندما تأتي هذه الآية ونقول الله أكبر لقد أخبرنا أهل بيت العصمة والطهارة بذلك وفي ذلك الوقت ترى كم يفرح قلبك وكيف تنتفض عزيمتك لأن بينك وبين الأمام أربعن أشهر ، فما بين هذه الآية الأمام أربعة أشهر وأقول على أقل التقادير لأنني أعتقد ان ثلاثة شرائط مرتبطة ببعضها وهي ( شريطة طلوع الشمس من المغرب وشريطة الدخان وشريطة الكسوف والخسوف ) فإنها آية واحدة تتعاقب بثلاثة حالات والآن ليس هذا هو النقاش فتلك تحدث إما بين شهر شعبان وشهر رمضان ، أو ثلاثتها تكون في شهر رمضان . لكن أيا ما يكون فلدينا موعد حاسم في شهر رمضان ولدينا الموعد الأكثر حسما يوم ينادي جبرائيل (ع) . فكل العالم ينصت وتأمل أنك جالس في هذا المكان في ليلة القدر وأنت تحييها واذا بصوت من السماء وبتعبير الرواية ( يقعد القائم ويقيم القاعد وتخرج المخدرات من خدورهن ) ، فاللائي لم يخرجن من بيوتهن ولم يراهن أحد يضطررن للخروج الى الشارع من شدة الذهول والفزع أو الفرحة من هذا الصوت . وتصور أنت الآن أن يأتي النداء ( يا أيها الناس ألا أن أمامكم فلان ابن فلان ) ففي ذلك الوقت تصور كيف تكون فرحتك وكيف تمسك نفسك تتوازن وهذا أيضا في شهر رمضان .
والأهم من كل ذلك اخواني الأعزاء ان شهر (عج) لذلك اذا كانت كل هذه القضايا تدعونا لمزيد من العلقة ولمزيد من الأرتباط لذلك نعود ونقول مرة أخرى : مارأيكم لو جعلنا هذا الشهر خصيص بالأمام (عج) ، فكل صدقاتنا وكل دعواتنا وكل طلباتنا في هذه السنة نقول اننا نترك كل شيء آخر ونجعلها للأمام (عج) . فعندما تدعو أحدا الى وليمة تقول في داخلك أنني أدعو فلان وفلان محبة بالأمام (عج) ، وعندما تريد التصدق تقول الهي اني اتصدق لدرء الأخطار عن الأمام (عج) لسلامة الأمام ولطول عمر الأمام . فالله سبحانه وتعالى يقول لك " إنك كنت تتصدق من اجل أمواتك ومرضاك وما الى ذلك وفي هذه السنة خصصتها لبقيتي في الأرض ) ، فهل أن الله سينسى وهل لا يلتفت ؟ ، كلا فحاشا لله من ذلك .
أسأل الله أن يجعل هذا الشهر شهر طاعة حقيقية لنا وشهر علقة بيننا وبين الأمام (عج) . اللهم إني أقسم عليك بغربة الأمام المنتظر إلا ما أدخلت علينا الفرحة والسرور في هذا الشهر الفضيل ، اللهم إن الشيطان قد غلل في هذا الشهر فلا تفتح اغلاله علينا وأكرمنا بطاعتك وجنبنا معصيتك . اللهم إحفظ لنا مراجعنا العظام وعلماءنا الأعلام لا سيما إمامنا المفدى السيد السيستاني وأسأل الله أن يحفظكم أخواني الأعزة وينأى بكم عن كل مكروه ويذود عنكم كل أذى .