قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
لا أدري ماذا يمكن للمرء ان يتحدث وهو ينظر الى المشهد السياسي وهو يتأزم يوما بعد آخر والى الوضع الأمني ينفات يوما من بعد آخر والى الوضع الأجتماعي وهو يتردى من يوم لآخر . كيف يمكن للأنسان ان يسمي هذه الدنيا بانها الدنيا التي تستأهل وتستحق ان يحافظ عليها ويستميت من اجلها . ها نحن اليوم نجد الصخب السياسي والأنفعال والأنفعال المضاد هو سمة حركة السياسيين في هذه الأيام وقد كنت نبهت لأكثر من مرة من ان العراق ستجتاحه عواصف شديدة نتيجة لما يحصل من متغيرات في المنطقة ودعوة السياسيين الى سياسة الأحتواء والى سياسة تجسير الثقة وها نحن نرى الكثير ممن ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بهذه المقاعد وبهذه المناصب والكراسي كان عملهم خلاف ذلك تماما .
في كل يوم لدينا ازمة والأزمة عنوانها الحقيقي " الكرسي " ، صحيح ان الأزمة تغلف بدوافع تسمى وطنية وتسمى مصلحة الناس وتسمى حق الشعب وما الى ذلك من أسماء ولكن باطنها الحقيقي ابحث عنه ولن تجد إلا ذلك الكرسي اللعين الذي جعل الناس لا ترعى لأبناء هذا الشعب ذمة ولا حرمة بقدر رعايتها لمصالحها ولأرواء انانياتها . بالأمس استمعنا الى تقرير اللجنة التحقيقية فيما يخص هروب السجناء أو قيادات القاعدة من سجن البصرة ، وربما لا يهمني كثيرا من هي الأسماء المتورطة ولكن من ينظر الى لب القضية يرى أن الفساد قد استشرى الى المكانات التي كنا نحسب انها بعيدة عن الفساد وضمن مستويات لا يمكن للمرء أن يتصور أن هناك اناسا ينتمون الى المذبوحين وينتمون الى مسفوكي الدماء وهم يتحدثون ليلا ونهارا ،جهارا وعيانا بأنهم مستهدفون من السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وما الى ذلك من اعمال الأرهاب ، ولكن من الذي هرب امراء الأرهاب ومخخي السيارات منهم ؟ ، هم نفس هؤلاء الذين يتحدثون بهذه القضايا واذا بنا نجد ما يسمى بمكافحة الأر هاب هي التي تعين الأرهاب !!! .
وأضاف قائلا :
ماذا يمكن للأنسان ان يقول ويتحدث ؟! ، اتحسبونني أطلت كثيرا حينما قلت اننا يجب ان نتحسب دوما لسوء العاقبة ، أم ان هذا الحديث يجب ان يمر علينا يوميا لنطمئن من ان عواقبنا مازالت سليمة وإلا كثير من هؤلاء أنا اعرفهم وحينما ياتون غلى هنا لا يتحدثون إلا بأروع الحديث واذا بنا نفاجئ بأن الخناجر التي غرست في أظهرنا انما غرست من نفس هؤلاء . لماذا ؟ ، لأن هناك حفنة من الدولارات ولمعان الأصفر والأخضر لمع هناك حتى تساقطت النفوس الضعيفة . لا أدري ماذا يمكن لهؤلاء أن يقولوا لشهداء شارع " عبد الله بن علي " (رض) حينما فجر في البصرة . ماذا سيقولون للعوائل بل ماذا سيقولون لأحسابهم ولأنسابهم اي ذلم أي عار خلفوه وهم يتعاملون مع دماء الناس بهذه الطريقة . والأنكى من ذلك أن هذا الأمر يأتي بعد أيام من فضيحة سجن الأرهاب في الرصافة . هذه القضية التي لا يعرف لها لحد الآن خبر صحيح فكل من تحدث يروي رواية مختلفة تماما عن رواية الآخر حتى بتنا لا نصدق اي انسان يتحدث بهذا الموضوع .
وفي شأن التجاذبات السياسية والتصويت على نواب رئيس الجمهورية قال سماحته :
وها انتم ترون ما بين هذا الوضع السياسي المتأزم والوضع الأمني المتأزم والذي طالما أزعجت اناسا كثر نتيجة لمطالبتي بإيقاف الأختراقات الأمنية وتحصين الأجهزة الأمنية فمالذي حصلنا عليه ؟ ، حصلنا على فضيحة ثالثة اسمها تفجيرات الحلة التي تحصل في نفس الشارع ليومين او ثلاثة وتحصد ما تحصد من الدماء البريئة ، هذا من بعد جريمة محافظة تكريت ومن بعد الجرائم التي ارتكبت في بقية المحافظات . ومالذي رأيناه بالأمس ايضا ؟، رأينا تلك الاعجوبة من اعاجيب الكتل السياسية الكبيرة المتنفذة بشأن البلد وهي تصوت بهذه الطريقة على نواب رئيس الجمهورية . ثلاثة نواب مع ان المرجعية قالت وطالبت بأن الشعب لا يحتاج الى مناصب تكلف البلد والشعب اموالا طائلة منه ، كيف كانت الأستجابة ؟، هل قبلوا بالمرجعية ؟، أم رأينا النوح على المنصب أكثر من أي نياحة اخرى . نعم في الأعلام يمكن أن يتحدثوا ما يشاؤون ولكن حقيقة المر هي هذه اخواني الأعزاء . صحيح منصب نائب رئيس الجمهورية كما يقال بانه منصب تشريفي فهو منصب في غاية الأهمية خاصة في هذه الفترة بالذات . فرئيس الجمهورية حالته الصحية ليست كما يجب وبالنتيجة وجود فراغ في رئاسة الجمهورية من دون حسمه يعني ان يتولى رئاسة الجمهورية رئيس البرلمان . والأوضاع السياسية المتشنجة في اي لحظة يمكن ان تعصف بالحكومة وهاهو رئيس الوزراء يقول بنفسه بأنه يمكن ان يقيل الحكومة . بعيدا ان كان سيفعلها او لا لكن ماذا سيعني ؟، يعني ان رئاسة الوزراء لو قدر ان حدثا حصل وغاب عنها رئيس الوزراء الحالي ستعود ايضا الى رئاسة البرلمان . بمعنى انه لا بد من وجود توازن ومطلوب ان يتم التصويت وحسم هذه الأمور ولكن أن يجري بهذه الطريقة مجلس النواب ما هي قيمته وما قيمة انتخاب الأفراد بالقائمة المفتوحة اذا كان المتحكم هو رئيس الكتلة ؟ . يجب عليكم ان تصوتوا بسلة واحدة يعني نعم اذا اردت واحدا وترفض اثنان فاما ان تسقط هذا الذي تريده أو ان تصوت على الجميع !!! . يعني اذا كان هناك اسمه سلب ارادة واهانة المنتخبين فأنا أعتقد هو هذا الأسلوب . واذا كان الكلام انه لا توجد ثقة فيا جماعة قد مضت سنوات ونحن نقول تعالوا وجسروا الثقة فيما بينكم فما هو الحديث الآن ؟ ، الحديث الآن حديث اتهام وليس حديث تجسير الثقة .
وعن مهلة المئة يوم قال سماحته :
طيب اذا وضعنا كل هذه الأمور امام هذه الخلاصة أن وعد المئة يوم يكاد ان ينفذ فهل يمكن لكم ان تتخيلوا ما هو الشيء الذي نقبل عليه نحن ؟ . من هنا تشنيج للأوضاع السياسية يوما بعد آخر ولا أبريء احدا كما لا اتهم احدا وغنما اتهم الجميع وأقول ان الجميع يتعاملون بلا مسؤولية امام مصالح الناس وامام مصالح الشعب . الناس لم تسمع إلا تصريحات ولم يطلق لها إلا الوعود واما ماذا جرى للوعود وماذا جرى للتصريحات وماذا سيأتي ؟ ، لا يوجد هناك شيء في الأفق يمكن له ان يريح الأعصاب ويطمئن النفوس . هذا الواقع للأسف الشديد يظهر أن الجميع غير منتبهين الى الدوامة التي نقبل عليها ، ولا منتبه الى انه يشترك في ايجاد دوامة داخلية تساعد أي اجندة خارجية للأضرار بنا . هذا الشعب قد خرج توا من دائرة العنف الطائفي ولا زالت محاولات تجري من هنا وهناك لتفعيل الملفات الطائفية ولكن الحمد لله الشيعة والسنة لما دفعوا كل هذه الأثمان الباهضة وعوا ان المتآمر عليهم لا شيعي ولا سني وإنما متىمر نتيجة لوجود اجندة تدفع المال من اجل تفرقة هؤلاء الناس ومن اجل الأطاحة بوحدة هذا الشعب فهذا هو الواقع الحقيقي . لكن اعود وأقول لو جاءت الدوامة من الذي سيبقى عند حكمته حينما تكون الأمور بيد أطفال السياسة أو متشنجي السياسة والمبتعدين عن سياسات الأحتواء والذاهبون دوما الى سياسة التشنيج والأنفعال مالذي سيحصل ؟؟؟ . يعني انت تنفعل وانا لا انفعل وأنت تغضب وانا لا اغضب وانت تشتم وانا لا أشتم فهذه لغة السياسة . لكن أنا ادعو الجميع هل رأيتم الناس في هذه النقاشات ومصالح الناس هل احسستم ان احدا يتحدث بها ونزاعات منذ اكثر من سنة ماذا وجدتم فيها ؟؟ .
الأنكى من ذلك ان الأمور تصل الى الدرجة التي يبدأ البعض يلوح امام البعض الآخر ، والبعض الآخر يلوح أمام البعض اذا تكشف الملف الفلاني أنا اكشف الملف الفلاني !!! . طيب من الذي كان بريئا مع حق الناس ولماذا اخفيت هذه الملفات ، ومن الذي اخفاها ، ولأي دواع اخفيت ؟؟؟ . أين انتم حينما تقولون اننا دولة وبرلمان يحارب الفساد واذا هي لم تكن فسادا فلماذا يهدد بعضكم بعضا ، وبالله عليكم انظروا الى الناس كيف يتلقفون هذه النزاعات وكيف ينظرون اليها . الجميع بدأ يسقط والجميع تحولت نظرة الناس اليه من الهيبة والأحترام الى نظرة الأستقذار في بعض الأحيان وهذا من الذي يتمناه من بعضنا لبعض ؟ .
أقول كما قلت في الأسبوع الماضي ( لقد اسمعت لو ناديت حيا _ ولكن لا حياة لمن تنادي ) ، وكم صدق الامير (ع) حينما قال السكر من أربع ، وسبق رأينا كيف يمكن للمسكر ان يسكر وكيف للنوم يمكن ان يسكر الأنسان ولكن لم نرى من قبل حتى أرتنا الأيام كيف تسكر السلطة وكيف يسكر المال ، اربعة أشياء يعبر عنا الأمير (ع)هذه هي التي تسكر . الآن لو تراجعون اقوال هؤلاء بشهر واحد وتقارنون وتقيسون ترون انها مليئة بالتناقضات لماذا ؟ ، لأن الأصل ليس هذا القول وإنما الأصل هو هذا الكرسي اللعين الذي يجب ان يبقى . وإلا فما هو الشيء الذي يستحق ، وانا اقول ان الذي ينظر الى الناس والناس في أشد حالات التذمر وهو شريك في صناعة هذا التذمر فأي احترام للناس سيبقى عنده لو بقي في منصبه وكرسيه ؟ .
وختم سماحته الخطبة بالقول :
من اللطيف الآن ترون الجماعة قبل ان تنتهي المئة يوم وكل واحد يرمي الكرة في مرمى الآخر ، وكل واحد بدأ يتبرأ ويقول لست أنا وحدي وإنما ذاك معي . نعم انتم كلكم مسؤلون ولكن ما هي النتيجة وما مقدار العمل الذي تم خلال المئة يوم او ما انصرم منها ؟ . قرابة الشهرين وما ينيف عليها انتهت وصرنا قريبا من منتصف الشهر الثالث من هذه المئة يوم فمالذي رأيناه يمكن ان نطمع انفسنا به ونقول تبدل وانا سبق لي وقلت ان القضية اذا كانت مئة فأين كنتم قبل ذلك ؟ . ولكن أناسنا طيبون ومن طبيعتهم ان يمرروا ويقولون ان الآتي أفضل من الذي مضى ولكن كونوا واثقين اخواني الأعزاء لا يوجد الكثير ممن يفكرون بمصالح الناس . نعم يفكرون بمصالحهم ولكن هؤلاء الناس وقوتهم وكرامتهم فلا يوجد هناك الكثير مما ينبؤنا بأن الأمور تحصل بالطريقة السليمة وهذه قصة لا يمكن لو ابتدأتها ان تنتهي .
وفيما يلي التسجيل الكامل لخطبة سماحته :