قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة صلاة العيد :
في هذا اليوم يرتسم المشهد السياسي ليتخذ أبعادا واضحة للمتابعين فالجهد المعاند للعملية السياسية قد غدى ابرز وضوحا في الأعراب عن توجهاته المستقبلية ، فهذا الجهد يتركز على أن يدخل حزب البعث بصورته الصدامية في أركان العملية السياسية لذلك سوف يحاولون كل ما يستطيعون في التنافس الأنتخابي من اجل ان يصلوا الى البرلمان سيما وانه لم يتبقى من مدة تزيد على الشهرين ، وهذه الخطة لم تنفك عن ارتباطها بأجندات خارجة عن العراق سواء كانت اقليمية او دولية ، وبالأمس اشرت ان حزب البعث في سنة 1963 وفي سنة 1968 انما جاء افراز طبيعي للتنافس بين الجهود البريطانية والأمريكية . فتارة البريطانيون يفوزون فياتون بأمثال عبد السلام وعبد الرحمن عارف واخرى يفوز في هذا التنافس الأمريكيون فيأتون بحزب البعث في سنة 1963 وسنة 1968 وقد اعرب رئيس وزراءهم صالح السعدي انما جئنا بقطار امريكي وهذا القطار مازال يتحر ك ويريد العودة للأمساك بكل الأمور خاصة وان ظاهرة الأنتخابات افلتت الأمور من ايدي اصحاب هذه القطارات .
ان هذا الجهد لم يكن في يوم مكن الايام خليا من اجندة الأرهاب بكل صورها ولك يكن منفكا من اثارة الحروب في داخل المجتمع العراقي وفي داخل اوساط الشارع العراقي ، فقد كان جهدا مخطط اليه ظمن نظريات متعددة وواحدة من تلك النظريات نظرية " الفوضى الخلاقة " لأن ايقاع البلد في فتنة وحرب داخلية يساعد على ادخال الأجندات الخارجة على ارادة الشعب وهي اجندات تبني نفسها على الأحزمة الناسفة والمقذوفات والعبوات الناسفة والمفخخات وما الى ذلك وتكتنف هذا الطريق الكثير من وسائل الأجرام التي رأيناها خلال السنوات المنصرمة.
لذلك فالتساؤل الطبيعي والجواب الطبيعي في آن واحد ( على جميع الحريصين على امن هذا البلد واستقراره والحريصين على ان لا يتكرر الظلم مرة اخرى وعدم العودة الى المربعات الأولى هو ماذا ستفعلون لهذه الأجندة ؟ وهل سيتكرر مشهد اللا مسؤولية ؟ ) .في تاريخنا المعاصر والقديم هناك مشهدان ، مشهد رأيناه في مجتمع صفين والجمل والنهروان ومجتمع مسلم بن عقيل كان مجتمعا خاويا من الوعي وفضل منطق اللا مسؤولية فجرع نفسه وجرع الأجيال التي جاءت من بعده الأمرين . هذا المجتمع حينما تستولي عليه هذه الروح ومنطق اللامبالاة بما يجري ومنطق الانهزام امام الموجات التي تأتي هذا المنطق هو الذي جعل عصابة لا تتجاوز العدة عشرات اسمهم حزب البعث يتآمرون في ليلة السابع عشر من تموز ليأتوا بأشرس الأيام التي مرت على الشعب العراقي ، وهذه الأيام لم تصنع دفعة واحدة ولكن الخضوع لمنطق الابتزاز ومنطق الخضوع لحالة الأبتذال ومنطق الخضوع لمشاعر اليأس والخمول والملل ومنطق ( آني شعلية ) وهذا المنطق الذي جرعنا الامرين . ففي صفين أعظم مشروع عدالة واعظم مشروع خير مالذي قتله ؟ . قتله هذا المنطق ، فالناس لم تتمتع بوعي فأستطاع مقدار من المنافقين اخراج مقدارا من الناس من حلبة الصراع ، والأموال المحرمة بدأت تسكب على هذا وذاك فخرج مقدار آخر من الناس من حلبة الصراع وشيئا فشيئا خلت صفين إلا من رجال قله ، هؤلاء الرجال بعد ذلك وجدوا مع أمير المؤمنين ع ان المنطق المسيطر لا رأي لمن لا يطاع . فبالله عليك يبقول لهم امير المؤمنين ع انما النصر صبر ساعة امهلوني فواق هذه الليلة . وبعد ذلك سيتحقق عدل امير المؤمنين ع ، فالمسألة ليست مسألة معركة ولكن المشكلة مايترتب على نتائج المعركة . وفي مجتمع مسلم بن عقيل مالذي كان ؟ فالمجتمع كله كان مع مسلم وقد بلغ ثمانية عشر الف مصلي ، ولكن بعد ذلك منطق الخوف وما شأننا مع العلم ان الناس في بيوتها ووسط عشائر ها وكان بإمكانها الخروج وطرد هؤلاء ، ولكن عندما استسلموا الى الخوف واللامبالاة فقتل مسلم بن عقيل وسط هؤلاء .
وما جرى في معركة الأمام الحسن ع هو نفس المنطق ، بدأوا يتأثرون بحالة التعب التي أعقبت الحروب الطويلة فأرتحلوا ومالذي اتى بعد ذلك ؟ جاء بعد صفين معاوية وبعد الحسين زياد بن ابيه وبعد مسلم عبيد الله بن زياد ، واحد العن من الآخر في سوم الناس كل ألوان الظلم . فما الفرق بين مجتمعنا وذلك المجتمع ؟ .
ولدينا صورة أخرى اثبت فيها هذا المجتمع قدر عالي من المسؤولية وقدر عالي من الوعي واستطاع ان يسقط اعظنم القوى ، فليس سرا ونحن قلنا ان القوات التي جاءت الى العراق جاءت بحكومتها وقوانينها ودستورها معها ، فمن جعل الأمور تعود الى العراقيين ومن أصر ان تبقى بأيديهم وترجع السيادة للعراق ؟؟؟ . فاليابان كم مضى على خروجها من الحرب العالمية ومازالت سيادتها منقوصة ، وألمانيا كم مضى على خروجها من الحرب العالمية الثانية ولحد الآن يأنون لعدم وجود سيادة كاملة بل حتى بريطانيا سيادتها غير كاملة .
ولكن هذا الشعب عندما وقف ووعى الدرس وقال لن نكرر التجربة السابقة استطاع ان يعيد سيادته بشكل سريع جدا ويؤسس لاستعادتها كاملة وبالطريقة التي رأيناها ونعايشها فليس أمامنا الا فواق الناقة التي تحدث عنها امير المؤمنين ع . فاما ان ينتصر المشروع الذي رأيناه في انتخابات أفغانستان ولبنان وايران فيجب ان تأتي الأجندة الأجنبية لتحكم وفق ما تخطط له . واذا كانت الأموال الطائلة هي المعلم الأساسي الذي ميز انتخابات لبنان حيث الفريق المنتصر يؤجر طائرات تأتي بالمهجرين من امريكا اللاتينية الى لبنان فمن دفع تلك الأموال ؟ قطعا ليست الدولة وانما هناك اجندات اخرى .
ان هذا المال بدأ يتحرك وأنا قلت ذلك مرارا وأشير إلى فتوى المرجعية ( المال المنفق من اجل شراء الذمم حرام بذله وحرام أخذه ) ، وانتم ترون منذ مدة بدأ هذا المال يوزع وأنت ترون ذلك ونتوقع في الأيام المقبلة ستكون الصورة أوسع واكبر .
الآن الشعب كله يـأن من الفساد والدولة كذلك وصوره واضحة امامكم ، بالله عليكم ان الذي يقدم اموال من اجل ان تصوت له بعد ذلك هل يريد ان يسترجع تلك الأموال ام لا ؟؟؟ . فالمسألة ليست الوصول الى البرلمان وانما الوصول الى مركز القرار حتى يستفيد عندها منكل هذا الفساد في العراق .
كنت بالأمس اقرأ واحدة من خبايا قصر صدام ، مذكرات لرئيس تشريفات القصر الجمهورية وهو يتحدث كيف تصرف ملايين الدولارات في زمن جوع الناس لأن "سجودة " او فلان هاو فلان يشتهون الأكلة الفلانية فتذهب طائرة عراقية الى باريس والى لندن لتأتي ( بالزقنبوت ) ليأكلوه وبملايين الدولارات ، وانتم تنظرون أصحاب الكروش المنتفخة ماذا يفعلون ، وارادة منع الفساد لا يوجد اضعف منها والكثير منها شعارات اعلامية ومزايدات ، والا ما جرى في البرلمان شاهد من مقاومة الاستجوابات وشجب وتعنيف الاستجواب والتشديد والقول بانه سياسية ودعايات لماذا ؟؟ فمالذي يضر هذه الجهة السياسية او تلك اذا استجوب وزير ؟؟ فاما ان يخرج منتصر او يخرج فاسد فأين المشكلة ؟ لا تكن حرامي ولا تخاف من الشرطي ولكن هناك ارادة لحماية الفساد وتغليفه .
نحن امام مفصل في غاية الخطورة ، فعدوكم سيركز على نقاط ضعف ليس بالضرورة انتم من اوجدها او السياسيون ولكن الظرف السياسي الصعب الذي مر به العراق يمكن ان يفشل أي برنامج . فلو عدنا الى حياة امير المؤمنين ع ، كم استطاع ان يصلح في نظام الدولة ؟ لم يتمكن ابدا ، فاي قضية اراد ان يفعلها هاجت عليه الناس المعارضة ، فحتى فدك لم يتمكن من إرجاعها رغم مكانتها الخاصة عنده ، فهل هو غير راغب بذلك ؟؟؟ كلا ولكن الأمور كانت اقوى من إرادته الخاصة والوعي الاجتماعي اضعف من الوصول الى هذا المستوى .
اننا نعيد نفس التجارب ولذلك الله الله في وحدتكم وانا اعود وأناشد كما ناشدت بالأمس واناشد غدا ايضا وبعد غد قيادات الأئتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون الى تحمل المسؤولية الكبرى امام الله واما هذا الشعب في ضرورة اندماجهم وتوحدهم ، ومن يرفض التوحد عليه ان يتحمل وزر كل النتائج اللاحقة ، فالمسالة ليست مسالة وتمر ولكن هذه نتائج واي خطأ فيها سيستمر لعشرات السنين ولا يمكن ان نقول للتاريخ اخطأنا وعليه التوقف لنصلح الأمور .
لذلك انا اناشد اخواني في ائتلاف دولة القانون والأئتلاف الوطني العراقي وبقية القوى واقول وحدوا خطابكم وجهودكم ، وانا اكرر ما قلت لا يوجد هنالك اختلاف حقيقي وانما هناك اختلاف في رغبات وهواجس واطماع نفسية ويجب ان توضع تحت حذاء هذا الشعب الذي قدم مالم يقدمه أي شعب في العالم وصبر من اجل اتنالوا هذه المواقع فعليكم ان تكافؤا هذا الصبر والشعب لن يرحم بعد ذلك من لم يتحرك بإتجاه التوحد لا سيما وان المرجعية طالبت بالتوحد وبحرص شديد لأن هذا هو العنوان الذي يقود إلى وحدة المجتمع .
لقد رأينا الخسة التي استخدمت في قضية مصرف الزوية وعلينا ان نتخذها عنوانا لما يمكن ان يحصل في الحملة الدعائية . فاتقوا الله والحديث عن ان التوحد بعد الانتخابات هذا حديث خرافة ، ولماذا تخرب بينك وبين اخيك وبعد ذلك تقول ساوحد المواقف معه . ان هذه السفينة يجب ان تتقدم التي ضحى من اجلها الشهداء . فلو كان هذا الشعب يريد الذل والعبودية لما كان صدام مضطرا لقتل كل اولئك الشهداء ، ولكن لرغبتهم بالحرية والكرامة بقوا الى اليوم الأخير من ايام النظام البائد يقدمون التضحيات . وبعد ذلك حينما سقط النظام اخذوا يجرعونا الأمرين عبر المفخخات وعبر اجرامهم من اجل نتنازل عن كرامتنا وحريتنا ونحن ابناء مدرسة هيهات منا الذلة فلايمكن ان نتنازل ، ولذلك فانا ادعوكم اخواني للتثقيف على الوحدة واضغطوا باتجاه ان الشعب لن يتحمس لأي جهة لا تريد الوحدة بينه وبين اخوته ، فالمسؤوليات كبيرة جدا وهناك تآمر يجري على هذا الشعب فلا تتصوروا ان المسالة انتهت وحذاري من ان يأتي اليوم الذي ترون فيه قياداتكم وهي تقول " لا أمر لمن يطاع " وحذاري من لا تسمعوا الى توجهات امير المؤمنين ع " انما النصر صبر ساعة " . نعم حدثت اخطاء ومشاكل ولكن علينا ان نتحمل ولكن الأصل علينا ان نسير ونتوكل على الله وتتحقق اهدافها واما بقيت الأمور فمن السهل تحقيقها .