قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
احداث صاخبة متعددة هي التي وسمت مسار الأيام الماضية وسأحاول أن اقف عند كل واحدة منها لأجد في البداية الموقف الذي اتخذته الأجهزة الأمنية من اعتقالات البعثيين بالرغم من كل ما قيل فيه وبالرغم من كل من حاول أن يحجم او يعظم هذا الخبر يبقى هذا الحدث من الأحداث المهمة التي كنا نتمنى على اجهزتنا الأمنية أن تكون سباقة قبل هذا الوقت لأراحة الناس من شر هؤلاء الأشرار ولا زلنا نتوقع من الأجهزة الأمنية الشيء الكثير بإتجاه ايقاف مسلسل اختراق البعثيين لأجهزة الدولة ولا سيما الأجهزة الأمنية .
وأضاف سماحته :
وفي الوقت الذي أشيد بهذه الأجراءات وأثمنها مع انها جاءت كضربة استباقية لمرحلة ما بعد الوجود الأمريكي وتخلص العراق من الوجود الأمريكي إلا أني ادعو هذه الأجهزة الى التعامل مع ملف الأرهاب ومع ملف التجاوز على دماء واعراض واموال الناس بالكثير من التشدد والألتزام . وفي الوقت الذي أشكر فيه الله سبحانه وتعالى أننا رأينا بعد طول عهد من المواقف التي لم تكن ترتجى لهذه الحكومة رأينا موقفا يثمن في إجراءاتها إلا أننا نبقى وجلين من أن هذه الأشادة قد لا تستقبل من القضاء العراقي بالشكل الذي ينسجم مع طبيعة اجرام هؤلاء . فنحن لم نجد الإجراء الرادع الذي يتناسب مع ارهاب الأرهابيين وكبار القتلة ، فما بين من يفر من السجن وما بين من يفر من التحقيق ولا أقصد الفرار المادي أو البدني ولكنني أقصد أنه يدخلل الى التحقيق ويخرج بريئا أو ربما يشتكي ويقول انا الذي كنت مظلوما خلال فترة الأعتقال حتى اذا ما وصل الى القضاء وجدنا الأجراءات المريبة واقعا ولا تثير في النفس إلا الألم والسقم وشديد المرارة لأن قواتنا الأمنية وأبطالنا في الجيش والشرطة والمخابرات وفي وزارة الأمن وبقية المواطنين يجتهدون بتعريض أنفسهم للخطر من أجل إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين وإذا بهم حينما يصلون الى القضاء في الكثير من الأحيان كما في المثل الشعبي " قيل إحلف قال جاء الفرج " فإذا وصل الى القضاء كانت لغة التخويف ولغة الرشوة هي سيدة الموقف كما رأينا بإم أعيننا كيف أن القضاء يتخلف عن أن يكون رادعا لهؤلاء المجرمين .
وعن ألأعلان عن تشكيل إقليم تكريت تحدث سماحته قائلا :
والقضية الثانية التي يجب التوقف عندها هي ما رأيناه يوم أمس من موقف في مجلس محافظة تكريت ، وأنا في الوقت الذي أشير فيه الى أن الفدرالية حق دستوري لاشك ولاريب فالدستور صريح جدا في منح الفدرالية الى المحافظات التي تصوت بالطريقة التي أشار اليها القانون والدستور في الفيدرالية . ولكن طبيعة الظروف التي اقترنت بهذا الأعلان ولغة الأعلان تجعل من الموقف مورد استفزاز ومورد موقف فيه الكثير من الأعتداء على الدستور والأعتداء على مواطني المحافظات الأخرى بل على نفس مواطني محافظة تكريت . فحينما يخرج هؤلاء ويقولون أن اهل تكريت كلهم بعثيون صغيرهم وكبيرهم فأنا أعتقد أن تكريت أشرف من أن تكون كذلك وهذه مصادرة لشعب عانى الأمرين بما فيه تكريت وأنا لدي أصدقاء كثر من تكريت وقد عانوا ما عانوا من البعثيين حيث أهم قتلوا وسجنوا وعذبوا وحرموا واضطهدوا وعليكم أن لا تتصوروا أن الجنة كانت قد أعطيت لكل أهل تكريت . إن من يعرف حقائق الأشياء يعرف أن راجي التكريتي ما قتل إلا نتيجة معارضته للنظام وما أوذيت عائلته ولا سبيت عشيرته إلا نتيجة لمثل هذه الأوضاع ، ومن يتحدث بلغة أن تكريت كلها بعثية أنما هو منطق بعثي ووجوده أصلا في مجلس المحافظة وجود مخالف للدستور لأن الدستور واضح في حضر كل من يروج لحزب البعث ولا يوجد ترويج أوضح من هذا الوضع وبالشكل الذي يسقط عنه حقه في العضوية وأمام مفوضية الانتخابات إجراء يجب أن تتخذه أمام لجنة إجتثاث البعث للوقوف بحزم أمام هذه القضايا . ولكن أن يعنون موضوع الفدرالية لتخليص البعثيين من اجراءات الدولة فهذا هو الكفر الآخر الذي لا يثير قلقا وإنما يثير مخاوفا كبرى حينما يقال أن إقليما للبعثيين يراد أن يتخذ في المحافظة الفلانية فماذا تتصورون الموقف في المحافظات الأخرى وعندئذ يخرج المطلب من اطار الدستورية ويتحول الى مطلب سياسي يروج لأمر سياسي ضد العملية السياسية برمتها . وأنا أتمنى أن لا يكون خطاب المطالبين بالفيدرالية هو نفس هذا الخطاب لأنه لا يمكن أن يحظى بموافقة أو إرتياح أي جهة سياسية معنية بهذا الأمر ، ولكنني أرجع وأقول ان الفيدرالية مطلب حق وكنا نتمنى محافظاتنا وكل المحافظات ان تكون قد سبقت الى هذا الأمر وكما تعرفون أننا نادينا فقيل أننا نريد أن نقسم العراق ( فما عدا مما بدا ) ؟ ! .
أنا كنت أتمنى من أهل تكريت هذه اللهجة وهي أنه لماذا تأخذ تكريت مئتين وخمسين مليون دولار في موازنتها السنوية بينما دهوك أو السليمانية أو أربيل تأخذ من أكثر ثلاثة مليارات دولار ؟ . فتلك تأخذ بالفيدرالية تأخذ مليارات وهؤلاء في الحكومة المركزية يأخذون " تفاليس " وأنا لا أتحدث عن محافظة واحدة فكل المحافظات هكذا . وهذا المنطق منطق العدالة يجب أن تجه إليه ولكن هناك فرق بين أن نطلب العدالة بالوسائل والأجراءات التي تثير أحترام الآخرين ، وبين أن نطلب مشروعا نصوره بأنه يريد العدالة يخفي الظلم القبيح لجموع الناس وأنا أعتقد أن المناداة بإقليم للبعثيين إنما هو تقسيم للعراق لأن بقية المحافظات ستقف بمنتهى الشراسة ضد هذا الأقليم ليس لأنه إقليما بل لأنها ضد البعث ولايمكن لأي قوى قاومت البعثيين وناضلت ضدهم أن تقبل بهذا الشيء لذلك أن نتحدث عن إقليم إما أن يكون جزيرة منعزلة عن العراق أو أن نتحدث عن رفض كامل إلا أن اعادة الصياغة وإعادة الموضوع بطريقة أليق وألبق . وأنا أعود وأقول أنه يكفي تكريت إهانة أن تحسب على حزب البعث ، فحزب البعث مثل عين النجاسة لا يمكن أن يطهر أو يتطهر به أي إنسان . وتكريت فيها الكثير من الذين خدموا البلد بشكل حقيقي وأنا اعلم ان الكثير ممن اجبر على الأنتساب الى حزب البعث ولم يكن بعثيا وإن إنتمى فهم كانوا يقولون ان العراقيين بعثيين وإن لم ينتموا ، ونحن نقول أن الكثير من البعثيين لم يكونوا بعثيين وإن إنتموا لأن الأجرام كان خصيص بيد ثلة اعتقدت بشكل جدي بالفكر العنصري لحزب البعث وبالفكر العائلي والمناطقي لحزب البعث بالشكل الذي حول هذه الثلة الى ثلة شوفينية لا يمكن لها أن تنسجم مع فكرة المواطنة .
وعن قصة إغتيال السفير السعودي قال سماحته :
الأمر الآخر فإني أعتقد أن فضيحة إتهام إيران من قبل الأمريكيين والأوربيين بقصة إغتيال السفير السعودي بندر بن سلطان في واشنطن قد أفتضحت ومن الواضح جدا أن تزامن توقيتها مع الأعلان الرسمي عن موت سلطان بن عبد العزيز إنما هو الذي يفضح القصة ، فسلطان منذ مدة ليست بالقليلة حي سريريا ولكنه ميت ويعيش على الأجهزة ولكنهم يتحينون الفرصة المناسبة لكي يعلنوا عن وفاته ولكن مشكلتهم أن بيت العائلة المالكة كان يعيش الاضطراب والانقسام الداخلي الشديد وكل القصة كانت متمحورة ما بين جناح الملك وجناح ولي العهد أي ما بين جناح عبد الله وجناح سلطان وإعلان موت سلطان من دون حسم مسألة ولاية العهد كان يمكن لها أن تؤدي الى تفكك كبير وأنا أزعم أن التفكك قد بدأ بشكل كبير وإلا لما احتاجوا الى هذه الفضيحة لكي يتحدثوا بها بهذه الطريقة ولكنهم أرادوا القول للبيت السعودي أن السعودية في خطر نتيجة تآمر إيران على سفيرها في واشنطن . فالذي إتهموه ينفي والدولة تنفي وأجراءات الأتهام والمواقف السياسية المضخمة كلها قد إتخذت سريعا ، فأوربا دفعة واحدة تفرض عقوبات وأمريكا تفرض حصارا والسعودية تتخذ دفعة خارجية ايران يستقبل ينتقل الى السعودية يستقبل هناك معزيا ووزير الخارجية هو الجهة التي يفترض أنه هو الجهة التي تسأل قضية الأغتيال في الخارج فأين الدليل ، لا يوجد وبالضبط كما قلت في خطبتي السابقة (عصفور كفل زرزور) فالأمريكيون قالوا والسعوديون صفقوا وهما الأثنان متهمان أساسا ولكن حتى يقال أن هناك خطرا فيا سعوديون عليكم أن تتفقوا وتنسوا خلافاتكم ولكنني أحسب أن الأمور ليست بهذه الصورة وهذه الفضيحة ستؤسس لمزيد من الأحتقان داخل الأسرة المالكة " ولن ينبئكم مثل خبير " والأيام المقبلة ستشهد صورا من هذه التداعيات وستخرج الكثير من الأحداث التي تخبر عن وجود خلاف شديد بين أطراف المملكة السعودية .
وختم سماحته الخطبة بالحديث عن المناهج الدراسية قائلا :
والقضية الأخرى التي أشير اليها فأنا واقعا لا أدري ماذا أقول لوزارة التربية فحينما كنا نرجو وزيرنا السابق أن يغير مناهج التربية والتي لا أشك أن شعبنا كان يتلوى ألما ومرارة نتيجة لأستمرار المنهج الطائفي المشبوه في مناهج التربية وإذا بوزيرنا السابق رغم تعهداته لم يفعل أي شيء . وجاء الوزير الحالي ولا أعلم إن كان إجراؤه أم اجراء تم من تحت يده وهو حذف الآيات القرآنية من مناهج الكيمياء والفيزياء وخصوصا مراحل الإعدادية العلمية وهذه القضية لا أعلم الى تتجه فهل نحن نرجع الى الوراء أم أننا يجب أن نتقدم في تثقيف أبناءنا وتوعية أجيالنا ؟. وهناك الكثير مما يجب أن يتوقف عنده السيد رئيس الوزراء ولجنة التعليم والتربية لكي تخبر الناس الى أين نحن متجهون . وبعض الكليات الأهلية المدعومة من جهات رسمية تتحدث عن الروافض بإسم " الروافض " !!! ، وجهات تمول من قبل الدولة تؤسس لفكر التكفير وبإسم التربية والتعليم !!! . فهل تتصورون أننا بإتجاه جهد تربوي يحقق الوحدة الوطنية أم يحقق الأحتقان الوطني ؟ . وأنا لن أتحدث عن الذي يجري من ثقافة أساتذة الجامعة فالطائفي لا زال طائفيا بل إزداد ، والعلمانيون منهم إزدادوا صلفا وشراسة في التعدي على المباديء الأسلامية وأنا لا أدري متى سيتخذ وزير التعليم العالي الأجراء الذي سيكفل لأبنافي ءنا تعليما نزيها فلا زال المنهج التعليمي ولا سيما في قسم الدراسات الأنسانية يشهد الكثير الكثير من الفكر العلماني المضاد للأسلام ولازالت الكتب تحكي بشكل واضح أما عن أفكار اليساريين وأما عن أفكار الغرب الماعادية للأسلام ! . فعلى الأقل أمامكم دستور يطالبكم بإحترام ثوابت الأسلام مما أتفق عليه ولكن للأسف الشديد لا أجد ذلك الجهد الذي يمكن أن يطمئننا بأن الجهد التربوي يسير بالأتجاه الذي نتمناه .
وفيما يلي التسجيل الكامل لخطبة سماحته :