تطرق امام مسجد براثا سماحة الشيخ جلال الدين الصغير الى امور عديدة حول ما يجري على الساحة السياسية حيث قال :::
في البداية لابد لي من اعرب عن شديد تضامني وتاييدي للموقف المسؤول والشجاع الذي وقفته منظمات المجتمع المدني في بغداد وكربلاء والبصرة والحلة وفي بقية المحافظات وهي تستنكر بقاء جلسة البرلمان مفتوحة وتستنكر هذا التغييب الكبير لاكبر سلطة في هذا البلد وهي السلطة التشريعية وما يؤلم ان هذه المنظمات لم تجد ترحيبا مهما يليق بموقفها الشجاع من قبل نفس البرلمانيين والقوى البرلمانية .
البرلمانيون الذين رأهم الشعب لمرة واحدة في مشهد سمعوهم فيه يقسمون امام الله سبحانه وتعالى وامام هذا الشعب باصرار وبتعمد بانهم سيكونون امناء على الدستور وامناء على القانون واذا بنا نجد ان ذلك القسم بالرغم من مرور ما يقرب من ثمانية اشهر الا اننا لم نجد لهذا القسم شيء من اثر يذكر . وربما يتحجج البعض بان رؤوساء الكتل هم من عطلوا البرلمان , ودعوني اذكر هؤلاء جميعا حينما انتخبهم فانه انتخبهم هم وحينما مثلوا المحافظات فانهم مثلوا اناس هذه المحافظات لم يمثلوا رؤوساء الكتل , فرؤوساء الكتل آحاد ما الذي يمنع البرلمانيين من ان يجلسوا على اقل التقادير فيما بينهم ليتدارسوا الملفات وما اكثرها التي تحتاج الى اعادة نظر والى دراسة والى تمحيص وتدقيق وما الى اخره . ما الذي سيمنعهم لو قالوا امامنا عدد كبير جدا من القوانين التي تركها الدستور وتركها البرلمان السابق نجلس لنتدارسها ونضع مسوداتها الاولية ونحاول ان نتوافق عليها من الان من اجل ان نمررها بصورة سريعة جدا هذا لا يحتاج الى جلسة رسمية حتى يمكن ان يبروا بقسمهم
انا في الوقت الذي اشيد واكبر بالموقف المسؤول الذي وقفه الدكتور عادل عبد المهدي في محاولة تحشيده للقوى البرلمانية لدراسة الملفات الكبيرة في هذا البلد هو يعرف والكل يعرف بان دراسة هذه الملفات امر مطلوب جدا ولا يحتاج الى ان تكون الجلسة رسمية او غير رسمية فدراسة الملف امر مطلوب ما الذي يجري في الامن وما الذي يجري في التعليم وما الذي يجري في النفط والغاز وما الذي يجري في التجارة وما الذي يجري في النزاهة وما الذي يجري في القوانين وما الذي يجري في القضاء وما الذي يجري في القوات المسلحة , ما الذي يجري عشرات بل مئات بل الوف الاسئلة وكل سؤال يحتاج الى ربما الى الاف الاوراق تُهيأ لكي يكون اصحاب هذا الملف مُهيئين سلفا لطرحها على الحكومة القادمة , فهذا لا يحتاج الى ان اذن رؤساء الكتل البرلمانية ولا يحتاج الى ان يستأذن البرلماني الذي يتقاضى من اموال هذا الشعب ما لا يحلم به الغالبية العظمى من المواطنين بل لا يحلم ببعضه بل بعشره غالبية المواطنين .
انا اعتقد ان رواتبكم من دون ذلك ستكون حراما لذلك عودوا الى انفسكم وفكروا ماذا ستقولون لشعبكم , الشعب يتذمر والشعب يتاذى !!! , لماذا يعتصم اصحاب او مسؤولوا او افراد منظمات المجتمع المدني ولا يعتصم معهم او لا يتضامن معهم البرلمانيون الذين يدعون بانهم يخلصون لشعبهم او يمثلون شعبهم او انهم سيمثلون ؟؟؟؟ لا يسعني الا ان اكرر تاييدي الى الاخوة والاخوات الافاضل في موقفهم هذا في كل المنظمات والهيئات التي تنادت لايقاف مهزلة الجلسة المفتوحة , اطول جلسة في تاريخ العالم وبحمد الله اخيرا تمكنا من ان ندخل بالعراق الى موسوعة جينز وكم كنا نتمنى لو اننا دخلنا من باب اكثر البلدان نزاهة او دخلنا من باب اكثر البلدان برا بابنائها او دخلنا من باب اكثر الحكومات تقديما للخدمات لمواطنيها او دخلنا من باب ان هذا البلد لا يوجد فيه عاطل واحد ولا يوجد فيه فقير واحد وامكاناتنا تستوعب كل ذلك ولكن للاسف الشديد ها قد دخلنا في هذه الموسوعة وفي كل يوم نضيف لرقمنا القياسي ما نعزز به هذا السبق المؤسف .
ولا اكتمكم بان الافاق ما زالت كما هي حيث لا تشير الى بوادر الرحمة ولا تشير الى الانفراج واتعجب من البعض حينما يتحدث بلهجة ان الحكومة سيتم تشكيلها بعد اسبوع او ان يطلب تعالوا واعرضوا علينا ماذا تريدون من مناصب انا لا ادري هل هذه الكلمات هي للمزايدات امام الناس ام للضحك على ذقون الناس ؟؟؟ اقول لكم ان المسالة بعيدة عن كل ذلك , ودعوني ان اوضح بما تعرفون من صراحتي في هذا المجال , ليست العبرة في ان نشكل رقما فالارقام البرلمانية يمكن ان تتهيأ لهذا الشخص او لذاك ولكن العبرة في اننا لا نريد كشعب ان يتم توزيع المناصب ليترك الناس لا منصب لهم , نحن نريد حكومة يمكن لها ان تصدق مع شعبها وان تكون خادمة لشعبها ..
في ايام الانتخابات كنا نتحدث عن دولة المواطن لا دولة المسؤول كانوا يقولون هذه مزايدات وشعارات انتخابات ولكن الان بات من الواضح جدا ان المطلوب هو دولة المسؤول وليس دولة المواطن والا لماذا هذا النزاع الشديد على المناصب ولم يجلس غالبية هؤلاء ليقولوا ماذا سنصنع بالمناصب منذ اشهر عديدة ونحن ننادي بالطاولة المستديرة وكانوا يقولون بان هذا الامر هو للمزايدات وها نحن اليوم لا زلنا ننادي في الوقت الذي نقول فيه ونؤكد ان المنصب ليس مهما بل العبرة في برنامج هذا المنصب والعبرة في تامين تنفيذ القرارات المتعلقة في هذا المنصب .
قبل ايام اتخذت احدى المحافظات قرارا يقضي بمنع وزارة النفط من المساس بمجمعات الغاز التي لديها وبعيدا عن ان تكون محقة او ليست بمحقة هذا الخبر لا يجب ان يتلقى بعنوانه مجرد خبر وانما هو مؤشر بليغ جدا لما كنا نطرحه من قبل ( لا يمكن ان تشكل حكومة من دون شراكة كاملة ) . محافظة الانبار حينما تخاطب بانها لا تسمح لغاز عكاز ان تمضي عليه اتفاقيات وزارة النفط انما تعطينا مؤشرا لطبيعة ما يمكن ان تؤدي حالة الا مشاركة وهذا مثال ضع معه الاف الامثلة الاخرى الممكنة .. اي حديث عن عدم المشاركة الكاملة سوف يؤدي الى تقسيم العراق او سوف يؤدي بنا الى الرجوع الى مربعات سنة 2004 و 2005 .
واني والله لشديد العجب وشديد الدهشة والذهول من ان اجد فريقا سياسيا يتحدث عن فريق اخر بانه ليجلسوا بالمعارضة ان لم يريدوا ان يشتركوا او اذا لم يقبلوا بمرشحنا هذا او ذاك اي حديث مسؤول هذا ؟؟؟ تارة تاتي وتتحدث عن 20 او 25 مقعد وتارة تاتي وتتحدث بلغة المكون , الـ 20 او الـ 25 ليسوا مشكلة فالبرلمان فيه مئة معارض ولعله من الحسن ان ينقسم البرلمان الى معارض او غير معارض للحكومة لكي يرى الناس الصورتين معا لكن من المؤلم من الان ان تتحدث عن مكون باكمله ليجلسوا في المعارضة فماذا حصدنا ؟؟؟ بعد سنوات اربعة دفعنا بها دماءا غالية فهل يراد بنا ان نعود الى ذلك المربع لكي نقول ليجلسوا في المعارضة ؟؟؟ . احسب الناس ماذا تعني كلمة المعارضة وماذا يترتب على كلمة المعارضة ؟؟؟؟ فلغة التهميش ولغة الاقصاء لا يمكن لها ان تبقى ولا يمكن بهذه اللغة ان تشاد حكومة او ان تشاد وزارة . ليست العبرة ان نوزع هذه الكراسي فهذا امر سهل جدا بل العبرة ان يحس ابن البصرة بان الحكومة حكومته وابن الموصل بان الحكومة حكومته وابن اربيل وابن كربلاء وابن النجف وابن صلاح الدين وابن كل المحافظات العراقية يحسون بان الحكومة حكومتهم كلهم . قد تحب هذا او تحب ذاك فهذا الامر مختلف تماما لان الواقع السياسي لا يمكن ان نتعامل معه بالعواطف , واسمحوا لي لغة الاتهامات والاتهامات المتبادلة ضج الناس وسئم الناس منها , مللنا من كثرة ما سمعنا من اتهامات , فالنتيجة التي نترقبها جميعا لم نحصل عليها بعد والشعب الان يراقب من الذي يعرقل ويقف عقبة امام التقدم ومن الذي يفسح المجال الى الاخرين ويقول تقدموا سوف نبارك اي عمل من شانه ان يحقق وحدة هذا الشعب ويحقق وحدة هذه القوى ومشاركتها , بل وصل بالبعض الى القول لا نريد اي منصب من المناصب بقدر ما نريد ان نؤمن حكومة قوية وناجحة وعنوان القوة ليست في شخص الوزير كما ليست في شخص رئيس الوزراء , بل قوة الحكومة تكون من خلال قوة القوى السياسية التي تشكلها , اما مجاميع جاءت قوتها وضعتها لكي تاخذ هذا المنصب فماذا حصلنا من التجربة السابقة حتى نتفاءل بالتجربة اللاحقة ؟؟؟ فهذا هو العراق وهذه هي اجواءه والحمد لله الامور لا تعطينا اي بصيص في مجال الخدمات في ان نجد شيئا يذكر .
هذه السنة كادت ان تنتهي والبرلمان لما ينعقد بعد واللغة الحكومية والبرلمانية تعني ان عدم انعقاد البرلمان سوف يؤدي الى عدم وجود ميزانية لعام 2011 يعني اي حكومة تتشكل في ذلك الوقت او ستكون في ذاك الوقت لا توجد لديها موازنة وكل الموجود لديها فقط رواتب وتمشية المشاريع الحالية واكثر من ذلك لا يوجد بمعنى لا وظيفة تضاف ولا اعمار سيحصل والاخوان البرلمانيين ورؤوساء الكتل لا زالوا لم يتخذوا قرارهم بعد .
اما بالنسبة الى التحالفات انا ارجع وانبه الى ما سبق ان قلته اكثر من مرة التحالف ان لم يؤدي الى حكومة قوية تنهي ازمة الناس وازمة الشعب لا يمكن ان يكون تحالفا مباركا , فالتحالف يكون من اجل الناس لا من اجل ان احصل على هذا الكرسي او ذاك الكرسي , والعجيب ان غالبية التحالفات بنيت انما على طريقة تقسيم المناصب في الوقت الناس التي انتخبتكم لم تعطكم وزارات وانما انتخبتكم من اجل ان تخدموها ومن اجل ان ترى الناس من يصدق معها حينما يقول وحينما يفعل ولا يدخل البلد في ازمة ليخرجها منها الى ازمة جديدة .
واعتقد ان كلامي منذ اكثر من سنة بان هناك ازمة ثقة وازمة الثقة ايها الرؤوساء الاجلاء المبجلين للكتل السياسية لا تحل بالشعارات ولا تحل بالكلمات الطنانة والرنانة , بل ازمة الثقة تحل من خلال حسن الاعمال التي تجسر العلاقة مثلا انا لا اثق بك فكيف لي ان اثق بكلامك وانت لا تثق بي فكيف تثق بشعاري ؟؟؟؟؟ بينما اعمالي لو قدمتها قبل شعاري عند ذلك ساكون مجسرا للعلاقة ودعوني اذكر هنا بجملة من القضايا التي لوقت من الاوقات للاسف الشديد لامنا كثيرا عليها وبعض الناس استطاع ان يحرك عواطف الشارع ولكنه بعد ذلك عاد لما كان يعيب الاخرين عليه .
انا كنت منذ البداية واخرين معي نعارض اي علاقة استعداء مع اي دولة من دول الجوار تحدثنا مئات المرات عن ذلك وقلنا ان الدستور العراقي يدعو الى سياسة احتواء وتعاون مع دول الجوار لا الى سياسة استعداء وايجاد جدر ساخنة ما بين العراق وما بين جيرانه وكم كان امرا مطلوبا ان نسمع من رئيس الوزراء كلمات فيها اعادة اللحمة بيينا وبين سوريا لم ؟؟ قد تكون لدينا ملاحظات كبيرة او كثيرة على اداءات ولكن الاخر ايضا لديه ملاحظات كثيرة وكبيرة على اداءات منا والعبرة ان بيننا مصالح مشتركة ينبغي ان تبنى وينبغي ان يعول عليها في ازالة الفوارق لا ان تاتي الحكومة لتضيف فارقا جديدا وتتسبب بازمة جديدة الى العراق .
بلى يجب ان يكون قرارنا وطنيا ولكننا بحاجة الى دول الجوار والى دول العالم لسنا من القوة بالشكل الذي يمكن لنا ان نبني هذه التجربة التي يتامر عليها الكثيرون لكي تذبح وهي لما تزل فتية , كنا منذ البداية نتحدث وقد لامنا الكثيرون لماذا تتحدثون عن سوريا وايران والسعودية وتركيا والاردن لا حدية فيها وما الى ذلك بينما الان بات من المطلوب عند الجميع ان يعملوا بنفس ما كنا نعمل قبل ذلك , والسياسي الناجح هو الذي يرصد الافاق كيف تتحرك والنتائج كيف تتشكل , السياسي ليس سياسي اليوم الذي يتفوه بكلمة ولا يدري ماذا سيحل بعدها غدا , القائد الناجح هو الذي يرصد كيف تنتج الاشياء وما هي مصالح العراق في هذا المجال وما هي مصالح شعبه في هذا المجال .
كنا نتحدث عن علاقة وطيدة مع الكرد ولا اخفي باننا خسرنا في شارعنا الكثير ممن لم يكونوا يتمتعون بافق استراتيجي للتعامل مع الملف الكردي وقد بات الان واضحا اننا كنا سباقون لما يسعى الان الاخرون للحاق به حديث حكومة الشراكة ليس حديث مزايدة بل حديث عمل وحديث جد ولا يحتاج الى نوايا بل يحتاج الى برامج تعضد بمسيرة ثقة ومسيرة حينما تكون منذ سنوات يراها الطرف الاخر وانت جاد بها يثق بك مباشرة , ولكن حينما يراك في كل يوم لون فكيف لك ان تجلب ثقته , لذلك المطلوب هو عملية تجسير ثقة قبل التكلم بالشعارات .
لذلك لا خيار لنا في ان نشارك باي حكومة لا يمكن لها ان تؤمن هذا المطلب بلى سوف نرحب وندعم ونحمي اي حكومة تؤمن هذا المطلب حتى لو جلسنا في داخل البرلمان ولم نشترك في تشكيلة الحكومة نحن لا نريد المنصب بقدر ما نريد خدمات حقيقية للمواطنين وعراق يفتخر به الناس
يبقى علي ان اشير الى نقطة اخيرة حيث للاسف ان بعض المهرجين حاولوا ان يضعوه في قالب سيء حينما تكلمت عن مشروع العفو , نحن نريد عفوا حقيقيا ومصالحة حقيقية وجادة لكل ابناء هذا الوطن لاسيما واننا نعلم بان السجون فيها الكثير الكثير من الابرياء ومتيقنون من ان الكثير من هؤلاء لم يتواصل معهم المحقق حتى طوال الفترة الطويلة التي قضاها في الاعتقال مع ان الدستور يتحدث 48 ساعة فقط اشهر متمادية ولا يعلمون سبب احتجازهم لانهم لم يلتقوا بقاض للتحقيق انا مع حركة العفو ولكن لا عفو على الطريقة السابقة التي مُرر بها قانون العفو , فقانون العفو السابق بموجبه خرج الغالبية العظمى من سراق الشعب اقفلت ملفات كبرى فيها مئات الملايين من الدولارات واصبح فلان وفلان وفلان من ائمة السراق والمطلوبين اصبحوا عداد المعفو عنهم فهذا العفو هو اهانة للشعب وهذا العفو نرفضه
وفيما يلي التسجيل الكامل لخطبة سماحته: