تحدث امام جامع براثا المقدس سماحة الشيخ جلال الدين الصغير خلال خطبة صلاة الجمعة الى امور عديدة منها تذكير السياسيين الذين يعتقدون ببيعة الغدير بوجوب البر بالشعب العراقي من خلال توفير الحاجات الضرورية لهم والدفاع عن محروميتهم ومظلوميتهم ,
كما تحدث سماحته الى مشكلة تشكيل الحكومة في توزيع الوزارات بين الكتل وحصة كل جهة وفق نظام النقاط الذي سيتبع لتشكيل الحكومة وشرح سماحته المشاكل التي سيواجهها رئيس الوزراء المكلف وكيفية اختيار الوزراء الاكفاء ومدى الضغوطات التي ستمارس من اجل فرض اشخاص لا يرضى عنهم هذا الطرف او ذاك .
وفي جانب اخر من خطبته تحدث عن اعادة افتتاح مكتبة براثا العامة منذ تاسيسها عام 1962 وكيف ان النظام البائد قام بمصادرة الكتب فيها واغلاق المكتبة ودعا الشباب المؤمن ان يرتاد هذه المكتبة لما تحتويها من كتب مفيدة وقيمة تضم كل الاختصاصات وخاصة طلاب الكليات والباحثين .
وفيما يلي النص الكامل لخطبة سماحته مع التسجيل الصوتي لها
في البداية لابد لي من ان اذكر السياسيين الذين يعتقدون ببيعة الغدير تعالوا وسائلوا انفسكم ماذا ستقولون لصاحب الغدير في ايتام الغدير كم بررتم بهؤلاء الايتام واقصد هذا الشعب الفقير وهذا الشعب المظلوم وكلهم ايتام للغدير كم قدمتم ؟؟ وكم ضحيتم ؟؟ وكم بذلتم ؟؟ ربما الاعلام يزوق صوركم امام الناس ولكنكم انتم امام مرآة الغدير مكشوفون من اخلص سوف يجازيه صاحب الغدير ولكن من سرق قوت الشعب ومن تحايل على الشعب ومن كذب على الشعب ومن خادع الشعب ومن ظلم الشعب سوف يتلقاه سيف الغدير لاشك ولاريب .
بيعة الغدير ليست كلمات تهنئة فقط ولان قال الائمة صلوات الله وسلامه عليهم طالبين من شيعتهم ان يرددوا في هذا اليوم ((( الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية امير المؤمنين ))) لم يقولوا من المعتقدين بولاية امير المؤمنين بل قالوا المتمسكين بولاية امير المؤمنين والتمسك غير القول يستطيع الانسان ان يقول اشياء كثيرة يستطيع ان يثبت وجود الله ولكنه قد يكون من اعصى العصاة لله سبحانه وتعالى لذلك لن يعرفه صاحب الغدير غدا ويقول القول وعمله مخالف لطبيعة ما يقول .
وها انتم تتقدمون باتجاه المقاعد والمناصب اذا اردتم هذه المقاعد هانئة لكم انظروا الى عدل علي بن ابي طالب ماذا كان يعمل انظروا الى تعامله مع الفقراء ومع المحتاجين ومع المظلومين اتراه حينما قال ((( ولعل في الحجاز او في اليمامة من لا عهد له بالشبع ))) اتراه قالها لمجرد القول ام لكي يتركها امامنا بعنوانها منهج عمل واليمامة والحجاز كانت بعيدة عنه ولكنه كان يخشى في تلك المناطق النائية من لا عهد له بالشبع او الرواء , وبالله عليكم ما اكثر في هذا الشعب من له عهد قديم بالجوع والعطش ومن له عهد قديم بالظلم والمحرومية وهو لازال في كل يوم اما ينظر اليكم نظرة امل واما يرفع يديه بالدعاء عليكم .
الغدير ليس نزهة وليس مجرد يوم يكرر الناس فيه تجديد العهد ولكن على اهل السياسة هذا اليوم اشد واعظم من اي انسان اخر عليه فاما ان يكرم بكرامة السابقين السابقين واما ان يُذل ويُهان اذلال الخاسئين والمارقين . المسالة ليست لعبة , فعندما اريد ان اصبح وزير او برلماني فيجب علي ان اتحمل هموم الناس ومصالح الناس واتحمل طموحات وتطلعات الناس لذلك يجب علي ان ادفع ضريبة هذا المنصب وهذه الضريبة هي خدمة هؤلاء الناس والحمد لله انتهينا من الانتخابات حتى لا يقال احد ان هذه الكلمات هي كلمات انتخابات
والناس نشهد حالة تنافس على الوزارات وهو مطلوب على اي حال تنافسوا ولكن ليكن تنافسكم في البر وتنافسوا من اجل ايكم يكون اكثر خدمة للناس من دون ذلك ثقوا بالله انتم على فراق مع صاحب الغدير , وانا اذكركم بحديث الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه وذكرته اكثر من مرة لانه حديث مرعب ياتيه رجل ويجلس والامام صلوات الله وسلامه عليه يقول ((( ان من ينصر الامام غدا عدد قليل جدا ))) , هذا الرجل يحسب ارقام ويرى كمية فيقول له يا بن رسول الله ان عدد من يقول بهذا الامر كثيرون , قال الامام عدهم لي قال لا استطيع ان اعدهم واحصيهم , فقال الامام ((( لا عليك يا هذا ان هؤلاء لو خبرتهم لوجدتهم واصفة ))) يصفون حب علي بن ابي طالب ويصفون الايمان بحب علي بن ابي طالب ولكن عند العمل لا تجد منهم الا واصفة . وانتم لكم ان تفكروا اخواني الاعزاء اذا كان الحديث عن 313 وعشرة الالاف من كل هذه الملايين فكم سيكون عدد الثابتين على هذا الطريق وكم سينحرف عن هذا الطريق . لذلك يا اخواننا يا اهل السياسة اسال الله ان ينصركم وان يعلي شأنكم ويزيد من شرفكم من خلال نصرة شعبكم وانقاذ لهفتهم وتطلعهم اليكم
لحد الان الصورة سيئة جدا عند الناس وصورة الاشهر الثمانية والتسعة التي مضت كانت كارثة في نظر الناس لطبيعة ما يجري وهم بعد التي واللتيا راوا ان افقا بعيدا لا زال يمكن ان يرى بشان تشكيل الحكومة التي يمكن لها ان تنهض بالام الناس وخدماتهم .
بالنسبة الى تشكيل الحكومة لا زال امامنا مسيرة طويلة واعتقد ان السيد المالكي امامه مشوار ليس بالسهل ولان ابتدأ يوم امس عداد الدستور الشهري عليه ان يشكل هذه الحكومة في وسط اجواء بين الكتل السياسية لا تبعث على الاطمئنان فلا زالت اجواء استعداء واحدهم باتجاه الاخر ولا زال الخطاب الاعلامي خطاب تخوين وتغدير وما الى ذلك ولا زالت اعمال هؤلاء هي اعمال تهديم الجسور لا بناء الجسور عند ذلك انا اعتقد ان المهمة صعبة وهناك عدة محطات :
المحطة الاولى يجب ان يتم التوافق حول المعيار الذي ستوزع عليه الوزارات الكل تريد والكل لديها طموحات في السقف الاعلى لكن بالنتيجة ان الوزارات معدودات وهذه المعدودية تحتاج الى نظام يتم بناءا على وجود معايير ثابتة هذه المعايير يطلق عليها الان بنظام النقاط كل وزارة سوف يضعون لها نقطة معينة وتقسم الوزارات السيادية والوزارات الخدمية الاساسية والوزارات الثانوية ووزارات الدولة فكل وزارة لها نقطة معينة ونظام النقاط لعله يختزل القضية بما يقرب كل 2,26 نائب هو يؤدي الى نقطة بمعنى ان الوظيفة الفلانية لها اربع نقاط معناها 4 * 2.26 وطبعا هذا الامر فيه مشكلة وهي ان الذين اخذوا الرئاسات سوف يرون انهم اخذوا حصة كبيرة وبالنتيجة سيبداون يرجعون الى النقاط الاخرى كيف يؤمنون مواقع اكثر .
المحطة الثانية : في داخل الكتل او بين الكتل يختلفون مع بعضها هذا يقول اريد الخارجية وذاك يقول اريد الخارجية اذن كيف تتم الترضية ويتنازل الى الاخر وهذه مشكلة اخرى كبيرة بين الاطراف السياسية
المشكلة الثالثة هي مشكلة الكتل في داخلها قالوا مثلا لكم عشرة وزارات ولكن كل كتلة فيها عدة كيانات وكل كيان يريد له الحصة الافضل وبالرجوع النقاط فانها لا تكفي لان ياخذ وزارة معينة وانت تريد بنقاطك الوزارات المهمة ولكن انا ايضا اريد الوزارات المهمة لذلك امام السيد المالكي ثلاثة ازمات , وهذه الازمات موجودة قبل ان تبدا عملية تقديم اسماء الوزراء . وعلى الاسماء المقدمة ايضا مئة مشكلة ومشكلة لانه انت تاتي بشخص لا ارضى به وانا اتى بشخص لا ترضى به وهكذا تبدا المشاكل .
اخواني الاعزاء في الكتل السياسية لا يوجد طريق افضل من ان تبنوا الثقة فيما بينكم ليفوتك المنصب الفلاني اذا كان ثمنه ان تبني جسرا للوثوق بك , فالامر لن ينتهي بهذه السنة بعد ثلاثة سنوات امامنا نفس المسالة ان تظهر بنظر الناس والسياسيين بانك ترغب بتكريس عالم الثقة فانك ستربح الشيء الكثير في المستقبل اما اليوم تاخذ بشكل قسري وذاك ياخذ بشكل قسري بالنتيجة سيتهدم كل شيء موجود بينكم . وجميل جدا ما تحدث به السيد المالكي يوم امس حينما قال ان التجربة الماضية لم تكن تبعث على الرضا وهذا امر طيب منه ان يعترف بهذه القضية ويمكن هذا الامر يكون فاتحة جسر لكي يبنى . طيب على عدم الرضا تترتب امور كثيرة , حيث الرضا وعدمه يحصل من خلال اعمال لا يحصل من خلال اقوال والازمة الان ان الكتل السياسية متقاربة في الاصوات ولدينا برلمان متشابك وليس برلمانا سهلا عندئذ لا يوجد مناص امام السيد رئيس الوزراء المكلف وامام الكتل السياسية الا باعادة النظر مرة اخرى الى الاداءات اما تريدون بلدا متازما تفضلوا هذا البلد عاش ازمة اكملوا هذه الازمة دعوه يتقاسم ودعوه يسقط في متاهات الارهاب ومتاهات اللاستقرار او تقولوا نحن ابناء العراق نريد ان نخلص لشعب العراق بعد ان انتخبنا هذا الشعب .
الكلمات سهلة ولكن المصداقية الاكبر هي للافعال واملي كبير في ان يستفيد الجميع من التجربة التي حصلت وان ينظروا بعين المسؤولية الى هذا الشعب الذي لا يعرف من اين ياتيه البلاء , جدب من السماء وقحط في الارض وزوال للبركة من الارزاق وسوء ظن بين الناس شديد وتحاسد كبير وفساد يعمل في كل اروقة الدولة بشكل كبير قطعا لا توجد عصا سحرية ولكن انا اعتقد ان بداية الامساك بالعصا هو تغيير هذه القلوب وتحويلها الى قلوب محبة للشعب لا خادعة للشعب , تلك القلوب التي لا تعرف الشعب الا في ايام الانتخابات وبعد الانتخابات الكل يطوي عنه كشحا ويبتعد ولا ينظر اليه .
اتذكر احدهم قلت له منذ متى لم تذهب الى سماحة السيد المرجع , قال والله لا اريد ان اذهب , قلت له لماذا ؟؟ قال بمجرد ان اذهب سيحدثني عن البطاقة التموينية بان الناس فقراء والناس محرومين وان الناس كذا والى اخره , طيب اليس بيدك المقادير يا وزيرنا الفلاني ويا مسؤولنا الفلاني , لماذا تجعل السيد المرجع يشتكي من هذا الامر ؟؟؟ فالبطاقة التموينية بيدك يا وزير التجارة ويا برلمان والقضية الفلانية بيدك يا رئيس الوزراء فلماذا ترمونها على غيركم ؟؟؟ وبالنتيجة علينا ان ننظر بعين الدقة الى آلام الناس وآلام الناس كبيرة بيني ما بين الله . على اي حال املي كبير في ان ينتهي هذا الشهر وتتشكل الحكومة ان شاء الله تعالى ونرى الحكومة التي يمكن ان تنهض باعمار هذا الشعب وبخدمة هذا الشعب .
يبقى علي الاشارة مختصرا الى ان هذا اليوم ستتكحل اعيننا ان شاء الله تعالى بافتتاح مكتبة براثا العامة , هذه المكتبة التي اغلقت منذ عام 1978 وصودرت كل محتوياتها وكانت محتوياتها كبيرة جدا من قبل اجهزة النظام السابق وكانت رائدة اساسية من رواد الوعي الاسلامي والوعي الثقافي ليس في بغداد فحسب وانما في كل المحافظات في وقت لم تكن هناك مكتبات عامة حقيقية حيث كان المقدس الوالد رضوان الله تعالى عليه منذ بداية مجيئه الى بغداد قد سارع الى انشاء هذه المكتبة , وكان عدد من الاخوة الكبار المتدينين طلبوا من الامام السيد محسن الحكيم رضوان الله تعالى عليه ان يرسل لهم احد العلماء لكي يستقر في مقام امير المؤمنين فارسل المقدس الوالد وكانوا ينتظرون ان يجلس سماحة الشيخ مع هؤلاء ويلتهي بهم فقد كانت سياسته مختلفة تماما جل اهتمامه وجل انتباهه كان باتجاه الشباب لذلك كان يجالسهم كاحدهم يضحك معهم ويمزح معهم ويسافر معهم كان شابا رغم انه في عمر كبير وكان يقول مسؤوليتنا مع هؤلاء الشباب اكثر من مسؤوليتنا مع الذين تجاوز بهم العمر مرحلة مهمة لان الخطر هو على الشباب لذلك في سنة 1962 اي بعد عام من قدومه بادر بافتتاح مكتبة براثا وسرعان ما تحولت الى شعلة وعي .
بالنسبة لنا بعد ان صرفنا ما يقرب على مليون و250 الف دولار من اجل بناء هذه المكتبة واعمارها بكتب من كل الاختصاصات وكان جل اهتمامي هو طلاب الجامعة والباحثين واصحاب الاختصاصات بما فيهم الاختصاصات الصعبة وناهيك عن مكتبة ضخمة لكتب الاطفال وللنساء وما الى ذلك هذه اعتقد انها تجربة رائدة في مدينة بغداد ان شاء الله تعالى سوف نتولى هذا اليوم بافتتاح المكتبة وانا ادعو اخواني الاعزاء ان يجدوا بغيتهم وفائدتهم ومنفعتهم مع اكثر من 21 الف كتاب وضع في هذه المكتبة و 18 الف كتاب الكتروني جميعها ستوضع بين يدي الاخوة الاعزاء والاخوات الكريمات واملي كبير في ان تعرفوا حقيقة , ثقوا بالله في زمن النظام البائد كنا نصرف من قوتنا الخاص من اجل ان نشتري الكتاب وكان اعز الهدايا علينا واعز الاشياء لدينا هو الكتاب وكانت ادلة الاثبات من قبل النظام على تديننا هو وجود الكتاب في بيوتنا .
انا حينما اعتقلت سنة 1976 حملوا مكتبتي وقدموها الى محكمة الثورة بعنوان هذه هي ادلة الاثبات , انا في اقرا كل شيء واقرا للاخر قبل ان اقرا للاسلاميين حيث بعد ان وعينا النظرية الاسلامية بدانا نقرا للشيوعيين والبعثيين , وكان في مكتبتي كتاب اسمه في سبيل البعث وقدموه ايضا كدليل اثبات وقالوا انه دليل انه يقرا هذا الكتاب لكي يعمل ضد السلطة كنا نجوع من اجل ان نمسك بالكتاب والان نحن بدلنا عملية جوعنا الى شغف من اجل ان تعمر قلوبكم وعقولكم بالثقافة النافعة والثقافة الممنهجة التي تؤسس رجولة لكم , فالرجولة لا تتكون من خلال كبر العمر وانما الرجولة تتكون من خلال العلم واخلاق وثقافة ووعي يستطيع معها الانسان ان يستمر في حياته وان يواكب كل التحديات التي ستمر في حياته