قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
الى متى نبقى نطلق الأسف من بعد الأسف حينما نرى أشلاء أخواننا وأبناء شعبنا تتطاير نتيجة لأجرام وحوش البعث وغدرة التكفيريين . لا أدري الى متى نبقى نتجرع الغصة تلوالغصة ونحن نرى الانفجارات تتوالى والاختراقات الامنية تتعدد والشعب يبقى يهدد في امنه وسلامته وكان كل عشرات المليارات التي صرفت وعشرات الالاف من الجنود والشرطة التي عينت وجهزت ، كل هؤلاء ليسوا بقادرين على الوقوف امام هذه الجرائم . لا شك ولا ريب أن الاختراق الامني يحصل في كل دول العالم وبالامس حصل انفجار في ايرلندا ويحصل في بقية دول العالم مثل هذا الاختراق شتان ما بين بلد يحصل فيه انفجار في كل سنة مرة او في كل عدة سنين مرة وبين بلد تحصل فيه الانفجارات يوميا وبتنامي اكبر من السابق .
ان هذا الامر يحكي واحد من واحد من هذه الاتجاهات ، فإما ان يكون الفاعل من العصابات المحلية التي تنام وتستيقظ بين الفينة والاخرى لكي تقوم بهذا العمل ، واما ان اجهزة واجندات اقليمية او اجنبية كبرى هي تقف وراء هذه العمليات وهي التي تجعلها تصعد فترة وتخبو فترة اخرى ، واما ان يكون هناك اختراق كبير في اجهزتنا الامنية بالشكل الذي يسمح للمخترقين ان تحصل الانفجارات وتحصل الاختراقات بالطريقة التي رايناها .
فبالامس في مدينة الصدر وقبلها في مراكز الشرطة وقبل ذلك في منطقة الحرية وقبلها في العطيفية وهكذا بقية المناطق والمحافظات . وكذلك اغتيال الرموز الدينية او محاولة اغتيالها كاغتيال معتمد الامام المفدى السيد السيستاني في كربلاء ، ومحاولة الاعتداء على معتمد سماحة السيد في ناحية القاسم في الحلة ، او الاعتداء على الرموز العشائرية كما جرى في الديوانية ، وكما تتحدث التقارير الامنية بامكانية حصول ذلك في اماكن متعددة لا يمكن ان يحكي الا عن وجود اجندة واحدة تفعل هذه الانفجارات والاحداث ليقال ان العراق لا أمن فيه وان العراق ليس مؤهل امنيا لكي يصل الى بر الامان .
في مثل هذه التحليلات لا شك ولا ريب ان هؤلاء اعداء والعدو لا نستغرب منه ان يقوم بأعماله الغادرة في اي وقت يستطيع وفي اي مكان يقدر فيه ، ولكن المشكلة تكمن فينا لاننا لماذا نهيء له الفرصة لكي ينفذ ويؤسس لجرائمه . ومما لا شك فيه أن التكفيرون وحوش ولا اتوقع منهم ان يؤدوا واجب البر بهذا الشعب فالوحش لا انتظر منه الا صور البربرية في الأفعال . ولا شك ايضا ان البعثيين لا يمكن ان اتوقع منهم الا كل غدر وفجور وبالنتيجة لا استغرب ان يبادروا لمثل هذه الأعمال والأجندات الإقليمية الحاقدة سواء كانت خليجية وغير خليجية وعلى راسها دولة الصهاينة لان هؤلاء موتورون من استقرار العراق وضمان خراب العراق ضمان ازدهارهم بالنسبة لهم .
فالسعودية وامثال السعودية يتحدثون بمليء الفم بان استقرار العراق يؤدي الى نضوب في قدراتهم المالية والاقتصادية لذلك فان الخيار الطبيعي هو الإسهام في خراب العراق بأي صورة من الصور . وأصحاب الأجندات الكبرى العالمية فأنهم أيضا لديهم مصلحة في ان يقولوا نحن من حققنا امن العراق ، ولكن حينما أزيلت قواتنا بدا العراق يتهاوى تحت ضربات الإرهابيين وهذا ما يريدون منا ان نقتنع به . وأنا اقول ان الشارع العراقي اكبر من ان ينصاع لمثل هذه التهديدات . ولكن اين الأجهزة الأمنية وأين أداء الحكومة التي يمكن ان تضمن امن الناس ؟ . لا اشك ان أسبوعا او أسبوعان او ثلاثة او أربعة او أكثر او اقل ستخرج الأجهزة الأمنية عبر ناطقيها الرسميون وغير الرسميون ليقولوا اننا امسكنا العصابة التي قامت بالتفجير في المنطقة الفلانية او المنطقة الفلانية ، ولكن ما فائدة ان يقال لنا ذلك بعد ان ذهبت نظرة الشباب وتحولت قلوب الثكالى الى عاصفة من الألم ومن المظلومية ؟ .
وماذا سيحصل للأيتام الذين يتموا وللأرامل الذين ترملوا حينما يجدون ان مجال التعويض لهم لم يبق ما يدعو ان يكون ذا قيمة . إن امن الناس قيمته ان يحفظ الناس قبل حصول الجريمة لا بعد حصول الجريمة لكي نبرز عضلاتنا ونقول لقد حققنا انجازا . لا شك فان هذا انجاز ولكن هذا الانجاز يمكن ان نسميه انجازا في سنة 2007 أو في سنة 2008 أما في سنة 2011 ونحن مقبلون على سنة 2012 وبعد صرف من ستين إلى سبعين مليار دولار على الأجهزة الأمنية فلا يعقل أن نبقى نعتذر بنفس الأعذار وبنفس الشماعات .لا يعقل أن تبقى الأمور بهذه الطريقة وأنا لا ادري من الذي يحاسب اذا كان الجميع يتحدثون بنفس المنطق ، فالجهة المسؤولة هي التي تقول بان هناك فساد ولكن لا تقوم بإجراءات تمنع الفساد ،والقضاء هو الذي يقول بان هناك فساد ولكن لا يقوم بإجراءات تردع الفساد ، والأجهزة الأمنية هي التي تقول بان هناك اختراق ولكنها لا تقوم بإيجاد الروادع ، عند ذلك كيف يمكن لنا ان نطلب أمنا ونحقق أمانا للناس ؟ .
وحذر سماحته من تنامي ظاهرة بيع الاقراص والاشرطة اللاأخلاقية قائلا :
من جهة أخرى فالآن دخلنا إلى الموسم الدراسي ويفترض أن وزارة التربية ووزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة قد أعدت منهاجا لتربية أبناء هذا البلد وأنا لن أخاطب وزارة الداخلية لان آذانهم صماء ، ولن اخاطب وزارة الدفاع لان اعينهم في الغالب لا تنظر ،ولكن هل ان اخوتنا الوزراء الثلاثة المعنيون بتربية الناس اطلوا في مرة من المرات على منطقة الباب الشرقي لكي ينظروا الى طبيعة الاقراص الافلام التي تدعو الى الفساد بشكل مباشر وتباع وكانه لا دولة هناك او ان الدولة هي التي تعمل على ترويج مثل هذه الاشياء . الاف الاشرطة التي توجد فيها الافلام الاباحية والافلام االمسيئة للدين والمسيئة للعفة والمسيئة للاخلاق والتماسك الاجتماعي فاذا كنتم تبحثون عن امن وكيفية اختراق الامن فانشروا هذه الاقراص لكي تتحقق حالة الانحلال الاجتماعي وعند ذلك لا يستحي الانسان من ان يمارس اي فعل ولا يعيب على نفسه ان يرتكب اي قضية .
فمنذ سنوات عدة تجري عمليات البيع امام انظار الشرطة والجيش والاجهزة الامنية ولا احد يلبي ولو لمرة ويقول ان لدينا بنات واولاد نحن معنيون بعفتهم ولدينا اخوات واخوة نحن معنيون بعفتهم . فما بالك لو ان لدينا صور لافراد من الاجهزة الامنية وهم يشترون هذه الاشرطة والاقراص ! . فهل نحن في بلد اوربي حتى نقول ا ن هذه الاشياء لدينا مباحة ، ام اننا في بلد نقول بانه مهد الحضارات التي بنت الاخلاق وبنت التماسك الاجتماعي وعندئذ يجب ان يجيبونا على الاسئلة التي تطرح حينما ننظر الى الباعة في الباب الشرقي وغيره من الاماكن حيث لا يوجد الا ندرة من اولئك الذين يبيعون الاقراص والاشرطة ولا تجدون لديه مثل هذه الافلام فمن الذي من واجبه ان يؤمن شباب الناس . انا لا ادري ان خوتنا الوزراء واخونا العزيز رئيس الوزراء واخوتنا رئيس مجلس النواب والاعضاء هل انهم يعلمون بالذي يجري ام لا يعرفون ؟ ، فان كانوا لا يعرفون فتلك مصيبة وان كانوا يعرفون فالمصيبة اعظم .
وأضاف سماحته :
انا اناشد اخواني في وزارة الداخلية ، لا شك ان فيهم من الابرار العدد الاكبر ، واخواني في وزارة الدفاع لا شك ان فيهم العدد الاكبر من الاخيار وان يقولوا اننا لدينا ابناء ولدينا نساء ولدينا شباب يتأثرون بهذه القضايا . ان لم يكن لديهم اثر مباشر فستاثرون بالاثر غير المباشر فانا لما ياتي شاب ويشحن شحنا غرائزيا فعند ذلك عندما يعتدي جنسيا على هذه او على تلك فهل نلومه فقط ام نلوم الجهود التربوية التي لم ترعى هذا الامر . على اي حال فالمشتكى الى الله عز وجل ولكنني ابقى اناشد السيد رئيس الوزرا ء ان يتنتخي لمثل هذا النداء ويبادروا الى معالجة مثل هكذا فضية ورغم اننا لم نتحدث عنها كثيرا ولكننا كنا نقول في كل يوم انهم سوف يتخذون الاجراء المنا سب ولكن لا شك ولا ريب ان تجارة الحبوب المهلوسة وتجارة المواد المخدرة وتجارة الحبوب الجنسية كلها تعمل في مصاف تجارة هذه الاشرطة وكل هذه الاشرطة تعمل ضمن اجندة اسمها تجارة الدعارة وتجارة المخدرات . فاذا كنتم تريدون ان تحاربوا الجريمة والارهاب فاعتقد ان الجريمة منبعهما من مثل هذا الوحل وهذا المستنقع .
وتحدث سماحته عن الازدواجية العالمية في المواقف من الأحداث قائلا :
أما القضية الاخرى التي أتوقف عندها قليلا وهي إنني تحدثت اكثر من مرة عن لغة المعايير المزدوجة التي تحصل في السياسة العالمية وضربت مثلا في السابق وقلت ان هذا الذي يجري في اليمن ولا يتحدث عنه بانه انتهاك لحقوق الإنسان والذي يجري في البحرين ولا يتحدث عنه بانه انتهاك لحقوق الانسان ، ويجري قسم اقل منه بكثير في سوريا وتقوم الدنيا ولا تقعد لان حقوق الانسان قد انتهكت ! . هؤلاء الذين يتحدثون عن حقوق الانسان ليسوا اكثر من مجموعة من الكاذبين يستغلون طيبة الناس وعواطفهم من اجل ان يمرروا اجنداتهم ، وإلا فإن هذا ما يعمله علي عبد الله صالح وجيشه في اليمن وكان اليمن خارج الخارطة العالمية وما بين الفترة والاخرى نسمع تصريحا ليس الا .
وما جرى يوم امس لافت ايضا في نفس هذه السياسة حيث اتهام الجمهورية الاسلامية بانها وراء عملية محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن والشاهد امريكا والسعودية " والعصفور عندما يكفل الزرزور ماذا نجد " ؟ ، فهاتان الدولتان لهما مواقف في المعايير المزدوجة من اوضح الواضحات . وعمليات الاغتيال التي قامت بها اسرائيل لماذا لم نسمع تهديدات ولغة حصار وما الى ذلك واسرائيل قبل فترة اغتالت وبالشاهد والدليل الثابت احد قيادات حماس في الامارات واستخدمت جوازات اوربية ومارست الارهاب الدولي بالعين المجردة فمالذي حصل ؟ . وهل قامت فرنسا وبريطانيا واستراليا بشيء بعد اعتراف اسرائيل بانها زورت جوازات تلك الدول ؟ . واليوم امريكا قالت ان ايران ارادت اغتيال السفير السعودي وفي زمن مقارب للحج وتصعيد التوتر العالمي والاقليمي في المنطقة وفي زمن يراد فيه ايجاد تحالفات اقوى ضد جبهة الممانعة والمقاومة التي تقف ضد اسرائيل .
وما قامت به حماس يوم أمس الاول من تسجيل موقف مشرف في تحرير الأسرى الفلسطينيين من خلال لغة الممانعة والمقاومة استطاعت ان تحقق نصرا على الارض وهؤلاء حينما يجدون مثل هذه الافعال لابد وان يحاولوا تطويق مثل اعمال المقاومين . وفي قضية سوريا فلا ذنب لها كنظام إلا لأنها بقيت تحمي جبهة الممانعة وأنا لا اقول بأن هناك عدالة كاملة في سوريا فلا شك ولا ريب ان هناك ظلما وأن هناك ما يحتاج الوضع فيه الى الاصلاح والدولة تنبهت واتخذت جملة من الاجراءات ، ولكن اعود وأقول اياكم ان تخدعوا بلغة المعايير المزدوجة وكما انرى في ايامنا الحالية في وضعنا الداخلي حيث ان تركيا تقصف بالمدافع والطائرات شمال العراق وتدخل الى داخل الحدود العراقية ولا احد يتكلم ، واذا قامت ايران بقصف مواقع في العراق فتنقلب الدنيا ولا تقعد .
وختم سماحته الخطبة بالقول :
انا لا أقول ان حدودنا يجب ان تستباح بل انا ادافع عن كل شبر من حدود العراق ولكن ما اعتقده ان لغة المعايير الزدوجة لا يمكن ان تكون صادقة ومن يتحدث بلغة مزدوجة مرة حلال ومرة حرام يبقى متهما سلفا وأنا اقول ان ما يجري بين مجرمي عصابة بيجك الكردية والجمهورية الاسلامية ، وبين عصابة حزب العمال الكردستاني وتركيا يجب ان ينتهي من خلال تعهد السلطات المحلية والاتحادية في هذه المناطق على منع استخدام الحدود العراقية لأذية دول الجوار حتى لا نعطي لدول الجوار حجة ليخترقوا حدودنا ويمتهنوا هذه الحدود وعلى اي حال سنبقى مع مسلسل المعايير المزدوجة وأمامنا ظلم كبير يتحقق والمنطقة امامها موجة شديدة في اطار ما يسمى بالربيع العربي وأنا اخاطب الشعوب وقد سبق لي ان خاطبت مصر واخاطب اليوم ليبيا وغدا اليمن وسيتحقق ذلك بفضل الله تعالى لهم ولكن تحقيق الثورة شيء والوصول الى اهدافها وغاياتها شيء آخر فالضباع الاستعمارية قد قدرت انها لا تتحرش بكم اثناء ثورتكم ولكنها تتربص بكم الدوائر حينما تريدون ان تسيروا من بعد انتصار الثورة . فسيسرقون الثورة ويمسخون الانجازات وسيعطونكم فتاتا بعد ان يأخذوا الغنيمة الكبرى .
وفيما يلي التسجيل الصوتي الكامل لخطبة سماحته :