قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
شهد العراق خلال هذه الأيام موجه من الأحداث وأنتجت جملة من المواقف ولأن وجدنا في الأعمال الإرهابية مددا جديدا أو أحداثا أخرى أفجعت قلوبنا وأدمت دواخلنا إلا إننا لا نجد في هذه ما ينبئ عن جديد الإرهاب فالإرهاب كان وسيبقى له هذا السلوك الإجرامي وتصاعد عملياته او تنازلها لا يمكن أن ينسينا طبيعة سقوطه السياسي والأخلاقي والإنساني ، فهؤلاء ساقطون سواءا فجروا او لم يفجروا ، وهم إرهابيون سواءا وفقوا في عملهم او لم يوفقوا واقصد بالتوفيق هنا أنهم نجحوا في أعمالهم او لم ينجحوا ولكن العبرة في مواقفنا نحن وفيما نستفيده نحن من أعمال المجرمين فالمجرم يبقى مجرما والغريب ان تسأله لماذا يجرم فطبيعته وذاته وأخلاقه وسجاياه متأتية من مدرسة إجرام والإناء القذر لا يمكن أن تتوقع منه الا ما يستقذر من وأكثر من ذلك فلا . فالعبرة ماذا نستفيد نحن وماذا يجب علينا ان نتخذ من مواقف تقلص من عمر الإرهاب وتفشل مخططه ، فلا شك ولا ريب ان للإرهاب أجندة وبرنامج محدد وهذا البرنامج يجب ان لا يفوتن أحدا كي يتصور ان برنامجه لأجل التفجير والتفخيخ فقط ، فهؤلاء لا يفجرون لأجل التفجير وإنما لديهم أهداف سياسية وهذه الأهداف يسعون إليها من خلال عمل سياسي ومن خلال عمل إعلامي ومن خلال عمل اجتماعي ومن خلال اعمل التفجيرات نفسها فكلها منظومة واحدة ، لذلك فان القنوات التي تتحدث عن برنامج الإرهاب وان لم تسميه تبقى هي تمارس الإرهاب بطريقتها الخاصة ، والسياسيون حتى وان قالوا نحن نستنكر أو نشجب او ندين ولكن مواقفهم تدعم العملية الإرهابية فإنهم يبقون إرهابيون وان لم يقولوا نحن من أهل الإرهاب او إنهم لم يفجروا ، بل نحن نجد في بعض المواقف الإعلامية وبعض المواقف السياسية ما هو اشد ألما من الإرهاب لأنه يؤسس لإرهاب اكبر ولأنه يعطي للإرهاب فرص نجاحه في الوقت الذي يجب أن نقف ونحصن المنجزات التي حصلنا عليها بأرواحنا وبدمائنا وبأشلائنا .
وقال سماحته :
لو أدرت الآن أن أترك كل شيء وأعيدكم الى محرم سنة 2003 فهل كنتم تستطيعون الجلوس هذا الجلوس وتحيون شعائركم بهذه الطريقة أم إن من كان ينطق باسم الأمام الحسين مجرد النطق يعاتب ويحاسب وينظر إليه بشزر إن لم ينظر إليه بإجراءات القمع والإرهاب التي يستخدمها هؤلاء أنفسهم الذين يفجروننا اليوم ؟ .
كنا سابقا نتحسر على مجلس ورغم إنني كنت في الخارج ولكنني أضع نفسي في الداخل حيث كان الكثيرون يأتون ويتحدثون بهذه الأمور ويقولون إننا كنا نتداول القرص أو الشريط خفية حتى نسمع ذكر الإمام الحسين ( ع ) ، والآن مالذي جرى ؟ القاتل لم يختلف ثقوا بالله لم يختلف فهو نفسه والحقد هو نفسه ولكن الأشكال فقط تبدلت والآليات تبدلت وأما بقيت القضايا فهي ذاتها موجودة .
واذا تقولون ان ألف وأربعمائة سنة حرمان فهل أن الذين عملوا الحرمان هل نسوا ان يبقوكم في الحرمان في الوقت الذي أخذت منه وسائل حرمان الناس الا يسعون لاسترجاعها ؟؟؟ . انا اعتقد انه لو لا الخلل الذي حدث في علنية مجلس النواب لمسائلته للوزراء وأنا كنت احد المنادين بشدة الى ان تكون الجلسة سرية حتى لا يفسح المجال لقضيتين وهما المزايدات وكشف الأسرار ، وطبيعة الأمن هي سرية فأعجب لنواب صوتوا لعلنية الجلسات فكيف تجعل من أمنك معروض أمام كل أعداءك وللأسف كان أداء الوزراء سيء ورسائلهم أيضا كانت أسوء في الجلسة العلنية وفي اليوم الأخر حولناها الى سرية وتحدثنا بما نريد ان نتحدث عنه .
وأضاف سماحته :
هناك من يسأل مالفائدة ؟ فأنتم استجوبتم المفوضية ووزير الكهرباء ووزير النفط وساءلتم الوزراء وساءلتم رئيس الوزراء فما الفائدة ؟؟؟ . إن المسالة ليست بالضرورة انك عندما تستجوب يجب ا تأتي وتقيل أو تحجب الثقة ، فطبيعة العملية البرلمانية طبيعة مرشدة او ضاغطة فالبرلمانيين ليسوا تنفيذيين وليست لديهم قوة تنفيذية ولكن لديهم قوة الرقابة وبمقدار ما يتاح لهم المجال عليهم أن يستثمروها من اجل إصلاح الوضع ونحن في أواخر أيام الحكومة فإذا أردنا إقالة الوزراء بعد ما وجدنا فلان وفلان مقصر . ففي الظروف العادية يمكن تغيير الوزير حتى لو كان قد بقي له يوم واحد ولكن في الظروف غير العادية سيأتي الأسوء منه إذا غيرته ، فالعبرة هو بطبيعة الضغط الذي سلط على الوزراء ، وأجزم لو ان البرلمان لو كان لديه متسع من الوقت لكان كل من ساءلهم بما فيهم الوزراء الأمنيين قد أخرجهم واجزم بهذا وكل الكتل كانت عازمة على ذلك ، ولكن الظرف السياسي والأمني لا يمكن أن يسمح لنا بذلك إلا اللهم اذا أردنا ان نرتكب جريمة اكبر من جريمة الإرهابيين وبذلك الوقت يمكن ان ترى الفراغ الأمني وما يمكن ان يترتب عليه من آثار . لذلك فان الحديث الذي يجري الآن فان البعض يريدون ان يحموا الفساد فهم يتحدثون ان هذه دعاية انتخابية ومزايدات سياسية الى آخره حتى أن الناس قد ملت هذا الكلام واعتقد أنها لم تعد تحترم من يتكلم بهذا الكلام .
وقال الشيخ جلال الدين الصغير :
لكن القضية الثانية قضية مهمة جدا وهي الإساءة لهذا الدور فالإرهاب هو من صنعه والبعثيون أسسوا لحملة إعلامية ومالذي سيعملونه ومالذي لا يعملونه وبالنتيجة تشويه صورة وتشويه سمعة لكل المسؤولين الذين لديهم اعتبار واحتضان حقيقي لآلام الناس ولمواجعهم . لو كانت الأمور طبيعية وكانت الجلسة العلنية لسمعتم كلمات تقولون بعدها ان في هذا البرلمان الكفاية وزيادة فهو الذي ينادي بآلامنا وهو يتحدث عن أوجاعنا حيث كانت الكلمات شديدة وشرسة وهذا هو الخلق ان الوزير لا يهاب لأنه وزير ولكن يهاب اذا ما قدم خدمة ومصلحة للناس وعندها نضعه على أعيننا ورؤوسنا ، ولكن الوزير الذي لا يحترم الإمكانات والمسؤولية التي قدمت له لكي يحمي مصالح الناس أو ليقدم الخير لهم ففي ذلك الوقت قطعا لن ينال الاحترام ولا يمكن ان تكون له هيبة وستبقى الناس تتذكر وتحتفظ بهذه المواقف .
لذلك إنا أنبه إخواني الأعزاء ان لدينا حالة اختراق امني قد حصلت وفاجعة كبيرة لا شك ولا ريب وخرق امني لا شكل ولا ريب ، ولكن هذا لا يعني ان نأتي ونهد كل الذين عملناه ونطيح بكل المنجزات وعلينا ان نتذكر أين كنا والى أين وصلنا والأيام التي كنا بها والى اين وصلنا . نعم ان وضعنا يحتاج الى جملة من الإجراءات والتغييرات وهذا الأمر طالبنا به وبشراسة وشخصنا مواضع الخلل بدقة كبيرة بدون تهيب او حياء من احد وقلنا للمقصر أنت مقصر ، ولكن هذا لا يعني كما اسمع بعض التصريحات وبعض الناس يقولون تعالوا نخرج كل هؤلاء ونذهب الى خيار آخر . ان القضايا الأمنية لا تدار بهذه الطريقة ولا يدار والأمن لا يحفظ بعصى سحرية فالأمن يحفظ بإجراءات وبسياسات ، نعم قلنا ان السياسات كانت مرتبكة والسياسات الأمنية لم تؤدي الغرض وقلناها بوضوح لرئيس الوزراء وللوزراء الأمنيين وفي المجلس السياسي للأمن الوطني تحدثنا بكل صراحة عن كثير من المشاكل التي تقف أمام المسألة الأمنية ولكن النتيجة أين ؟؟؟ . هنا أوجه ندائي الى كل أبناء هذا الشعب العزيز ان الأمن امن الجميع فهو ليس امن واحد او اثنين وليس امن طائفة او طائفتين فالجدار اذا سقط فانه يسقط على رأس الجميع دون استثناء والكل سيتضرر ، لذلك نحن مطالبون ان نحفظ الأمن بأي صورة كانت وبأي شاكلة كانت . نعم المسؤول الأمني يجب عليه ان يقوم بدوره وواجبنا نحن ان نحمي وننصر ، وقد عاتبني بعض الأخوان قائلين لماذا أنت تدافع عن الضباط ولعله الكثيرين قد سمعوا حديثي بل في داخل مجلس النواب السرية أنا دافعت أكثر مما تحدثت فيه في الأعلام والسبب بسيط جدا فعندنا فدائيون واقفون في الشارع ، نعم يقصر ونعم يخطي ولكن الفارس لا يبدل في ساحة المعركة ولكن عندما نهدأ وتستقر الأمور فلنا حسابات أخرى ، فاكلام تحت ضربة الخطأ الذي يحدث او ضربة الاختراق التي تحدث نهدم كل كياننا ونهتك كل سترنا فهذا خطأ يريده الإرهاب .
وبخصوص الموقف من البعث والبعثيين قال سماحته :
هنا واضح ورسالتنا واضحة فبعض هؤلاء الضباط بعثيين ولكن هناك فرق إخواني الأعزاء ونقولها بصراحة وهي معروفة لدى الناس ، هناك بعثيون لو تأخذه الى النهر ينجس النهر ، ولكن هناك أناس اجبروا بطريقة او بأخرى على ان يكونوا من هؤلاء نتيجة الظرف او الضغط او الابتزاز او جملة من العوامل جعلته يكون مع هؤلاء وانتم تتذكرون أيام التسعينات والثمانينات كيف كانت فلا نخدع أنفسنا ، فبعض الضباط كان بعثي ولكنه كان نزيها وكان شريف في مواقفه ، ومالذي نريده من الناس اذا كان قادرا على ان يؤدي الأمانة ويقوم بهذه المهمة فانه يجب ان يحمى لا يجب ان يحارب ، فهذا هو موقفنا القائم على حماية أناسنا وليس أوضاعنا الشخصية او الخاصة وإنما النظر الى جميع الناس ، فانا انظر الى منطقتي وأقول بعدها على الدنيا العفا فالمسألة ليست بهذا الشكل فلدينا عراق كل العراق يجب ان يحكم في هذه القضية ولذلك فإن إحدى القضايا التي عوتبنا عليها هي مطالبتنا بمشاركة الآخرين ؟ . طبعا الملف الأمني مخطئ جدا من يتصور انه يمكن ان ينفرد به احد ، واحد الأخطاء الكبيرة هي ان جهة حاولت الإنفراد بالقرار الأمني والأخطاء جاءت نتيجة هذا الاستفراد ، فالقرار الأمني يجب ان يتمتع بمشاركة عالية من القوى السياسية حتى تدعم وتحصن وتصون وقد رأينا عمليات البصرة لم تنجح إلا نتيجة لحالة التكاتف السياسي وهذا الأمر هو الذي أكدناه في المجلس السياسي للأمن الوطني وأكدنا على ضرورة ان يبقى هذا المجلس في انعقاد لأننا نعلم ان أيام الانتخابات ستأتي وتبدأ المهاترات وعملية التسقيط والتشهير والهوة مابين الكتل السياسية والعياذ بالله ستزداد لأن طبيعة الحملات الانتخابية هي ان تكشف أوراق ولكم ما نريده ان الحملات الانتخابية لا تؤثر على الأمن فالأمن أولا ثم الحملات الانتخابية . وبناءا على ذلك فانا أنبه ان الأرهابيين أجندتهم هذه مرتبطة بالانتخابات ، فلماذا يفجرون ؟؟ يجب ان تسالوا أنفسكم ، لا تبقون أمام الدماء فقط واسألوا لماذا هذا القاتل يقوم بالقتل ولماذا ؟؟ ولماذا في هذه الفترة بالذات ؟؟؟ ولماذا أرخ يوم الثلاثاء الدامي بعد يومين من إقرار قانون الانتخابات ؟؟؟ . ان هذا كله لم يأتي اعتباطا والمراد بسيط جدا وهو ان تفسحوا المجال لهم ولأجندتهم ان تتحكم في رقابكم لأنهم يعرفون ان الأمور تأتي من خلال الانتخابات ومن خلالا صناديق الاقتراع وبالنتيجة يريدون ان يهرب من يهرب وبتنصل من يتنصل منكم من المسؤولية لكي يأتوا هم ، وهذا بالضبط مثل نظرية الفراغ الجوي فإذا أفرغت مكانا الهواء يجب ان يأتي هواء آخر يحل مكانه . ان هذا الأمر يجب إخواني ان تفهموه جيدا وتتحملون مسؤوليته .
وفي الشأن الأنتخابي قال سماحته :
هنا يقولون لماذا الشيخ جلال يصر على قضية الانتخابات ؟؟ ، وأنا سأضرب مثلا بنفسي حتى لا احمل الآخرين الوزر ، أنا أطالب بشدة بالانتخابات رغم أنني غير واضح عندي هل اشترك او لا اشترك بعنواني مرشح فلحد الآن لم احسم أمري ، ولكن لماذا نريد ان ندخل في الانتخابات فأمورنا المالية محفوظة وجاهنا محفوظ ومقاماتنا محفوظة ويمكننا الجلوس ونقول الحمد لله ولدينا رواتب تقاعدية وأخذنا ما نريد ونجلس جانبا فلماذا نعود الى وجع الرأس وحرق الأعصاب ؟؟؟ وانتم ترون أيام البرلمان وخصوصا المتابع يعرف حجم الأزمة التي نحن فيها هناك ، وبإمكاننا بسهولة نقول لا دخل لنا بأحد ونجلس في بيوتنا وأوضاعنا مرتبة وتنتهي القصة ، ولكن هذا الإصرار هو لأن هناك مصالح للناس يجب ان تؤمن ، وإذا لم يؤمنها المائة فليؤمنها خمسة او عشرة فبهؤلاء يمكن ان تحفظ مصالح كبيرة . لذلك يجب ان لا تيأسوا او تشعرون بالإحباط بأن فلان الفلاني موجود ونحن لا نذهب او ان فلان الفلاني نريده وهو غير موجود ولن نذهب . كلا يجب ان تذهبوا لأن هذه مصالحكم ومن بين العدد الكبير الذي سنراه يكفي عشرة او خمسة عشر مخلصين يمكن ان يحركوا الجمع الآخر ويمكن ان ينتجوا المعادلة الأساسية التي أنت تريدها ، فكروا بهذه الطريقة ولكن مسالة ان تأتوا بأناس معصومين فلن تجدوا او أنبياء او أئمة فلن تجدون وإنما سترون أناس منكم وفيكم فوحدوا آراءكم ونظموا صفوفكم وقولوا نتوكل على الله والذي حققناه قد تحقق والذي لم يتحقق علينا ان نكمل الدرب حتى نحققه فالمساءل لا تأتي بين يوم وليلة ولا بسنة او سنتين . فخمسة وثلاثين سنة من الجهاد ضد النظام المجرم احتجنا بهذا الى كم من الدماء والآلام والعذابات ووصلنا في النهاية الى ما صلنا إليه . ونحن نعلم إننا عندما نقضي على الأجرام فلا يعني انه سيتوقف ولكن هي خطوة على الطريق الذي يؤمن لنا السلامة ويؤمن لنا البر بمعسكر الإمام الحسين ( ع ) .
وفيما يلي التسجيل الكامل لخطبة سماحته :