بناء على رغبة الأخوة الأعزة والأخوات الكريمات ولأهمية الموضوع سنحاول أن نبين تفاصيل ما جرى في شان الضربة النووية التي وجهت إلى دمشق، والتي سبق أن أشرنا إليها كثيراً ولامنا عليها الكثيرون بل وعابنا أكثر من هؤلاء، لأن هذا الحدث لا يمكن له ان يحدث، ولكن لكونه قد حدث فعلاً لا بد من ان نقدم جملة من الإيضاحات المرتبطة بالفيلم التسجيلي لمجريات هذه الضربة.
في البداية نشير إلى أن الضربة قد حصلت في الساعة الثانية فجر يوم 5|5|2013 لمنطقة اسمها جمرايا وهي تقع خلف جبل قاسيون في دمشق، والمنطقة المذكورة تبعد في خط الإزاحة الجغرافية عن منطقة حرستا حوالي 12 كيلومتراً، وعن منطقة الجابية في مركز العاصمة السورية حوالي 10 كيلومترات، ومن المعلوم أن المنطقتين قد تم ذكرهما في الروايات المتعلقة بهذه الضربة.
هذه الضربة أشير إليها بروايات عديدة وألفاظ متعددة، فتارة كني عنها بالصوت وكني عنها بالرجفة والهدة والصعقة وبعمود من النار في السماء ونار من قعر عدن تبصر من أرض الشام، او تضيء لها أعناق الإبل في بصرى (تبعد 140 كلم عن دمشق في حسابات الخط المروري وأقل من ذلك في خط الإزاحة الجغرافية) وكل هذه الأسماء هي إشارة لخصيصة من خصائص الضربة النووية ومرحلة من مراحلها، وقد أحيطت هذه الضربة بمعطيات أولها التهديد الذي يصدر من جارة لسوريا غير عربية، والثاني أنها تحصل حينما تحتدم الصراعات بين خطين متعارضين في الشام، وتعقبها دخول الرايات الصفر من مغرب الشام، ومعها البراذين الشهب المحذوفة وهي الدبابات أو الراجمات أو المدرعات القاذفة للهب والنار وما إلى ذلك، ليعقب من بعد كل ذلك خسف تصاب به منطقة حرستا في رواية أمير المؤمنين عليه السلام، ومنطقة الجابية في رواية الإمام الباقر عليه السلام، والخسف المشار إليه سبق وأن أوضحنا أنه عمل جيولوجي أي انه زلزال. (المستندات الروائية لهذا الموضوع تراجع في الجزء الثاني من كتابنا علامات الظهور بحث في فقه الدلالة والسلوك: 176ـ192.
ومن الواضح أن التهديد الإسرائيلي والأمريكي قد تردد أكثر من مرة قبل هذه الضربة، وكانت تداعيات هذا التهديد هو التحذير من أسلحة نوعية تسلّم إلى أبطال حزب الله في لبنان.
أما الضربة نفسها والتي نأمل أن يتابعها الأعزة عبر الفيلم المرفق فسيلاحظون أولاً، أن الطائرات الإسرائيلية ضربت أهدافاً هي التي تسمع أصواتها في الثواني الأولى من الفيلم، وقسم منها كان قبل الفيلم نفسه، ولكن في الثانية رقم 20 ستحصل الضربة، مما سيقوّي الظن بأن الطيران لم يكن هو سببها، لأن هذا الطيران أدّى ضربته، وانسحب، وإنما لا بد وأن يكون الاستهداف قد تم من منطقة خارج سوريا، علما أن القنبلة التي حققت هذه الضربة لا تملكها اسرائيل، وإنما هي خاصة بالجيش الأمريكي، وهي من نوع أم القنابل على ما يبدو لأن الجهة المستهدفة كانت في أعماق جبل قاسيون، وهذا ما يفسّر الصوت الهائل الذي انبعث عنها، وقد تحدّث الاعلام الأمريكي عن هذا الصنف من القنابل قبل فترة وجيزة جداً، وذلك في معرض الحديث عن التهديدات لضرب المفاعل النووي الإيراني، وقد وصفت هذه القنبلة بأنها تستطيع أن تخترق جداراً من الكونكريت المسلح يبلغ 200 قدماً، وعلى أي حال فإن القنبلة كانت من نوع استثنائي لم يتم تجربته في الحروب من قبل.
ومن الواضح أن حجم الضوء الذي أحال ليل مدينة دمشق إلى نهار في لحظته كما يعبّر عدد من سألناهم من أهلها، وتصاعده على مسافة كبيرة في السماء يؤكد أن رؤيته كانت ممكنة من مسافات بعيدة عن نفس دمشق، ويتجلى هذا الأمر بدقة أكبر حينما تلاحظ كيف ملأ الضوء الكاميرا البعيده عن موقع الانفجار ولك ان تقيسه كيف سيصل إلى المناطق الأخرى.
ويمكن للأخوة أن يلاحظوا عموداً من النور والنار في السماء يتشكل في الثانية 30، ولكن هذا العمود سيلاحظ مرة أخرى مع بداية تشكل ما يعرف عنه بالفطر النووي والذي سيبتدئ في الثانية 37 بالارتفاع ليغطي مساحة عالية جداً في السماء وبالرغم من الظلام إلا أن التدقيق في الفيلم يمكّن الإنسان أن يرى ذلك بوضوح كاف.
من بعد الضربة وتحديداً عند الثانية 31 يصل الصوت المهول إلى منطقة التصوير والتي لا شك أنها تبعد مسافة لا تقل عن 15 إلى 20 كيلومتراً عن التصوير، وهول الصوت لا يتضح من خلال صداه فقط، وإنما ما يرتسم من هلع عند من يسجلون التصوير يعطينا صورة أوضح على طبيعة ضخامة هذا الصوت.
ومما لا شك فيه أن الصوت الذي بعث بهذا الهول بالطريقة التي رأيناها كان تعبيره فيما جرى في داخل الأرض وأعماقها هائلاً جداً، ولذلك غالبية أهل دمشق في المناطق البعيدة كانوا يتصورون أن الإنفجار كان في منطقتهم، والكل يتفق أن رجفة كبيرة حصلت أدت إلى اصطفاق الأبواب والشبابيك وصل مداها بشكل متيقن إلى منطقة السيدة زينب عليها السلام، لا بل بعض التقارير تحدثت عن الإنفجار احدثت اهتزازاً يبلغ 4:5 في ميزان درجات ريختر.
إن بعد مسافة التصوير عن جمرايا يجب أن يحسب في حساب الأحجام لملاحظة حجم الفطر النووي وكذلك في تقدير أعمدة النار في السماء وكذلك في حجم الصوت، علماً بأن ما جرى إنما جرى من خلف جبل قاسيون البالغ ارتفاعه 1153 متراً فوق سطح البحر.
وما أن مضت أيام قليلة حتى وجدنا الرايات الصفر تتقدم باتجاه مدينة القصير وهي المرة الأولى التي يلاحظ فيها اشتراك هذه الرايات، ومعها الدبابات والراجمات لتوكّد ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام بحديثه، وهنا لا بد من أن أذكّر بأن البراذين وهي آلات التنقل وكانت تطلق على الحمير والبغال والخيل، والشهب أي التي تلقي باللهب أو أنها مدججة بالسلاح والعتاد، والمحذوفة التي ترمي بطريقة الحذف وهي أن يوضع المرمي بين الإبهام ووسط السبابة أو السبابتين معاً، ويتم رميه بالإبهام، وهذه الطريقة أشبه شيء بها هي الدبابات والمدافع المركبة على آليات لأن طريقة رمايتها مطابقة لما كان العرب يطلقون عليه برمي الحذف.
وقد أشير إلى أن كل ذلك يحصل عند الموت الحمر والجزع الأكبر، ومما لا شك فيه أن معارك القصير كانت هي الأعنف من نوعها وهي مصداق جدي للحالة التي وصفها الأمير صلوات الله عليه، ولو قدّر أن رجع الأخوة الأفاضل إلى تسجيلات القوى التكفيرية عما يجري في القصير سيدركون بسهولة مصداقية هذا الجزع.
وما من ريب في أن معارك القصير فتحت الباب لمعارك أكثر وهي تكون قد أطلقت عدّاد القتلى في وسط التكفيريين ليبلغ المدى مع الأيام إلى ما سبق أن أعلن عنه الأمير صلوات الله عليه بمئة ألف من الكافرين، وبالتالي فإن القتلى من هؤلاء كما ورد في الرواية الشريفة، لا يحسب من خلال نفس الواقعة وإنما من خلال كل التداعيات التي تحصل من بعدها ولكن بسببها، والوصف الذي يرد في بعض الروايات بسوق الناس إلى المحشر، وصف دقيق لما يحصل فعلاً، وهو ليس كما توهمه الكثيرون بأن المقصود هنا محشر القيامة، حتى عدّه أصحاب التحليلات السطحية بأن الرواية تتحدث عن علامات الساعة وأشراطها، بل إن من الممكن القول بأن هذه النار تؤدي إلى الإنغماس أكثر في حالة الحرب وبالتالي بمزيد من الفتك بهؤلاء المجرمين.
على إن ملاحقة التداعيات الأخرى التي سبق أن تم الإشارة إليها في سردنا للروايات في شأن الجرحى والصم والبكم وتفتيق البواكر وما إلى ذلك يمكن حسابها ضمن نفس مسار حساب الفتك الذي سيلحق بالكافرين.
هذا وقد وصفت الضربة بثلاثة أوصاف، فهي في تعبير أمير المؤمنين عليه السلام تكون رحمة للمؤمنين، وفي تعبير الإمام الباقر عليه السلام وردت بمعنى الفتح تارة، وأخرى بمعنى تضمنّها للفرج العظيم، وقد بات يقينياً أن التداعيات التي حصلت من بعد ذلك مباشرة هو كل هذه الأوصاف، فالإذلال الأمريكي الذي حصل من بعدها وبسببها لا مثيل له في الأزمنة المعاصرة، وهو الإذلال الذي أنتج الاتفاق على مؤتمر جنيف 2 وهو يمثل تراجعاً كبيراً جداً في كل السياسات التي تسببت في الفتنة التي طالت سوريا وبالتالي تسببت بمحنة شيعة أهل البيت عليهم السلام وكذلك بطبيعة استهداف هذه الفتنة للمعطيات الاستراتيجية لخط الممانعة الشيعي وهو نفس الخط الذي يمثل الحواظن الأساسية للظهور الشريف وأقصد بها العراق ولبنان والجمهورية الإسلامية، ولو فككنا العبارات، فسنجد أن الفتح الذي حصل في القصير يمثل فتحاً إستراتيجياً بمعنى الكلمة للمؤمنين، ولو نظرنا إليه من خلال عبارة الفرج العظيم فإن التوافق الروسي الأمريكي وما تخلله من تداعيات سياسية أعربت كلها عن هزيمة سياسية ماحقة للمحور المعادي الذي تتزعمه امريكا وإسرائيل وأعراب المنطقة للقواعد الإستراتيجية للمنتظرين، ولو نظرنا إليها من وجهة كلمة الرحمة فمما لا شك فيه أن الحدث تسبب برحمة كبيرة جداً للمؤمنين وطرأ عنه فتح لمغاليق كبيرة على المستويات الأمنية والسياسية، والتداعيات التي تحققت فعلاً وبشكل مباشر، في القصير أو السيدة زينب عليها السلام أو محافظة حلب، وما يتوقع من بعدها كلها تجعل المرء يتيقن بأن موازين الحرب اختلت بشكل كبير ضد المجاميع التكفيرية ومن يقف معهم من جراء هذه التداعيات.
وما من شك في ان الضربة كانت مفاجأة للجميع وبالتي يحقق ما عبّر عنه الإمام الباقر عليه السلام: يأتيكم الصوت بغتة، حتى نحن الذين تحدثنا عنها كثيراً، ومنذ أكثر من سنتين ونحن نحشّد الناس لمراقبتها بوغتنا بها بكل وضوح، بل إني سألت في اليومين الأولين من بعدها فقلت ليست هي، لأن المعطيات لم تك واضحة بعد.
يبقى علينا ان ننتظر الزلزال الذي تحدث عنه الأمير عليه السلام في منطقة حرستا، والزلزال الذي تحدث عنه الإمام الباقر عله السلام في منطقة الجابية، وهما كناية عن زلزال واحد على ما يبدو، خاصة وأن الفاصلة الجغرافية بينهما (10 كلم) تعدّهما منطقة واحدة، وفي البديهيات الجيولوجية أن ضربة من هذا القبيل ستكون مؤثرة بشدة بشكل مؤكد على حركة الصفائح التاكتونية التي تتسبب الإنهيارات بينها بالزلازل، ولهذا فإن توقعاً جاداً في حصول تأثير جاد على تماسك الخط الزلزالي العربي القادم من المحيط الهندي إلى جنوب تركيا ويمر بالضبط بمدينة دمشق، لا بل ربما يؤثر لاحقاً على نفس الخطين الزلزاليين الأفريقي والذي يمتد حتى مصر، والأسيوي الغربي الذي يشمل تركيا وإيران، إذ أن الخط الزلزالي العربي يطلق عليه بالخط التحويلي ما بين الخطين الزلزاليين الإفريقي والأسيوي الغربي، والله العالم بعواقب الأمور.
طبعاً كل ذلك لا يعني ان هذه الضربة ستكون ضربة يتيمة، ولا يمنع من التعدد، ولكن القدر الواضح أن الكثير من التطابق في الزمان والمكان حصل في هذه الضربة مع حشد من الروايات، ومن الضروري ان تؤخذ هذه الأمور بأجمعها مع بقية العلامات، ففي حراك الجميع الكثير مما يستوجب أخذ الأمور بمنتهى الجدية، وأوكد أنه لم يأت على هذه الامة تحشّدت فيه العلامات الزمانية والمكانية بمثل تحشّدها المعاصر، وهو مما يجب ان لا يغفل عنه بتاتاً!!
ومن الواجب أن أنبّه الأخوة الكرام رعاهم الله أن لا يتوقفوا عند التحليلات السابقة ليطالبوا بحذافير ما قيل، فالواقع الذي امامنا اكبر من التحليل، ولربما يأتي زمن ليكشف لنا الكثير من أسرار ما حصل أو ما سيحصل مما يجعل الحشد الروائي يتكامل وينتظم، ولا مدعاة تذكر للتعلّق بأقوال سابقة، فنحن أبناء دليل، والواقع بطبيعته يقدم الأدلة أكثر مما يقدمها التحليل، ولكن على الجميع أن يعرف أن ما يُكشف من أحداث الواقع هو أقل القليل لأن غالبية ما يحصل يبقى طي الكواليس خصوصاً في مسائل من هذا القبيل.