ألّف سماحة الشيخ كتابه (من عنده علم الكتاب؟) عام 1997 إبّان أزمة الانحراف العقائدي التي أثارها تيار محمد حسين فضل الله، والكتاب بالرغم من ان ظاهره هو رد على إنكار فضل الله لخصوصية الآية الكريمة: {ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل: كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} بأمير المؤمنين عليه السلام وأولاده المعصومين عليهم السلام وعزوه تفسيرها بعلماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وتميم الداري وممن روّجت لهم الدعاية الأموية هذا المقام العظيم، إلّا أن الكتاب يتضمن منهجاً لعله لأول مرة يطرح في مجال كتابة العقائد الإمامية، وهذا المنهج يتعالى فيه سماحة الشيخ على التفاصيل الطائفية أو التطبيقية التي وسمت كتب التفسير، ليبحث في خصوصية الشهادة للرسالة ويبحث في مواصفاتها، حتى إذا ما أتمّ تشخيص هذه المواصفات وحدد الشروط المتعلقة بهذه الشهادة راح يبحث عن الشخصية المؤهلة لكي تحمل هذا المقام، ولم يذهب أولاً للشهادات التاريخية وإنما راح يستقرئ القرآن ليزيد في التأكيد على أن من لديه هذه المواصفات يجب ان يتمتع بمواصفات ملازمة لها، حتى إذا ما اتمّ ذلك راح يطبق على محاججيه الخناق بالأدلة التاريخية في هذا المجال.
وفي الحقيقة فإن الكتاب طرح مسألة أخرى لم يتطرق إليها الكثير من كتّاب العقائد أيضاً، وهي مسألة الإمامة الشاهدة، وقدّم مفهوماً جديداً سلساً لدور الإمام الشاهد، وطبيعته واستحقاقاته/ مما مكّنه في أن يجعل كتابه في مصاف الكتاب المتقدمة في بحث هذا الموضوع، إن لم نقل اهمها.
والكتاب أكثر من رائع، وفيه الكثير من الجديد، وقد جاء ضمن سلسلة من الكتاب أصدرها سماحة الشيخ في تلك الفترة، وكلها تضمنت مباحث جديدة لم تطرح غالبيتها من قبل بالطريقة التي طرحها سماحة الشيخ، وبالرغم من صغر حجمه إلا ان مضمونه تم وصفه في الكثير من المحافل العلمية التي تناولت الموضوع بالكثير من الإطراء.
الكتاب يتألف من 204 صفحة من القطع المتوسط وطبع في بيروت عام 1998 من قبل دار الأعراف للدراسات وقد تضمن فصلين مع مقدمة وتصدير، وقد تعلق التصدير ببحث الشهادة في المصطلح والمفهوم، ثم اختص الفصل الأول ببحث الدلالات التفسيرية للشهادة، ثم راح يبحث في الواقع الروائي لأفكار الانحراف في مجال هذه الآية الكريمة.
ومن الطبيعي أن سماحة الشيخ لم يتوقف في إثارة انحرافات منهج محمد حسين فضل الله عند هذه الآية، ولكنه يعتبرها مصداقاً لتيار تنتحر الأصالة فيه!!