صلوات الله عليك يا فاطمة بنت أسد أي عظمة فيك ليختارك الله لمهمة جعلت جدران الكعبة تنشق من عظمتها لتكون صدى لزغاريد السماء التي توشك ان تحتفي باعظم مولود جاء ليعاضد اعظم خلق الله ومن ثم ليكون اخوه ووصيه ووليه ووزيره ونجيّه وفاديه بل نفسه التي لا يماثلها إلا وليدك يا فاطمة.
أي سر فيك يا فاطمة بنت أسد؟ بحيث أن الله انتخبك لتحملي وليداً ما كان له إلا ان يكون قبلة لأولياء الله وأصفيائه، بل الفيصل بين الهدى والضلال، والعدل والجور، والشجاعة والجبن، والمروء والخسة، والشرف والضعة، والعزة والذلة، والخير والشر، والإيمان والكفر، والولاء والنصب!!
أي لغز فيك يا فاطمة بنت أسد؟ بحيث ان الطلق لا يأتيك الا في طوافك حول البيت الحرام، ولا يكون الا جوف البيت لتضعي المولود الذي سيجسد حقيقة الاقبال على الله، فمن المحال ان يكون الامر قد حصل اعتباطاً!! وأي اعتباط وأي جزاف ونحن نرى الجدار الصخري ينشق لتدخلي فيه؟!!
حدثيني يا أيتها الطاهرة المطهرة يا فاطمة بنت أسد فلقد حير أمرك العقول وأبهر الالباب، فمن غيرك حمل هذا التكريم والتشريف فكنت معه فريدة الدهر وواحدة الزمن، اللهم الا أيّاك!!
الكعبة هي قبلة الناس يا فاطمة، فهل تم استدعاؤك من بيتك إلى بيت الكعبة لتضعي فيه ما يجسّد للكعبة معناها، ويفكك رمزيتها، ويجلّي حقيقتها؟
هل هي صدفة ان يكون وليدك يا فاطمة بنت اسد الذي احتضنته الكعبة هو نفسه محطم الاصنام التي دنستها، ومجندل أئمة الكفر الذين حجبوا نورها، ومسفه أحلامهم، ومحطم آمالهم..
لا صدفة مع الله يا بنت اسد، ولا اعتباط في تقديره، ولا مجازفة في تدبيره، بل كل ما في الوجود مخلوق بقدر منه، ولذا أخبرينا يا فاطمة ما الذي جرى في داخل الكعبة حال إهلال وجه وليدها؟ يوم ان تنورت الكعبة بنور قبلتها، هل سجد لها عبودية لله ام سجدت له اقراراً بكرامتها على الله، فلا شك ان المكرمين في الثالث عشر من رجب ثلاثة، فلقد اكرمك الله في ان تضعي حملك المكرم في البيت المكرم، ولتنالي المكارم الثلاثة التي ما نالها احد غيرك، ولقد أكرم الله الكعبة بان جعلها موضعا لولادتك ومهبطا لوليدك ومسجدا له، ولقد كرّم الوليد العظيم بان تكوني أما له صلوات الله عليه وعليك ما سجد لله ساجد وركع راكع وصلى مصل وقنت قانت ووحد موحد...
ان البيان ليقصر يا بنت اسد في بيان أي عظمة لمقامك الذي وللأسف الشديد غالبية محبي وليدك العظيم لا يعرفونه، حتى أضحيت المنسية التي لا تذكر، والغائبة التي لا تحضر في زياراتهم وأدعيتهم وأذكارهم!!
وإن البلاغة لتعجز وتقر بالعي في أي وصف يمكن ان يصف الوليد والوالدة، وحينما قال الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله لوليد: يا علي لا يعرفك إلا الله وأنا، فلا مندوحة من ان نجد البلاغة في كامل عجزها وعيّها تحاول ان تصور بكلماتها وتنميقاتها وتزويقاتها ما تعبّر به عن مكنون الحب وخالص الولاء وشديد الانتماء.
فهنيئاً لك يا ابنة أسد هذا التشريف الإلهي العظيم وهنيئا للكعبة وليدها الكريم، وهنيئا لك سيدي ومولاي يا ولي الله الأعظم الحجة المنتظر ولكم يا شيعة أمير المؤمنين ومحبيه ولادة نور الإمامة وحامي الرسالة خليفة الله في أرضه ووصي رسوله من بعده، الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن العاقبة على نهجه ويعيننا على الاستنان بسنته ونصرة شرعته والبر بشيعته.
جلال الدين الصغير