بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ جلال الدين الصغير

حيرة الناس وانقسامهم بين مكذّب ومصدق للعلامات (مداخلة)



منتظر القريشي (مجموعة حكيميون) سماحة الشيخ الجليل أرى ان الفترة التي نعيشها اليوم في انتظار ظهور الامام المهدي عج ونبحث في الروايات وننقسم بين مترقب ومنتظر ومكذب وغير مبالٍ , اشبه ما تكون بالفترة التي عاشها اليهود والنصارى قُبيل بعثة النبي (ص) وبين ايديهم عشرات الروايات التي تبشر بظهور نبي آخر زمان وكان الناس بين مكذب ومصدق؟.

الجواب: مع أنني اتفق معك في هذه الملاحظة ولكنها في تصوري ظاهرة صحية وطبيعية في نفس الوقت، فالموضوع الذي نتحدث فيه ـ وأعني به الغيبة وبهذه المدة الزمانية الطويلة ـ ليس من النمط الطبيعي المعتاد في الحياة العامة للناس، ولئن كان طبيعياً لدينا فلا يعني أنه طبيعياً لدى الكثير من الناس، ومما لا شك فيه أن ذلك يوتّر النفوس حينما يسمع الموجات المضادة من حمقى الوهابية ونظرائهم، فينعكس على طبيعة الموقف من التفاصيل المتعلقة بالموضوع، ومن جملتها موضوع العلامات وتفسيرها والموقف منها، وقد زاد في الطين بِلّة أن العلامات الواردة في الروايات استخدمت فيها اللغة الرمزية والكنائية مما جعلها تبدو وكأنها أبسط من الموضوع الذي نتحدث عن تعقيدات هائلة فيه ويرتبط بمشروع إلهي مصيري، وقد أضاف مفسّروا هذه العلامات لشعر هذا التعقيد بيتاً، فاختلط الأمر على الكثيرين، إذ من الواضح أن عدداً من المفسّرين لدى هذه العلامات نسوا مهمتهم في واجب الدقة والتمحيص حين التعامل مع حديث أهل البيت عليهم السلام، أو تسامحوا فيه، مما أعطنا حصيلة متناقضة في بعض الأحيان، وزاد بعضهم تعقيداً حينما راح يطلق توقيتات وآمال بلا دليل، وانتهت الناس إلى هذه التوقيتات ولم يجدوا شيئاً، فانقلب الأمل إلى ألم أو إلى يأس أو إحباط، وقد أكمل أدعياء السوء ممن وضعوا أنفسهم في موضع الشخصيات الواردة في الروايات أو انهم ادعوا المهدوية مباشرة، او ادعوا الصلة، وحين يدّعي إنساناً أمراً بطريقة مخادعة، فلا شك أن سلوكياته الاجتماعية الأخرى ستكون مخادعة لا سيما في الموضوع الذي كذب فيه، ولك أن تتصور ان كذّابين يدّعون مقاماً ورد ذكره في الروايات والناس ترى سلوكياتهم الاجتماعية وتقارن فيصيبها المزيد من التعقيدات للموضوع برمّته، ولذلك أقول أن هذه ظاهرة صحية لأن الذي يمرّ بكل هذه التعقيدات، ويسلم من شظاياها هو أقل القلة من الناس ممن رزقه الله البصيرة التي مكّنته في أن لا يتأثر بذلك، أما بقية الناس فلا نتوقع منهم غير ذلك.

وفي تصوّري أن مهمتنا المعاصرة هي أخطر المهام وأكثرها حساسية فنحن مدعوون إلى أن نقتحم هذه التعقيدات، وندخل في أتونها، لا لكي نخوض مع الخائضين، ولكن لنلقي كلمتنا الهادية والتي قد لا تلقى اليوم أذناً صاغية، ولكن لا شك أنها ستأخذ حيّزاً من ذاكرة الناس، وسنجد الآثار العظيمة لذلك لاحقاً، يوم أن تتحرك العلامات ويكون لها ضغطها على الواقع الاجتماعي، عندئذ سيعود الناس إلى ذاكرتهم، ويصدّقوا من كذّبوه بالأمس، وهذا الدور هو الذي قام به الرساليون على مر الأزمان، فكذّبوا ولكن تم تصديقهم من بعد حين.

ولو قدر لنا أن نفترض أن زماننا هذا سيشهد حراك هذه العلامات، ولم يتحرك المؤمنون قبلها، فإن عامة الناس سيتحركون مع أدعياء السوء، والخشية تتجلى هنا، إذ أن الإنحراف اليوم يمكن تلافيه وتحجيمه ولو من بعد حين، ولكن إنحراف يوم غد سيكون خطره على الإمام صلوات الله عليه ورايته مباشرة وسيكون انحرافاً بلا رجعة،  وقد حدّثتنا الروايات أن عدداً كبيراً من الناس هم منبيئتنا ومحافظاتنا وبيوتنا وأزقتنا سيخرجون يوم غد يتظاهرون ضد الإمام روحي فداه ويقولون له: ارجع يا بن فاطمة لا حاجة لنا بك، ثم يقاتلون الإمام صلوات الله عليه في الكوفة، وهذا العدد حينما يكون كبيراً يومذاك، وهو يوم تكون الفرحة قد عمّت على المؤمنين، نعلم أن الإنحراف ستكون له لسعته المؤلمة، وسبب الألم ليس في استعدائنا، ولكن لأنه استعداء لأعظم المقدسات، وهو من داخلنا.

وقد جرى التنبيه إلى ذلك في روايات أئمتنا صلوات الله عليهم، وقد وضعوا العلامات لكي تكون هي الدليل لنا في تلك الليالي المظلمة، فمن عرف بالعلامات لن يضيره تأخرها، ولن تشتبه عليه الأمور، بعكس من تخبط فيها خبط عشواء لا يري أصاب هدى او تقحّم في ضلال.    

التعليقات
الحقول المعلمة بلون الخلفية هذه ضرورية
مواضيع مختارة
twitter
الأكثر قراءة
آخر الاضافات
آخر التعليقات
facebook
زوار الموقع
11 زائر متواجد حاليا
اكثر عدد في نفس اللحظة : 123 في : 14-5-2013 في تمام الساعة : 22:42
عدد زوار الموقع لهذا اليوم :2552
عدد زوار الموقع الكلي: 24998334
كلمات مضيئة
يا فرج الله متى ترانا ونراك؟